كيف أتخلص من التفكير الزائد؟
عندما يواجه الفرد قرارًا مهمًا كاختيار جامعة أو ترك وظيفة أو شراء سيارة أو زواج، سيفكر مليًا في النتائج المحتملة، وهذا منطقي للغاية، لكن في بعض الأحيان قد يفكر الشخص كثيرًا ويأخذ وقتًا طويلًا في أخذ القرار حول أحداث بسيطة في مجرى حياته، وتراوده أفكار سلبية كثيرة ما ينعكس عليه سلبًا.
إن القلق والتفكير جزء من حياة الإنسان، ولكن عندما يصل التفكير إلى حد الإفراط أو يُترك دون رادع يسمى بالتفكير الزائد، يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية كالاكتئاب وذلك وفقًا لدراسات حديثة.
ماذا يعني التفكير الزائد؟
يحدث التفكير الزائد عندما يفكر الفرد بشكل متكرر في نفس الفكرة أو الموقف مرارًا وتكرارًا لدرجة أنها تعيق حياته. ينقسم الإفراط في التفكير عادةً إلى التفكير بالماضي أو القلق بشأن المستقبل، وهناك فرق بين الإفراط في التفكير والشعور بالتوتر أو القلق بشأن ظرف معين، فمثلًا، عندما تكون متوترًا بشأن أمر ما، يمكن أن يساعدك هذا التوتر في الانطلاق إلى العمل مما يدفعك إلى اتخاذ خطوة، بينما في حالة التفكير المفرط، ستكون غير قادر على اتخاذ أي إجراء على الإطلاق، وقد يكون من الصعب إخراج الأفكار من ذهنك أو التركيز على أي شيء آخر.
لماذا نفرط في التفكير؟
إن الإفراط في التفكير هو طريقة لمحاولة السيطرة على الموقف والشعور بمزيد من الثقة بشأن ما يجب القيام به. فعندما تفرط في التفكير، يتحول الدماغ إلى “وضع التحليل”، ويبدأ في التنقل بين السيناريوهات المحتملة ومحاولات التنبؤ بما سيحدث، في محاولة منه لتقليل القلق، لكن في الواقع يمنعك الإفراط في التفكير غالبًا من اتخاذ إجراء، لأن العقل يبقى عالقًا في هذه المرحلة، وبحسب أخصائية علم النفس هفيز، يميل الأشخاص الذين يسعون إلى الكمال أو يتوقون لدرجات عالية من التحصيل العملي أو العلمي إلى الإفراط في التفكير، وذلك خوفًا من الفشل والحاجة الملحة لديهم للتحلي بالكمال.
هل يعد الإفراط في التفكير هو اضطراب نفسي؟
إن الإفراط في التفكير ليس اضطرابًا نفسيًا بحد ذاته، ومع ذلك، توصلت الأبحاث إلى أنه غالبًا ما يرتبط باضطرابات الصحة النفسية، بما في ذلك:
وجدت إحدى الدراسات علاقة متبادلة بين الإفراط في التفكير والاضطرابات النفسية الأخرى، أي يمكن أن تساهم المستويات العالية من التوتر والقلق والاكتئاب في الإفراط في التفكير. وفي الوقت نفسه، قد يترافق الإفراط في التفكير مع زيادة التوتر والقلق والاكتئاب.
كيف يمكن الحد من التفكير الزائد؟
إن التوقف عن الإفراط في التفكير لن يحدث على الفور، ولكن يمكن اتباع مجموعة من الخطوات والنصائح للتخفيف والحد من الأمر:
التكيف مع الأحداث التي تسبب الإفراط في التفكير أو تجنبها
إن الطريقة التي تستجيب بها لأحداث معينة يمكن أن تبقيك أحيانًا في دائرة التفكير المفرط، لذا عليك أن تفهم وتعرف ما هي الأحداث التي تؤدي للإفراط في التفكير. فعلى سبيل المثال، إن الاحتفاظ بدفتر يوميات وكتابة لحظات أو مواقف معينة سببت لك الإفراط في التفكير، ستخفف حتمًا من حدة التفكير وبعد فترة من الزمن ستكون قادرًا على ملاحظة محفزات التفكير الزائد قبل حدوثها وتكون قادرًا على تجنبها.
يساعدك هذا على تطوير استراتيجية جديدة للتكيف مع المواقف التي تؤدي إلى الإفراط في التفكير. وبالتالي إن امتلاك الوعي حول مسببات التفكير الزائد هو المفتاح للتخفيف من هذه المشكلة.
الانشغال بنشاطات أخرى
يمكن التوقف عن التفكير الزائد عن طريق المشاركة في نشاط ممتع، وقد يختلف هذا من شخص لآخر، ولكن إليك بعض الأفكار:
- تعلم بعض مهارات الطبخ الجديدة وتجربة وصفات جديدة.
- ممارسة هواية جديدة، مثل الرسم أو تعلم العزف على آلة موسيقية.
- التطوع مع منظمة محلية.
- قراءة الكتب المفضلة لديك أو الاستماع إلى الموسيقى.
يُنصح بتطبيق هذه الخطوة على الفور في حال طغت الأفكار على الذهن، حيث أن الانشغال في نشاطات مختلفة يعتبر من أفضل الخطوات للحد من التفكير المفرط.
مواجهة المخاوف
من السهل الانغماس في الأفكار السلبية، لذا من الطرق الفعالة للحد من التفكير الزائد هو تحدي المخاوف، فمثلًا يمكنك مواجهة المواقف التي تقلق بشأنها كثيرًا، ربما يكون ذلك في مواجهة زميل عمل متسلط أو القيام برحلة يومية فردية كنت تحلم بها، من خلال هذه الخطوات ستكون قادرًا كبح التفكير المفرط والنظر إلى الأفكار بموضوعية أكثر.
الالتزام بممارسة الرياضة
تشير الكثير من الأبحاث إلى أن التمارين الرياضية تحسن الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى، وقد تساعد التمارين الرياضية المنتظمة في التخلص من التفكير الزائد المزمن أيضًا. بحسب منظمة الصحة العالمية، إن المشي لمدة 5 دقائق في الهواء الطلق يساعد على تحفيز إفراز الهرمونات المسؤولة عن الراحة والسعادة في الدماغ، كما تساعد الحركة الجسدية في إخراج الجهاز العصبي من حالة التوتر الدائم مما ينعكس على طريقة التعامل مع الأحداث والأفكار.
طلب المساعدة من صديق مقرب أو طبيب نفسي مختص
إن مشاركة الأفكار التي تقلقك مع صديق مقرب له دور كبير في التخفيف من حدة الأمر، لأن طرح هذه الأفكار معه يجعلك ترى الأمر من منظور آخر وبصورة أوضح، وفي بعض الحالات الشديدة، ينصح بالتحدث إلى طبيب نفسي مختص، حيث يساعد الطبيب المريض على تعلم استراتيجيات للتأقلم والتخفيف من التفكير المفرط، كما يمكنه المساعدة في تحديد ومعالجة أي أسباب كامنة وراء الإفراط في التفكير.
أعراض التفكير الزائد
قد يؤدي الإجهاد المرتبط بالتفكير الزائد إلى أعراض صحية جسدية مثل:
- الصداع.
- الإعياء.
- مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الغثيان أو الإسهال.
- صعوبات في النوم.
إن التفكير الزائد هو أمر طبيعي نقوم به جميعًا في مرحلة ما، فالجميع يقلق من الدرجات المدرسية أو الأمور المالية أو مشاكل في العلاقات مع الأصدقاء أو أفراد الأسرة، ولكن الإفراط في التفكير والشعور بأن الأمور خارج السيطرة، هو دليل أنك تعاني من اضطراب التفكير الزائد، لذا لا بد من اتباع الإجراءات المذكورة سابقًا للتخفيف من حدة التفكير، لأنه بمرور الوقت يصبح من الصعب تحقيق التقدم في جوانب مختلفة من الحياة، وللحصول على مزيد من النصائح والتوصيات حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع التي تتعلق بالطب النفسي يمكنكم زيارة موقع لبيه أو تحميل تطبيق لبيه للتواصل مع مجموعة من خبراء واستشاريي الصحة النفسية.