كيف أعود لحياتي الطبيعية بعد فقدان شخص عزيز؟
قد يكون التعامل مع فقدان صديق مقرب أو أحد أفراد الأسرة أحد أصعب التحديات التي تواجهها في حياتك، ومن المحتمل أن تعاني من الكثير من المشاعر السلبية التي تمنعك من العودة لحياتك الطبيعية وأنت تحاول التغلب على حالة الصدمة، والتي تؤدي إلى فترات طويلة من الحزن أو الاكتئاب. تعرف معنا على كيفية تخطي هذه المرحلة الصعبة من خلال الدعم الاجتماعي وممارسة العادات الصحية.
ماذا يحصل لنا بعد فقدان شخص عزيز؟
يعتبر الشعور بالحزن الاستجابة الطبيعية الأولى للفقدان، ما يؤدي غالبًا إلى ظهور الكثير من المشاعر الصعبة التي تزيد الحالة سوءًا مثل: الصدمة والغضب والشعور بالذنب والحزن العميق، كما يمكن أن يؤثر الحزن أيضًا على صحتك الجسدية بشكل سلبي، ليساهم بحدوث فقدان الشهية ومشاكل النوم أو حتى التفكير بشكل صحيح.
نتعامل جميعًا مع فقدان الأحبة بشكل مختلف، حيث يحاول كل شخص التأقلم مع الحزن بطريقة معينة، وتُظهر الأبحاث أن معظم الناس يمكنهم التعافي من الخسارة مع مرور الوقت، إذا حصلوا على الدعم المناسب من العائلة والأصدقاء، قد يستغرق الأمر عدة أشهر أو سنوات لتخطي هذه المرحلة، ولا توجد فترة زمنية ثابتة للشعور بالحزن.
تشير دراسة (Sauteraud, 2018) إلى عدم وجود مراحل ثابتة للحزن على فقدان شخص عزيز، وتختلف الحالة العاطفية للإنسان من الصدمة والإنكار إلى الغضب والاكتئاب أو القبول بشكل غير ثابت، وبالتالي لا يمر معظم الناس بمراحل متتالية تحدد حالتهم العاطفية.
يمكن للبعض تحمل هذه الخسارة والمضي قدمًا بحياتهم، لكن يعاني الكثير من الأشخاص من الحزن لفترات أطول، مع الشعور بعدم القدرة على القيام بالنشاطات اليومية؛ لذلك يمكن في حالات الحزن الشديد أن تساعدك استشارة طبيب أو معالج نفسي، على عودتك لحياتك الطبيعية.
كيف يؤثر فقدان شخص عزيز على صحتنا النفسية والجسدية؟
يعاني كثيرون من مجموعة متنوعة من الأعراض النفسية والجسدية بعد فقدان شخص مقرب. يجب أن تصبح الفترات الصعبة أقل شدة وأقصر مع مرور الوقت، لكن ذلك يحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد، وقد تعود الأعراض حتى بعد عدة سنوات من الحادثة، خاصة في المناسبات مثل: حفل زفاف عائلي أو ولادة طفل جديد. تشمل الأعراض العاطفية والنفسية لفقدان شخص عزيز:
1- الصدمة وعدم التصديق: قد يكون من الصعب تقبّل ما حصل مباشرة، ويمكن أن تواجه صعوبة في الاعتقاد بأن الوفاة حدثت بالفعل، أو حتى إنكار الحقيقة، لذلك تستمر في توقع ظهوره على الرغم من أنك تعلم أنه رحل.
2- الحزن: يعتبر الشعور بالحزن العميق أكثر الأعراض شيوعًا بعد فقدان شخص عزيز، كما يترافق مع شعور بالفراغ أو اليأس أو الاشتياق أو الرغبة بالانعزال عن العالم الخارجي، بالإضافة إلى البكاء أو الشعور بحالة من عدم الاستقرار العاطفي.
3- الشعور بالذنب: قد تندم أو تشعر بالذنب حيال الأشياء التي لم تفعلها أو تقولها سابقًا أو الشعور بالذنب حيال مشاعر معينة، كالشعور بالارتياح عند وفاة شخص بعد مرض طويل وصعب: وقد تندم لعدم القيام بالمزيد لمنع حدوث ذلك، حتى لو كان الأمر خارجًا عن إرادتك.
4- الخوف: يمكن أن يؤدي فقدان الأحبة إلى مجموعة من المخاوف، فقد تشعر بالقلق أو العجز أو الخوف من المستقبل، بالإضافة لإمكانية حدوث نوبات الهلع. من المحتمل أن يؤدي فقدان أحد أفراد الأسرة للخوف من الوفاة، أو من مواجهة الحياة دون هذا الشخص، أو من المسؤوليات التي تواجهها الآن بمفردك.
5- الغضب: قد تشعر إذا فقدت أحد المقربين بالغضب والاستياء من نفسك أو من الطاقم الطبي أو حتى الشخص الذي فقدته لتخليه عنك. يظهر هذا الشعور بالحاجة إلى إلقاء اللوم على أي أحد، كمحاولة لتخفيف مشاعر الغضب التي تعاني منها.
كيف يمكن أن تعود لحياتك الطبيعية؟
يحتاج تجاوز فقدان صديق أو شخص مقرب الكثير من الوقت والجهد، لكن هذه الحادثة قد تعطي الحافز اللازم لتغيير حياتك نحو الأفضل. هناك العديد من الأساليب الفعالة لمساعدة الأشخاص على التعامل مع فقدان شخص عزيز والمضي قدمًا منها:
1- شارك مشاعرك مع الأصدقاء أو العائلة لمساعدتك على فهم ما حدث: تحدث عن خسارتك وذكرياتك وتجربتك في حياة من تحب، حيث يساهم عدم التعبير عن المشاعر بالمزيد من الألم والقلق والعزلة؛ لذلك اسأل الآخرين عما تحتاجه، وشارك أحزانك مع الذين فقدوا أحد المقربين من قبل.
2- تقبّل ما تشعر به: قد تعاني من مجموعة واسعة من المشاعر السلبية كالحزن أو الغضب أو التعب والإرهاق. تعتبر هذه المشاعر طبيعية ومن المهم الاعتراف بها عندما تشعر بهذه الطريقة، وقد يكون من المفيد استشارة طبيب أو معالج نفسي مختص إذا شعرت أنك لا تستطيع التخلّص من هذه المشاعر؛ ليساعدك على التعامل مع حالتك العاطفية، وإيجاد طرق للعودة إلى المسار الصحيح.
3- اعتني بنفسك وعائلتك: يمكن أن يساعد تناول الأطعمة الصحية وممارسة الرياضة والحصول على قسط كاف من النوم، على تحسين صحتك الجسدية والعاطفية، كما عليك التأكد من اتباع جميع أفراد العائلة لهذه الخطوات اللازمة للحفاظ على صحتهم.
4- تواصل وساعد الآخرين في التعامل مع الفقدان: يمكن أن يساعد قضاء الوقت مع أحباء المتوفى على التأقلم بشكل أفضل، فهذه الجهود الصغيرة قد تحدث فرقًا كبيرًا للبعض، سواء من خلال مشاركة القصص أو الاستماع إلى الموسيقى المفضلة لأحبائك.
أظهرت دراسة (Martinez, 2004)، أن فقدان شخص مقرب بشكل مفاجئ، قد يؤدي إلى إصابة أفراد الأسرة المقربين باضطراب ما بعد الصدمة، أو العديد من الاضطرابات النفسية الأخرى؛ لذا يكون من المفيد التفكير في الدعم والعلاج الجماعي، كما تميل العائلات التي اضطرت إلى رعاية شخص كان يتعامل مع مرض طويل الأمد إلى مواجهة المزيد من مشاعر العجز، لعدم القدرة على مساعدته عندما كان على قيد الحياة.
5- تذكر أحبائك واحتفل بذكراهم: قد تشكل الذكرى السنوية لفقدان أحد أفراد الأسرة، وقتًا عصيبًا على الأصدقاء والعائلة، ولكنها يمكن أن تكون أيضًا وقتًا مناسبًا لتذكرهم ببعض أعمال الخير كالدعاء أو التبرعات لجمعيات خيرية خاصة بدعم الأطفال أو كبار السن، أو مساعدة الفقراء أو تقديم بعض أفعال الخير.
كيف تساعدك لبيه بالتعامل مع فقدان شخص عزيز؟
إذا كنت غير قادر على ممارسة نشاطاتك اليومية بعد فقدان شخص عزيز، وتحتاج لمساعدة في التعامل مع الحزن أو الأعراض التي تعاني منها، تواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على التعامل بشكل أفضل مع الخوف أو الشعور بالذنب أو القلق الذي تشعر به، ووضع خطة مناسبة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة والعودة لحياتك الطبيعية.
عادةً ما يستخدم الأطباء مجموعة من أنواع العلاج النفسي الفعالة، كالعلاج السلوكي المعرفي الذي يعتبر أكثرها شيوعًا؛ لمساعدة الناس على تحسين حياتهم وتجاوز الأحداث الصادمة.
الدراسات
1- Alain Sauteraud, “Les stades de deuil n’existent pas”, Journal de Thérapie Comportementale et Cognitive, Volume 28, Issue 2, 2018, Pages 93-95, ISSN 1155-1704, https://doi.org/10.1016/j.jtcc.2018.02.001.
2- Martinez, Myriam, “Healing Anxiety Associated With Sudden Loss Trauma Via a Group Art Therapy Experience” (2004). Art Therapy | Master’s Theses in Print. 116. https://scholar.dominican.edu/art-therapy-print-theses/116