في حياتنا المعاصرة، يواجه الكثيرون تحديات قد تؤثر على صحتهم النفسية وجودة حياتهم، وقد يشعرون بالضغط النفسي، والاكتئاب، أو صعوبات في التعامل مع العلاقات الشخصية والعملية، وهنا تظهر أهمية الاستشارة النفسية، التي تُعد أداة قوية للتعامل مع هذه التحديات النفسية؛ فقد تنعكس بشكل إيجابي على نوعية الحياة. 

في هذا المقال، سنتناول كيفية التعرف على مؤشرات الحاجة إلى استشارة نفسية وكيفية البدء فيها، وكل ذلك بهدف تحسين صحتك وتحقيق رفاهية أكبر في حياتك اليومية.

ما هي الاستشارة النفسية؟

الاستشارة النفسية، هي عملية تعاونية بين الشخص الذي يعاني من اضطرابات نفسية والمستشار النفسي (المعالج)، حيث يتم استكشاف القضايا النفسية والعاطفية التي يواجهها الشخص والعمل على تحقيق التغيير والنمو الشخصي؛ إذ تهدف الاستشارة النفسية إلى مساعدة الأشخاص على فهم أنفسهم بشكل أفضل والتعامل مع التحديات النفسية والعاطفية التي يواجهونها في حياتهم اليومية.

 يستخدم المستشار النفسي مجموعة متنوعة من الأساليب والتقنيات، مثل: المحادثات والاستماع الفعال والتحليل النفسي؛ وذلك لمساعدة الشخص على التعامل مع الصعوبات وتحقيق التغيير الإيجابي في حياتهم، وفي دراسة (Andersson et al., 2010) بمشاركة 810 شخص أشارت إلى الفرق بين تأثير كل من المساعدة الذاتية لمواجهة الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب، وبين العلاجات المباشرة كالاستشارات النفسية، وأكدت النتائج أن المساعدة الذاتية ليست فعالة بنفس القدر مثل العلاجات التي تتضمن الاستشارات النفسية وخطط العلاج الدقيقة.

كيف تعرف أنك بحاجة إلى استشارة نفسية؟

من المهم تذكر أن التواصل وطلب المساعدة ليس نقطة ضعف، ولكنه خطوة مهمة نحو طريق الرعاية الذاتية، وكلما أسرعت في طلب المساعدة، كلما تمكنت من العودة إلى المسار الصحيح بشكل أسرع، وفيما يلي عشر علامات حاسمة تشير إلى أن الوقت قد حان للحصول على استشارة نفسية متخصصة:

مواجهة صعوبة في التحكم بالعواطف

نشعر جميعًا بالحزن أو القلق أو الغضب في مرحلة ما من الحياة، ولكن من المهم الانتباه إلى عدد المرات وإلى شدة شعورك بهذه المشاعر، على سبيل المثال: قد يعكس الغضب غير المنضبط مشاعر سلبية تجاه الذات، وقد يتطور إلى توتر مزمن، وعندما يكون من الصعب التحكم بالمشاعر السلبية يمكن أن تساعدك الاستشارة النفسية بوجود المعالج أو الطبيب النفسي في اكتشاف تقنيات جديدة للتحكم أكثر في المشاعر، من خلال ممارسة استراتيجيات مخصصة تساعدك على الشعور بالتحسن بشكل أسرع.

ممارسة سلوكيات غير صحية

قد تتسبب ضغوط الحياة في أن يقوم الشخص بممارسات سلوكية غير صحية، كالإفراط في تناول الطعام غير الصحي أو النوم في أوقات متأخرة أو التقاعس عن أداء المهام اليومية البسيطة، ويمكن أن تكون هذه الممارسات دلالة على بداية تطور اضطراب نفسي معين كالاكتئاب، فهذه الممارسات غير الصحية ستؤدي إلى ظهور مشاكل جديدة في حياتك، وبالتالي قد تقودك إلى نتائج عكسية على المدى الطويل، ويجب أن تضع في اعتبارك أن ممارسة أي نشاط، قد يكون غير صحي عندما تستخدمه كوسيلة للهروب أو تجنب المشكلات التي تتطلب حلًا.

صعوبة في بناء العلاقات الشخصية

إن الشعور بصعوبة في بناء العلاقات الشخصية والحفاظ عليها، قد يكون إشارة لضرورة طلب الاستشارة النفسية؛ فالعلاقات الشخصية هي عناصر حيوية في حياتنا، وتلعب دورًا هامًا في شعورنا بالسعادة والرفاه. وإذا كانت لديك صعوبات في بناء علاقات صحية ومستدامة مع الآخرين، فقد تكون هناك بعض العوامل النفسية التي تؤثر على قدرتك على التواصل والتفاعل الاجتماعي.

 بينت دراسة (Hart et al., 2023) تعتبر من أطول الدراسات العلمية مدة، إذ استمرت لأكثر من 75 عامًا وتتبعت حياة 724 رجل منذ شبابهم وحتى كبر سنهم، وأظهرت الدراسة أن العلاقات الجيدة والداعمة كانت مرتبطة بالسعادة والصحة الجيدة والشيخوخة الناجحة.

عدم الاستمتاع بالأنشطة المعتادة

من الممكن أن يكون عدم الاستمتاع بالأنشطة المعتادة، والتي كانت تسبب لك سعادة في السابق، إشارة لضرورة طلب الاستشارة النفسية وتحتاج إلى تقييم ومعالجة، فهناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان الاستمتاع بالأنشطة المعتادة كالتوتر النفسي المزمن، أو الاكتئاب، أو القلق، أو حدوث تغيرات في الحياة مثل: فقدان شخص عزيز، لذا إذا كنت تشعر بعدم الاستمتاع بالأنشطة التي كنت تحبها ولاحظت تغيرًا سلبيًا في مزاجك وحالتك العامة، فقد يكون من الجيد التحدث إلى معالج أو طبيب نفسي. 

تناولت دراسة (Berridge KC et al., 2009) العلاقة بين الاستمتاع والسعادة والتشويق من منظور علم الأعصاب وعلم النفس، وبينت الدراسة التغيرات العصبية والدماغية التي تحدث أثناء تجربة المتعة والسعادة، كما أكدت على العوامل المؤثرة في القدرة على الاستمتاع بالأنشطة المعتادة وأبرزها وجود اضطرابات نفسية مثل: الاكتئاب.

كيف تبدأ بطلب الاستشارة النفسية؟

يمكن أن تبدأ بطلب الاستشارة النفسية من خلال اتباع الخطوات التالية البسيطة:

• البحث عن مستشار نفسي أو معالج نفسي: يمكنك البدء بالبحث عن مستشار نفسي أو معالج نفسي في منطقتك أو عبر الإنترنت، كما يمكنك تحميل تطبيق لبيه، الذي يعد من أبرز التطبيقات الرائدة في مجال العناية بالصحة النفسية.
• قراءة المعلومات والتقييمات: قم بقراءة المعلومات المتاحة عن المستشارين النفسيين المحتملين وتقييمات المرضى السابقين إن وجدت، قد تساعد هذه المعلومات في توجيهك نحو اختيار المعالج الذي يناسب احتياجاتك وتفضيلاتك.
• الاتصال الأول: قم بالاتصال بالمستشار النفسي الذي تفضله، واستفسر عن إمكانية تحديد موعد استشارة أولية، ويمكنك طرح الأسئلة التي تهمك حول أسلوب العمل والتخصصات والتجربة السابقة للمعالج النفسي.

مع كل تحديات الحياة، قد تجد صعوبة في الموازنة بين قائمة مسؤولياتك العديدة، والتحكم ومعالجة كل مشاعرك، لذا يمكن للاستشارة النفسية هنا أن تلعب دورًا هامًا، ويمكنك التواصل مباشرة مع المعالج في لبيه من خلال تحميل تطبيق لبيه؛ إذ يمكن للاستشارة المقدمة من معالجي لبيه أن تساعدك على فهم الأسباب المحتملة وتوجيهك نحو الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحسين حالتك العامة والعودة إلى الاستمتاع بالحياة والأنشطة المعتادة.

المراجع

1- Cuijpers, et al. Is guided self-help as effective as face-to-face psychotherapy for depression and anxiety disorders? A systematic review and meta-analysis of comparative outcome studies. Psychological medicine, 2010, DOI: 10.1017/S0033291710000772.

2- Jane Hart. Harvard Study of Adult Development: Human Connection is Key to Health and Well-Being.Integrative and Complementary Therapies. Jun 2023.122-124.http://doi.org/10.1089/ict.2023.29074.jha.

3- Kringelbach ML, Berridge KC. Towards a functional neuroanatomy of pleasure and happiness. Trends Cogn Sci. 2009 Nov;13(11):479-87. doi: 10.1016/j.tics.2009.08.006.