تعلم استراتيجيات إدارة الوقت لتخفف حدة قلقك
يعاني الكثير من الأشخاص في عصرنا هذا من ضيق الوقت والانشغال الشديد بشكل يزيد من الضغوط عليهم ويسبب التوتر والقلق. تختلف الأسباب من شخص لآخر بدءًا من التحديات الصغيرة إلى الأزمات الكبرى، ولكن النتيجة واحدة وتتمثل بسيطرة القلق والإجهاد على مختلف تفاصيل الحياة بشكل يؤثر على صحتك النفسية والجسدية.
ما هي أهم أسباب التوتر والقلق؟
ينتج القلق والتوتر عن ضيق الوقت عند الالتزام بالعديد من المهام في نفس الوقت، كالعمل لساعات طويلة ومحاولة الحفاظ على حياة اجتماعية أو الاهتمام الشديد بقضايا الأسرة، كل ذلك يساهم بشكل عام في ارتفاع مستويات التوتر. بحسب دراسة واسعة النطاق (Bean.2021) نُشرت في مجلة المكتبة الوطنية للطب، وشملت استطلاعًا تضمن 433 من الآباء الذين لديهم طفل واحد على الأقل بعمر من 5 إلى 18 عامًا، بينت النتائج كيف تسببت جائحة COVID-19 في ظهور تحديات جديدة وغير متوقعة، إذ أظهر الاستطلاع أن الآباء يعانون من مستويات أعلى من التوتر خلال COVID-19، مقارنةً بالبالغين الذين ليس لديهم أطفال، وذلك بسبب التحديات الإضافية المتمثلة في تعليم الأطفال من المنزل، والمخاوف الصحية المتعلقة بالأطفال.
ما هي الاستراتيجيات المتبعة لإدارة الوقت وتخفف قلقك؟
تساهم الاستراتيجيات والنصائح التالية في مساعدتك على إدارة وقتك وتخفيف حدة القلق والتوتر لديك، ومن أهمها:
لتكن أهدافك واقعية
إن تحديد أهداف منطقية وواقعية وممكنة التحقيق يتيح لك فرصة استغلال وقتك بشكل مناسب في سبيل سعيك لتحقيق هذه الأهداف، لأن الأهداف المعقدة والصعبة ستستهلك الكثير من الوقت، وتزيد مستويات القلق والتوتر، وتصيبك بالإرهاق والإجهاد المزمن، وفي النهاية لن تتمكن من تحقيقها.
قسم المهام لأجزاء صغيرة
في حال كانت الأهداف التي تسعى لتحقيقها أو المهام التي تريد تنفيذها صعبة ومعقدة أو تستهلك الكثير من الوقت والجهد، فعليك تقسيم هذه المهام وتجزئتها لمهام أصغر وخطوات أبسط، لأن ذلك يمنحك فرصة تنفيذها مستفيدًا من الوقت المتاح لك ومتغلبًا على التوتر الذي يرافق إنجاز المهام الصعبة والمعقدة.
قل “لا” إذا لزم الأمر
قد تترد في كثير من الأحيان في قول “لا” للأشخاص من حولك، حتى عندما تكون مرهقًا، وجدول أعمالك مكتظًا، بحيث يتعذر عليك القيام بأي شيء آخر، فأنتَ لا تريد أن تخيب آمال الآخرين، أو من جهة أخرى لا تريد أن تعترف بأنك لا تستطيع “فعل كل شيء”، ما يؤدي إلى زيادة حدة القلق والتوتر لديك، لذا من المهم معرفة كيفية قول لا للأشخاص؛ لأن ذلك ينطوي على العديد من الجوانب الإيجابية، مثلًا: يمكن أن يساهم ذلك في وضع الحدود في العلاقات الاجتماعية، وتوضيح ما أنت على استعداد لقبوله في العلاقات وكيف تتوقع أن تُعامل من قبل الآخرين.
بحسب دراسة (AlMahmoud.2020) كان هدفها تقييم حاجة طلاب الطب في السنة النهائية فيما يتعلق بالحدود المهنية مع مرضاهم، حيث تم توزيع استبيان ورقي على 128 من طلاب السنة النهائية في كلية الطب، وكانت النتائج أن 84.4٪ من الطلاب أقروا بالحاجة إلى مزيد من التعليم والتدريب في مناهج أخلاقيات الطب فيما يتعلق بضبط حدود العلاقة بين المريض والطبيب، إذ بينوا مخاوفهم المتعلقة بعدم قدرتهم على الحفاظ على حدود العلاقة بين الطبيب والمريض.
غالبًا ما يُنظر إلى الأنانية على أنها سمة غير أخلاقية وغير مرغوب فيها، في حين يُعتبر الإيثار عادة مرغوبة ولكن يساهم قول “لا” في بعض الأحيان، في تعزيز الاهتمام بالصحة النفسية وتفضيل وتقدير الذات أكثر.
كن واضحًا بشأن أولوياتك
لا تضف أنشطة إلى جدولك فينتهي بك الأمر بقضاء وقتك في القيام بأشياء لا تعكس قيمك وأولوياتك، لذا ضع قائمة بأهم أولوياتك مثل العائلة والأصدقاء والوظيفة، ثم انظر كم من الوقت يذهب لهذه الاهتمامات، فإذا كنت تقضي وقتًا طويلًا في القيام بأشياء غير مهمة بالنسبة لك، فقد يؤثر ذلك على تراجع العادات الأساسية مثل: الاهتمام بنمط الغذاء الصحي أو الالتزام بالنوم لساعات كافية، إذ أثبت الأبحاث أن النوم لمدة 8 ساعات يمكن أن يساهم كثيرًا في زيادة مستوى التركيز لديك وتقليل التوتر والقلق.
في دراسة (Alotaibi.2019) نُشرت في مجلة المكتبة الوطنية للطب استهدفت هذه الدراسة جميع طلاب الطب في سنوات ما قبل السريرية في عدة جامعات طبية سعودية. طُلب من جميع الطلاب إكمال استبيان إلكتروني يشمل على مؤشر جودة النوم ومقياس للاضطراب النفسي، حيث أبلغ 77٪ من المشاركين عن ضعف جودة النوم و 63.5٪ أبلغوا عن مستوى معين من الضغط النفسي، وارتبط انخفاض عدد ساعات النوم بشكل كبير مع ارتفاع مستويات التوتر والقلق.
ضع جدولًا زمنيًا
من الصعوبات الشائعة لإدارة الوقت التي يقع فيها العديد من الأشخاص أنهم لا يعرفون أين يذهب وقتهم، أو أنهم يبالغون في مقدار الوقت المتاح لديهم ويقللون من مقدار الوقت الذي يستغرقه كل نشاط لإكماله، لذا إذا كنت تعاني من هذا الأمر، فأنتَ تحتاج إلى الالتزام بجدول زمني دقيق، وتدوين كل ما تفعله، وعليك عندها ألا توافق على الأنشطة الجديدة حتى تجد وقتًا كافيًا لها، بالإضافة لذلك فإنَّ وجود عوامل أخرى مثل عامل الوراثة له دور كبير في كيفية تفاعل الفرد مع الأحداث التي تسبب الإجهاد والتوتر، وبحسب دراسة دقيقة نُشرت في عام 2019 في مجلة المكتبة الوطنية للطب، بينت الدراسة دور العوامل الوراثية التي تساهم في الاضطرابات النفسية، وشملت الدراسة العامل الوراثي أوكسيديز أحادي الأمين (MAO)، والذي ينظم مستويات النواقل العصبية ويتحكم في المزاج والعواطف، وأوضحت الدراسة أن تعديلًا واحدًا في هذا الجين، أدى إلى ارتفاع العدوانية وزيادة مستويات القلق والتوتر، وتدمير الممتلكات الشخصية، وأنواع أخرى من السلوك العنيف.
في الختام: لا يمكن إنكار أن القلق جزء أساسي من الحياة، وأن التوتر موجود في كل زاوية من الأنشطة اليومية، ويمكن أن تكون إدارته مهمة شاقة وتحتاج لاتباع استراتيجيات محددة للتغلب عليه، فإذا شعرت أن القلق والتوتر يؤثر عليك ويعيق حياتك اليومية لا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تعلم استراتيجيات إدارة الوقت وتحقيق الاستفادة القصوى منه.
المصادر:
- The influence of genetic factors on personality and coping with stress among healthy late reproductive age women, Published online 2019 Jul 25. doi: 10.2147/CIA.S211549
- Elizabeth L. Adams,* Danyel Smith, Laura J. Caccavale, and Melanie K. Bean, Parents Are Stressed! Patterns of Parent Stress Across COVID-19, Front Psychiatry. 2021; 12: 626456. Published online 2021 Apr 8. doi: 10.3389/fpsyt.2021.626456
- AlMahmoud T, Hashim MJ, Naeem N, Almahmoud R, Branicki F, Elzubeir M. Relationships and boundaries: Learning needs and preferences in clerkship medical environments. PLoS One. 2020;15(7):e0236145. doi:10.1371/journal.pone.0236145
- Abdullah D. Alotaibi, Faris M. Alosaimi, Abdullah A. Alajlan, and Khalid A. Bin Abdulrahman, The relationship between sleep quality, stress, and academic performance among medical students ,
- J Family Community Med. 2020 Jan-Apr; 27(1): 23–28.