لا شك أنّ العمر العقلي يؤثر بصورة كبيرة على اهتمامات الفرد وسلوكه، ولكن هل سبق لك أن تساءلت عن مدى توافق اهتماماتك مع أقرانك في نفس الفئة العمرية؟ وتعجبت من هذه الاختلافات وما هي أسبابه؟ . وفي هذا المقال سوف نناقش ما هو العمر العقلي وفهم تأثيره على اهتماماتنا، وكيفية تطور شخصياتنا وتشكيلها.

ما هو العمر العقلي؟ 

العمر العقلي هو مقياس غير مباشر لتقييم النضج العقلي للشخص وتفسير الكثير عن اهتماماته وسلوكه، مقارنة بعمره الزمني. بعبارة أخرى، هو مؤشر على مدى تطور أداء قدراتنا العقلية، مثل التفكير، والحل الإبداعي للمشاكل، والقدرة على التعلم، مقارنة بمعايير محددة للفئة العمرية التي ننتمي إليها؛ بما يساعدنا على فهم أنفسنا بشكل أفضل، والعيش حياة أكثر جودة.

اعرف عمرك العقلي

 يُمكنك معرفة العمر العقلي باستخدام العديد من المؤشرات والاختبارات النفسية المتعددة المصممة خصيصًا لهذا الغرض، ومن هذه الاختبارات اختبار (IQ) الذي يقيس النسبة الذكائية للعقل البشري ومدى تأثيره على الأداء المعرفي للفرد في الحياة العملية. تتضمن هذه الاختبارات مجموعة متنوعة من الأسئلة والمهام التي تغطي جوانب مختلفة من الذكاء والقدرات العقلية، مثل:

• الملاحظة: أسئلة تتطلب ملاحظة التفاصيل الصغيرة في الصور أو الأشكال.
• القدرات اللفظية: القدرة على فهم واستخدام اللغة.
• الذاكرة والانتباه: اختبار قدرة الشخص على تذكر المعلومات والتفاصيل.
• المهارات الحسابية: القدرة على حل المسائل الرياضية.
• القدرات المكانية: القدرة على تصور العلاقات المكانية.
• التركيز: أسئلة تتطلب التركيز والانتباه مدة زمنية محددة.
• المنطق: القدرة على التفكير المنطقي وحل المشكلات متعددة المستويات.

الآن، بعد أن تعرفنا على العمر العقلي، دعنا نلقي نظرة على تأثيره على اهتمامات الأفراد.

تأثير العمر العقلي على الاهتمامات

يؤثر العمر العقلي بشكل كبير للغاية على اهتماماتنا واختياراتنا في الحياة. وتختلف انعكاساته على الأفراد باختلاف الفئة العمرية التي ينتمون إليها، فالأشخاص الذين يتمتعون بعمر عقلي أعلى من عمرهم الزمني الحقيقي غالبًا ما يشعر الناس أنهم أكبر سنا مما هم عليه، ويكون لديهم اهتمامات أكثر نضجًا وتعقيدًا. فهم يميلون إلى:

• الانجذاب إلى كبار السن ويفضلون صحبة أنفسهم.
• حب المعرفة، قراءة الكتب والصحف والمقالات المتعمقة.
• مناقشة القضايا الفلسفية والاجتماعية.
• حل النزاعات البسيطة لقدرتهم على رؤية الصورة بوضوح.
• علاقاتهم الاجتماعية أكثر ثباتاً.
• البعد عن الماديات والتركيز على الأولويات الشخصية.
• ممارسة الهوايات التي تتطلب التفكير الإبداعي.
• البحث عن تحديات جديدة وتطوير مهاراتهم.
• يمكن أن يؤدي العمر العقلي المرتفع عند الشباب والمراهقين إلى طموحات عالية وإحساس بالملل من الروتين.

على العكس من ذلك، نجد الأشخاص الذين يتمتعون بعمر عقلي أقل من عمرهم الزمني قد يشعر الناس أنهم أصغر من عمرهم الحقيقي لميلهم إلى الاهتمامات الأكثر بساطة، مثل الألعاب والترفيه والمرح الخفيف. وهذا قد يؤدي عند البالغين إلى صعوبة في التكيف مع التغيرات والتحديات التي تقدمها الحياة لجميع أقرانهم في نفس الفئة العمرية. وعند الأطفال والمراهقين يؤدي إلى صعوبات في التكيف مع الدراسة والبيئة المحيطة، كذلك التواصل مع الأقران.

العوامل المؤثرة على عمرك العقلي

تؤثر مجموعة متنوعة من العناصر والعوامل التي تتفاعل معًا لتشكل قدراتنا العقلية وتطور من أدائها بشكل كبير. إليك أهم العوامل المؤثرة على تطور العمر العقلي، وهي:

• العوامل الوراثية: تؤثر الجينات دورًا هامًا في تحديد قدراتنا العقلية، مثل سرعة المعالجة والذاكرة والقدرة على التعلم.
• الفروق الفردية: كل فرد فريد من نوعه، وقدراته العقلية تتطور بشكل مختلف. فلا مجال للمقارنة مع الآخرين.
• العوامل البيئية: تلعب البيئة التي ينشأ فيها الفرد بكل عواملها دورًا فعالًا في تطوير القدرات العقلية.

بما في ذلك:

1. التغذية: يلعب الغذاء الصحي المتوازن دورًا هامًا في نمو الدماغ وتطوره.
2. التحفيز: البيئة الغنية بالتحفيز الفكري والتشجيع الاجتماعي تساعد على تنمية القدرات العقلية.
3. التعليم: التعليم الجيد يوفر للأفراد الأدوات والمعرفة اللازمة لتطوير قدراتهم العقلية.
4. التجارب الحياتية: يتأثر الإنسان بكل ما يحدث في بيئته وحياته اليومية وتساهم زيادة الخبرة في تشكيل طريقة التفكير وحل المشاكل.

• الصحة: تؤثر الصحة الجسدية والنفسية العامة للأشخاص على الوظائف الإدراكية. علاوة على أن الأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، يمكنها أن تؤثر سلبًا على وظائف الدماغ.
• العوامل النفسية: يمكن للعوامل النفسية مثل الإجهاد والاكتئاب أن تؤثر على الذاكرة والتركيز والقدرة على التعلم.
• العمر: تتغير الاهتمامات باختلاف السن والمرحلة العمرية التي يجتازها الفرد. مع تقدم العمر وزيادة الخبرة من خلال المرور بالتجارب الحياتية، تحدث تغييرات طبيعية في الدماغ قد تؤثر على بعض الوظائف الإدراكية، واهتمامات الفرد في العديد من المجالات بشكل كبير.

وعلى الجانب الآخر، هناك بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة حول العمر العقلي، من أهمها:

• العمر العقلي ثابت: العمر العقلي ليس ثابتًا، بل يمكن أن يتغير بمرور الوقت ومع المرور بالتجارب الحياتية المختلفة. فهو رحلة مستمرة، وليس وجهة نهائية. فقد ينشأ لديه اهتمام كبير بمجالٍ ما في مرحلة من حياته العملية لم يشغله فيما سبق، كذلك يمكن تحسين العمر العقلي في أي عمر من خلال تدريبات وممارسات عقلية واتباع نمط حياة صحي.
• العمر العقلي هو تقييم للذكاء فقط: العمر العقلي لا يقيس فقط الذكاء الأكاديمي، بل يشمل أيضًا المهارات الاجتماعية والعاطفية.
• العمر العقلي هو مقياس للنجاح: ليس بالضرورة أن يكون الأشخاص ذوي العمر العقلي المرتفع أكثر نجاحًا في الحياة. لذا ركز باستمرار على تطوير نفسك وتحقيق أهدافك الخاصة.

كيف يمكن تطوير العمر العقلي؟

يمكن تطويره في جميع المراحل العمرية من خلال مجموعة من الطرق والأنشطة التي يمكن من خلالها تحسين العمر العقلي والحفاظ على نشاط الدماغ الصحي، مثل:

• القراءة: قراءة الكتب والصحف والمقالات المتعمقة.
• حل الألغاز: حل الألغاز وألعاب السودوكو والكلمات المتقاطعة.
• تعلم لغات جديدة: تعلم لغة جديدة ومفرداتها يحفز الدماغ ويحسن الذاكرة.
• تعلم مهارات وهوايات جديدة.
• ممارسة الرياضة: تساعد الرياضة على تحسين الدورة الدموية في الجسم والدماغ وزيادة إنتاج المواد الكيميائية التي تعزز من جودة المزاج والذاكرة.
• التغذية الصحية: اتباع نظام غذائي صحي متوازن غني بالفواكه والخضروات والأوميجا 3، والبعد عن الدهون الغير مشبعة والسكريات.
• البعد عن التدخين والكحوليات.
• الفيتامينات والمكملات الغذائية: تناول الأنواع التي من وظيفتها تحسين الصحة الدماغية.
• النوم الكافي: يعد الحصول على قسط من النوم الجيد أمرًا ضروريًا لتحسين وظائف الدماغ وتقوية الذاكرة.
• التفاعل الاجتماعي مع الآخرين: التفاعل والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية وقضاء الوقت مع الأصدقاء والأحباء يساعد في الحفاظ على صحة الدماغ.
• ممارسة تقنيات الاسترخاء: التأمل واليوغا يمكن أن تساعد في تقليل مستويات التوتر وتحسين الوظائف الإدراكية والصحة النفسية.

في النهاية، يتضح لنا أن هناك علاقة بين عمرك العقلي واهتماماتك. وتتغير هذه الاهتمامات والاختيارات مع تغيّر مراحل الحياة، ودراسة هذه العلاقة يمكنه أن يفتح أبوابًا جديدة لفهم وتطوير قدراتنا العقلية وزيادة مجالات اهتماماتنا ومن ثم تطوير حياتنا والعالم من حولنا، لذا يجب علينا جميعًا الاهتمام بالتعلم والتدريب المستمر. والسعي للحصول على الاستشارات النفسية لفهم أي مشاكل تتعلق بالصحة العقلية. حمل الآن تطبيق لبيه.

المصادر: 1 2 3