ماذا أفعل حين يصبح شعوري أسوأ بعد الجلسة؟
إذا كنت تعاني من التوتر أو القلق أو الاكتئاب لفترة من الوقت، وكنت متحمسًا للبدء برحلة التعافي، لكن شعورك صار أسوأ بعد الجلسة، وبدأت تشعر بالإحباط، فماذا حدث بالضبط؟
من الطبيعي أن نشعر بشكل سيء أحيانًا بعد جلسة استشارة نفسية، خاصة بعد جلساتك الأولى مع المعالج النفسي، بل يمكن أن تكون علامة على التقدم والشفاء، لذا فإن الشعور بالسوء أثناء العلاج النفسي قد يكون مؤشرًا إيجابيًا.
لماذا قد تشعر بالسوء بعد الجلسة؟
قد يكون الحديث عن الضغوط أو الأعراض التي تعاني منها أو المشاكل العائلية والذكريات المؤلمة أمرًا صعبًا، خاصةً إذا:
- بدأت رحلة العلاج النفسي من فترة قصيرة.
- لم تكن معتاداً على الحديث عن مشاعرك.
- ناقشت المواضيع التي كنت تتجنبها أو تحاول إخفائها.
- كنت تتحدث عن ذكرى مؤلمة قديمة، كالصدمات النفسية بمرحلة الطفولة.
قد يكون من المرهق مشاركة كل ما في داخلك، ويتطلب الكثير من الطاقة والشجاعة، فأنت تعبر عن ضعفك لشخص غريب، وذلك يشكل حملًا كبيرًا على صحتك العاطفية، وربما تفتقر إلى المهارة اللازمة للتأقلم والتعامل مع هذه المشاعر في بداية رحلتك العلاجية.
يمكن أن تساعدك مهارات التأقلم التي تتعلمها بمرور الوقت على التعامل مع مشاعرك، دون اللجوء لممارسة عادات غير صحية تضر بصحتك، تشمل الأمثلة على مهارات التأقلم: تمارين التنفس والتأمل والرياضة والمذكرات الشخصية.
قد يستغرق الأمر عادةً بعضًا من الوقت وعددًا من الجلسات العلاجية، حتى تلاحظ حدوث التقدم في صحتك النفسية، وذلك لا يعني أيضًا زوال كل المشاكل لكنك سوف تبدأ بالشعور بالتحسن على الأقل.
أجريت a study أمريكية (Howard, 1986) لتحديد العلاقة بين طول مدة العلاج النفسي وتحسّن الصحة النفسية للمراجعين، شملت الدراسة أكثر من 2400 شخص لديه اضطرابات نفسية، واستمرت ما يقارب 30 عامًا، أشارت النتائج إلى تحسّن ما يقارب 50% من المشاركين بشكل واضح خلال 8 جلسات.
ما يجب عليك توقعه من جلسات العلاج النفسي؟
تختلف تجربة كل شخص في العلاج عن الآخر، ويمكن أن تعتمد مدة العلاج النفسي على سبب الاستشارة، فقد يراجع بعض الناس معالجًا نفسيًا لعدة أشهر لمساعدتهم على تجاوز حدث صعب في حياتهم.
يطرح المعالج النفسي في الجلسات الأولى الكثير من الأسئلة للتعرف على شخصيتك وسوابقك المرضية واحتياجاتك، يمكن أن تساعد هذه المحادثات المبكرة في تحديد المواضيع أو الأنماط المعينة في حياتك، والتي قد تؤثر على صحتك النفسية، وتشمل هذه الموضوعات العلاقات الاجتماعية والطفولة المبكرة والعادات اليومية والهوايات والقيم والمبادئ الشخصية.
قد يكون أحد أهداف العلاج النفسي هو تحديد وتغيير طريقة تفكير الفرد في بعض المشكلات، مما قد يحسن نوعية حياته، بالإضافة إلى تعلّم مهارات التأقلم والتعامل مع المشاعر، ولذلك يمكن أن تتوقع أحيانًا مواجهة مشاكل أو مشاعر صعبة أثناء العلاج، وبالتالي قد تشعر بالانزعاج وعدم الارتياح بعد الجلسات الأولى.
يجب أن تلاحظ فرقًا في طريقة تفكيرك وشعورك واستجابتك للضغط النفسي مع تقدم الجلسات، ومن المحتمل أن يساعد هذا التقدم في تحسين الأعراض وأداء النشاطات اليومية.
كيف يجب أن تشعر بعد الجلسة؟
يساعدك العلاج النفسي على توسيع نطاق مشاعرك وعواطفك، خاصةً إذا كنت تعاني من أنماط تفكير سلبية، أو تبالغ في الاستنتاج والتشاؤم، حيث يعمل العلاج النفسي على تفكيك هذه الأنماط ويساعدك على التفاعل مع العالم بمزيد من المرونة.
لا يعني تغيير طريقتك في التفكير والتعامل أنك تخلصت من المشاعر التي قد تسبب عدم الارتياح، عانى الكثير من الأشخاص على سبيل المثال خلال جائحة كوفيد-19 من زيادة في التوتر والقلق، حيث كان الناس يخشون الإصابة بالعدوى أو فقدان أحبائهم أو وظائفهم، كانت هذه المشاعر والأفكار صحيحة ومنطقية لكثير من الناس، خاصة في وقت مبكر من الوباء، وهنا تكمن أهمية العلاج النفسي في إيجاد طرق فعالة للتعامل مع هذا التوتر والتأقلم مع هذه المشاعر، مثل: العلاج بالقبول والالتزام أو العلاج السلوكي المعرفي.
من المهم أيضًا معرفة أن العلاج النفسي ليس فقط للحديث عن المشاكل والذكريات المؤلمة، بل يمكن أن يكون منفذًا لمناقشة نقاط قوتك وتقدمك ونجاحاتك.
غالبًا ما يكون سبب طلب الاستشارة النفسية، هو البحث عن الراحة من الألم العاطفي، لذا من المهم أيضًا تأكيد التجارب الإيجابية، لأن أصغر لحظات الفرح يمكن أن تساعد الناس في مكافحة اليأس.
كيف تتعامل مع المشاعر السلبية بعد الجلسة؟
من المهم إذا صار شعورك أسوأ بعد جلسة العلاج النفسي، أن تكون لطيفًا مع نفسك وتهتم لحاجات جسمك. تحتاج نفسيتك إلى وقت لاستيعاب ما اكتشفته في العلاج، لذلك تساعد تهيئة الحالة النفسية حتى موعد الجلسة القادمة في تخفيف هذه المشاعر.
قد تشعر خلال هذه الفترة الصعبة بالرغبة للقيام بعادات غير صحية كالخمول والأكل الزائد للتخلص مما تشعر به، يمكن أن تساعدك هذه السلوكيات على الشعور بالتحسن في البداية، لكنها تسيء إلى صحتك العامة على المدى الطويل، كما يمكن أن تجعلك تتجنب المشاعر التي تظهر أثناء فترة العلاج، ما قد يأتي بنتائج عكسية على سير الخطة العلاجية.
كما يفيد التحدث مع المعالج النفسي عن كيفية التعامل مع هذه العواطف، فهي لا تقل أهمية عن المواضيع التي قد تناقشها في رحلة العلاج، حيث أظهرت a study (Markowitz, 2011) أهمية أن يكون المعالج النفسي قادرًا على استيعاب المشاعر السلبية التي قد يسببها العلاج النفسي، والاستجابة لها بشكل صحيح دون إهمالها، بغض النظر عن الطريقة التي يعالج بها، ومن الطرق الفعالة لمواجهة هذه المشاعر السلبية:
- لقاء الأصدقاء وممارسة نشاطات اجتماعية.
- تناول غذاء صحي والحصول على قسط كافٍ من النوم.
- مشاهدة فيلم أو الاستماع إلى الموسيقى أو ممارسة الهوايات المفضلة.
- كتابة المذكرات اليومية وممارسة تمارين التأمل واليقظة، مثل التنفس العميق.
يستغرق العلاج النفسي بعضًا من الوقت والجهد، وقد تشعر بالسوء قبل أن تلاحظ التحسّن، لا يعني ذلك بالضرورة عدم فعالية العلاج النفسي أو أن المعالج ليس مناسبًا.
امنح نفسك الوقت الكافي للنمو والتعلم والتفكير الذاتي، وتحلى بالصبر، ومن المفيد إذا كنت تعاني من مشاعر سيئة بعد الجلسات، مناقشة معالجك النفسي حول ما يحدث وإيجاد طرق للتعامل مع مشاعرك السلبية.
الدراسات
Howard KI, Kopta SM, Krause MS, Orlinsky DE. The dose-effect relationship in psychotherapy. Am Psychol. 1986 Feb;41(2):159-64. https://doi.org/10.1037/0003-066X.41.2.159 PMID: 3516036.
Markowitz JC, Milrod BL. The importance of responding to negative affect in psychotherapies. Am J Psychiatry. 2011 Feb;168(2):124-8. https://doi.org/10.1176/appi.ajp.2010.10040636 . PMID: 21297048; PMCID: PMC3627537.