إن أهمية بناء جسور من التفاهم والتواصل الفعّال بين الآباء وأطفالهم عامل أساسي لتنمية بيئة أسرية متوازنة وداعمة، فالارتباط الإيجابي بين الآباء وأطفالهم لا يعزز فقط من الصحة النفسية للطفل، بل يؤسس أيضًا نموذج يحتذى به في التعامل مع العالم الخارجي. سنبين لك في هذا المقال استراتيجيات فعالة لتعزيز الارتباط الإيجابي بين الآباء وأطفالهم لتكون مفتاح لبناء علاقة متينة تتسم بالحب والاحترام المتبادل.
لماذا يعتبر دعم الأطفال من قبل آبائهم مهمًا لصحة نفسية سليمة؟
عندما يتلقى الطفل دعمًا مستمرًا من والديه، سيكون قادرًا على التفكير بوضوح واتخاذ قرارته بثقة مما يساعده في تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية سليمة، وإن تعلم هذه المهارات ليس دائمًا أمرًا سهلاً، ويتطلب متابعة دقيقة من الآباء. كما يعزز الدعم الأبوي تجاه الأطفال احترام الذات، وتعلم تحديد الأهداف، وتعلم مهارات التأقلم، وتطوير نظرة إيجابية صحية للحياة.
إذ أظهرت دراسة واسعة النطاق أُجريت عام 2019 أن البالغين الذين كان لديهم طفولة إيجابية ومحاطين بالحب والدعم من آبائهم لديهم احتمالات أقل للإصابة بالاكتئاب، أو أي اضطراب نفسي آخر وأظهرت الدراسة أيضًا أن تعزيز المشاعر الإيجابية خلال فترة الطفولة يقلل من مشاكل الصحة النفسية للبالغين.
كيف يمكن أن يؤثر الارتباط الإيجابي بين الآباء وأطفالهم؟
تشمل بيئة المنزل أكثر من مجرد مسكن مادي، فهو عبارة عن مزيج من العوامل مثل المكان الذي تعيش فيه والأشخاص من حولك، وبالتالي يساهم الجو العائلي الصحي والارتباط الايجابي بين الوالدين والأطفال بالعديد من الآثار على الصحة النفسية ومنها ما يلي:
1- توتر أقل
إن الطفل الذي يعيش ضمن بيئة داعمة وسليمة وقادرة على إظهار الحب والدفء هو أقل استجابة للضغوط النفسية، ويكون أكثر قدرة على مواجهة الإجهاد، إذ يرتبط وجود الطفل ضمن بيئة عائلية غير مستقرة بالشعور بالقلق والتوتر الذي يساهم في زيادة إنتاج هرمون الكورتيزول، وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالتوتر.
2- الالتزام بسلوكيات صحية
تساعد العلاقات الصحية المتوازنة في العائلة المثالية على تحديد نمط حياة صحي شامل، فإذا كان الوالدان يشجعان أطفالهم على اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، والابتعاد عن التدخين، وما إلى ذلك، فالطفل سيحذوا حذوهم.
3- احترام الذات
إن الأطفال الذين لديهم علاقات قوية وداعمة مع آبائهم هم أقل عرضة للشعور بتدني احترام الذات، فعلى سبيل المثال: الأطفال الذين نشأوا وسط نزاعات شديدة ضمن العائلة، كالخلافات بين الأبوين يتكون لديهم وجهات نظر سلبية لحياتهم، إذ بينت دراسة نشرت عام 2012 أن الأطفال المعرضين للنزاعات الأبوية هم أكثر عرضة لشعورهم بانخفاض احترام الذات، وبالتالي يعتقد هؤلاء الأطفال أنهم غير أكفاء وليس لديهم قيمة في محيطهم.
ما هي الاستراتيجيات الفعالة لتعزيز الارتباط الإيجابي بين الآباء وأطفالهم؟
أن يتمتع الطفل بصحة نفسية سليمة أثناء الطفولة يعني قدرة الطفل على تنمية المهارات العملية وتعلم المهارات الاجتماعية الصحية، ويلعب الآباء دورًا مهمًا في دعم أطفالهم، وتوجيههم بشكل إيجابي خلال الحياة، وفيما يلي أهم الاستراتيجيات الفعالة لتعزيز الارتباط الإيجابي بين الآباء وأطفالهم:
1- إظهار الحب غير المشروط
أحد أهم الطرق لتعزيز الارتباط الإيجابي هو إظهار الحب غير المشروط، ويمكن إظهار ذلك من خلال التأكيد على أطفالك أنه بغض النظر عما يواجهونه أو يتعاملون معه، فأنت تحبهم دون قيد أو شرط وأنك موجود دائمًا من أجلهم.
إذ يجب أن تؤكد للأطفال أن الجميع يرتكب الأخطاء ولكن الأهم من ذلك إمكانية التعلم من هذه الأخطاء، وأن ارتكاب الأخطاء هي طريقة للتعلم، فحتى لو شعرت بخيبة أمل بسبب ما ارتكبه طفلك، يجب أن يعلم أن خيبة الأمل التي تشعر بها لا تؤثر على حبك له.
2- إظهار المدح
يستجيب الأطفال جيدًا للدعم الإيجابي من خلال مدح الأطفال على سماتهم الشخصية أو سلوكياتهم في المنزل أو المدرسة، إذ أن التشجيع والثناء كلها طرق يمكن للوالدين من خلالها ليس فقط بناء ثقة الطفل بنفسه واحترامه لذاته، بل دعم صحته النفسية بشكل وثيق، إذ أظهرت إحدى الدراسات التي نُشرت في عام 2019 والتي شملت 1149 طالب، أن تدني احترام الذات يرتبط بالقلق والاكتئاب والضغط الأكاديمي، والتي تؤثر جميعها بشكل كبير على نوعية حياة الطفل، كما أشارت الدراسة إلى أن تدني احترام الذات يمكن أن يؤدي إلى التفكير في الانتحار.
3- قضاء الوقت معًا
إن قضاء الوقت مع الأطفال يمنح الآباء أيضًا فرصة للتعرف على ما يكافح أطفالهم من أجله وما هي أحلامهم وأهدافهم المستقبلية، وبالتالي يتمكن الآباء من دعم أطفالهم في قراراتهم وخطواتهم، إذ أن قضاء الوقت مع الأطفال يرسل رسالة مفادها أن أطفالك مهمون بالنسبة لك وأنك تهتم بما يحدث في حياتهم وأنك على استعداد دائم لمساعدتهم وإرشادهم، مما يوفر للأطفال مساحة آمنة تنعكس إيجابًا على استقرار صحتهم النفسية.
4- اللعب مع الأطفال
إن أحد الطرق لتعزيز الرابط الإيجابي مع طفلك هو مشاركته اللعب، إذ أظهرت الدراسات أيضًا أن الانخراط في اللعب يمكن أن يفيد الأطفال بعدة طرق، حيث وجدت دراسة أن سعادة الطفل تزداد، وتقل مخاطر إصابته بالاكتئاب والقلق عند اللعب مع والديه وبالتالي الحفاظ على صحة نفسية متوازنة.
5- بناء الثقة
إن أحد الاحتياجات الأساسية للأطفال هو الشعور بالأمان، فعندما يشعر الأطفال بالأمان، يكونون قادرين على التطور والتعلم بشكل أسرع، ولديهم احتمالية أقل لمواجهة اضطرابات الصحة النفسية، وإن إحدى الطرق لتعزيز مشاعر الأمان والثقة هي خلق بيئة في منزلك، حيث يكون من الآمن لأطفالك مناقشة مشاعرهم ومشاكلهم.
من المهم أن تكون جزءًا ثابتًا من حياة طفلك، ليس فقط بالتحدث معهم ولكن بقضاء الوقت معًا أيضًا، فمن خلال بناء الثقة وإظهار الدعم ستكون قد وضعت أساسًا قويًا للصحة النفسية لطفلك، وتذكر دائمًا أن جزءًا من الاهتمام بصحة طفلك النفسية هو الحصول على المساعدة أو الدعم عندما يحتاجون إليه.
وإذا كنت تواجه صعوبة في تعزيز الرابط بينك وبين طفلك يمكنك التواصل مع المختص من خلال تحميل تطبيق لبيه الذي سيساعدك بتنمية أساليب فعالة للتعامل مع طفلك.