يحتفل العالم في 30 مارس من كل سنة باليوم العالمي لاضطراب ثنائي القطب، وذلك بهدف التذكير بأهمية ما يمر به الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب، وتقديم الدعم لهم، وزيادة الوعي تجاه الصحة النفسية وأهميتها.

ما هو اضطراب ثنائي القطب؟

يصف 77% من الأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب أنفسهم أنهم وحيدون ولا يحصلون على الدعم، ويقول نحو 81% منهم بأنهم كثيرًا ما يشعرون بالعزلة وبأن لا أحد يفهم ما يعانون من صعوبات. 

يصنف اضطراب ثنائي القطب من بين اضطرابات المزاج، حيث يعاني فيه الشخص، كما يوحي اسم الاضطراب، من تقلبات في المزاج بين الاكتئاب والهوس. يتفرع الاكتئاب والهوس كل على حدا تحت مجموعة من الأعراض المميزة، وينقسم اضطراب ثنائي القطب ضمن عدة أنواع اعتمادًا على شدة الأعراض وطبيعتها وحالة التبدل المزاجي.

من المهم الانتباه، إلى أن حالة التبدل المزاجي هذه لا تشبه تغير المزاج العادي الذي يختبره جميع الناس من فترة لأخرى، حيث يحمل اضطراب ثنائي القطب مجموعة قوية ومؤثرة من الأعراض التي تترك أثرها الواضح على حياة الشخص وقدراته الإنتاجية في العمل وعلاقاته الاجتماعية.

يصيب اضطراب ثنائي القطب الرجال والنساء بنفس المعدل تقريبًا، لكن يظهر الاختلاف بينهما في شدة الأعراض ومدى تبدلها، غالبًا ما يصاب الرجال باضطراب ثنائي القطب في أعمار أصغر من النساء، وتكون الأعراض لديهم أكثر وضوحًا وشدة، وتدفعهم عادةً إلى الوقوع فريسة للإدمان للتخفيف من شدتها، من جهة أخرى تعاني النساء من أعراض اكتئابية أكثر قوة مقارنة بالرجال، ويحدث لديهن عادةً تبدل دوري بين الهوس والاكتئاب أكثر قوة من الرجال.

هل يصيب اضطراب ثنائي القطب الأطفال؟

يمكن لاضطراب ثنائي القطب أن يصيب الأطفال في أعمار أقل من 18 عامًا، تكون الأعراض لديهم أكثر شدة مقارنة بالبالغين، ويسيطر عليها نمط العصبية والعنف وفرط النشاط، لكن تذكر أن هذه الأعراض، من العصبية وفرط النشاط والميل للعنف، غير محصورة في اضطراب ثنائي القطب، وظهورها على الطفل لا يعني حتمًا إصابته بهذا الاضطراب، يبقى الشخص الوحيد القادر على وضع التشخيص الصحيح هو الطبيب النفسي، لذا في حال الشك، يجب دائمًا مراجعة الطبيب النفسي واستشارته.

ما هي أعراض اضطراب ثنائي القطب؟

يوجد نمطان من الحالة المزاجية في اضطراب ثنائي القطب، هما Depression والهوس، ويحمل كل منهما أعراضه المميزة.

يكون اللون الطاغي في حالة الهوس، حسب a study (Culpepper.2014) هو فرط النشاط والطاقة والأعراض التي تندرج تحتها، والتي تتضمن الشرود وسهولة فقدان التركيز، وانخفاض الرغبة في النوم، والسعادة المفرطة، والميل للنشاطات الخطيرة، والقيام بسلوكيات غير رصينة ومخلة بالآداب، واختبار الهلوسات والأوهام، بالإضافة للميل إلى العنف والعصبية وكثرة الكلام.

 تستمر حالة الهوس عادةً نحو أسبوع من الزمن، وتنقسم إلى نوعين، هما الهوس والهوس الخفيف، حيث تشمل الأعراض السابقة حالة الهوس، بينما تكون الأعراض أكثر خفة، ومن دون تأثير قوي على حياة المصاب أو الأعراض المهلوسة والمتوهمة في حالة الهوس الخفيف.

على الجانب الآخر، يطغى لون الخمول والحزن على حالة الاكتئاب، وقد يشعر الشخص بالرغبة في البكاء من دون وجود سبب واضح، وتتملكه مشاعر من تأنيب الضمير والذنب وفقدان الأمل، ويعاني من صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات، ويصاب بحالة من التعب والخمول الشديدين والرغبة الكبيرة في النوم وعدم النهوض من السرير، وفقدان الاهتمام بالنشاطات المختلفة الممتعة والمهمة كالعمل والدراسة، وأخيرًا في بعض الحالات الشديدة، قد يراود الشخص أفكار عن الانتحار وإيذاء الذات. 

وجدت a study (Perich T. et, al. 2013) أن الاضطرابات الفكرية في حالة الاكتئاب، مثل: صعوبة التركيز والذاكرة واتخاذ القرار، تكون عادةً من أول الأعراض التي يلاحظها الآخرون على الأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب، كونها تصعب عليهم أداء وظائفهم وواجباتهم في العمل والمنزل.

ما أهم أنواع اضطراب ثنائي القطب؟

يصنف اضطراب ثنائي القطب ضمن نوعين اثنين اعتمادًا على نمط الحالة المزاجية الموجودة وشدتها، وهما:

1. اضطراب ثنائي القطب I: يختبر الأشخاص المصابون بهذا النمط لمرة واحدة على الأقل في حياتهم حالة من الهوس، وحالة من الاكتئاب، لكن تعد حالة الهوس هي الأهم والعنصر المميز لهذا النمط والمطلوب وجوده رئيسيًّا لوضع التشخيص المناسب وتحديد نمط الاضطراب.
2. اضطراب ثنائي القطب II: يتميز هذا النمط باختبار المصابين به حالة من الهوس الخفيف في مرة واحدة على الأقل في حياتهم، إلى جانب حالة من الاكتئاب.

كيف يعالج اضطراب ثنائي القطب؟

يقوم الطبيب النفسي بتشخيص اضطراب ثنائي القطب، ويضع خطة العلاج المناسبة التي تقوم على ركيزتي العلاج الدوائي والعلاج النفسي

العلاج الدوائي: توجد الكثير من أنواع الأدوية التي تستخدم في علاج أعراض اضطراب ثنائي القطب، ويختلف نوع الدواء المستخدم حسب الحالة المزاجية المسيطرة وشدة الأعراض. 

يهدف العلاج الدوائي بصورة رئيسية إلى مساعدة المريض على السيطرة على الأعراض وضبط التقلب بين حالتي الهوس والاكتئاب، حتى يتمكن من عيش حياة مستقرة يستطيع فيها الإنجاز والعمل.

 يتصف العلاج الدوائي بآثاره الجانبية وتفاعلاته التي تختلف من مصاب لآخر، وتصعّب هذه الأسباب على المصاب باضطراب ثنائي القطب حالة تناول الدواء، مع هذا يتصف العلاج الدوائي بالحساسية، إذ من الخاطئ جدًا إيقاف تناول الدواء أو تغيير الجرعة أو التحول لدواء جديد دون استشارة الطبيب المختص والمشرف، الذي يعلم تأثير كل دواء والجرعة المناسبة له.

العلاج النفسي: يتعامل العلاج مع الآثار العاطفية التي تتركها الحالات المزاجية لاضطراب ثنائي القطب، ومع السلوكيات التي ينتجها الاضطراب، ويساعد المصاب على التعرف على المحرضات التي تدفع للتقلب بين الحالات المزاجية.

 يهدف العلاج النفسي أيضًا إلى تعليم المصاب كيفية التعامل مع آثار اضطراب ثنائي القطب، والأفكار المرافقة للحالات المزاجية من الهوس والاكتئاب. 

لا ينفصل العلاج النفسي عن العلاج الدوائي، إذ يملك كل منهما تأثيرًا مكملًا للآخر، يشمل العلاج النفسي الأصدقاء وأفراد العائلة للشخص المصاب باضطراب ثنائي القطب، إذ يعلمهم المعالج النفسي كيفية التعامل مع المصاب، والعناية به في أوقات الضرورة، ومساعدته ودعمه.

يؤثر اضطراب ثنائي القطب في حياة الكثير من الأشخاص، ويهدف اليوم العالمي الخاص بهم إلى زيادة الوعي تجاه هذه المجموعة من الأشخاص، وزيادة الوعي تجاه الصحة النفسية والاهتمام بها، وتجاه الاضطرابات النفسية وزيادة الثقافة والمعلومات نحوها

الدراسات:

1.   Culpepper L. The diagnosis and treatment of bipolar disorder: decision-making in primary care. Prim Care Companion CNS Disord. 2014;16(3):PCC.13r01609. doi:10.4088/PCC.13r01609.

2.   Perich T, Mitchell PB, Loo C, et al. Clinical and demographic features associated with the detection of early warning signs in bipolar disorder. J Affect Disord. 2013;145(3):336-340. doi:10.1016/j.jad.2012.08.014