تلعب العلاقات الاجتماعية دورًا حاسمًا في حياة الإنسان، فهي تشكل أساس التواصل والتفاعل مع الآخرين في المجتمع، ولكن الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية قد يواجهون تحديات كبيرة في إدارة هذه العلاقات، فهم يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم وبالتالي يعانون من صعوبة في الحفاظ على علاقات اجتماعية صحية.

ما هي الاضطرابات النفسية التي لها تأثير على العلاقات الاجتماعية؟

يتفاوت تأثير الاضطرابات النفسية على العلاقات الاجتماعية تبعًا لنوع الاضطراب ومدى تكيف الشخص معه واستجابته للخطط العلاجية، ومن الاضطرابات النفسية الأكثر تأثيرًا على العلاقات الاجتماعية نذكر:

1- الاكتئاب: يعتبر الاكتئاب واحدًا من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا وتأثيرًا على العلاقات الاجتماعية، قد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من انخفاض المزاج والشعور بالحزن والاستياء، وقد يصعب عليهم التعبير عن مشاعرهم، مما يؤدي إلى الانعزال والانفصال عن الآخرين.

2- اضطراب القلق: يشمل القلق العام والهلع واضطراب القلق الاجتماعي، وقد بينت دراسة أن اضطراب القلق العام، والاكتئاب الشديد، والذعر هم من أكثر الاضطرابات تأثيرًا على العلاقات الاجتماعية، إذ يمكن أن يتسبب القلق الشديد في تقليل الثقة بالنفس والتوتر الاجتماعي، مما يجعل من الصعب التواصل والتفاعل بثقة مع الآخرين.

3- اضطراب طيف التوحد: قد يتعرض الأشخاص المصابون بالتوحد لتحديات في التواصل الاجتماعي وفهم العواطف والتفاعلات الاجتماعية، لذلك يمكن أن يؤثر التحدي الاجتماعي الذي يواجهه الأشخاص المصابون بالتوحد على قدرتهم على تطوير العلاقات الاجتماعية العميقة والمفهوم الاجتماعي.

4- اضطرابات الشخصية: تشمل الاضطراب النرجسي واضطراب الشخصية الحدية واضطراب الشخصية الانطوائية وغيرها. تؤثر هذه الاضطرابات في السلوك الاجتماعي، فمثلًا قد يتسبب الاضطراب النرجسي في الثقة المفرطة بالنفس، مما يؤثر على العلاقات الشخصية ويجعل التواصل الاجتماعي صعبًا، أما الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الانطوائية فقد يعانون من الانعزال وصعوبة التواصل والتفاعل مع الآخرين.

كيف تؤثر الاضطرابات النفسية على العلاقات الاجتماعية ؟

يتراوح تأثير الاضطرابات النفسية على العلاقات الاجتماعية من صعوبات التواصل والعزلة الاجتماعية إلى تأثيرات سلبية على العلاقات الشخصية والمهنية، فالأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية قد يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم، مما يؤدي إلى انعدام فهمهم من قبل الآخرين وزيادة احتمالات التوتر والصراعات.

ومن أهم التأثيرات نذكر:

1- العزلة والانطواء: بعض الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية قد ينعزلون عن الآخرين ويشعرون بالانزعاج والقلق، مما يدفعهم إلى تجنب التواجد في الأماكن التي يتواجد فيها الناس بكثرة. وهذه العزلة الاجتماعية يمكن أن تؤثر على الصحة العامة أيضًا، فقد أشارت دراسة إلى أن العزلة يمكن أن تؤدي إلى أمراض جسدية مختلفة مثل: مرض السكري واضطرابات المناعة الذاتية كالتهاب المفاصل، والذئبة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسمنة.

2- صعوبة التواصل والتفاعل: العديد من الاضطرابات النفسية تؤثر على قدرة الشخص على التواصل والتفاعل مع الآخرين. قد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب أو القلق من صعوبة في التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم والتواصل بشكل فعال مع الآخرين، هذا يمكن أن يؤدي إلى فقدان الفهم والتواصل السليم في العلاقات، وبالتالي تدني جودة العلاقات الاجتماعية.

3- التأثير على الثقة بالنفس وبالآخرين: قد تؤثر الاضطرابات النفسية على ثقة الشخص بنفسه وبالآخرين وقد يعاني المصابون بالاضطرابات النفسية من الشعور بالذنب أو القلق الشديد أو الشك، مما يؤثر على مستوى الثقة في العلاقات الشخصية.

4- العبء الإضافي على العلاقات: تتطلب الاضطرابات النفسية في بعض الأحيان دعمًا إضافيًا من الأشخاص المحيطين، فقد يكون على الشريك أو الأصدقاء أو أفراد العائلة تقديم الدعم العاطفي والمساعدة المستمرة للشخص المصاب. هذا العبء الإضافي قد يؤدي إلى توترات وضغوط في العلاقات الاجتماعية، وقد يؤثر على الرغبة في الاستمرار في تلك العلاقات.

كيف يمكن إدارة العلاقات الاجتماعية بوجود اضطرابات نفسية؟

على الرغم من تأثير الاضطرابات النفسية على العلاقات الاجتماعية، إلا أنه يمكن تخفيف هذا التأثير من خلال الإدارة الصحيحة لهذه العلاقات باستخدام بعض الطرق والاستراتيجيات التي تجعل العلاقات أفضل وتسهل التواصل مع الآخرين، ونذكر أهمها:

1- البحث عن الدعم العاطفي: من المهم أن تشعر بأنك لست وحدك وأن هناك أشخاصًا يمكنهم دعمك، وقد تجد أن الحديث مع شخص آخر عن تجربتك يمكن أن يخفف العبء النفسي ويساعدك في التعامل مع التحديات الاجتماعية.

2- التواصل بصدق: حاول أن تكون صادقًا في التواصل مع الآخرين بشأن احتياجاتك وتحدياتك النفسية. قد يكون من الصعب في بعض الأحيان فهم ما تعانيه من قبل الأشخاص الذين لا يعانون من نفس الاضطراب، لذا يمكن أن تكون المشاركة بصدق حول تجاربك ومشاعرك هي طريقة لزيادة الفهم والتعاطف.

3- تعلم استراتيجيات التحكم بالضغط: قد تزداد الاضطرابات النفسية في بعض الأحيان نتيجة للضغوط الاجتماعية؛ لذا حاول تعلم طرق واستراتيجيات معينة للتحكم في التوتر والقلق مثل: التنفس العميق والتأمل وممارسة الرياضة، لأن ذلك يساعد في تقليل التأثير السلبي للاضطرابات النفسية على العلاقات الاجتماعية.

4- العناية بالنفس: لا تنسَ أهمية الاهتمام بنفسك، حاول تخصيص وقت للقيام بالأنشطة التي تستمتع بها وتعزز رفاهيتك العامة، قد تشمل هذه الأنشطة ممارسة الهوايات المفضلة لديك، والعناية الشخصية والاسترخاء والاستمتاع بالأوقات الهادئة.

التعلم والتوعية: حاول أن تتعلم المزيد عن الاضطراب النفسي الذي تعاني منه وكيف يؤثر على العلاقات الاجتماعية، قد يساعدك الفهم العميق للحالة النفسية الخاصة بك على التعامل بشكل أفضل مع التحديات وتطوير استراتيجيات تكيف صحية.

وأخيرًا إن فهم تأثير الاضطرابات النفسية على العلاقات الاجتماعية هو خطوة مهمة في تعزيز الوعي والتفهم المجتمعي لهذه القضية، ومن خلال تقديم الدعم والمساعدة المناسبة للأشخاص المصابين بالاضطرابات النفسية، يمكننا جميعًا المساهمة في خلق بيئة أكثر تفهمًا ودعمًا للأفراد الذين يعانون؛ لتحسين جودة حياتهم الاجتماعية وعلاقاتهم الشخصية والمهنية.

يمكنك التواصل مع المعالج النفسي في لبيه من خلال تحميل تطبيق لبيه، فهو يستطيع تقديم الدعم والتوجيه اللازمين لمساعدتك على فهم حالتك وتقديم العلاج والنصائح المناسبة لك.

المراجع:

1

2