التحيز التأكيدي ايجابي أم سلبي وكيف يؤثر على تطوير ذاتك ؟
التحيز التأكيدي
قد يجادل الشخص ويدخل في حوارات كثيرة مع أصدقائه وعائلته وجيرانه وزملائه في العمل من أجل إقناعهم برأي معين أو بتفسير معين للأحداث. ويستند إلى الأدلة والبراهين الخاصة بهذا الرأي وهو ما يعرف بـ التحيز التأكيدي. ومعناه الانحياز لرأي معين والميل إليه وفق معرفة تامة بالمعلومات والتي تؤكد معتقدات الشخص.
ما هو التحيز التأكيدي؟
يعرف أخصائي الطب النفسي وعلماء النفس التحيز التأكيدي بأنه ظاهرة معرفية يمكن أن تعكس تفضيل الفرد للمعلومات التي تؤكد معتقداته السابقة أو تحيزه الشخصي لرأي ما ويتمثل ذلك التحيز في الاتجاه الذي يسلكه الفرد. من أجل اختيار المعلومات التي تتفق مع رؤيته الشخصية في ظل تجاهل تام للمعلومات التي تتعارض مع تلك الرؤية.
أنواع التحيز التأكيدي
وهناك عدة أنواع مختلفة التحيز التأكيدي الذي يمكن أن تحدث وأكثرها شهرة هي:-
الانتباه المتحيز
يحدث عندما نقوم بالتركيز بشكل انتقائي على المعلومات التي تؤكد وجهات نظرنا. بينما نتجاهل أو نستبعد تلك التي لا تؤكدها المعلومات بمعنى أدق لا ننظر لأي وجهة نظر مخالفة لآرائنا.
التفسير المتحيز
هو الذي يحدث في حالة القيام بتفسير المعلومات بالطريقة. التي تخدم آرائنا وبطريقة تؤكد المعتقدات الخاصة بوعي تام والإصرار على أخذ المعلومات وتفسيرها لمنحدر شخصي.
الذاكرة المتحيزة
تحدث عندما يتذكر الإنسان بشكل انتقائي المعلومات التي تدعم وجهات نظره فقط. بينما ننسى أو نستبعد المعلومات التي تغاير ذلك الرأي الخاص بنا.
وغير الأنواع التي ذكرناها للتحيز التأكيدي. فهناك أنواعاً واسعة منها التحيز الديني وكذلك السياسي. بالإضافة إلى الثقافي وكل نوع يؤثر على كيفية تفاعل الفرد مع المعلومات أو الآراء الاخرى.
ويبدو أن علامات التحيز التأكيدي تظهر في وقت ظهور رأي مخالف لها فيبدو التجاهل التام واضحاً لكل رأي مناقض ومخالف. بجانب رفض البحث عن أي معلومات يمكن أن تتعارض مع المعتقدات الشخصية بجانب التمسك بالمواقف القائمة بدون تقبل أي تنوع. والدليل على ذلك يمكن أن يكون شخص يتجاهل التقارير والأخبار والمعلومات التي تعرض عليه لكنها تتعارض مع وجهة نظره حول قضايا بيئية أو سياسية أو اجتماعية معينة. لكنه يقرأ ويطلع فقط على ما يوافق رأيه.
الأثر النفسي للتحيز التأكيدي
بالرغم أن التحيز ميل طبيعي لصالح فكرة أو شخص ويعتمد بشكل كبير على وضع الشخص الاجتماعي والاقتصادي والعرق والخلفية التعليمية. حيث نجد تأثيره:
1- يمكن أن يؤثر ذلك التحيز بشكل سلبي في العلاقات الشخصية والمهنية ويؤدي للاضطهاد الخاص بالمجتمع فهو يشكل ضرر كبير للشخص في حياته ويمكنه أن يكون ضار بشكل عام على مستوى رؤية القضايا والمشكلات التي تحيط به.
2- عندما يتحيز الفرد إلى الآراء والأقوال التي يتبناها تسبب هذه الحالة زيادة في مستويات التوتر والقلق، فيشعر الفرد دائماً بالتهديد. وذلك عند مواجهته بعدة أراء مخالفة لما يتحيز إليه من رأي.
3- إن التحيز التأكيدي قد يعيق الفرد عن قدرته على العمل والتفكير. وكذلك التفاعل مع التنوع ويجعله منعزل عن الجميع بداعي مخالفته لرأيه الذي يقتنع به.
تأثير التحيز التأكيدي على الشخص:
إذا نظرنا إلى سبب حدوث الانحياز التأكيدي نجد أن الطريقة الطبيعية التي تعمل بها الدماغ هو الانحياز للرأي، لكن مرحلة القضاء على الانحياز ذلك أمر مستحيل وينظر إليه غالباً أنه نزعة سلبية يمكن أن تضعف منطقة القرارات والمنطق العقلي. لكن ليس بالنسبة لكل الأفراد. فيمكن أن يؤثر الانحياز التأكيدي بشكل كبير على حياتنا سواء بشكل إيجابي أو بالسلب:
من الناحية الإيجابية:
يقوي الثقة بالنفس و يجعلنا دائماً واثقين من معتقداتنا وقيمنا ويمنحنا إحساساً باليقين وكذلك بالأمان.
من الجانب السلبي:
يمنعنا من النظر للمواقف بشكل موضوعي، وذلك لأنه يؤثر بشكل كبير على القرارات التي يرغب أن يتخذها الإنسان. وذلك لأن معتقداته تميل للرأي الراسخ في عقله فيؤدي إلى اختيارات سيئة وكذلك خاطئة. وعلى سبيل المثال خلال موسم الانتخابات مثلاً فالكل يبحث عن المعلومات الإيجابية للمرشحين. وكذلك ربط المعلومات تلك بالصور الشخصية للمرشحين المفضلين والذين يبحثون عن المعلومات التي من شأنها أن تضع المرشح المعارض للشخص الأكثر اقتناعاً به في دائرة الشخص الغير كفء بجانب أنه شخص سئ.
الانحياز والتنافر المعرفي
إنه حالة من الإجهاد الذهني التي يتعرض لها الفرد بسبب أنه لم يبحث بكل حيادية وموضوعية عن الرأي المناسب. بل بحث وفسر المعلومات بالشكل الذي يدعم فكرته ورأيه ويختار شخصه المفضل فقط وفق المعتقدات الراسخة في عقله ويواجه معتقدات تتعارض مع قناعاته الشخصية.
ويذكرها من أجل دعم ذلك المعتقد في محاولة لإمالة كل الناس إلى رأيه. بالتالي فإن إضاعة المعلومات الهامة التي قد تجعله يبصر شئ طبيعي جداً لهذا الشخص.
وقال خبراء الجمعية النفسية الأمريكية بعدما أجروا دراسة على عدة أشخاص يعانون من التحيز التأكيدي، بأن هناك عدد من أشكال التنافر المعرفي المختلف في العالم. فعلم النفس يحاول تفسير لماذا يتبنى الكثير التحيز التأكيدي فهو مجرد مثال على كيفية تعامل البشر بطريقة متحيزة وبشكل غير منطقي بلا وعي تماماً بما يقوم به الفرد وأن هناك عوامل عديدة يمكن أن تؤثر بشكل أو بآخر في احتمالية التحيز المعرفي. فعلى سبيل المثال يقول بعض الفلاسفة بأن البشر لديهم مشكلة في معالجة بعض القضايا في عقولهم.
تأثير التحيز على الصحة النفسية
قد يؤثر الانحياز التأكيدي على الصحة النفسية. وذلك عن طريق أن يصمم الفرد على رأيه فيما يخص قضية معينة فلا يرى سوى الجانب السلبي أو الإيجابي. مما حدث له كما يختصر الأحداث في النتائج لا ينظر للخبرات ولا للطريق ولا للاستفادة من آراء الآخرين أو محاولة فهم خبرات من حوله.
فنضرب مثالاً بمن رغب في أخذ استراحة وذهب لفندق بعيد والفندق ليس به أي خطأ. غرفة مريحة طعام جيد تكييف جيد شاشة جيدة. وبعد أن تنتهي الإجازة كاد يكون رأي الشخص في الفندق ممتاز والتقييم مائة بالمائة. إلا أنه حين قرر المغادرة وجد في سقف البلكونة بعض العنبكوت تلك الرؤية ستغير رأيه تماماً عن ذلك الفندق.
ولن يكون محبذاً ذلك الفندق مرة أخرى. على العكس حينما يحجز له أحد الأفراد في فندق شبيه تجد أن الفرد منحازاً لرأيه بأن الفنادق أكثر سوءاً من الغرف والشقق السكنية المفروشة وغيرها من البدائل. فتجعل الشخص يشعر بالحزن تجاه تلك الرؤية ولا يريد تغييرها وهو ما يجعله يتخذ القرارات الخاطئة.
وتلك القرارات تعود بالسلب على صحته النفسية فقد يصاب بالاكتئاب حينما يخطأ ويصبح رأيه غير جيد وغير صحيح، بجانب أن رأيه الشخصي لن يكون مجرد رأي لكنه يدخل حروباً من أجل إقناع الجميع به. وينتهي ذلك بحدوث العديد من الإخفاقات في حياته والتي تؤثر بالطبع على الصحة النفسية وإصابته بالاضطرابات الخاصة بالقلق والتوتر والإرهاق الذهني وكذلك تدهور الحالة النفسية.
نصائح من أجل التغلب على التحيز
إن كنت تريد التغلب على التحيز التأكيدي فقد نصح العديد من الأطباء وأخصائي علم النفس حسب تقرير نشره موقع فيري ويل مايند. بأن هناك طرق يمكن من خلالها أن تتخذ اتجاه للتغلب على الانحياز التأكيدي ومنها:
1- الوعي بالأفكار التي قد تكون معارضة لرأيك ويتضمن ذلك أن تكون على دراية بحياتك الشخصية وكيف يمكن أن تؤثر على صنع قرارك.
2- الإقتناع أن جميع المعتقدات والآراء تستحق التفكير وكذلك كافة الآراء المخالفة لك. من الأفضل أن تفكر فيها لدقائق من أجل رؤيتها بالشكل الصحيح لكي تساعدك في القرار الصحيح بالنهاية.
3- البحث عن وجهات النظر المختلفة والغير مؤيدة لرأيك ورؤية الأدلة والبراهين على تلك الآراء، وحاول أن تبدي استعدادك لتغيير رأيك في ضوء الأدلة الجديدة وذلك لو كان تغيير معتقدك بالكامل.
لا شك أن حياة الفرد معرضة لكثير من التحديات التي يمكن أن تسبب له تغييرات في نمط حياته وتفاعله مع المواقف المختلفة بالسلب أو بالإيجاب. لذلك من المستحسن أن نبدأ في تبني طريقنا الأفضل من أجل بناء شخصية ناجحة وفعالة في المجتمع وتقبل الاندماج مع الآخرين و إعطاء فرصة لمناقشة آرائهم. وفي طريقك هذا سوف تجد العديد من المتخصصين لارشادك نحو الأفضل وتقديم كافة طرق الدعم والاستشارات النفسية من منصة لبيه.