“أكره عائلتي”: كيف أتعامل مع هذا الوضع؟
لا شك أن العلاقات الأسرية مهمة جدًا للجميع لمواجهة ظروف الحياة القاسية، فالعائلة هي المصدر الأساسي للحب والتعاطف والأمان والدعم الذي يحتاجه الأشخاص طوال فترات حياتهم كما أنها أول من يشارك الشخص لحظات فرحه وحزنه، وعلى الرغم من ذلك، يعاني بعض الناس من مشاكل مع أفراد عائلتهم تؤثر سلبًا على علاقتهم معهم، حتى أنها قد تدفعهم لكره أفراد عائلتهم والابتعاد عنهم.
سنتعرف معًا في هذا المقال على أهم الأسباب التي قد تدفعك لأن تكره عائلتك وسنخبرك كيف تتعامل مع هذا الوضع للحفاظ على علاقات إيجابية مع أفراد أسرتك.
أنا أكره عائلتي
لدى معظم الأشخاص علاقات جيدة وإيجابية مع أفراد عائلتهم، حتى إن البعض يعتبر والده أو والدته أو أحد أفراد العائلة الأخرين بمثابة صديقه المفضل الذي يخبره بكل أسراره ويشاركه بكافة تفاصيل يومه، إلا أن هذا الوضع ليس منتشرًا؛ فمن الممكن أن يشعر البعض بمشاعر سلبية تجاه أفراد معينين من عائلتهم أو تجاه كافة أفراد العائلة، وهذا للأسف يترتب عليه الكثير من التغيرات في الحياة كتفكك العائلة وانعزال أفرادها، بالإضافة إلى إخفاقهم بالجوانب المهنية والأكاديمية ويعرض صحتهم الجسدية والنفسية للخطر.
إذا كنت من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في علاقتهم مع أفراد أسرتهم أو كنت تفكر بأنك تكره عائلتك؛ فقد يدفعك ذلك للخجل من نفسك ومن أفكارك والشعور بالكثير من المشاعر السلبية، لكن لا تقلق، فهذه المشاعر لا تعني بأنك شخص سيء إلا أنه ينبغي عليك التأكد منها والعمل على تجاوزها وإصلاحها للحفاظ على عائلتك.
لماذا يمكن أن تكره عائلتك؟
هنالك مجموعة متنوعة من العوامل التي قد تدفع الشخص إلى كره عائلته أو أحد أفراد أسرته، ويمكن أن يساعدك تحديد هذه العوامل على التعامل بشكل أفضل مع هذا الوضع، وقد أشارت دراسة (Blake.2015) أن الأسباب الأكثر شيوعًا لكره العائلة هي:
- الإهمال أو الإساءة: يمكن أن تنشأ كراهيتك لعائلتك بسبب سوء معاملتهم أو إهمالهم لك، ويدفعك ذلك إلى كره الشخص الذي ارتكب الإساءة بحقك وكره باقي أفراد العائلة الذين شاركوه أو وقفوا كالمتفرجين ولم يمنعوه.
- اختلاف القيم: من الممكن أن تكره عائلتك بسبب أن لديهم قيم وأهداف مختلفة تمامًا عن تلك التي لديك، قد تكون هذه القيم مرتبطة بالسياسة أو الدين أو الواجبات الاجتماعية وتنعكس على كيفية قضائك لوقتك وعلاقاتك مع الأشخاص الآخرين.
- الحوادث العائلية الصادمة: قد تدفعك الحوادث الصادمة كانفصال والديك أو ترك البيت الذي نشأت فيه إلى كره عائلتك والإحساس بشعور سلبي تجاههم.
- الانتقاد المستمر: يؤدي الانتقاد المستمر من أفراد عائلتك لك إلى كرهك لهم وإضعاف العلاقة معهم.
كيف تتعامل مع كراهيتك لعائلتك؟
بالتأكيد إن التعامل مع هذا الموقف صعب للغاية، خاصة إذا كنت تعيش مع أفراد عائلتك بنفس المنزل أو تكون على تماس مباشر معهم في الحياة اليومية، إلا أن هناك بعض النصائح التي تساعدك لكي تتعامل بشكل أفضل مع هذا الوضع ولعل من أهمها:
الاعتراف بمشاعرك وتقبلها
إن الخطوة الأولى للتعامل الصحيح مع هذا الموقف، هي العمل على قبول مشاعرك دون الحكم على نفسك بأنك سيء بسببها، فمن الصعب أن تعمل على تجاوز هذه المشاعر إذا لم تعترف بوجودها أصلًا أو إذا كنت تشعر بالسوء لأنها لديك، وقد أكدت دراسة (Lindsay.2019) أن القبول يساعد على تنظيم المشاعر وتخفيف التوتر وتحسين الخلافات في العلاقات الاجتماعية المختلفة ومنها العلاقات الأسرية.
قرر كيف ستتابع حياتك
على الرغم من أهمية العلاقات الأسرية ودور الأسرة الكبير في حياة الإنسان، إلا أنه ليست كل العلاقات الأسرية قابلة للإصلاح أو حتى تستحق الحفاظ عليها؛ ففي بعض الأحيان تكون العلاقات الأسرية ضارة كما في الحالات التي تتضمن إساءة معاملة أو استغلال لك، فعندها قد يكون من الضروري أن تقوم بقطع العلاقات بشكل مؤقت أو دائم مع هذا الشخص.
إذا كنت لا تزال تعيش مع عائلتك فقد تتطلب هذه الخطوة تخطيطًا جيدًا لمعرفة كيف ستتأقلم مع التغيرات والتحديات الجديدة بعيدًا عن عائلتك، ينبغي إيجاد مكان سكن جديد وعمل لتأمين دخل مناسب والعديد من العوامل الأخرى، كل ذلك بهدف الحصول على درجة أكبر من الخصوصية والاستقلالية ولكي لا تكون بحاجة للبقاء مع أشخاص يستغلونك ويسيؤن إليك.
إصلاح العلاقات
هذه الخطوة هي خطوة ضرورية ينبغي عليك القيام بها، وذلك بهدف إصلاح المشاكل في العلاقة مع أفراد عائلتك وإعادة جسور التواصل وبناء الثقة ونشر المشاعر الإيجابية ضمن جو العائلة، وتحتاج لتعاون من كل أفراد العائلة لضمان نجاحها وتحقيقها للأهداف المطلوبة منها، لذلك احرص على إخبار عائلتك بأن الأمور ليست على ما يرام وأنك تحتاج لأن تكونوا معًا لمعالجتها.
وضع حدود في علاقتك
على الرغم من أن وضع الحدود في العلاقة مع أفراد العائلة يعتبر من الأمور الصعبة، فمن الضروري أحيانًا أن تقوم بذلك لمنعهم من ممارسة تأثيرهم أو سلطتهم على بعض الأمور الخاصة بك، يمكنك أن تصارحهم بأنك تحبهم، وأن علاقتك معهم مهمة لك ولا تريد أن تخسرها، لكن تدخلهم بشؤونك الخاصة يزعجك جدًا وعليهم أن يحترموا ذلك إذا ما أرادوا الحفاظ على هذه العلاقة.
قضاء بعض الوقت المسلي معهم
يساعد قضاء الوقت المسلي مع أفراد عائلتك على تجاوز أفضل للخلافات وتصحيح العلاقات المضطربة وإفساح مجال لإظهار مشاعر الحب والاهتمام. يمكنك الذهاب معهم إلى الحديقة القريبة أو تخرجوا لتناول الطعام في أحد المطاعم الجديدة أو حتى السهر في المنزل ولعب بعض الألعاب المنزلية المسلية، كل ذلك سيساعد على تخفيف التوتر والقلق ويقرب أفراد العائلة أكثر من بعضهم البعض.
الحصول على دعم من خارج العائلة
عندما تكون علاقتك الأسرية مضطربة فمن الضروري أن تعمل على إيجاد علاقات اجتماعية إيجابية مع الأصدقاء أو زملاء العمل بهدف الحصول على الدعم الذي تحتاجه، ولا يعني ذلك أن تستبدل عائلتك بأشخاص أخرين، فذلك غير ممكن طبعًا، إلا أنه يساعدك على إيجاد بدائل للدعم الأسري إلى أن تعود علاقاتك مع عائلتك إلى وضعها الطبيعي.
التحدث إلى المعالج النفسي
من الممكن أن يساعدك المعالج النفسي على فهم أفكارك وترتيبها بشكل أفضل والتخطيط لاستراتيجيات مناسبة للتعامل مع هذا الوضع، كما يمكنك أيضًا أن تطلب من أفراد عائلتك الذهاب معك إلى معالجك النفسي أو إلى جلسات الدعم النفسي الأسرية.
لا شك أن الشعور بأنك لا تحب عائلتك، هو شعور قاسِ ويصعب التعامل معه، إلا أنك تستطيع تجاوز الموضوع من خلال اتباع النصائح السابقة، ويمكنك معرفة المزيد عن العلاقات العائلية ومشاكلها وكيفية التصرف الأمثل مع هذه المشاكل من خلال التواصل مع خبراء الصحة النفسية عبر تطبيق لبيه أو قراءة المقالات المنشورة على مدونة لبيه.
المراجع
1- ‘I Hate My Family:’ What to Do If You Feel This Way, www.verywellmind.com, retrieved on 16/5/2023
2- I Hate My Family: How To Deal With This?, mantracare.org, retrieved on 17/5/2023
3- I hate my parents: Is that normal?, thriveworks.com, retrieved on 17/5/2023
4- Why Do I Hate My Parents? 8 Possible Reasons & What to Do, www.choosingtherapy.com, retrieved on 18/5/2023
5- Lucy Blake, Becca Bland and Susan Golombok, HIDDEN VOICES Family Estrangement In Adulthood, Centre for Family Research at the University of Cambridge, 2015.
6- Emily K Lindsay, John David Creswell, Mindfulness, acceptance, and emotion regulation: perspectives from Monitor and Acceptance Theory (MAT), University of Pittsburgh, United States, 2019