5 نصائح تساعدك على حل المشكلات الأسرية بتوازن
حل المشكلات الأسرية جزء لا يتجزأ من استقرار حياتنا كبشر، فنحن جميعًا نحلم بمنزل دافئ، وأطفال ناجحون وشريك متفهم وحياة متزنة ومستقرة. ولكن بلا شك لن تكون حياتنا خالية من المشكلات طوال الأيام، بل سنمر بظروف وتحديات قد تتحدى قوتنا وصبرنا.
بالطبع إن المشكلات الأسرية مربكة ومزعجة ولها تأثيرها السلبي، وربما المعرقل لحياتك اليومية، لكنها بالتأكيد قابلة للحل، إذ يُقال إن “مشاكل الأسرة كأغصان الشجرة، قد تنحني، لكنها لن تنكسر”.
كن على ثقة بأنّ الروابط المتينة والتواصل المفتوح والتعاون بين أفراد الأسرة سيكون له الدور الهام في التوصل إلى الحلول المناسبة في النهاية، ويأتي السؤال الأهم هنا، وهو كيف يمكنك حل المشكلات الأسرية دون أن يؤثر ذلك على الصحة النفسية لأفراد العائلة؟ وهذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال.
مفهوم الصحة النفسية
ذكرت منظمة الصحة العالمية، أن مفهوم الصحة النفسية هو حالة من الرفاهية العقلية تُمكن الناس من التعامل مع ضغوط الحياة، وإدراك القدرات والتعلم الجيد للمساهمة في المجتمع. إنها جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاهية التي تدعم قدراتنا الفردية والجماعية لاتخاذ القرارات وبناء العلاقات وتشكيل العالم الذي نعيش فيه. الصحة العقلية هي حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو أمر حاسم للتنمية الشخصية والمجتمعية والاجتماعية والاقتصادية.
بحسب دراسة (Silvana Galderisi et, 2015) الصحة النفسية هي حالة ديناميكية من التوازن الداخلي، تمكن الأفراد من استخدام قدراتهم في انسجام مع القيم العالمية للمجتمع، كما تشمل القدرة على التعرف على مشاعر المرء والتعبير عنها وتعديلها، وكذلك التعاطف مع الآخرين والمرونة والقدرة على التعامل مع أحداث الحياة السلبية والعمل في الأدوار الاجتماعية، كما أن العلاقة المتناغمة بين الجسم والعقل تمثل مكونات مهمة للصحة النفسية، والتي تساهم بدرجات متفاوتة في حالة التوازن الداخلي.
أبرز أسباب المشكلات الأسرية
عندما تحدد سبب المشكلة ستكون قد قطعت نصف الطريق باتجاه الحل. في بعض الأوقات يكون من الصعب تحديد السبب بدقة؛ لأن بعض المسببات قد لا تكون واضحة، مما يجعلك تلجأ إلى حلول غير مناسبة للمشكلة، خاصة في هذا العالم المتغير الذي نعيش فيه حيث تتعدد مصادر الضغط والتوتر التي تؤثر على أفراد الأسرة والتي بالضرورة ستترك أثرًا على الصحة النفسية للجميع.
فيما يلي أبرز المسببات للمشكلات الأسرية:
- غياب التواصل الفعال والصادق بين أفراد الأسرة.
- تراكم المشكلات الصغيرة.
- عدم قضاء الوقت الكافي معًا.
- الاتكالية.
- عدم القدرة على التعبير عن المشاعر.
تتنوع المشكلات الأسرية بتنوع التفاعلات اليومية التي تمر في حياة الأفراد وتختلف من أسرة لأخرى ومن مجتمع إلى مجتمع آخر، وفيما يلي بعض هذه الأمثلة:
- المشاكل المالية التي تنشأ بين الزوجين أو بين الآباء والأبناء بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة أو بسبب الاختلاف على الأمور المالية.
- الأعذار والحجج والجدل
- عدم تشارك المسؤوليات
- الأطفال: الخلاف حول إنجاب الأطفال أو عدمه، وكذلك مشكلات الأطفال اليومية.
- الخيانة.
- العلاقات غير المتزنة والمؤذية.
- عدم الشعور بالسعادة والاستقرار.
العلاقة بين المشكلات الأسرية والصحة النفسية
عندما تمر الأسرة بمشكلات وصعوبات، سيؤثر ذلك على الصحة النفسية لجميع أفرادها دون استثناء، وأثبتت دراسة (Behere et, 2017)، أنّ حالات الضغط النفسي لدى الأطفال قد ازدادت بسبب المشكلات الأسرية والتغيرات في بنية الأسرة، حيث يعيش الطفل مع أب أو أم فقط.
وثقت الدراسة أن هذه الضغوط النفسية من المحتمل أن تتطور إلى اكتئاب وحالات نفسية شديدة مع الوقت، كما يمكن أن تسبب اضطرابات سلوكية وعاطفية، لكن من الصعب أن يعيش أفراد الأسرة في بيت واحد دون أن يكون هناك أية مشكلات؛ لذا من الضروري التفكير مليًا قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بالأسرة من شأنه أن يتسبب بأمراض نفسية على المدى الطويل أو القصير.
5 نصائح تساعدك على حل المشكلات الأسرية دون تأثير على الصحة النفسية
عند التعامل مع المشكلات الأسرية من الضروري الانتباه إلى اختيار أفضل الحلول المتاحة، والتي لا تُسبب أي أثر سلبي على الصحة النفسية، فما أهمية إيجاد حل لمشكلتك مع أحد أطفالك إذا تسبب ذلك بضرر نفسي لك أو له.
مهما كانت المشكلة الأسريّة التي تتعامل معها سينتج عنها مجموعة من المشاعر لدى جميع أفراد الأسرة، وفيما يلي أهم خمس نصائح لحل المشكلات الأسرية دون إلحاق الأذى النفسي بأفراد الأسرة:
- التواصل المفتوح والصادق
“لم حدث كل هذا؟ لم أكن أقصد ذلك؟ ليتك تستطيع أن تفهم ما أشعر به.” “سيسخر مني الجميع إذا ما تحدثت عن مشاعري الحقيقية”. غالبًا ما يُردد أحد أفراد الأسرة مثل تلك العبارات، ويعود السبب إلى غياب القدرة على التعبير عن المشاعر الحقيقية، فالمفتاح الأساسي لحل أي مشكلة تواجهك، هو القدرة على التواصل وإيصال فكرتك ومشاعرك الحقيقية دون خوف من الحُكم أو النقد، فمن المحتمل أن تتفاقم مشكلة بسيطة بسبب سوء الفهم الذي يحصل بين أفراد الأسرة.
أما عندما يشعر جميع أفراد الأسرة بأنهم قادرون على التحدث بكل انفتاح دون خوف من سوء الفهم أو إطلاق الأحكام، سيتم حل المشكلة دون أن يُسبب ذلك أي أذى للصحة النفسية. كما أن عملية بناء الثقة بين جميع أفراد الأسرة لها دور في تفعيل عملية التواصل الفعال فيما بينهم؛ لحل جميع المشكلات المحتملة، ومن الأمثلة على التواصل بشكل فعال أن تبدأ حديثك قائلًا: “أفهم تمامًا ما تقوله وأنت على حق، ولكن كنت أقصد أن…”؛ فمثل هذا الكلام يدل على احترامك وتفهمك للطرف الآخر وبالتأكيد نتيجة هذا الحوار ستكون مرضية.
- المرونة
مرونة أغصان الشجرة، هي ما تحميها من الإنكسار أمام الريح التي تعصف بها، وكذلك في عالمنا هذا، تُعد المرونة مهارة أساسية في حل المشكلات عامة والمشكلات الأسرية خاصة، فالتشبث بالرأي لن يجلب إلا المزيد من الصعوبات وسيزيد الأمور سوءًا.
قد تجد من الصعب أن تتنازل عن رأي اتخذته أو موقف معين أثناء التعامل مع المشكلات الأسرية، وقد يقودك هذا الموقف إلى تصعيد المشكلة، وصعوبة الوصول إلى الحل المُرضي الذي لا يترك آثاره السلبية على صحتك النفسية أو صحة أفراد عائلتك، ومن هنا تأتي أهمية التمتع بالمرونة والسلاسة دون أن يُسبب ذلك لك شعورًا بالغبن أو الظلم، فمن الضروري تنمية مهارة المرونة لدى جميع أفراد الأسرة حتى يُصبح التواصل أكثر انفتاحًا وتفهمًا.
- عدم أخذ الأمور على نحو شخصي
“هل أنا بهذا السوء لأسبب كل هذه المتاعب لأسرتي؟”. أن تأخذ كل كلمة تُقال لك، أو تفسر كل موقف تتعرض له على أنه يمسّك بشكل شخصي أمر منهك لصحتك النفسية؛ لذا فإحدى النصائح الهامة لحل المشكلات الأسرية دون أن يؤثر ذلك على الصحة النفسية، هو وضع مسافة بين المشكلة وبينك كشخص، والفصل بين التصرف السلبي وبين الشخص بحد ذاته، وممَ يساعدك على ذلك، هو تقبل فكرة أن الجميع يُخطئ ولا ضير في ذلك.
يمكنك التعلم من أخطائك، ومن أخطاء الآخرين على حد سواء، وتنظر للخطأ أو المشكلة على أنها فرصة للتطوير والتعلم، فلوم الذات بشكل مستمر والاعتقاد بأنك أو الطرف الآخر هو المشكلة، لن يساهم في حلها بل سيتسبب في فقدان الثقة بالنفس، ومن الجدير بالذكر أنه في أكثر الأحيان يكون سبب المشكلة شيء خارجي وأنت تُحمل نفسك أو الآخرين ذنبًا لا علاقة لكم به.
- التسامح وعدم إلقاء اللوم
“كلانا قد أخطأ في مكان ما، دعنا ننسى ذلك ونبدأ من جديد.”
يميل الإنسانُ في أكثر الأحيان إلى السعي نحو إلقاء اللوم على الآخر بأي طريقة، ويحدث ذاك بقصد أو دون قصد، فقد تشعر بالراحة عندما تقنع نفسك أنك لست السبب في المشكلة وتتوجه بإلقاء اللوم على الطرف الآخر كشريك حياتك أو أحد أبنائك، وهو بالنتيجة إما أن يستسلم للأمر ويخضع لشعور الذنب الذي بالضرورة سيتسبب بالأذى النفسي، أو أنه سيقوم بالمثل ويحاول إلقاء اللوم عليك، وفي كلتا الحالتين لن تُحل المشكلة؛ فالتعامل بصدر رحب وقلب متسامح مع أفراد العائلة للتوصل إلى الحل الذي يناسب الجميع هو أساسي إن كنت تهدف إلى حماية العائلة من الأضرار النفسية محتملة الحدوث جراء المشكلة التي تواجهكم.
- الهدوء ومنح الوقت الكافي للتفكير بالحل
دائمًا ما توصي الدراسات أن التعامل بهدوء مع المشكلات الأسرية وتجنب الانفعالات السريعة من شأنه أن يساعد على الوصول إلى حل المشكلة، بالإضافة إلى أن الابتعاد لفترة عن مصدر التوتر والضغط، سيساعدك على النظر بشكل أوسع للمشكلة الأسرية التي تواجهها.
الهدوء وأخذ الوقت الكافي للتفكير سيُظهر لك أمورًا لم تكن قادرًا على رؤيتها مُسبقًا، ولكن من المهم هنا عدم الابتعاد وإهمال المشكلة؛ لأنّ ذلك سيوحي بعدم الاهتمام ويؤدي إلى غياب التواصل مع الطرف الآخر الذي من الممكن أن يتخذ رد فعلٍ يفاقم المشكلة أكثر.
المشكلات الأسرية هي قضية حساسة للغاية ولكنها جزء من الحياة اليومية، لذا من المفيد النظر إليها والتعامل معها على أنها فرصة للنمو والتعلم، إذ يُمكنك استخدام هذه التحديات والمشكلات لبناء أسرة أكثر قوة وترابط ومرونة وقادرة على مواجهة وحل كل ما ستتعرض له من مشكلات.
تذكر أنّ المثالية كانت ولا تزال مطمح الجميع على امتداد هذا العالم، ولكنها بعيدة المنال، فلا يوجد أسرة مثالية مئة بالمئة، وكل أسرة ستواجه المشكلات والتحديات في مرحلة ما، لكن بالصبر والتفاهم والعمل الجماعي، يمكنك أن تصل إلى الحلول المُرضية التي لا تؤثر على الصحة النفسية لك أو لأي من أفراد الأسرة. تأكد أنك لست مُلزمًا على حل المشكلات لوحدك، بإمكانك التواصل مع الأصدقاء أو اختصاصي عبر تطبيق لبيه؛ للحصول على الدعم والإرشادات والنصائح المناسبة لك.
المراجع
1- Silvana Galderisi, et al. “Toward a new definition of mental health”, World Psychiatry Journal, 2015 Jun; 14(2): 231–233. Published online 2015 Jun 4. doi 10.1002/wps.20231.
2- Aniruddh Prakash Behere, et al. “Effects of Family Structure on Mental Health of Children: A Preliminary Study”, Indian Journal of Psychological Medicine, 2017 Jul-Aug; 39(4): 457–463. doi 10.4103/0253-7176.211767.
3- Mental Health, www.who.int, retriveded on 1/6/2023.
4- Villanueva, B. (2021). “Therapy For Family Problems: Common Family Issues And How To Solve Them: How To Get Relief From Family Stress”. Independently Published.
5- Gordon Meggs, “Family Conflict: Its Forms, Causes, Cycles, Consequences, and Solutions”, Published in 2007. 6- Family Problems || What Are Different Types of Problems In Family? mantracare.org, retriveded on 1/6/2023.