ما هو مفهوم اليقظة الذهنية، وأهميتها لتحسين الصحة النفسية؟
يتعرض الأشخاص في الحياة لكثير من الأحداث الناتجة عن العمل أو الدراسة وغيرها، والتي قد تسبب العديد من الاضطرابات النفسية، ما يساهم في مواجهة بعض الصعوبات، لذا لا بد من تطوير بعض الأساليب التي تساعد في تخفيف التوتر والقلق الناتج عن هذه الضغوط المختلفة ومن هذه الأساليب هي اليقظة الذهنية.
ما هو مفهوم اليقظة الذهنية؟
اليقظة الذهنية هي الحالة التي يكون فيها العقل مستيقظًا ومنتبهًا بشكل كامل ويستطيع التركيز على المهام والأنشطة بكفاءة عالية، وبالتالي فإن ممارسة اليقظة الذهنية هي طريقة لإعادة تدريب العقل على التركيز في اللحظة الحالية؛ إذ إنَّ من طبيعة العقل التفكير والتحليل العميق واكتشاف الأشياء من حوله، فهو يبحث باستمرار عن محفزات جديدة، وأشياء جديدة للتفكير فيها، وطرق جديدة للتحقق من الواقع وقد يكون هذا مجهدًا جدًا، لذا فإن ممارسة اليقظة الذهنية تساعدك على التحكم في المشاعر وتفادي التشتت والانحرافات الذهنية التي قد تؤثر سلبًا على أدائك العام.
يمكن القول: إن اليقظة الذهنية هي وسيلة أساسية لتحقيق النجاح والإنجاز في الحياة الشخصية والمهنية والحفاظ على صحة نفسية متوازنة.
ما هي فوائد اليقظة الذهنية؟
بما أن ممارسة اليقظة الذهنية تتضمن تركيز وعيك على اللحظة الحالية، والانتباه إلى أحاسيسك ومشاعرك وأفكارك في الوقت الحاضر فإن فوائد اليقظة الذهنية تشمل تحسين الصحة النفسية بشكل ملحوظ وذلك من خلال ما يلي:
1- تساعد في خفض معدلات الاكتئاب
يعتبر انخفاض الاكتئاب أحد أهم فوائد اليقظة الذهنية، إذ بينت دراسة نُشرت في المكتبة الوطنية للطب فعالية ممارسة اليقظة الذهنية في تقليل أعراض الاكتئاب كما أشارت إلى توضيح تأثيرها في الوقاية من الانتكاس من الاكتئاب بعد الشفاء منه، إذ يمكن لممارسة اليقظة الذهنية باستمرار الحد من جذب الأفكار السلبية، كما تساعد اليقظة الذهنية في تقليل القلق، وزيادة الرضا عن الذات بشكل ملحوظ مما يساهم في الحفاظ على صحة نفسية أكثر استقرارًا.
2- القدرة على تنظيم المشاعر
إن ممارسة اليقظة الذهنية قد تساعدك على تحديد وإدارة مشاعرك وعواطفك بشكل جيد، هذا يعني القدرة على التحكم أو السيطرة على المشاعر حسب الموقف والحاجة، إذ وجدت الأبحاث أن ممارسة اليقظة يمكن أن تكون مفيدة في تعزيز مهارات التنظيم العاطفي في الدّماغ من خلال القدرة على الاستجابة للمنبهات المحفزة، حسب شدة أو حدة الحدث، ويمكن أن يلعب هذا الجانب دورًا مهمًا في الحفاظ على صحة نفسية سليمة.
3- تقليل مستويات التوتر
يعد الإجهاد المزمن مشكلة كبيرة للعديد من الأشخاص، ويمكن أن يساهم في مجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية، وقد أظهرت أحد الأبحاث أن ممارسة اليقظة الذهنية يمكن أن يكون له تأثيرات نفسية وفسيولوجية. وتتضمن الفوائد النفسية والعاطفية لممارسة اليقظة في القدرة على التحكم بشكل أفضل بالأعراض المتعلقة باضطرابات التوتر والاكتئاب واضطرابات النوم وذلك من خلال تطوير مهارات مرنة في إدارة الإجهاد، وزيادة الوعي الذاتي، الأمر الذي يساعد على تهدئة مشاعر التوتر والإجهاد النفسي بشكل ملحوظ.
4- زيادة مستوى الإدراك
يمكن لليقظة الذهنية أن تلعب دورًا في زيادة القدرة على التفكير بوضوح وبتجرد، وهذا له دور في زيادة الوعي والقدرة على تقبل الأحداث بمرونة، ما يؤدي إلى صحة نفسية جيدة، إذ يمكن لممارسة اليقظة أن تساهم في تغيير طريقة تفكيرك وأن تكون أكثر وعيًا بأفكارك دون فرض أحكام عليها، وهناك العديد من القدرات المعرفية الهامة التي يمكن أن تتطور لديك عند ممارسة اليقظة، منها:
- القدرة على تركيز انتباهك لفترة من الوقت وهو ما يسمى بالاهتمام المستمر.
- القدرة على تحويل أفكارك وانتباهك لصالحك على الرغم من الضغوط حولك وهو ما يسمى المرونة الإدراكية.
- قمع الأفكار التي تتعارض مع تركيزك وهو ما يسمى بالتثبيط الإدراكي.
تعتبر هذه القدرات المعرفية مهمة لأنها تسمح لك بالتفكير بسرعة والتكيف مع المعلومات المتغيرة وحل المشكلات بكفاءة أكبر.
5- تحسين الصحة الجسدية والاجتماعية
إن الإصابة بأمراض جسدية قد تسبب اضطرابات نفسية كالاكتئاب، ولكن عند ممارسة اليقظة مرارًا وتكرارًا فإن ذلك يساعد في تقليل التعب، وتحسين أعراض اضطرابات النوم، وتحسين الاستجابة المناعية
كما أن ممارسة اليقظة الذهنية لها دور في تطوير قدرتك على بناء علاقات اجتماعية من حولك، حيث أشارت دراسة نُشرت في المكتبة الوطنية للطب أن بممارسة اليقظة الذهنية يوميًا سيساعدك ذلك إلى التمتع بقدر أكبر من الرضا في العلاقات الاجتماعية والتعامل بحكمة أكبر مع ضغوط العلاقات، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام.
كيف يمكن ممارسة اليقظة الذهنية؟
يمكن ممارسة اليقظة الذهنية في أي مكان وأي زمان بغض النظر عما تفعله سواء كنت تقوم بمهامك في العمل أو في المنزل؛ فإن كل لحظة هي فرصة لتكون أكثر حضورًا وتركيزًا باللحظة الحالية، وهناك العديد من التقنيات التي يمكنك اتباعها لممارسة اليقظة الذهنية، ومنها ما يلي:
- التنفس بانتظام: يمكن أن تساعد تقنيات التنفس على دخول الجسم والعقل في حالة من الهدوء والسكينة، ما يساعد على الاسترخاء والتركيز، وذلك من خلال التركيز ببساطة على عمليتي الشهيق والزفير لمدة دقيقة واحدة، إذ يؤدي ذلك إلى إبطاء معدل ضربات القلب وتهدئة الأعصاب.
- الانتباه إلى الحواس: وذلك من خلال تأمل التفاصيل الصغيرة، على سبيل المثال: عند ممارسة الرياضة يمكنك التركيز على حركة جسمك بدلًا من الاستماع إلى الموسيقى، أو إذا قررت الخروج في نزهة، فيمكنك ملاحظة الأشياء الصغيرة مثل الأزهار والطبيعة من حولك، أي حاول أن تأخذ الوقت الكافي للشعور بمحيطك بكل حواسك.
- تقبل الذات: إن تقبل الذات واحترامها أحد التقنيات الفعالة في اليقظة الذهنية، إذ عليك أن تعامل نفسك كما هي الطريقة التي تعامل بها صديقك المقرب.
بشكل عام، اليقظة الذهنية هي الحالة التي تصف قدرتنا على الانتباه والتركيز والوعي بالحاضر بشكل كامل، وهي مهارة مهمة لصحة نفسية سليمة.
أي يمكن القول إن اليقظة الذهنية هي أداة قوية للحفاظ على صحة نفسية وجسدية متوازنة، وحياة سعيدة مستقرة، ومن المهم الاهتمام بتطوير هذه المهارة وتحسينها في حياتنا اليومية، ويمكنك ذلك بمساعدة تطبيق نفس الذي يهدف على مساعدتك لتطوير مهارات اليقظة الذهنية باستخدام التدريبات الذهنية والممارسات اليومية التي تعزز اليقظة الذهنية لتتمكن من خفض مستويات الإجهاد والقلق والاكتئاب، وتعزيز قدرتك على التعلم وتحسين الأداء البدني لديك. ويمكنك تحميل تطبيق نفس الآن من الرابط لتحصل على المساعدة من قِبل أفضل الخبراء، ولتتعرف أكثر على اليقظة النفسية وطرق القيام بها.
المراجع
[1] How Meditation and Mindfulness Affect Mental Health, www.webmd.com retrieved October 25, 2021.
[2] What to Know About Mindfulness and Mental Health, www.webmd.com, retrieved October 25, 2021.