الاستحقاق الذاتي وجلد الذات .. ومدى تأثيرها على الصحة النفسية للفرد؟
في عالم الصحة النفسية يواجه الفرد العديد من المفاهيم والتحديات النفسية التي تؤثر بشكل كبير في تشكيل النفسية الإنسانية والصحة العقلية. ويعد مفهوم الاستحقاق الذاتي وجلد الذات من بين المفاهيم التي تلعب دورًا مؤثرًا في كيفية نظرتنا لأنفسنا وعلى جودة حياتنا.
فبينما يدفعنا الاستحقاق الذاتي إلى تحقيق أهدافنا وتحقيق الذات ويعزز من التقدير الذاتي والنجاح، يدمر جلد الذات ثقتنا بأنفسنا ويقيد طموحاتنا بل يمكنه أن يكون مصدرًا للمعاناة النفسية والإحباط.
في هذا المقال، سنتناول هذين المفهومين بالتفصيل، ونتعرف على الفرق بينهما، وكيفية قياسهما، وأثرهما على الصحة النفسية، وكيفية التعامل معهما.
ما هو الاستحقاق الذاتي؟
الاستحقاق الذاتي هو الإيمان الراسخ بقدرة الفرد على تحقيق النجاح والتمتع بالحقوق، وأنه يستحق السعادة والنجاح والحب، وأنه قادر على تحقيق أهدافه، وهو شعور إيجابي بالذات دافع إلى الأمام ويعزز الثقة بالنفس، فالأشخاص الذين يتمتعون بالاستحقاق الذاتي يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة، وأكثر قدرة على التعامل مع التحديات، وأكثر نجاحًا في حياتهم.
ما هو جلد الذات؟
جلد الذات مفهوم يشير إلى النقد اللاذع المستمر للذات، والتركيز على الأخطاء والعيوب، والشعور الدائم بعدم الكفاءة. وهو ما يمكنه أن يعزز من المشاعر السلبية. فالأشخاص الذين يعانون من جلد الذات يميلون إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين بشكل سلبي، والشعور بالذنب والخجل، وتقويض ثقتهم بأنفسهم.
الفرق بين الاستحقاق الذاتي وجلد الذات
الاستحقاق الذاتي: هو الإيمان بأن الفرد يستحق النجاح والسعادة بل ويستحق الأفضل. وهذا يظهر تقدير الذات الإيجابي لديه ويعزز من ثقته بالنفس ويحفزه على النجاح، قدرته على تحقيق أحلامه ويجنبه الشعور بالقلق والاكتئاب، إضافةً إلى شعوره المستمر بأنه يستحق الحب والاحترام من الآخرين.
جلد الذات: على النقيض مما سبق، هو شعور الفرد المستمر بالذنب واللوم الذاتي وانتقاد النفس بشكل قاسي غير مبرر، مما يؤدي إلى توليد مشاعر عدم الكفاءة والفشل لديه، وأنه يستحق العقاب على أخطاء حقيقية أو وهمية، غالبًا ما يرتبط هذا المفهوم بمشاعر عدم الرضا عن الذات ويزيد من مستويات القلق والاكتئاب.
ما الذي يسبب الشعور بالاستحقاق الذاتي؟
هناك عدد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى تعزيز الشعور بالاستحقاق، ومن أبرزها ما يلي:
- – طريقة التربية والدعم العاطفي.
- – التدليل في الطفولة والحصول على معاملة خاصة.
- – الحرمان والمعاناة في الماضي.
- – النجاحات السابقة والتعلم من الفشل.
- – التفكير الإيجابي والأفكار التشجيعية لأنفسهم.
- – تأثير العلاقات الاجتماعية ودعم العائلة والأصدقاء.
- – زيادة الوعي الذاتي والثقافة.
أسباب جلد الذات
هناك عدة أسباب رئيسية تؤدي إلى قلة تقدير الذات وظهور سلوكيات جلد الذات، نذكر أهمها:
- – محاولة للهروب من الفشل والإخفاقات في حياتهم بدلًا من التعامل مع الفشل والتغلب عليه بشكل مباشر.
- – توقع تحقيق الأهداف والنجاح السريع دون بذل الجهد اللازم.
- – الانطواء والعزلة الاجتماعية وعدم التواصل والابتعاد عن الآخرين.
- – الاضطهاد والعنف المعنوي من قبل الآخرين.
- – الفراغ وفقدان الأمل.
- – سيطرة الأفكار السلبية على تفكير الأشخاص.
- – الخمول وعدم ممارسة الرياضة يضر بالصحة النفسية والجسدية،
- – عدم الثقة بالنفس وسهولة التأثر بكلام الآخرين.
الاستحقاق الذاتي وجلد الذات
أعراض الاستحقاق الذاتي
- – زيادة الثقة بالنفس.
- – تحسين العلاقات الاجتماعية.
- – القدرة على مواجهة التحديات.
- – الإيجابية والتفاؤل والشعور بالسعادة.
- – الشعور بالرضا عن الإنجازات الشخصية.
- – القدرة على بناء علاقات صحية مع الآخرين.
- – تقدير مرتفع للذات.
- – القدرة على تحقيق الأهداف.
أعراض جلد الذات
- – زيادة مشاعر القلق والاكتئاب.
- – انخفاض مستوى الطاقة.
- – صعوبة في اتخاذ القرارات.
- – النقد الذاتي المفرط مع انخفاض تقدير الذات.
- – الشعور بالذنب والعار.
- – انعدام الثقة بالنفس.
- – تجنب المخاطر والتحديات.
- – الشعور المستمر بعدم الكفاءة أو عدم الجدارة.
- – الافتقار للدافع لتحقيق الأهداف.
كيف يتم قياس الاستحقاق الذاتي وجلد الذات؟
يمكن قياس الاستحقاق الذاتي وجلد الذات باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوات، بما في ذلك:
1- الاستبيانات:
- هناك العديد من الاستبيانات النفسية التي تقيس مستوى الاستحقاق الذاتي من خلال تقييم مستوى الثقة بالنفس والاعتراف بالإنجازات. بينما يمكن قياس جلد الذات من خلال استبيانات تقيّم مدى النقد الذاتي والمشاعر السلبية المرتبطة بالذات.
2- المقابلات:
- يمكن للمختصين النفسيين إجراء مقابلات مع الأفراد لتقييم نظرتهم إلى الذات وكيفية تعاملهم مع الفشل ومستوى ثقتهم بأنفسهم. على الجانب الآخر يمكن تقييم مدى شدة الشعور بالذنب، النقد الذاتي المفرط، والانغماس في الأفكار السلبية عن الذات.
3- ملاحظة السلوك:
- يمكن ملاحظة سلوك الأفراد في المواقف المختلفة لتقييم مستوى الاستحقاق الذاتي وجلد الذات.
كيفية التعامل مع الاستحقاق الذاتي وجلد الذات
تعزيز الاستحقاق الذاتي
- – تعزيز التفكير الإيجابي والتركيز على الإيجابيات بدلًا من السلبيات.
- – تحديد أهداف قابلة للتحقيق والعمل نحو تحقيقها والاحتفال بالإنجازات.
- – تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات.
- – إحاطة النفس بأشخاص إيجابيين وداعمين.
- – التعرف على الأفكار السلبية ومواجهتها بتفكير واقعي.
- – التركيز على الأشياء الجيدة في الحياة.
التغلب على جلد الذات
- – العمل على تحسين مهارات التفكير الإيجابي.
- – طلب المساعدة من متخصصين في العلاج النفسي أو الاستشاريين.
- – ممارسة الاسترخاء والتأمل لتقليل التوتر النفسي.
- – التركيز على تقبل الأخطاء باعتبارها جزء من عملية التعلم.
- – تقديم الدعم الذاتي وتجنب النقد القاسي.
- – التحدث مع النفس بلطف وتقليل الأفكار السلبية والسلوكيات الضارة.
- – بناء علاقات اجتماعية إيجابية لتحسين المزاج وتقليل العزلة.
كيفية التعامل مع جلد الذات بنفسك
يمكنك أن تلجأ إلى بعض المبادئ الأساسية التي يمكنها مساعدتك في التغلب على جلد الذات، كما ستعزز احترامك لذاتك وتقلل من الأفكار السلبية حتى تذهب إلى العلاج، وهي كالتالي:
- – التوقف عن إهانة لنفسك والتقليل منها.
- – مراقبة أفكارك بحيادية دون إصدار أحكام عليها.
- – تعديل طريقة حديثك السلبية مع نفسك.
- – تحديد أهداف واقعية وسهلة التحقيق.
- – التوقف عن المقارنات غير العادلة مع الآخرين.
- – تقبل كونك جيدًا بما يكفي. ولا يجب أن تكون مثالي.
- – اذكر شيئًا إيجابيًا لنفسك يوميًا.
تأثير الاستحقاق الذاتي وجلد الذات على الصحة النفسية للفرد وتقدمه
تأثير الاستحقاق الذاتي
يمتلك الأشخاص الذين يتمتعون بإحساس قوي بالاستحقاق الذاتي صحة نفسية مستقرة، من خلال:
- – تحسين احترام الذات وزيادة المرونة النفسية، يساعد الأفراد على التعامل مع الضغوطات بشكل أفضل.
- – زيادة الثقة بالنفس، وتحسين المزاج بما يدفع الأفراد إلى تحقيق أهدافهم بشكل أكثر فعالية.
- – تعزيز العلاقات الاجتماعية
- – يعيشون حياة أكثر سعادة ورضا.
- – الشعور بالثقة في قدراتهم يجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع الضغوطات والتحديات.
- – التقدم المستمر في حياتهم الشخصية والمهنية، يساعدهم في تحسين نوعية الحياة.
تأثير جلد الذات
على النقيض، يؤثر جلد الذات سلبًا على الصحة النفسية ويؤدي إلى تدهورها، وذلك من خلال:
- – زيادة مشاعر القلق والاكتئاب الذي يعوق التقدم الشخصي.
- – النقد الذاتي المفرط قد يؤدي إلى تراجع تقدير الذات.
- – زيادة مشاعر العجز والفشل تحد من القدرة على التقدم والنجاح.
- – تقليل الدافع، وتحجيم العلاقات الاجتماعية يعزز من مشاعر العزلة وعدم السعادة.
في الختام، يتضح في المقال أن الاستحقاق الذاتي وجلد الذات جانبان مختلفان تمامًا من النفسية البشرية، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على صحة الفرد النفسية وسعادته. ومن خلال فهم الفرق بينهما وكيفية تأثيرها على الصحة النفسية؛ يمكننا اتخاذ خطوات فعالة للحفاظ على وجود توازن أفضل بين تعزيز الاستحقاق الذاتي والتغلب على جلد الذات؛ لعيش حياة صحية نفسيًا. أما إن كنت تعاني من مشكلات في الصحة النفسية، فلا تتردد في استشارة الطبيب النفسي أو المعالج المتخصص من خلال تحميل تطبيق لبيه.