الرياضة.. شريكك إلى التنمية الذاتية المستدامة والسلام الداخلي
الرياضة ككلمة تلقى القبول لدى الجميع بغض النظر عن مدى التزامهم بممارستها والاهتمام بها بشتى صورها؛ لأنها ترتبط ذهنيًا بمعنى إيجابي وترسم صورًا جاذبة عن الذات وعن الآخرين.
وهذا القبول الجماعي العالمي لمفهوم الرياضة ولممارساتها المتنوعة ربطها بكثير من المبادئ، بل وحتى بالحملات العالمية لتسويق مفاهيم أشمل ومنها تسمية (اليوم العالمي للرياضة من أجل التنمية والسلام).
ورغم أن هذه المناسبة المثبّتة في التقويم العالمي للأحداث تعنى أكثر بتسويق دور الرياضة في تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة، ودعم مفهوم السلام في مناطق العالم المختلفة.
لكنني هنا أريد التركيز على دور الرياضة في دعم الفرد للوصول إلى تنمية “ذاتية” مستدامة، وتحقيق السلام الداخلي. وأنطلق هنا في هذا التقديم من ذات التمهيد الذي بدأت به المقالة: بأن الرياضة كمفهوم ذات مقبولية عالية لدى الجميع. الخطوة الأولى هي أن ينتقل الفرد من مجرد قبول الرياضة كمبدأ إلى قبول حضورها في جدول أولوياته. سواءً تحت مسمى الشغف، أو تحت مسمى الفوائد البدنية/الذهنية/النفسية أو تحت مسمى المكاسب الاجتماعية من ممارستها، يجب على كل فرد في المجتمع أن يختار له ممارسة رياضية معينة يبدأ بجعلها حاضرة في مشوار أعماله (يوميًا أو أسبوعيًا على الأقل).
بحكم تخصصي الرياضي وكذلك كممارس رياضي مخلص، أقول وبثقة أن الانسان وبمجرد إدخال ممارسة الرياضة في قاموسه الشخصي للفعاليات، سوف يستشعر فورًا فائدة أولى وهي فائدة البهجة. الرياضة تعطي الفرد شعورًا فوريًا بالابتهاج عند ممارستها.
سريعًا ما تتزايد مكاسب ممارسة الرياضة إلى شعور متزايد بالرضا عن الذات، مصحوبة بتحسّن عالٍ في مؤشرات الصحة البدنية. هذا التصاعد “الإيجابي” في الحالة البدنية النفسية بالتأكيد يكون مصحوبًا بمستوى أعلى من شحذ الحواس والقدرات الذهنية معزّزة بمنظومة عواطف إيجابية متصاعدة.
فما بالك لو كان هذا النشاط الرياضي بوابة لتجارب اجتماعية مريحة من قبيل التعارف بآخرين يتشاركون مع الفرد ذات الاهتمامات الرياضية، ويكونون متاحين لسد هذه الحاجة إلى أقران يتفقون معه في الشغف والرغبة؟
كل ذلك كفيل بتنمية الفرد ذاتيًا بكسب العواطف الإيجابية، وتعزيز القوة الذهنية لدحض المشاعر السلبية المكتسبة عبر جوانب أخرى في الحياة الصاخبة، ومد أصول هذه التنمية إلى تنمية جسدية تعطي الفرد قوة وقدرة على مسايرة نسق الحياة المتسارع الصعب، وصولًا إلى حالة ذهنية ونفسية أفضل تتسم بالتوازن أكثر بين عوامل الرضا وعوامل التحدي وتكون عاملًا رئيسيًا في سلام الفرد.
لننطلق في ذلك من قبولنا الجماعي لمفهوم الرياضة، بأن نحوّل هذا القبول إلى تطبيق حياتي فعلي للرياضة (أيًا كانت صورتها) بأن نسمح لها بأن تكون شريكنا لنحقق مكاسب أعلى في التنمية الذاتية المستدامة، وفي السلام الداخلي.