كيف تتعامل مع التسويف؟
نتعرض جميعًا لضغوط مختلفة ناتجة عن العمل أو الدراسة أو الالتزامات العائلية، وقد ينتج عنها المماطلة وتأجيل بعض الأعمال لوقت لاحق، وهو الأمر الذي يؤخر بعض الواجبات والمهام باستمرار، وهذا ما يسمى بالتسويف، والذي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الأداء والإنتاجية، والشعور بالكسل وعدم المسؤولية.
ما هو تعريف التسويف؟
يمكن تعريف التسويف بأنه فعل تأخير أو تأجيل المهام حتى اللحظة الأخيرة، أو حتى تأجيل المهام وتجاوز الموعد النهائي، وبناءً على a study (Prem.2018) عرّفت التسويف بأنه شكل من أشكال فشل التنظيم الذاتي، والذي يتميز بالتأخير غير العقلاني للمهام بالرغم من توقع العواقب السلبية، وقد ركزت هذه الدراسة على ثلاث خصائص لها دور هام في تقييم التسويف، وهي:
- ضغط الوقت.
- سياسة حل المشكلات.
- التخطيط واتخاذ القرار.
أجريت الدراسة من خلال مراقبة الأحداث بناءً على الخصائص الثلاث على مدار 12 يومًا، وأكدت النتائج أن التسويف قد يظهر جليًا في بيئة العمل، وتم الإبلاغ عن أن الموظفين يقضون ما يقارب 90-180 دقيقة في كل يوم عمل في الأنشطة الشخصية (أنشطة غير مرتبطة بالعمل) خلال ساعات عملهم، ما يسبب خسائر مادية ومعنوية للموظف والشركة على حد سواء.
ما هي الأسباب التي تؤدي للتسويف؟
تتعدد الأسباب التي تساهم في المماطلة وتأجيل الأعمال، وأحد أكبر العوامل التي تساهم في التسويف، هو فكرة أننا يجب أن نشعر بالإلهام أو الدافع للمباشرة في العمل.
وفيما يلي بعض العوامل البارزة التي تسبب التسويف:
الالتزامات الدراسية
يؤكد الباحثون أن التسويف يمكن أن يكون واضحًا بشكل خاص بين الطلاب، إذ بينت a study واسعة (Steel, P. 2007) أنّ نسبة هائلة تصل إلى 80٪ حتى 95٪ من طلاب الجامعات يماطلون بشكل منتظم في واجباتهم الأكاديمية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بإكمال الواجبات والدورات الدراسية، وأشارت الدراسة إلى التأثيرات المرتبطة بالتسويف والتي تضمنت:
- كره المهمة.
- كثرة المشتتات.
- نقص الكفاءة الذاتية.
- نقص الاندفاع.
- نقص القدرة على ضبط النفس والتنظيم.
وبينت الدراسة أن الطلاب يميلون إلى:
- المبالغة في تقدير مقدار الوقت المتبقي لديهم لأداء المهام.
- المبالغة في تقدير مدى حماسهم في المستقبل.
- تقليل الوقت الذي تستغرقه بعض الأنشطة حتى تكتمل.
التحيز الآني (الفوري)
التحيز الحالي هو ظاهرة لوحظت في السلوك البشري قد تؤدي إلى التسويف، ويعني التحيز الحالي أننا نميل إلى التحفيز من خلال الإشباع الفوري أو المكافآت السريعة أكثر من المكافآت طويلة الأجل، وهذا سبب رئيسي في المماطلة
على سبيل المثال: تعتبر المكافأة الفورية وهي البقاء في السرير ومشاهدة التلفاز أكثر جاذبية من المكافأة طويلة المدى لإنهاء رسالة ماجستير، والتي قد تستغرق وقتًا أطول لإنجازها.
Depression
يمكن أن يكون التسويف أيضًا نتيجة للاكتئاب، إذ إن الشعور باليأس والعجز ونقص الطاقة يمكن أن يجعل من الصعب البدء والانتهاء من أبسط مهمة، وبحسب a study (Beutel.2016) بينت ارتباط التسويف بالاكتئاب والقلق والرضا عن الحياة، وشملت الدراسة المجتمع الألماني وتضمنت (1350 امرأة، و 1177 رجل) تتراوح أعمارهم بين 14 و95 عامًا، وأكدت النتائج أن التسويف ظهر بنسب أعلى في المجموعة (14-29 سنة)، وكان التسويف مرتبطًا بزيادة التوتر والاكتئاب والقلق والتعب وانخفاض الرضا عن مختلف مجالات الحياة، خاصةً فيما يتعلق بالعمل والدخل، والذي يؤدي إلى الشك الذاتي، فلا يستطيع الفرد معرفة كيفية التعامل مع مشروع ما أو يشعر بعدم الأمان بشأن قدراته، فيلجأ عندها للتسويف.
Obsessive-compulsive disorder
إن التسويف شائع أيضًا لدى الأشخاص المصابين باضطراب الوسواس القهري، إذ إن الوسواس القهري غالبًا ما يرتبط بالكمال وبالتالي عدم القدرة على التكيف، مما يسبب مخاوف بشأن ارتكاب أخطاء جديدة، والشكوك حول ما إذا كنت تفعل شيئًا بشكل صحيح، والقلق بشأن توقعات الآخرين منك. غالبًا ما يميل الأشخاص المصابون بالوسواس القهري إلى التردد، ما يتسبب في المماطلة بدلًا من اتخاذ قرار.
كيف يمكنك التعامل مع التسويف؟
للتغلب على التسويف وتجنب التوتر والقلق وضعف الأداء الذي ينبع من إكمال المهام في اللحظة الأخيرة يمكنك اتباع النصائح التالية:
مواجهة مخاوفك
إن الخوف هو أحد العوامل التي تساهم في التسويف، يمكن أن يتضمن هذا الخوف الفشل أو الخوف من ارتكاب الأخطاء أو حتى الخوف من النجاح، فإذا كنت تخشى النجاح لأنك تعتقد سرًا أنك لا تستحق ذلك، فمن المهم أن تدرك أن ذلك سيمنعك حقًا من تحقيق أهدافك، لذا فإن معالجة أسباب الخوف ومواجهتها، يساعدك في البدء بالتغلب على عادة التسويف.
وضع قائمة بالمهام
ابدأ بإنشاء قائمة مهام بالأشياء التي ترغب في تحقيقها إذا لزم الأمر، ضع تاريخًا بجوار كل مهمة إذا كان هناك موعد نهائي يجب عليك الوفاء به، وقدر الوقت الذي تستغرقه كل مهمة حتى تكتمل، ثم ضاعف هذا الرقم حتى لا تقع في الفخ المتمثل في التقليل من الوقت الذي سيستغرقه كل مشروع.
تجزئة المهام إلى مهام صغيرة
عندما تواجه مشروعًا كبيرًا، قد تشعر بالرهبة أو حتى اليأس عندما تنظر إلى الكم الهائل من العمل. في هذه المرحلة، قم بوضع المهام في قائمتك وتقسيمها إلى سلسلة من الخطوات.
التخلص من المشتتات
من الصعب إنجاز أي عمل حقيقي عندما تستمر في تشتيت انتباهك إلى ما يُعرض على التلفاز أو تستمر في التحقق من تحديثات حالة أصدقائك على وسائل التواصل الاجتماعي، لذا خصص لنفسك فترة من الوقت تقوم خلالها بإيقاف جميع عوامل التشتيت كمشاهدة التلفاز ومواقع الشبكات الاجتماعية، واستخدم ذلك الوقت لتركيز كل انتباهك على المهمة التي تقوم بها.
إن التخلص من التسويف ليس بالأمر السهل، ولكن إدراك أسباب المماطلة وكيفية التغلب عليها يمكن أن يساعدك على التخلص منها، ويمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على وضع الخطط والاستراتيجيات المناسبة للتعامل مع التسويف وتجنب تأثيراته الجانبية.
المصادر:
Prem R, Scheel TE, Weigelt O, Hoffmann K, Korunka C. Procrastination in daily working life: A diary study on within-person processes that link work characteristics to workplace procrastination. Front Psychol. 2018;9:1087. doi:10.3389/fpsyg.2018.01087
Steel P. The nature of procrastination: A meta-analytic and theoretical review of quintessential self-regulatory failure. Psychol Bull. 2007;133(1):65-94. doi:10.1037/0033-2909.133.1.65
Beutel ME, Klein EM, Aufenanger S, et al. Procrastination, distress and life satisfaction across the age range – A German representative community study. PLoS One. 2016;11(2):e0148054. doi:10.1371/journal.pone.0148054