وصمة العار والمرض النفسي
وصمة العار والعلاج النفسي
تعتبر وصمة العار إحدى التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو حتى جسدية، فهذه الوصمة تلقي بظلالها الثقيلة على حياة الأشخاص، حيث يعانون من الخجل والخزي من طلب العلاج، ما قد يؤدي إلى تفاقم أعراض المرض، ولسوء الحظ، أصبحت وصمة العار المرتبطة بالصحة النفسية أمرًا شائعًا، ومن هنا تأتي أهمية معرفة التعامل مع مشاعر وصمة العار والتأثير السلبي الذي تحمله.
ما هي وصمة العار المرتبطة بالعلاج النفسي؟
هي موقف سلبي أو فكرة سلبية حول موضوع ما، كالخجل من طلب العلاج النفسي، وتشير إلى الشعور بالحرج أو الخزي الناجم عن الاعتراف بحاجتك إلى العلاج النفسي أو طلب المساعدة النفسية وتنطوي على الرفض الاجتماعي، كما تشكل مصدر قلق كبير لأنها يمكن أن تؤدي إلى آثار سلبية عديدة، حيث يعتبر البعض أن طلب العلاج النفسي يعني ضعفًا أو عجزًا عن التعامل مع المشاكل بمفردهم وينشأ هذا الشعور نتيجة العديد من العوامل.
أشارت دراسة (Bureau Y et al., 2012) إلى أن الوصمة هي أحد عوامل الخطر الرئيسية التي تساهم في نتائج سيئة على الصحة النفسية، فالوصمة تؤدي إلى تأخير العلاج، كما أنها تقلل من فرصة حصول الشخص الذي يعاني من اضطراب نفسي على الرعاية المناسبة والكافية ضمن الوقت المناسب.
ما هي أسباب وصمة العار؟
لا شك أن وصمة العار هي أحد الجوانب التي تترك أثرًا سلبيًا على نوعية الحياة، ويمكن أن يتولد لدى الأشخاص شعور بالعار أو الخجل من طلب العلاج النفسي للعديد من الأسباب، ومنها ما يلي:
الخوف من التمييز
يمكن للأشخاص الذين يعانون من وصمة العار المرتبطة بالعلاج النفسي أن يخشوا من التعرض للتمييز أو الاستهزاء من قبل الآخرين، فقد يكونون قلقين بشأن ما يعتقده الآخرون عنهم، وكيفية تقييمهم لهم بسبب طلبهم للعلاج النفسي.
المعرفة الضعيفة بالصحة النفسية
قد يكون لدى بعض الأشخاص فهم ضعيف لآثار الصحة النفسية والعلاج النفسي، فقد يعتقدون أن العلاج النفسي مخصص فقط للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية شديدة، ولا يدركون أنه يمكن أن يكون مفيدًا وملائمًا للعديد من التحديات النفسية والعاطفية التي يمكن أن تظهر نتيجة الأحداث اليومية.
الثقافة والتقاليد
قد تؤثر القيم الثقافية والتقاليد في تصور الأشخاص للعلاج النفسي، فقد يُعتبر في بعض الثقافات أن البحث عن المساعدة النفسية أمرًا محرجًا أو غير مقبول في بعض المناطق.
إذ بينت دراسة (Rymaszewska. J et al., 2018) هدفت إلى معرفة المستوى المتصور للوصمة بين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية حادة وعلاقتها بالعوامل الاجتماعية، وأشارت النتائج إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الشعور بالانفصال أو العزلة أو الغربة عن الذات أو عن الآخرين المحيطين بهم، قد أبلغوا عن درجة أعلى من الشعور بالوصمة.
تصوير الإعلام الخاطئ للاضطراب النفسي
إن تصوير الاضطراب النفسي في وسائل الإعلام يمكن أن يلعب دورًا في زيادة وصمة العار، إذ يتم تمثيل الاضطرابات النفسية في العديد من الأحيان بطرق غير دقيقة وغير واقعية في الأفلام أو البرامج التلفزيونية والأخبار. على سبيل المثال: يمكن أن تجسد وسائل الإعلام الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية على أنهم أشخاص خطرين أو عنيفين أو غريبين، مما يؤدي إلى تشويه الصورة العامة للاضطرابات النفسية وتعميم النماذج النمطية السلبية.
كيف يمكن التخلص من وصمة العار المرتبطة بالعلاج النفسي؟
التغلب على الوصمة ليس بالأمر السهل، إذ أظهرت مراجعة (Cabassa LJ,2013) للدراسات العلمية أن الشعور بالوصمة عند طلب العلاج النفسي لا تزال منتشرة على نطاق واسع، مع أن الأشخاص في مختلف المجتمعات أصبحوا أكثر وعيًا بطبيعة اضطرابات الصحة النفسية وضرورة طلب المساعدة لعلاجها.
هناك بعض النصائح التي يمكنك القيام بها للمساعدة في تخفيف مشاعرك السلبية الناتجة عن وصمة العار، ومنها ما يلي:
تذكر أنك لست وحدك
إذا كنت تعاني من اضطراب نفسي معين، فاعلم أنك لست وحدك، إذ يعاني واحد من كل أربعة أشخاص من اضطراب نفسي من نوع ما، ونتيجة للأحداث والضغوط اليومية فإن الاضطرابات النفسية شائعة بشكل كبير وتؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وخاصة الاضطرابات مثل: الاكتئاب، والقلق، واضطرابات النوم، والعديد من الاضطرابات الأخرى.
البحث عن المساعدة الطبية
لا بد من طلب الاستشارة من متخصصين في الصحة النفسية بالرغم من مشاعر الوصمة التي لديك، فذلك له من دور كبير في علاج العديد من الاضطرابات النفسية، وقد بينت دراسة (Kawohl W et al, 2018) أن الوصمة الداخلية المتمثلة بالشعور بالخجل والخزي من طلب العلاج الطبي قد تؤدي إلى نتائج علاجية أقل.
يمكن لهؤلاء المهنيين مثل: الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين، أن يقدموا الدعم والإرشاد والعلاج اللازم لكل المشاعر السلبية التي تعيشها.
التحدث بصراحة
قد يكون من الصعب التحدث عن المشاكل النفسية وطلب المساعدة، ولكن البقاء صامتًا قد يزيد من الوصمة والشعور بالعار، لذا يمكنك التحدث بصراحة مع الأصدقاء القريبين أو أفراد العائلة الداعمين أو مع متخصصي الصحة النفسية، فهذا قد يساعد في تخفيف العبء النفسي والحصول على الدعم الذي تحتاجه.
الانضمام إلى مجموعات داعمة
إن الانضمام إلى مجموعات داعمة حيث يمكنك التحدث مع الآخرين الذين مروا بتجارب مماثلة، يعتبر جيدًا للحصول على الدعم والتشجيع والنصائح، فهناك العديد من الأشخاص الذين تعافوا من اضطرابات نفسية معينة وبالتالي ستكون قصصهم ملهمة وتعطي الأمل للأشخاص الذين يعانون.
لا شك أن وصمة العار المرتبطة بطلب العلاج النفسي يمكن أن تترك آثار سلبية عديدة، ولكن بتمكين الذات وتعلم كيفية إدارة حالتك النفسية والبحث عن العلاج المناسب يمكن أن يكون له تأثير كبير على تحسين جودة حياتك، وإذا كنت تعاني من الخجل أو الشعور بالعار من طلب المساعدة الطبية يمكنك التواصل أونلاين مع مختصي لبيه من خلال تحميل تطبيق لبيه، والذين يمكنهم تطوير خطة علاج شخصية تتناسب مع احتياجاتك الخاصة وتعزز التعافي.
المراجع
1- Shrivastava A, et al. Stigma of mental illness-1: Clinical reflections. Mens Sana Monogr. 2012;10(1):70‐84. doi:10.4103/0973-1229.90181
2- Szcześniak D, et al.. Internalized stigma and its correlates among patients with severe mental illness. Neuropsychiatr Dis Treat. 2018 Oct 8;14:2599-2608. doi: 10.2147/NDT.S169051.
3- Parcesepe AM, Cabassa LJ. Public stigma of mental illness in the United States: A systematic literature review. Adm Policy Ment Health. 2013;40(5):384–399. doi:10.1007/s10488-012-0430-z
4- Oexle N, et al. Self-stigma as a barrier to recovery: A longitudinal study. Eur Arch Psychiatry Clin Neurosci. 2018 Mar;268(2):209-212. doi:10.1007/s00406-017-0773-2.