لماذا أشعر بالفراغ الداخلي؟
يمكن ربط الشعور بالفراغ الداخلي أحيانًا مع حدوث بعض المواقف الصعبة في حياتنا بشكل مؤقت، لكن تكمن المشكلة عندما يستمر هذا الشعور لفترات طويلة دون تحسّن يذكر، فمن الممكن أن يترافق مع حالات صحية نفسية أو جسدية معيّنة. تعرّف معنا على أسباب الشعور بالفراغ الداخلي وكيف يمكنك التخلّص منه.
لماذا تشعر بالفراغ في حياتك؟
قد تؤثر مشاعر الفراغ الداخلي بشكل كبير على كل جوانب حياتك، وعلى الرغم من وجود العديد من الأسباب العاطفية والنفسية والجسدية المسؤولة عن الفراغ الداخلي، إلا أنه من الصعب أحيانًا تحديد سبب واضح للشعور بهذه الطريقة؛ فقد يؤدي الإحساس بالفراغ الداخلي إلى الشعور باللامبالاة وفقدان الاهتمام بالأشخاص والنشاطات المفضلة، بالإضافة إلى عدم الرغبة بالتواصل مع العالم من حولك بعد الآن.
يمكن أن تعاني من هذا الشعور بالفراغ في حياتك لأيام أو أسابيع معدودة، إذا كنت تمر بوقت عصيب، لكنه قد يستمر لفترات طويلة تصل لأشهر أو حتى سنوات.
يعتبر الاكتئاب أحد الأسباب الشائعة للشعور بالفراغ من الداخل، إلا أنه ليس السبب الوحيد؛ لذلك سنتحدث عن أهم الأسباب المسؤولة عن شعورك، وما يمكنك فعله للتخلص منها:
1- الأسباب الجسدية
يظن أغلب الأشخاص أن المشاعر الفارغة نفسية المنشأ، ولكن توجد في الواقع بعض الأسباب الجسدية الشائعة للفراغ العاطفي ومنها:
- قلة النوم
يعتبر النوم لفترات كافية أحد أهم العوامل التي تؤثر على صحتك الجسدية والنفسية؛ لذلك يمكن أن تشعر بالفراغ إذا كنت تبذل الكثير من الجهد والطاقة يوميًا، ولم تكن قادرًا على تعويض هذا التعب بالنوم لفترات كافية، حيث يشير الباحثون في جامعة هارفرد إلى أن النوم الجيد ليلاً يساعد على تعزيز المرونة النفسية والعاطفية، بينما يساهم الحرمان المزمن من النوم في تفاقم التفكير السلبي والشعور بالضعف العاطفي.
- الشعور بالإرهاق
من المؤكد أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، قد يجعلك تشعر بالتعب، لكن غالبًا ما يؤدي الانشغال في العمل طوال اليوم بشكل يفوق قدرة الجسم على التحمّل إلى الشعور بالإرهاق. كما أظهرت دراسة (Gérain et al., 2019)، أن تقديم الرعاية الصحية لأحد أفراد العائلة دون تدريب كاف، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالتوتر والإرهاق.
2- الأسباب النفسية والعاطفية
يمكن أن تساهم الكثير من الأحداث في حياتك في شعورك بالفراغ الداخلي، أو أن تمر بظروف صعبة تؤثر عليك عاطفياً، لكن لا تؤثر هذه العوامل على جميع الناس بنفس الشكل، لذلك حاول ألا تقارن نفسك بالآخرين أو تقنع نفسك كيف يجب أن تشعر حيال شيء تمر به، ومن الأسباب النفسية التي تسبب الفراغ الداخلي:
الملل
يعتبر الشعور بالملل وعدم الرضا عن حياتك اليومية أحد أهم الأسباب للإحساس بالفراغ الداخلي الذي لا يمكنك ملؤه؛ لذلك عليك إنشاء قائمة بالأنشطة التي تمنحك إحساسًا بالفرح والتسلية والمعنى في حياتك، والبدء بممارسة هذه النشاطات بالتدريج ومحاولة إدخالها إلى روتين يومك.
كما يفيد إدراك ما هو إيجابي في حياتك وأخذ الوقت الكافي للشعور بالامتنان، في التأثير بشكل إيجابي على تحسين صحتك النفسية، فقد أظهرت العديد من الدراسات دور الشعور بالامتنان في صنع السعادة وتحسين نوعية الحياة. أيضًا تعتبر المذكرات اليومية إحدى الطرق الفعالة التي يمكنك من خلالها ممارسة الامتنان، حيث تحاول تسجيل كل شيء يجعلك سعيدًا وممتنًا له كل يوم، ثمّ يمكنك إلقاء النظر على قائمة الأشياء السعيدة في حياتك في الأيام التي تشعر فيها بالإحباط والفراغ الداخلي بشكل خاص.
الوحدة
من الشائع جدًا أن تشعر بالفراغ الداخلي أو وجود فجوة كبيرة في حياتك عندما تكون وحيدًا. وجدت دراسة جامعة هارفارد الخاصة بتطوّر حياة البالغين، والتي تعتبر واحدة من أطول وأقوى الدراسات حول حياة الكبار بعد أكثر من 75 عامًا على إجرائها، أنه يمكن اعتبار الحفاظ على علاقات متينة مع الزوجة والعائلة والأصدقاء أحد أهم العوامل في سعادتنا، حيث تشكل هذه العلاقات جزءًا كبيرًا من حياتنا، لذا ليس من المستغرب أن نشعر بالضياع والوحدة عندما تنتهي.
كما يمكن أن يكون للشعور بالوحدة تأثير سلبي كبير على صحتك الجسدية والنفسية، لذلك من المهم إيجاد طرق فعالة للتعامل معها. يساعد تخصيص وقت منتظم للتحدث مع صديق موثوق، أو الانضمام لمجموعات الدعم عبر الإنترنت أو مشاركة مشاعرك وأفكارك ضمن بيئة داعمة في تخفيف هذا الفراغ.
الحزن
يعدّ الشعور بالفراغ الداخلي بعد وفاة أحد أفراد الأسرة عرضًا شائعًا خلال فترة الحزن. لا تسير مراحل الحزن بالترتيب، لذلك فقد تشعر بالفراغ من الداخل بعد وفاة أحد المقربين بشكل مباشر، أو بعد فترة زمنية طويلة؛ لذلك لا تضغط على نفسك للتغلب على فقدان شخص عزيز، بل يمكنك إيجاد طرق مناسبة للتعامل مع هذه المشاعر والعيش مع المساحة الفارغة التي تركها هذا الشخص في حياتك.
اضطرابات الصحة النفسية
تختلف أعراض الاكتئاب بين الأشخاص بشكل كبير، حيث يمكن أن يظهر على أنه شعور بالحزن والضعف لفترات محددة، أو فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كنت تحب القيام بها.
قد تختلف الأعراض بين كل يوم وآخر، ويمكن أن تشمل الشعور بالفراغ الداخلي والتعب المزمن، بالإضافة إلى اضطرابات الشهية وضعف النشاط، والإحساس بعدم القيمة والتردد في اتخاذ القرارات، والعديد من الأعراض الأخرى.
تشير دراسة (Kerig et al., 2016) بعد تحليل بيانات أكثر من 220 شخص يعاني من أعراض الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، إلى وجود علاقة واضحة بين الشعور بالفراغ العاطفي والإصابة بهذه الاضطرابات النفسية، بغض النظر عن نوعية المشاعر سواء كانت إيجابية أو سلبية.
ماذا يجب أن تفعل عندما تشعر بالفراغ الداخلي؟
إذا كنت تشعر بالفراغ الداخلي بسبب ظروف الحياة التي تمر بها بشكل مؤقت -مثل: محاولة تجاوز مواقف صعبة في العمل- وتنوي بشكل جديّ التعامل مع هذه المواقف والتخلّص منها في غضون أسابيع قليلة، فقد يكون ذلك كافيًا للاعتناء بنفسك خلال فترة هذه التحديات.
يمكن أن يكون التركيز على الرعاية الذاتية، والقيام بالأنشطة التي ترفع من إحساسك بالسعادة، والتواصل مع الآخرين للحصول على الدعم اللازم لتجاوز هذه المرحلة المؤقتة حتى تستقر الأمور، كافيًا للتخلص من هذا الشعور، ومن المحتمل أن يبدأ شعورك بالتحسن واختفاء الأعراض بمجرد تجاوز هذه المواقف والظروف.
تعتبر استشارة طبيب أو معالج نفسي مختص الخطوة التالية التي يجب عليك اتخاذها، إذا كنت لا تربط شعورك بالفراغ الداخلي بحدث معين أو استمر ذلك لفترة طويلة أو كانت المشاعر السلبية تزداد سوءًا بشكل متسارع.
عليك دائمًا تذكّر أن طلب المساعدة ليس علامة على الضعف أو عدم القدرة على التعامل مع الحياة بشكل صحيح، فليس من السهل أن تكون صادقًا مع نفسك والآخرين بشأن ما تشعر به، لكن القيام بذلك هو أحد أهم الأشياء التي يمكنك القيام بها على طريق التخلّص من الفراغ الداخلي، وعيش حياة أكثر سعادة.
سارع إلى تحميل تطبيق لبيه على هاتفك الذكي مجانًا، واستفد من مختلف خدمات تعزيز الصحة النفسية. يمكنك في أي وقت حجز موعد استشارتك النفسية عبر الإنترنت، أو الانضمام للبرامج العلاجية ومجموعات الدعم النفسي المختلفة، بالإضافة للمزيد من الخدمات الأخرى بأفضل جودة وأقل تكلفة.
المراجع
1- Feeling Empty? What It Means and What to Do (psychologytoday.com), Psychology Today Platform, Retrieved 30/09/2023.
2- Why do I feel Empty inside? (verywellmind.com), VeryWell Mind, Retrieved 30/09/2023.
3- Gérain P, Zech E. “Informal Caregiver Burnout? Development of a Theoretical Framework to Understand the Impact of Caregiving.” Front Psychol. 2019 Jul 31;10:1748. doi: 10.3389/fpsyg.2019.01748. PMID: 31428015; PMCID: PMC6689954.
4- Kerig, P.K., et al. ” Numbing of Positive, Negative, and General Emotions: Associations With Trauma Exposure, Posttraumatic Stress, and Depressive Symptoms Among Justice-Involved Youth.” JOURNAL OF TRAUMATIC STRESS, 29: 111-119. https://doi.org/10.1002/jts.22087