قد يجد بعض الأطفال صعوبة في التواصل الاجتماعي أكثر من غيرهم، وينعكس ذلك سلبًا على مستواهم الدراسي وتطوّر شخصيتهم بالمستقبل، وبالتالي فقد يحتاج طفلك إلى بعض الدعم لتعلّم المهارات الاجتماعية، إذا كان يتجنّب التواجد مع أشخاص آخرين ويفضل البقاء وحيدًا بأغلب الأوقات. تعرّف معنا على أهم الأمور التي يمكنك القيام بها لمساعدته.

كيف تؤثر الصحة الاجتماعية على حياة طفلك؟

يعد تعلم المهارات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من نمو الطفل، حيث تسمح المهارات الاجتماعية الجيدة للطفل بالتفاعل بشكل إيجابي مع الآخرين وإيصال احتياجاته ورغباته ومشاعره بشكل صحيح. بالإضافة إلى ذلك، تتجاوز فوائد القدرات الاجتماعية الجيدة بناء العلاقات وتقبّل الآخرين، فمن المحتمل أن يحصل الأطفال الذين لديهم مهارات اجتماعية قوية على فوائد كبيرة، حيث أظهرت دراسة (Larose et al., 2019)، بعد جمع بيانات أكثر من 1000 طفل في كندا والولايات المتحدة، فعالية المهارات الاجتماعية في تخفيف التوتر لدى الأطفال الموجودين في الحضانة وأماكن الرعاية النهارية الأخرى.

تحتاج المهارات الاجتماعية إلى تحسين مستمر خلال فترة نمو الطفل، وتستمر هذه القدرات في التطور مع تقدم العمر ويمكن تعلمها وتعزيزها بالجهد والممارسة، عليك البحث عن الأوقات المناسبة التي يمكنك فيها مساعدة طفلك على أن يصبح اجتماعيًا.

هناك مجموعة واسعة من الفوائد التي يمكن لطفلك الحصول عليها عندما يكون اجتماعيًا، حيث ترتبط بمزيد من النجاح في المدرسة وبناء علاقات أفضل مع الأصدقاء وأفراد الأسرة.

1- تحسّن المستوى الدراسي

وجد باحثون من جامعة بنسلفانيا بعد جمع تحليل البيانات على فترة 19 سنة في دراسة (Jones et al., 2015)، زيادة احتمالية متابعة التعليم الجامعي للأطفال الذين كان لديهم قدرة أفضل على المشاركة والاستماع والتعاون واتباع القواعد في سن الخامسة، كما كانوا أكثر عرضة للحصول على عمل بدوام كامل بحلول سن 25.

2- المزيد من النجاح

يمكن أن تساعد المهارات الاجتماعية الجيدة طفلك في الحصول على مستقبل أكثر إشراقًا، حيث يمكن أن تكون القدرات الاجتماعية والعاطفية للطفل في مرحلة الحضانة أكبر مؤشر على النجاح في مرحلة البلوغ، وذلك وفقًا لتقارير نُشرت في المجلة الأمريكية للصحة العامة. كما كان الأطفال الذين لديهم ضعف في المهارات الاجتماعية والعاطفية يعتمدون أكثر على المساعدة لمواجهة المشاكل في العمل والمنزل والعلاقات الاجتماعية.

3- صداقات أقوى

غالبًا ما يتمكّن الطفل الاجتماعي من التعايش بشكل جيد مع زملائه في المدرسة، وبناء صداقات حقيقية بسهولة أكبر، حيث تشير الدراسات إلى الأثر الإيجابي لصداقات الطفولة على الصحة النفسية للأطفال. كما تمنح الصداقات الأطفال الفرصة لممارسة مهارات اجتماعية معقدة، مثل: حل المشاكل واتخاذ قرارات صحيحة.

4- تقليل التوتر

من المحتمل أن يؤدي الضعف الاجتماعي للطفل وقلة التواصل مع الآخرين إلى تفاقم أعراض التوتر، حيث يساهم الابتعاد عن الأسرة على سبيل المثال في زيادة الضغط على الأطفال، ويزداد الأمر سوءًا عندما لا يتمكن الطفل من التواصل بشكل فعال مع الأهل والأصدقاء، والتعبير عما يشعر به.

كما وجد الباحثون في دراسة (Larose et al., 2019)، انخفاض نسبة هرمون الكورتيزول في الدم عند الأطفال الذين يتعلمون مهارات اجتماعية جديدة، حيث يتم إطلاق هذا الهرمون بالجسم أثناء مواجهة المواقف العصيبة.

كيف يمكنك أن تجعل طفلك اجتماعيًا؟

يمكنك بالاعتماد على بعض الأساليب الفعالة أن تعلّم طفلك المهارات الاجتماعية اللازمة، بالإضافة إلى كيفية التعامل الصحيح مع الكبار والصغار. يتطلب جعل طفلك شخصًا اجتماعيًا وفاعلًا في المجتمع الكثير من الجهد والوقت؛ لذلك عليك البدء بأبسط المهارات الاجتماعية أولاً والاستمرار في العمل على تطوير قدراته بمرور الوقت.

1- اتبع اهتمامات طفلك

من الطبيعي أن يستمتع طفلك بقضاء الوقت مع الآخرين عندما يمارس نشاطاته المفضلة، هذه هي الخطوة الأولى في بناء مهاراته الاجتماعية، سواء كانت المشاركة في الرياضات أو العزف على الآلات الموسيقية أو الانتساب إلى أحد النوادي الاجتماعية.

 كما يجعل ذلك الطفل يقضي وقته برفقة أشخاص يتشاركون الأفكار والهوايات، وبالتالي فمن المحتمل أن يشعر معهم براحة أكبر، ومن المهم أيضًا أن يكون قادرًا على التواصل الاجتماعي مع الأطفال الذين لديهم اهتمامات مختلفة، لذا فإن البدء مع الأطفال الذين يحبون نفس الأشياء تعتبر طريقة ممتازة لبناء المهارات الاجتماعية بسهولة أكثر.

2- علّم طفلك طرح الأسئلة

قد يصبح طفلك أكثر انطوائية عندما يعاني من التوتر والضغط ولا يجد من يتحدث إليه، كما يجعله ذلك يتجنب التواصل مع الآخرين عندما يواجه مواقف صعبة بالمستقبل. يعتبر طرح الأسئلة أحد أهم الطرق التي يمكن للأطفال من خلالها بدء محادثات إيجابية مع الآخرين والخوض بها، حيث يساعده ذلك على معرفة الآخرين وتكوين روابط اجتماعية مع الشخص الذي يتحدث معه الطفل، لذلك شجع طفلك على طرح أسئلة لا يمكن الإجابة عليها بنعم أو لا.

3- علِّم طفلك التعاطف مع الآخرين

إذا كان لدى الأطفال فهم أفضل لما يشعر به الآخرون، فمن المرجح أن يشعروا بالارتباط بهؤلاء الأشخاص ويكونون روابط إيجابية معهم. يقترح الأهل تعليم التعاطف من خلال الحديث عن المواقف والسيناريوهات المختلفة مع طفلك، كما تعتبر مساعدة الأطفال على تعلم كيفية الاستماع بإصغاء إلى الآخرين أحد أهم الطرق لتعليم التعاطف، يتضمن ذلك التركيز على ما يقوله الآخرون ثم التفكير فيما قاله المتحدث بمجرد انتهاء المحادثة.

4- اعرف حدود طفلك

يعدّ بعض الأطفال ببساطة أكثر اجتماعية من غيرهم، لا ينبغي أن تتوقع من الطفل الخجول والانطوائي أن يتفاعل بنفس الطريقة التي يتفاعل بها باقي الأطفال، حيث يشعر البعض بالراحة في الأماكن المزدحمة، بينما يجد الآخرون سهولة في التعامل مع أصدقائهم ضمن مجموعات أصغر، ومن المهم أيضًا فهم الحدود الزمنية للطفل، حيث يشعر الأطفال الأصغر سنًا بالراحة في التواصل الاجتماعي لمدة ساعة أو ساعتين فقط.

5- كن قدوة جيدة

من المهم أن تكون حذرًا في كيفية تفاعلك مع الآخرين عندما يشاهدك طفلك، فعلى سبيل المثال: يمكنك أن تطرح الأسئلة على الآخرين ثم تستمع لهم بإصغاء، أو تتعاطف بشكل حقيقي مع الأصدقاء والعائلة، لذلك فإن كونك نموذجًا فعالًا يتطلب المزيد من الجهد والوعي والتفكير بشكل مدروس.

يمكنك استشارة طبيب أو معالج نفسي مختص، إذا كنت تشعر أن طفلك يعاني من ضعف المهارات الاجتماعية بالمقارنة مع بقية الأطفال في عمره، حيث يمكن أن يكون هذا الضعف الاجتماعي علامة على مشاكل نفسية أخرى، ويؤدي إلى آثار سلبية كثيرة مثل: تراجع مستواه الدراسي وعدم تطوّر شخصيته بالمستقبل.

سارع إلى تحميل تطبيق لبيه مجانًا الآن واستفد من الخدمات المقدمة، واحجز موعد استشارتك النفسية عبر الإنترنت للحصول على الدعم اللازم للحفاظ على صحتك وصحة أطفالك، أو الانضمام للبرامج العلاجية ومجموعات الدعم النفسي المختلفة، والمزيد من الخدمات الأخرى بأفضل جودة وأقل سعر.

المراجع

1- 6 WAYS TO IMPROVE YOUR CHILD’S SOCIAL SKILLS (brainbalancecenter.com), Brain Balance Achievement Centers, Retrieved 27/09/2023.

2- 7 Social Skills You Can Start Teaching Your Child Now (verywellmind.com), VeryWell Mind, Retrieved 26/09/2023.

3- Larose MP, et al. “Impact of a social skills program on children’s stress: A cluster randomized trial”. Psychoneuroendocrinology. 2019 Jun;104:115-121. doi: 10.1016/j.psyneuen.2019.02.017. Epub 2019 Feb 21. PMID: 30831344.

4- Damon E. Jones, et al. “Early Social-Emotional Functioning and Public Health: The Relationship Between Kindergarten Social Competence and Future”. Wellness American Journal of  Public Health 105, 2283_2290, https://doi.org/10.2105/AJPH.2015.302630.