تربية الطفل، مهمة تحتاج إلى صبر وفهم، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يواجه الآباء والأمهات تحديًا عندما يكون الطفل أنانيًا؛ فالأنانية سلوك شائع في مرحلة نمو الطفولة، حيث ينصب تركيز الطفل على احتياجاته الشخصية، ويسعى لتلبية رغباته فقط.
في هذا المقال، سنستكشف كيفية التعامل مع الطفل الأناني وسنقدم استراتيجيات عملية للوالدين لمساعدة الطفل الأناني على فهم أهمية التعاون والتفاعل الاجتماعي.
ما هي الأنانية عند الأطفال؟
عندما نتحدث عن الأنانية عند الأطفال، فإننا نشير إلى سلوك يتميز بالتركيز الشديد على الذات والرغبة في تلبية احتياجات الطفل الشخصية فقط، دون مراعاة احتياجات ورغبات الآخرين، وتعد الأنانية سمة طبيعية في مرحلة نمو الطفولة، حيث يكتسب الأطفال دراية بأنفسهم ويكتشفون قدراتهم ورغباتهم الشخصية، ولكن في بعض الحالات يترتب على الأنانية بعض الآثار التي يجب أن يكون الوالدان على دراية بها، ومن بين هذه الآثار:
- ضعف المهارات الاجتماعية: يمكن أن يتسبب التركيز الزائد على الذات في نقصان مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي لدى الطفل، وقد يجد الطفل صعوبة في فهم وتلبية احتياجات الآخرين والتعاون معهم.
- صعوبة في بناء العلاقات الصحية: يمكن أن تؤثر الأنانية على القدرة الاجتماعية للطفل وتعيقه عن بناء علاقات صحية ومتوازنة مع الأصدقاء والأقران؛ فالتركيز الشديد على الذات يمكن أن يؤدي إلى نقصان قدرة الطفل على فهم وتلبية احتياجات الآخرين والتفاعل الاجتماعي الإيجابي.
- انعدام التعاطف والتفهم: بسبب التركيز الزائد على الذات، قد يجد الطفل صعوبة في ممارسة التعاطف وفهم مشاعر الآخرين، وقد يكون غير قادر على التفاعل بشكل حساس ومهتم مع مشاعر الآخرين والتعبير عن الرحمة والتعاطف.
أكدت دراسة (Noam. A, 2015). على ضرورة تطوير مفهوم التنمية الاجتماعية للطفل وعرضت هذه الدراسة نظرة شاملة على تأثيرها على السلوك الاجتماعي الإيجابي لدى الطفل والذي يشمل القدرة على التعاون والمشاركة والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين؛ لذا تكمن مهمة الوالدين في مساعدة الطفل على تجاوز هذه الآثار السلبية للأنانية من خلال توجيههم وتعزيز قيم التعاون والتفاعل الاجتماعي وتعليمهم مهارات التواصل الصحيحة.
ما هي العلامات التي تشير إلى أن الطفل أناني؟
من منظور تنموي، مع التقدم في العمر ونضوج أدمغتنا يتحول مفهوم التركيز على “الذات فقط” إلى التركيز على “الذات والآخرين”، وإن التحكم في الدوافع واتخاذ القرارات والتفكير بطريقة أقل أنانية تحدث بين سن 6 و13 عامًا، لذلك يكون الأطفال الأصغر سنًا أكثر أنانية بشكل طبيعي، ولكن هناك بعض السلوكيات والعلامات التي يمكن أن تساعد الوالدين على اكتشاف أن الطفل يتصرف بأنانية ومنها ما يلي:
- عدم القدرة على الحديث أو التعبير عن قيمة العطاء.
- عدم التفكير في الآخرين والتركيز فقط على الذات.
- عدم الشعور بالسوء تجاه الآخرين عندما يتألمون أو يعانون.
- عدم تقدير الأشياء المقدمة لهم بشكل روتيني.
- البكاء أو الصراخ بشكل مفرط عند عدم تحقيق رغباته.
كيف يمكن التعامل مع الطفل الأناني؟
إن التعامل مع الطفل الأناني يتطلب مجموعة من الخطوات التي تهدف إلى تعزيز الوعي الاجتماعي وتطوير مهارات التعاون والتفاعل الإيجابي، وفيما يلي خطوات يمكن للوالدين اتباعها:
التواصل وتوضيح الاحتياجات
قم بالحديث مع الطفل بصراحة حول السلوك الأناني وأثره السلبي على الآخرين، واشرح له أنه من المهم أن يكون لديه اهتمام بمشاعر واحتياجات الآخرين أيضًا؛ إذ يمكنك استخدام أمثلة واضحة لتوضيح النقاط، ومثال على ذلك: الحديث عن مشاركة اللعبة، فعندما يرفض الطفل مشاركة ألعابه مع أصدقائه، يمكنك أن تقول له بصراحة: “عندما ترفض مشاركة ألعابك، يشعر أصدقاؤك بالحزن ويشعرون بأنهم غير مهمين بالنسبة لك، لذا من الجيد أن نتعلم مشاركة الألعاب مع الآخرين والاهتمام بمشاعرهم أيضًا”.
تشجيع التعاون والمشاركة
قدم فرصًا للطفل للتعاون مع الآخرين في أنشطة مشتركة، إذ يمكنك تنظيم ألعاب جماعية أو مشاريع يعمل فيها الطفل مع أصدقائه أو أفراد العائلة، وقم بتشجيعه وقدم له المكافآت المناسبة عندما يظهر سلوكًا تعاونيًا.
عندما يتجاهل الطفل طلبات المساعدة من الآخرين، يمكنك أن تقول له بوضوح: “عندما لا تساعد الآخرين عندما يحتاجون إليك، يشعرون بالاستياء والإحباط، ومن المهم أن نتعلم أن نكون متعاونين ونقدم المساعدة عندما يحتاج الآخرون إلينا”.
بناءً على نتائج دراسة (Nilholm C et al., 2020) فقد أكدت على تشجيع استخدام التعلم التعاوني كاستراتيجية تعليمية في الفصول الدراسية، إذ يمكن أن يساهم التعلم التعاوني في تحسين التكامل الاجتماعي والتحصيل الدراسي للطلاب وتعزيز بيئة تعليمية إيجابية للجميع.
أن تكون نموذجًا يحتذى به
أن تكون نموذجًا لأبنائك يعتبر أسلوبًا فعالًا لمساعدتهم على فهم السلوك المتعاون وغير الأناني؛ وهذا يعني أن تكون قدوة لأبنائك، أي يمكن أن تقدم لهم نموذجًا للسلوك المتعاون من خلال تصرفاتك اليومية، على سبيل المثال: قم بمشاركة ومساعدة الآخرين بنشاط، وكن مهتمًا بمشاعرهم واحتياجاتهم، وكن مستعدًا للتعاون والتفاعل الإيجابي مع الآخرين.
بالمثابرة والتوجيه الصحيح، يمكن أن تساعد في تطوير السلوك المتعاون والتعاطف لدى الطفل الأناني، إذ يجب أن تكون هذه العملية مستمرة ومتواصلة، حتى يتمكن الأطفال من التعلم من خلال الملاحظة والمحاكاة.
أكدت دراسة (Coe JL et al., 2018) شملت 243 طفل في مرحلة ما قبل المدرسة مع أولياء أمورهم، وأشارت النتائج المستخلصة من الاختبارات أن الانحدار في مستوى السلوك السليم للطفل كان مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتماسك الأسرة وسلوك أولياء أمورهم.
لا شك أن التعامل مع الطفل الأناني قد يكون تحديًا حقيقيًا للآباء، ومع ذلك هناك استراتيجيات يمكننا اتباعها للتعامل مع هذا السلوك وتشجيع الطفل على التعاون والتفاعل الإيجابي، إذ يجب علينا أن نتذكر أن التربية هي عملية تتطلب صبرًا وتوجيهًا، ومع العناية الصحيحة، يمكننا مساعدة الأطفال في أن يصبحوا أشخاصًا متعاونين ومسؤولين في المجتمع.
إذا كنت تجد صعوبة في التعامل مع طفلك فلا تتردد في طلب المساعدة من خلال تحميل تطبيق لبيه والتواصل مع المختص لمساعدتك على الحصول على الدّعم المناسب للحالة.
المراجع
1- Eisenberg, N., et al. Prosocial development. Handbook of child psychology and developmental science: Socioemotional processes (pp. 610–656). John Wiley & Sons, Inc, doi.org/10.1002/9781118963418.childpsy315.
2- Klang N, et al. A Cooperative Learning Intervention to Promote Social Inclusion in Heterogeneous Classrooms. Front Psychol. 2020 Dec 22;11:586489. doi: 10.3389/fpsyg.2020.586489. PMID: 33414744; PMCID: PMC7783160.3- Coe JL, et al. Family cohesion and enmeshment moderate associations between maternal relationship instability and children’s externalizing problems. Journal of Family Psychology. 2018;32(3):289-298. doi:10.1037/fam0000346.