كيف يمكن التغلب على اكتئاب ما بعد الإجازة؟
اضطراب ما بعد الإجازة هو مصطلح يشير إلى المشاعر السلبية، أو حالة الاكتئاب الذي قد يمر بها الأفراد عند عودتهم من إجازاتهم. بالرغْم أن الإجازة تساعد عادة في تقليل التوتر وتحسين المزاج، إلا أن هذه الفوائد قد لا تستمر طويلًا بعد العودة إلى الحياة اليومية، قد يشعر البعض بالانزعاج العاطفي، أو الحنين لأوقات الإجازة، أو زيادة التوتر عند الرجوع إلى روتين العمل أو الدراسة. في هذا المقال، سنتناول مفهوم اكتئاب ما بعد الإجازة، أعراضه، طرق الوقاية منه، وكيفية التعامل معه في حال أصبح مشكلة مزمنة.
ما هو اكتئاب ما بعد الإجازة؟
اكتئاب ما بعد العطلة أو اضطراب ما بعد الاجازة هو حالة نفسية شائعة يعاني منها العديد من الأشخاص في مجال العمل أو الدراسة، ولا تعد تلك الحالة من الحالات الطبية السريرية. لذلك لا يمكن الاعتراف بها بصفة تشخيص طبي منفصل. وتختلف الإحصائيات المرتبطة بهذه الحالة باختلاف مدة الإجازة و الفئات العمرية وتشير إلى:
النسبة العالمية:
حوالي 57% من الموظفين يمرون بتجربة اكتئاب ما بعد الإجازة بعد رجوعهم من الإجازة، سواء كان الإجازة قصيرة أو طويلة.
مدة الإجازة:
و يتضح من دراسة متلازمة العطلة أن الأشخاص الذين يحصلون على إجازات طويلة (أسبوعين أو أكثر) أكثر عرضة للشعور بالحزن أو التوتر بعد الإجازة بنسبة تصل لـ 68%، مقارنةً بالإجازة القصيرة
الفئة العمرية:
دراسة أخرى تشير إلى أن اكتئاب ما بعد الإجازة أكثر شيوعًا بين طلاب المدارس والشباب في بداية حياتهم المهنية، خصوصًا في الفئة العمرية من 25 لـ 35 سنة. وان 45% منهم يعانون من المشاعر السلبية بعد الإجازة.
أسباب اكتئاب ما بعد الإجازة
على الرغْم أن الإجازات تساعد في تحسين الحالة المزاجية والنفسية وبذلك تقليل الإجهاد العقلي. لكن من إحدى سلبياتها هو حالة الاكتئاب الذي يلازم الأفراد بعد الرجوع من إجازاتهم، وذلك للأسباب التالية:
انسحاب الأدرينالين
يرى بعض الأطباء النفسيين أن السبب الرئيسي في حدوث اكتئاب ما بعد الإجازة هو الانسحاب المفاجئ لهرمون الأدرينالين، وهو الهرمون المسؤول عن السعادة، وبعد هذا الانسحاب سببا مباشرًا في حدوث متلازمات اكتئاب أخرى، التي تحدث عادة بعد أحداث يرتفع بها معدل هرمون السعادة، ثم ينخفض إلى أدني مستوى له، مثل حالة الاكتئاب بعد حفلات الزفاف، أو الأعياد.
الضغط النفسي:
هناك عامل مهم في حدوث الاكتئاب بعد الإجازات وهو الضغط النفسي الذي يتعرض له البعض بسبب رغبتهم في إظهار شعورهم بالسعادة، ولكن دون أن يكون هذا حقيقيًا، لأسباب عديدة منها حدوث مشكلات صحية ونفسية خلال الإجازة، أو التعرض لمشكلات خلال العطلة.
رتابة العمل اليومي:
لاشك أن الروتين اليومي هو السبب الرئيسي في حدوث الاكتئاب الذي يسعى البعض للخروج منه بالحصول على مدّة راحة، تعمل أجهزة الجسم مجتمعة على رفض التفكير في العودة إلى هذه الرتابة بعد فترات الراحة، ويلعب العقل الباطن دورًا رئيسيًا في الشعور بحالة من الإرهاق النفسي لمجرد التفكير مجددًا في العودة. لذلك من المهم أن يكون التفكير إيجابيًا بالقبول والتعايش مع العمل أو المدرسة، والإيمان بأن الإجازة هي نوع من أنواع الرتابة الممل إذا ما طالت مدتها.
المشكلات المستمرة لـ اكتئاب ما بعد الإجازة
تعد المشكلات القائمة في العمل أو في الحياة اليومية أحد الأسباب التي تجعل من العطلة اكتئابًا ملازمًا للشخص. فعند التفكير في الذهاب إلى إجازة يجب أن يتم حل جميع المشاكل القائمة، والانتهاء من جميع المهام في العمل أو المدرسة، ولا يمكن تعليق المشكلات أو المهام إلى ما بعد الإجازة حيث إن هذا يتسبب في طول مدّة الاكتئاب.
أعراض اكتئاب ما بعد الإجازة
أعراض اكتئاب ما بعد الإجازة لا تختلف كثيرًا عن أعراض الاكتئاب الإكلينيكي. ولكن نظرًا لكونه حالة غير سريرية وقصيرة الأمد، فلا ينبغي أن تستمر هذه الأعراض مدة. عادة ما تختفي في غضون أسبوع على الأكثر، ولكن إذا استمرت لأكثر من ذلك، فمن المهم استشارة مختص نفسى على الفور، وتشمل الأعراض المبدئية.
القلق والتوتر
- – صعوبة النوم ولا سيما في الليلة السابقة للعودة إلى العمل.
- – الشعور بالحزن و الإحساس بالتعاسة عند العودة إلى الرتابة اليومية.
- – فقدان الحافز صعوبة في العودة إلى العمل أو الدراسة وقلة الرغبة في أداء المهام.
- – التعب والإرهاق شعور بالتعب العام حتى بعد مدّة الراحة.
أعراض أكثر حدة لـ اكتئاب ما بعد الإجازة
- – تشتت الذهن وعدم القدرة على التركيز في المهام اليومية.
- – الحنين الإجازة التفكير المستمر في أوقات الإجازة والشعور بالحنين للأوقات الممتعة التي مضت.
- – اضطرابات النوم أو الاستيقاظ، أو الشعور بعدم الراحة بعد النوم.
- – تغيرات في الشهية إما فقدان الشهية أو تناول الطعام بشكل مفرط للتعامل مع المشاعر السلبية.
- – القلق الغامض.
أعراض لا يجب التغاضي عنها اكتئاب ما بعد الإجازة
- – تغيرات الوزن غير المبررة.
- – آلام وأوجاع جسدية غير مبررة.
- – أفكار أو أفعال انتحارية.
قد تستمر الأعراض مدة تصل إلى أسبوعين بعد العودة من الإجازة وتؤثر على أداء الشخص في العمل أو المدرسة أو في علاقاته.
كيف تتغلب على اكتئاب ما بعد الإجازة
هناك العديد من الطرق التي يمكن اتباعها للحيلولة دون الوقوع فريسة لمتلازمة اكتئاب ما بعد الإجازة. كما يمكن لأولياء الأمور اتباع تلك الإرشادات النفسية وتطبيقها على أبنائهم عند العودة إلى المدرسة
تأكد أنها حالة مؤقتة
أول خطوة للتعامل بفعالية مع اكتئاب ما بعد الإجازة هو التيقن بأن ما تشعر به هو حالة مؤقتة. بالصبر تحلَّ ولا تقسو على نفسك أو تشعر بالذنب بسبب مشاعر الحزن أو الاكتئاب. امنح نفسك الوقت اللازم لتتمكن من العودة تدريجيًا إلى روتينك المعتاد والانخراط فيه.
استشر طبيبًا نفسيًا
عادةً لا يستمر اكتئاب ما بعد الإجازة لأكثر من بضعة أيام. إذا لم تتحسن الأعراض خلال هذه المدّة، يُنصح باستشارة أخصائي. في بعض الأحيان. قد تساعدك جلسات العلاج على تحسين حالتك المزاجية، استمرار الاكتئاب قد يشير إلى مشكلة أعمق، مثل عدم الرضا عن العمل أو تحمل مسؤوليات تفوق قدرتك. يمكن للطبيب النفسي تقديم استراتيجيات فعالة لمساعدتك في التعامل مع هذه المشكلات.
التنظيم والتغيير
يمكنك أيضًا التعامل بفعالية مع اكتئاب ما بعد الإجازة من خلال التنظيم الجيد قبل الإجازة. قد يكون من المغري تأجيل المهام إلى ما بعد العودة، لكن من الأفضل أن تكون مستعدًا للتعامل مع المشاعر الثقيلة التي قد تعقب الإجازة بإنجاز هذه المهام مسبقًا، بالإضافة إلى أنه يمكنك إجراء بعض التغييرات البسيطة في رتابة حياتك الطبيعية اليومية، مثل تغيير ديكور المنزل، أو تغيير وسيلة المواصلات التي تنتقل بها إلى العمل.
دور العمل والمدرسة في تخفيف اكتئاب ما بعد الإجازة
تلعب كلا من المدرسة والعمل دورًا حيويًا في التخفيف من اكتئاب ما بعد الإجازة، سوءًا للطلاب أو الموظفين، بصفتهم أكثر الفئات تأثرًا، هناك بعض الطرق التي يمكن أن توفرها المؤسسات التعليمية والشركات تساهم في تحسين مزاج الموظفين والطلاب. وذلك بعد الإجازة منها والعودة إلى العمل أكثر نشاطًا وقوة، من هذه الطرق:
1. التدرج في المهام
ينصح المختصون النفسيون بأن تعمل المؤسسات التعليمية والشركات على توفير بيئة تسمح بالتدرج في العودة إلى العمل، وفي عدد من الدراسات الطبية نصحت بأن يتم توزيع المهام بشكل مريح على الأيام الأولى بعد الإجازة.
2. الاستقبال الإيجابي
استقبال الموظفين، و طلاب المدارس بطريقة ودية وداعمة بعد الإجازة، مثل عقد اجتماعات قصيرة للترحيب أو تقديم تحية دافئة من الزملاء، والعمل على توفير الأنشطة الرياضية لطلاب المدارس قد يساعد في تخفيف التوتر ويجعلهم يشعرون بالتقدير.
3. دعم التواصل النفسي
فتح باب الحِوار بين المديرين والموظفين حول تحديات ما بعد الإجازة وكيفية الاندماج في العودة للعمل يمكن أن يعزز الدعم النفسي ويخفف من الشعور بالاكتئاب.
4. تشجيع الأنشطة الترفيهية
تنظيم فعاليات اجتماعية أو أنشطة ترفيهية داخل المدرسة أو الجامعة، مثل الغداء الجماعي أو جلسات استرخاء قصيرة، أو الأنشطة الثقافية قد يسهم في كسر الرتابة وتحفيز الطلاب على التفاعل بشكل إيجابي.
5. دعم الصحة النفسية
تقديم خِدْمَات استشارية أو ورش عمل حول الصحة النفسية والتوازن بين العمل والحياة، يمكن أن يساعد على التعامل مع التوتر والضغط النفسي بعد العودة من الإجازة.
اكتئاب ما بعد الإجازة هو حالة نفسية خاصة قصيرة الأمد، ولها نفس أعراض الاكتئاب الإكلينيكي. ومن الطبيعي أن تنتهى تلك الحالة مع بداية أول عمل. وبالرغم من ذلك فإن أغلب المختصين النفسيين يحذرون من استمرار متلازمة اكتئاب العطلة، حيث يؤثر ذلك على الحالة النفسية والمزاجية للفرد، بل ويمكن أن يؤدى إلى نتائج سلبية، حيث نشرت دراسة في عام 2014 في مجلة طب الطوارئ أن يوم رأس السنة الجديدة كان إحدى الأوقات المرتبطة بأكبر عدد من حالات ابتلاع السموم.
كل تغييرات تحدث في الحياة يمكن أن تسبب العديد من الاضطرابات التي تؤثر سلبًا على صحة الفرد. لكن يجب معرفة كيفية التعامل معها عن طريق استشارة المختصين للتأقلم مع هذه التغييرات. لذلك سوف تجد منصة لبيه أكبر داعم لك في الحياة من أجل الحفاظ على صحتك النفسية.