تسيطر على الأشخاص المصابين بالاكتئاب مشاعر مختلطة من الإحباط واليأس، وقد يؤثر الاكتئاب على العمل والدراسة والعلاقات الاجتماعية والعديد من نواحي الحياة الأخرى. لا تزول التأثيرات التي يسببها الاكتئاب بعد فترة قصيرة من الزمن مثل مشاعر الحزن المعتادة التي تصيب الجميع، بل يمتد تأثيره لفترات طويلة، ويترك بصمة واضحة على طريقة التفكير وتقدير الذات ونشاطات الحياة المتنوعة، فتصبح المهام الروتينية باختلافها ثقيلة ومتعبة وتدفع الشخص المكتئب إلى العزلة والانكفاء على نفسه. 

6 علامات تدل على أنك مكتئب

نظرًا لأهمية هذا الموضوع وشيوعه، يجب أن نفرق بين الاكتئاب وبين مشاعر الحزن والتوتر العادية، وذلك من خلال العلامات التالية:

1 – الشعور العميق بالإحباط:

ينتمي الاكتئاب إلى اضطرابات المزاج التي تؤثر على نظرة الشخص لحياته وذاته، ويعد الشعور العميق بالإحباط وفقدان الأمل من أكثر المشاعر شيوعًا عند المصابين بالاكتئاب. إن شعور الإحباط يتسلل عند الشخص المصاب بالاكتئاب ويطغى على الكثير من نشاطات حياته، فيفقد الشخص الاندفاع والاهتمام الذي امتلكه سابقًا تجاه العديد من النشاطات التي كان يستمتع بأدائها ويتشوق إليها، وقد يميل إلى التأجيل والتسويف والتجنب.

2 – تعب مستمر واضطرابات في النوم:

يترافق الاكتئاب مع شعور الشخص المكتئب بالكسل والتعب والخمول، ويميل إلى النوم لساعات طويلة والاستلقاء في السرير طويلًا، ويتجنب الحركة والنشاطات المختلفة. ورغم وعيه تجاه التعب الزائد الذي يعانيه والنوم المديد الذي يقع فيه، يقف الشخص المصاب بالاكتئاب عاجزًا عن تجاوز هذا الانخفاض الشديد في همته وطاقته، وكثيرًا ما يترافق التعب الزائد مع إصابة الشخص المكتئب بالأرق واضطرابات النوم، مما يفاقم من التعب والتوتر وضعف التركيز، كل ذلك يؤثر بشكل مباشر على قدرة الشخص المكتئب على القيام بمختلف نشاطات الحياة.

3 – ضعف القدرة على التركيز والأداء الذهني:

لا يؤثر الاكتئاب فقط على الحالة الجسدية والفيزيائية للشخص المصاب، بل تمتد هذه التأثيرات لتشمل الحالة النفسية والقدرات الذهنية، ومن الطبيعي أن ينتبه الشخص المصاب بالاكتئاب إلى ضعف قدرته على التركيز مقارنةً بأدائه في الماضي، وقد ينخفض حماسه واندفاعه لتحقيق المهام والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، مما يؤثر على الواجبات العملية المطلوبة منه، ويضعه تحت الضغط والتوتر لإنجاز المطلوب مع إحساسٍ بالعجز والتعب من عدم قدرته على مواجهة هذه التأثيرات والتغييرات في حياته، فتزداد الأمور سوءًا خصوصًا إذا أثر ذلك على عمله أو تحصيله الدراسي أو علاقاته العائلية.

4 – ازدياد العصبية والتوتر خصوصًا عند الرجال:

تصيب مشاعر الإحباط واليأس جميع الأشخاص المكتئبين، لكن يميل الرجال بصورة خاصة إلى عدم الشكوى وإظهار معاناتهم من هذه المشاعر، بسبب النظرة الاجتماعية إلى الرجل بواجبه في تحمل المصاعب والمشاعر السلبية، ووصمة الضعف التي تُطلق على الرجل الذي يعبّر عن خوفه وإحباطه. لهذا يميل الرجال إلى كبت مشاعرهم هذه، مما يزيد بدوره من الضغط والتوتر عليهم لعدم معرفة كيفية التعامل مع ما يشعرون به وتفاقم الأمر سوءًا، فتزداد العصبية والنرفزة لديهم، وتنخفض قدرتهم على الصبر والتحمل، ويزداد أيضًا ميلهم للعنف والغضب، الذي يسبب في كثير من الأحيان الأذى للمحيطين بهم خاصةً أفراد العائلة، ويدفعهم للابتعاد عنهم لتجنب حدوث أي إزعاج أو مشاكل، وفي النهاية تتطور حلقة مفرغة من الاكتئاب والعنف والوحدة، وتزداد عمقًا وإحداثًا للأذى.

5 – الشعور بالذنب والبؤس خصوصًا عند النساء:

تكون النساء عرضةً أكثر بمرتين للإصابة بالاكتئاب مقارنةً بالرجال، حيث تحدث لديهن الإصابة بعمر أبكر، ويعاود لديهن الاكتئاب بشيوع أكبر. يتولد لدى النساء المكتئبات شعور شديد بالحزن والكرب، وتزداد لديهن الرغبة بالبكاء بصورة عفوية ومستمرة، وتتملكهن مشاعر من الذنب وتأنيب الضمير تدفعهن إلى نقد الذات بقسوة، كثيرًا ما تترافق هذه المشاعر مع اضطرابات تناول الطعام ونقص الوزن. 

تتفاقم جميع الأعراض السابقة مع التغيرات الهرمونية المرافقة للدورة الشهرية، فتزداد معها آلام الطمث لدرجة تسبب العجز والإعاقة في الحياة العملية والاجتماعية، مما يصعِّب على الأنثى التعامل مع مشاعر الحزن التي تختبرها. يزداد الاكتئاب أيضًا مع التغيرات الهرمونية المرافقة للحمل والولادة، إذ تصاب نحو 10 – 15% من النساء الحوامل باكتئاب ما بعد الولادة، والذي يحدث غالبًا في السنة الأولى بعد الولادة.

6 – أفكار حول إيذاء النفس أو الانتحار:

تعد الاضطرابات النفسية -وبصورة خاصة الاكتئاب– من الأسباب الشائعة لإقدام الشخص على الانتحار أو إيذاء النفس، وقد يلجأ الأشخاص المصابون بالاكتئاب إلى ذلك ظنًا منهم أنه الطريقة الوحيدة لإنهاء المعاناة والألم والبؤس الذي يختبرونه، ويغفلون عن كون الاكتئاب مشكلة شائعة وهناك علاجات فعالة ساعدت كثيرين على الشفاء منها والعودة إلى حياة طبيعية.

تتميز الأفكار الانتحارية بامتلاكها عزمًا وسرعة في إقناع الشخص بتطبيقها دون تفكير ملي بهذا القرار المصيري، فتتحرض في أوقات وظروف معينة، وتأتي بسرعة خاطفة وبطاقة قوية وكثافة شديدة. يمكن أن تكون هذه الأفكار ذات طبيعة منفعلة مثل التساؤل عن ماذا سيتغير لو أنه حقًا قد مات، أو قد تكون ذات طبيعة فاعلة يخطط فيها الشخص المكتئب للانتحار أو إيذاء النفس. إن الأشخاص المصابين بالاكتئاب لا يرغبون بالانتحار، بل يرغبون بالتخلص من الإحباط والبؤس الذي يعانون منه، ولهذا يجب على الأشخاص المقربين منهم الانتباه إلى أي علامة قد تدل على رغبة الشخص بالانتحار مهما كانت بسيطة أو صغيرة، وطلب المساعدة والدعم من المختصين في حال وجودها.

يصيب الاكتئاب الكثير من الأشخاص حول العالم من جميع الأعمار والأعراق، ويعتبر من الاضطرابات النفسية التي تؤثر بعمق على حياة الشخص وطريقة تفكيره ونشاطه، لكنه اضطراب يمكن علاجه والشفاء منه باستخدام العلاجات المناسبة، وتتمثل الخطوة الأولى للعلاج بالانتباه إلى العلامات سابقة الذكر واكتشافها فور ظهورها.إذا كنت تعاني أنت أو أحد المقربين منك من هذه الأعراض، فلا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه، للحصول على العلاج الذي يناسب حالتك.