كيف أسيطر على انفعالاتي؟
يمكن أن تؤثر الانفعالات الشديدة والتجارب العاطفية الشائعة كالغضب أو الإحباط أو الحزن أو القلق على الرفاهية واتخاذ القرار، وتشير الأبحاث (2015 .Lerner et al) إلى أن التجارب العاطفية يمكن أن توفر دوافع مفيدة لاتخاذ القرار ولكنها أحيانًا يمكن أن تعيقنا عن ذلك.
إذا كنت من الأشخاص الانفعاليين الذين لديهم مشاعر كبيرة وغامرة فإن تطبيق بعض التقنيات لاستدعاء المنطق سيؤدي إلى تنظيم رغباتك وسلوكياتك وأفكارك ما يمنحك رفاهية أكبر مع القرارات التي تتخذها.
لماذا لا أستطيع السيطرة على انفعالاتي؟
من الصعب التحكم في المشاعر والسيطرة على الانفعالات عندما يتصرف الشخص قبل أن يفكر، بالإضافة إلى أن كل من اللحظات السعيدة والمثيرة والعظيمة وكذلك المشاعر السلبية والعدوانية (مثل الغضب والحزن والإحباط وغيرها) يمكن أن تدخل في صناعة القرار، والمفتاح هنا هو الاعتراف بهذه المشاعر، لكن دون إهمال دور العقل والتفكير، كما أن الخوف الشديد والاندفاع والتجنب يمكن أن يؤثر على القدرة على التحكم في المشاعر.
تشير الدراسات (Strohmeier et al. 2016) إلا أن المخاطرة والسلوكيات التجنبية والتشوهات المعرفية تزيد من الهرمونات التي تسبب التوتر والتهيج والإثارة، وتؤدي إلى الشعور بالقلق وانعدام الأمن، ما يجعلنا نشعر بالعجز واليأس فيجد الكثيرون أنفسهم عاجزين عن السيطرة على انفعالاتهم وغير قادرين على إيجاد الاستقرار العاطفي.
بعض التقنيات للسيطرة على الانفعالات
تقبل جميع مشاعرك
عندما تحاول السيطرة على انفعالاتك، فقد تقع في فخ التقليل من شأن مشاعرك تجاه نفسك، لذلك عندما تواجه صعوبة ما، لا مانع من أن تتحدث مع نفسك وتهدئها، إذ يساعدك قبول المشاعر عند قدومها على الشعور براحة أكبر معها، وتتيح لك زيادة راحتك حول المشاعر الشديدة الشعور بها تمامًا دون الرد بطرق متطرفة وغير مفيدة.
على سبيل المثال: عندما تضيع مفاتيحك حاول أن تعترف أنك مستاء لأنك ما زلت تفقد مفاتيحك ما يجعلك تتأخر، لذلك يجب أن تضع إناءً على الرف بجانب الباب حتى تتذكر تركهم في نفس المكان.
قد يؤدي قبول المشاعر إلى زيادة الرضا عن الحياة وتقليل أعراض الصحة النفسية، بالإضافة إلى أن تفكير الناس في عواطفهم على أنها مفيدة يؤدي إلى زيادة مستويات السعادة.
خذ نفسًا عميقًا
هناك الكثير مما يمكن قوله عن قوة النفس العميق، سواء كنت سعيدًا جدًا أو غاضبًا لدرجة أنك لا تستطيع التحدث، لكن التباطؤ والانتباه إلى أنفاسك لن يخفي المشاعر والانفعالات، إنما تساعدك تمارين التنفس العميق على تهدئة نفسك والتراجع خطوة إلى الوراء عن ردة الفعل الأولى الشديدة التي تريد تجنبها (الانفعال الشديد) والسيطرة عليها، لذلك في المرة القادمة التي تشعر فيها بأنك بالغت في انفعالك، حاول أن تتنفس ببطء وتجعل الأنفاس العميقة تأتي من الحجاب الحاجز (ليس من الصدر)، واحبس أنفاسك لثلاث ثوان، ثم أخرجها ببطء.
ممارسة أنشطة الرعاية الذاتية
إن ممارسة الرياضة والحصول على قسط كافٍ من النوم وتناول الأطعمة المغذية وممارسة الهوايات يمكن أن تدعم الرفاهية العاطفية وتنظيم المشاعر الشديدة وبناء التعلم الاجتماعي والعاطفي، وقد أظهرت الدراسات (Butler et al. 2019) أن الاعتناء بعقلك وجسدك وروحك بهذه الطرق سيعمق توافقك مع نفسك ويساعدك في التنظيم الذاتي لمشاعرك والسيطرة على انفعالاتك.
اعرف متى تعبر عن نفسك
دائمًا هناك وقت ومكان مناسبين لكل شيء، بما في ذلك الوقت والمكان المناسب للانفعالات والمشاعر الشديدة، إذ يساعدك الانتباه إلى محيطك على معرفة متى يكون من الجيد إخراج تلك المشاعر ومتى يجب تأجيل التعبير عنها، على سبيل المثال: البكاء الشديد هو استجابة شائعة جدًا وطبيعية لفقدان أحد أفراد الأسرة، غير أنه في حالات أخرى يجب أن تضبط انفعالاتك وتسيطر على نفسك بغض النظر عن مدى إحباطك، كأن تعلم أن الصراخ على رئيسك في العمل غير مفيد وغير لائق ولن يساعدك على حل مشكلتك.
امنح نفسك بعض المساحة
يمكن أن يساعدك وضع مسافة بينك وبين المشاعر الشديدة على التأكد من أنك تتفاعل معها بطريقة معقولة، وقد تكون هذه المسافة مادية مثل: ترك موقف مزعج، أو معنوية عن طريق تشتيت انتباهك، ونحن هنا لا نشجع على منع هذه المشاعر أو تجنبها تمامًا، لكن ليس من الضار تشتيت انتباهنا إلى أن نصبح في حالة أفضل للتعامل معها، مع التأكد من العودة إليها والتعامل معها (المشتتات الصحية مؤقتة فقط)، كأن تحاول:
- الذهاب في نزهة.
- مشاهدة فيديو مضحك.
- التحدث إلى أحد أفراد الأسرة.
- قضاء بضع دقائق مع حيوانك الأليف.
التواصل البناء
فيما يلي تقنيات اتصال مهمة لمساعدتك على التعبير الجيد عن المشاعر والاستماع الفعال وتأكيد الحدود مع الحفاظ على الاحترام والتعاطف:
- التراجع عن المحادثة العدائية: ليس عليك الدخول في محادثة مع شخص أصبح عدائيًا، وعندما ترى هذه المحادثة مهمة، يمكنك أن تعترف أنك مستاء وتطلب تأجيل هذه المحادثة، ومع ذلك خصص وقتًا لإعادة النظر في هذه المحادثة بدلاً من تجاهلها، إذ يمكن أن تؤدي العودة إلى محادثة بعد توقف مؤقت إلى تقوية العلاقة، بينما عدم العودة إليها سيضعف العلاقة.
- امنح الآخرين دورًا في الحديث: حاول دائمًا منح الآخرين في المحادثة وقتًا كافيًا لمشاركة أفكارهم ومشاعرهم، وتأكد أثناء الاستماع من عدم مقاطعة الحديث والإصغاء إلى ما يقولونه.
- كن نفسك مستعدًا قبل الحديث: عندما يحين وقت الحديث حاول أن تتنفس بعمق وتحاول تقليل الانفعالات وردود الفعل المتوترة، تسمح لك هذه الطريقة بدعوة الأجزاء المعرفية من عقلك للمساعدة في التفكير قبل أن تبدأ بالانفعال.
- أوجد حل وسط: محاولة إيجاد مجالات اتفاق هي وسيلة للحفاظ على احترام المحادثة، كأن تستخدم عبارات مثل: هل يمكننا الاتفاق على مناقشة هذا لاحقًا، أو هل يمكننا الاتفاق على أن الجدل لن يحل أي شيء الليلة ومحاولة اكتشاف طريقة أفضل غدًا، إذ إن طلب الاتفاق يساعد شريكك أيضًا على الشعور بأنه قادر على الوصول إلى حل محتمل.
- تجنب الكلمات الهجومية: أوضح وجهة نظرك باستخدام لغة هادئة وواضحة بدلًا من توجيه الاتهام للآخرين (كأن تقول له أنه لئيم)، على سبيل المثال: عندما ينظر الشخص الآخر إلى هاتفه أثناء العشاء، أخبره أن ذلك يشعرك بالتجاهل وعدم الأهمية واسأله عن إمكانية التحدث مع بعضكما البعض وترك الهاتف.
حدد المحفزات التي تزيد انفعالاتك
على الرغم من أن المحفزات (مثل مواقف معينة أو أشخاص) غير سارة للغاية ومن الطبيعي تجنبها، فإن تحديدها يمكن أن يمنحك أفضل الفرص لتطبيق استجابة بديلة لها، إذ تساعدنا هذه الممارسة على بناء مهارات تنظيم المشاعر والسيطرة على الانفعالات وتحسينها، مثل: إعادة الصياغة بحيث تكون متاحة ومفيدة لنا عندما نحتاج إليها في الوقت المناسب.
إذا لم تستطع السيطرة على انفعالاتك، وشعرت أنها تعيقك عن ممارسة حياتك الطبيعية حمل تطبيق لبيه، وتواصل مع المختصين النفسيين الذين يقدمون لك العديد من الخدمات ويساعدونك على تنظيم المشاعر الشديدة وإعادة صياغتها واكتشاف العوامل التي تزيد انفعالاتك.
المراجع
1- Jennifer S Lerner, Ye Li et al. “Emotion and decision making”. Annu Rev Psychol. 2015 Jan 3;66:799-823. doi: 10.1146/annurev-psych-010213-115043. Epub 2014 Sep 22.
2- Craig W Strohmeier, Brad Rosenfield et al. “Assessment of the relationship between self-reported cognitive distortions and adult ADHD, anxiety, depression, and hopelessness”. Psychiatry Res. 2016 Apr 30;238:153-158. doi: 10.1016/j.psychres.2016.02.034. Epub 2016 Feb 17.
3- Lisa D. Butler, Kelly A. Mercer et al. “Six domains of self-care: Attending to the whole person”. Journal of Human Behavior in the Social Environment 29(1):107-124, January 2019. DOI: 10.1080/10911359.2018.1482483.
4- How to Control Your Emotions When They’re Running High, www.verywellmind.com. retrieved 27/ 9/ 2023.
5- How to Become the Boss of Your Emotions, www.healthline.com/health, retrieved 27/ 9/ 2023.