عندما بدأ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة تم النظر إليها على أنها وسيلة مهمة لتسهيل التواصل مع الأصدقاء والعائلة، وقد تطور استخدامها مع مرور الوقت فأصبحت تستخدم كمنصات إخبارية بمختلف المجالات، وكوسيلة تسلية مرغوبة من جميع الفئات العمرية، لكن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع السوشيال ميديا أصبح شائعًا بشكل متزايد اليوم، وقد يكون له تداعيات خطيرة وتأثيرات سلبية على صحتك الجسدية والنفسية.

 في هذا المقال سنتحدث عن إدمان السوشيال ميديا والعلامات والأعراض المهمة لهذا الإدمان، بالإضافة إلى أهم النصائح للتخلص منه.

ما هو إدمان السوشيال ميديا؟

يوصف إدمان السوشيال ميديا على أنه إدمان سلوكي يمضي الشخص فيه الكثير من الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات السوشيال ميديا، مهملًا الأمور المهمة في حياته كالصحة والدراسة والعمل والعلاقات مع المقربين منه، بالإضافة إلى شعوره بالتوتر والقلق عند ابتعاده عن هذه المواقع والتطبيقات، وعلى الرغم من عدم تصنيفه كاضطراب نفسي صريح في دليل الأمراض والاضطرابات النفسية، لكن خبراء علم النفس والأطباء النفسيين يعملون جاهدين اليوم للتوعية عنه، وعن مخاطره وتأثيراته السلبية على الصحة النفسية والجسدية.

تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن 70% من البالغين يعانون من إدمان السوشيال ميديا وأغلبهم من المراهقين والشباب، كما أن الشخص الواحد يقضي ما يقارب ساعتين يوميًا على تطبيقات التواصل الاجتماعي، وعلى العموم، معظم المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات السوشيال ميديا غير قادرين على تنظيم وقتهم ومعرفة التوقيت المناسب لتصفح هذه المواقع والتطبيقات والتوقيت المناسب للابتعاد عنها، وهذا ما يقود للوصول إلى الإدمان في نهاية الأمر.

كيف تسبب تطبيقات السوشيال ميديا الإدمان؟

على الرغم من أن هذه المواقع والتطبيقات تبدو كأداة تسلية تساعد على الهدوء والاسترخاء، إلا أنها في الواقع تؤثر بشكل كبير على عقلك، فكلما سجلت الدخول إلى تطبيقاتك المفضلة يزداد إفراز الدوبامين داخل دماغك وهذا ما يمنحك شعورًا بالمتعة، هذه المتعة التي تكون أكبر عند قيامك بنشر منشور خاص بك والحصول على تعليقات إيجابية كثيرة من أصدقائك، وعندما تتكرر هذه العملية يزداد إفراز الدوبامين بشكل أكبر، ويعتبر دماغك هذا الاستخدام كنشاط ضروري ينبغي تكراره بشكل مستمر حتى وإن أثر ذلك على حياتك وإنتاجيتك في العمل أو الدراسة.

ما هي مضاعفات إدمان السوشيال ميديا؟

يؤدي إدمان السوشيال ميديا لمضاعفات نفسية متعددة، فهو يترافق مع انخفاض احترام الذات، والذي ينتج عن التصورات الخاطئة بأن حياة الآخرين أفضل من حياتك، معتمدًا بتفكيرك هذا على ما يقومون بنشره على صفحاتهم والذي قد يكون غير حقيقي بشكل كامل، كما أن إدمان السوشيال ميديا يزيد من العزلة والشعور بالوحدة ويفاقم مشاعر القلق والاكتئاب.

  أكدت a study (Primack.2017) أن الأشخاص الذين يقضون فترات طويلة من الوقت مستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي يشعرون بالعزلة الاجتماعية أكثر من الأشخاص ذوي الاستخدام الأقل، كما أنه يؤثر على العلاقات في الحياة الحقيقة مع عائلتك وأصدقائك، وذلك لأنك تركز على علاقات افتراضية مع أشخاص لا تعرفهم.

بالإضافة إلى المضاعفات النفسية السابقة فإن إدمان السوشيال ميديا من الممكن أن يترافق مع تأثيرات سلبية على الصحة الجسدية، فهو يترافق مع قلة النشاط البدني وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية وداء السكري وأمراض المفاصل. 

أكدت a study (Levenson.2016) أن الأشخاص الذين يقضون وقتًا أكثر على السوشيال ميديا تحدث لديهم اضطرابات نوم بشكل أكثر من الأشخاص الأخرين، كما أن الرغبة بالحصول على جسم أكثر رشاقة لاستمرار نشر الصور على مواقع السوشيال ميديا والحصول على تعليقات إيجابية من الأصدقاء قد يساهم في تطور اضطرابات الأكل، هذه المضاعفات وغيرها قد تحمل نتائج كارثية على الصحة الجسدية.

كيف أتخلص من إدمان السوشيال ميديا؟

قد تظن أن التخلص من إدمان السوشيال ميديا أمر صعب أو مستحيل وأن حياتك أصبحت معتمدة عليها بشكل كبير، إلا أن العملية أبسط مما تتخيل، فعلى الرغم من تعلقك الشديد بتطبيقات السوشيال ميديا فأنت قادر على التخلص منها عبر اتباع بعض النصائح، ومنها:

• حذف تطبيقات التواصل الاجتماعي من هاتفك المحمول: إن تواجد هذه التطبيقات على هاتفك المحمول يسهل عليك تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ويساعد على زيادة الوقت الذي تقضيه في هذه المواقع، إذا كنت تنوي الحد من هذا الإدمان فإن الخطوة الأولى هي قيامك بحذف هذه التطبيقات.
• تجنب استخدام هاتفك الشخصي أثناء العمل، وفي المدرسة أيضًا وأثناء قيامك بالواجبات الاجتماعية أو مشاركتك في الأنشطة الترفيهية، سيمنعك هاتفك الشخصي من التركيز على ما تقوم به ويمنعك من الاستمتاع بالتواصل الحقيقي مع الآخرين.
• تخصيص وقت محدد لوسائل التواصل الاجتماعي يوميًا: بعد أن قمت بحذف تطبيقات التواصل الاجتماعي من هاتفك المحمول فما زال بإمكانك الدخول إليها عبر جهاز الكمبيوتر، ولكن احرص على أن تخصص مقدارًا محددًا من الوقت لقضائه متصفحًا هذه المواقع.
• ترك هاتفك المحمول خارج غرفة نومك: إذا كنت من الأشخاص الذين يستخدمون هواتفهم كثيرًا في غرفة نومهم فأنت تساهم بزيادة الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة أن السهر لساعات متأخرة باستخدام هذه التطبيقات يساهم في حرمانك من ساعات النوم التي تحتاجها، ويؤثر على يقظتك في الصباح.
• ممارسة هواية جديدة لا تتعلق بالتكنولوجيا: من أهم الخطوات للتخلص من سيطرة السوشيال ميديا عليك هي إيجاد نشاط ترفيهي أو هواية جديدة، وذلك بهدف ملء الوقت الذي كنت تقضيه مسبقًا على تطبيقات التواصل الاجتماعي، بإمكانك ممارسة الرياضة أو تعلم عزف آلة موسيقية أو حتى التسجيل في دورة للطبخ، كل ذلك سيساعدك في التخلص من هذا الإدمان ويمنحك شعورًا إيجابيًا وسعادة حقيقة.
• الحرص على رؤية أفراد عائلتك وأصدقائك كلما سنحت لك الفرصة: ستشعر بالحزن والفقد عند ابتعادك عن التواصل مع أصدقائك الافتراضيين الذين وجدتهم عبر تطبيقات السوشيال ميديا، ولعل العلاج الأفضل لذلك هو أن تعمل على تعزيز علاقتك بالأشخاص الحقيقيين المقربين منك كعائلتك وأصدقائك، احرص على رؤيتهم بشكل مستمر وشارك معهم في النشاطات الاجتماعية المختلفة.

تساعدك النصائح السابقة على التخلص من إدمان السوشيال ميديا والعودة للحياة الطبيعية بسرعة، ومن المهم أن تعلم أنك قد تعاني من النكس والحنين لاستخدام تطبيقات السوشيال ميديا، لكن ينبغي أن تكون صبورًا ومقاومًا لتتحرر من سيطرة هذه التطبيقات على حياتك، وكل ذلك يهدف إلى تعزيز صحتك النفسية والحفاظ عليها.

الدراسات:

1-   Brian A. Primack, Ariel Shensa, Jaime E. Sidani, Erin O. Whaite, Liu yi Lin, Daniel Rosen, Jason B. Colditz, Ana M. Radovic, and Elizabeth Miller, Social Media Use and Perceived Social Isolation Among Young Adults in the U.S, Center for Research on Media, Technology, and Health, University of Pittsburgh, Pittsburgh, Pennsylvania. 2017 Mar.

2-   Jessica C Levenson, Ariel Shensa, Jaime E Sidani, Jason B Colditz, Brian A Primack, The association between social media use and sleep disturbance among young adults, Department of Psychiatry, University of Pittsburgh School of Medicine, Pittsburgh, PA 15213, USA, 2016 Apr