أسباب الكابوس.. متى يشكل الكابوس علامة أو تهديداً للصحة النفسية؟
قد تستيقظ من النوم بسبب كابوس مزعج مع مشاعر مختلطة من الخوف والرعب، عليك أن تعرف بأنك لست وحدك، يعتقد البالغون أن الأطفال فقط من يعانون من الكوابيس، والحقيقة أن الكوابيس أكثر شيوعاً عند الأطفال فعلاً لكنها تصيب البالغين بكثرة أيضاً.
قد تبدأ الكوابيس عند الأطفال بعمر 3-6 سنوات وتميل إلى الانخفاض بعد سن العاشرة، وبعض الناس تستمر لديهم الكوابيس حتى عندما يصبحون بالغين وقد تستمر طوال حياتهم، عند استمرار الكوابيس لفترات طويلة من الحياة وبشكل متكرر قد يعني هذا أنك مصاب باضطراب الكابوس.
في هذا المقال سنتحدث عن الكوابيس وأسبابها، وكيف يمكن علاجها.
أسباب الكابوس وعلاقته مع النفس البشريّة
ما هي الكوابيس؟
الكوابيس هي أحلام مزعجة وواقعية بشكل واضح، تقوم بتحريك عقلك الباطن ودفعك للاستيقاظ، وغالبًا ما تجعلك تشعر بأن قلبك ينبض من الخوف، تميل الكوابيس غالباً للحدوث أثناء مرحلة حركة العين السريعة (REM)، في هذه المرحلة تحدث الأحلام والتي قد تتحول إلى كوابيس.
مرحلة حركة العين السريعة تحدث بعد الخلود للنوم ب 90 دقيقة، نظراً لأن فترة حركة العين السريعة تصبح أطول تدريجيًا مع تقدم النوم، فقد تجد أنك تعاني من الكوابيس في أغلب الأحيان في ساعات الصباح الباكر أو قبل الاستيقاظ بفترة قصيرة.
تختلف مواضيع الكوابيس من شخص لآخر، لكن هناك بعض الكوابيس الشائعة التي يعاني منها الكثير من الناس، على سبيل المثال: يعاني الكثير من البالغين من كوابيس حول عدم قدرتهم على الجري بسرعة كافية للهروب من الخطر أو السقوط من ارتفاع كبير، أيضاً إذا مررت بحدث صادم مثل هجوم أو حادث، فقد تراودك كوابيس متكررة بشأن تجربتك.
في الواقع لا يوجد تعريف واضح للكوابيس وطبيعتها، لكنها في المجمل مزيج من المشاعر والأفكار السلبية التي يقوم عقلك الباطن بإظهارها لك في نومك على شكل حلم مزعج مما يجعلك تستيقظ وأنت خائف أو مرتعب.
ما هي أسباب الكابوس؟
لا تزال طبيعة وأسباب حدوث الأحلام والكوابيس غامضة بالنسبة للعلماء، على الرغم من أننا لا نعرف ما الذي يسببها، إلا أننا نعرف الكثير من الأمور التي يمكن أن تزيد من احتمالية حدوث الكوابيس:
1- القلق أو التوتر
يمكن لضغوط الحياة اليومية أن تسبب الكوابيس، القلق بشأن الدراسة أو العمل يمكن أن يجعلك أكثر عرضة لرؤية كابوس، أيضًا الأحداث والتغيرات الكبيرة في الحياة مثل: الانتقال أو فقدان أحد أفراد الأسرة تعد من أهم أسباب الكابوس.
2- الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة
رؤية الكوابيس بعد حدث مؤلم أمر طبيعي وشائع، ويعد إحدى الطرق التي يعبر فيها عقلك الباطن عن تعرضه لصدمة كبيرة مثل: الاعتداء الجسدي أو الاعتداء الجنسي أو وقوع حادث ما.
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) فالكوابيس أمر شائع، إذا كنت تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، فقد تكون لديك اضطرابات نوم شديدة وتحدث بشكل متكرر، ويمكن للكوابيس أن تجعل اضطراب ما بعد الصدمة أسوأ.
3- اضطرابات الصحة النفسية والعقلية
إذا كنت تعاني من بعض اضطرابات الصحة العقلية مثل: الاضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب أو اضطراب القلق العام أو الفصام فمن المرجح أن تراودك الكوابيس، في هذه الحالة قد يقترح طبيبك بعض الحلول كتقنيات تخفيف التوتر أو أنواع مختلفة من العلاج التي يمكن أن تساعد في تقليل الكوابيس إلى الحد الأدنى.
ما هو اضطراب الكابوس؟
اضطراب الكابوس هو نمط من الأحلام المخيفة المتكررة والواقعية التي تسبب ضيقاً كبيراً أو ضعفاً في أداء المهام اليومية، يصنف اضطراب الكابوس كأحد أنواع الباراسومنيا وهي اضطرابات سلوكية في النوم.
عندما تبدأ الكوابيس بالحدوث بشكل متكرر ولفترة طويلة من الحياة فهذا قد يعني أنك مصاب باضطراب الكابوس، فالكوابيس شائعة وتصيب كل الناس في مختلف الأعمار، لكن التكرار والشدة والمدة التي تتعرض فيها للكوابيس هو ما يحدد إذا كنت مصاباً باضطراب الكابوس أم لا.
تتراوح شدة اضطراب الكابوس بناءً على حدوث الكوابيس:
1- خفيف : أقل من كابوس واحد في الأسبوع.
2- معتدل : واحد أو أكثر من الكوابيس في الأسبوع.
3- شديد : كوابيس كل ليلة.
يمكن أن تختلف الكوابيس في المدة:
1. يستمر اضطراب الكابوس الحاد لمدة شهر أو أقل.
2. يستمر اضطراب الكابوس تحت الحاد لمدة شهر واحد على الأقل ولكن أقل من ستة أشهر.
3. يستمر اضطراب الكابوس المزمن لمدة ستة أشهر أو أكثر.
ما هي أعراض اضطراب الكابوس؟
بعض الأعراض التي تتميز بها الكوابيس في اضطراب الكابوس:
1. يبدو حلمك حقيقياً ومزعجاً للغاية، وغالباً ما يصبح أكثر إزعاجاً مع تطور الحلم.
2. عادة ما ترتبط قصة الكابوس بالتهديدات التي تهدد السلامة أو البقاء على قيد الحياة، ولكن يمكن أن تحتوي على مواضيع أخرى مزعجة.
3. تشعر بالخوف أو القلق أو الغضب أو الحزن أو الاشمئزاز بعد استيقاظك من الكابوس.
4. تشعر بالتعرق أو تتسارع نبضات القلب أثناء وجودك في السرير.
5. يمكنك التفكير بوضوح عند الاستيقاظ ويمكنك تذكر تفاصيل حلمك.
6. حلمك يسبب لك الضيق مما يمنعك من العودة إلى النوم بسهولة.
ما هي أسباب اضطراب الكابوس؟
يواصل الباحثون دراسة النوم وتأثيره على البشر، وعلى الرغم من تعلمهم الكثير عن النوم والأحلام والكوابيس، إلا أنهم ما زالوا يجهلون الكثير من الأمور حوله، لا يعرف الباحثون بالضبط ما الذي يسبب الكوابيس واضطراب الكابوس، لكن لديهم نظريات متعددة.
إحدى النظريات تقول: إن اضطراب الكابوس يتأثر بزيادة فرط اليقظة الذي يتراكم أثناء النهار ويستمر في الليل، فرط اليقظة هو أحد أعراض تغير الحالة المزاجية التي تكون فيها سريع الإصابة بالانفعال والغضب والذعر، ويعد فرط اليقظة من الأعراض المعروفة لاضطراب ما بعد الصدمة والأرق، يمكن أن يتسبب فرط اليقظة في زيادة نشاط مناطق معينة من الدماغ أثناء النوم مما يسبب الكوابيس.
والنظرية الأخرى تنطوي على مفهوم يسمى انقراض الخوف، حيث أن دماغك في ظل الظروف العادية يكون قادراً على الجمع بين الذكريات السلبية والسياقات الجديدة غير المرتبطة بهذه الذكريات لجعلك قادراً على النوم والحصول على أحلام طبيعية، وهذا ما يسمى انقراض الخوف.
وفقاً للنظرية التي وضعها العلماء فالشخص الذي يعاني من اضطراب الكابوس قد يملك حالة من ضعف انقراض الخوف، وبالتالي فالأشخاص الذين يعانون من اضطراب الكابوس يستمرون في تنشيط ذكريات الخوف أثناء النوم، وذلك لكونهم يعانون من صعوبة في تنظيم عواطفهم في المواقف العصيبة ويميلون إلى التفاعل بشكل سلبي مع التوتر.
هل هناك علاج لاضطراب الكابوس؟
الكوابيس ورغم تأثيرها السلبي إلا أنها من الأمور الطبيعية التي قد نتعرض لها بشكل دوري، عدم معرفتنا لأسباب الكابوس يعيقنا عن إيجاد علاج جذري لها ولكنها من الأمور الطبيعية وغير الضارة، ولكن تكرارها وزيادة حدوثها مع الزمن كما يحدث في اضطراب الكابوس قد يسبب العديد من المشاكل الصحية.
إليك بعض الطرق التي قد تساعدك في التقليل من تعرضك للكوابيس للحد الأدنى:
1. تتبع أنماط النوم/الاستيقاظ اليومية باستخدام سجل النوم.
2. تتبع تكرار الكابوس وشدته من خلال سجل النوم.
3. التعرف على طبيعة الكوابيس.
4. ممارسة المهارات التي تستهدف الصور والأفكار والعواطف المتعلقة بالكوابيس، والتي قد تؤدي إلى انخفاض حدوث الكوابيس.
تعمل هذه العلاجات المعتمدة على العلاج السلوكي المعرفي على تصوير الكوابيس على أنها تخدم غرضاً مفيداً من خلال مساعدتك على معالجة الأحداث التي تعرضت لها في الماضي عاطفيًا، لكن مع مرور الوقت قد تصبح هذه الطريقة مزعجة، استشارة الطبيب أو المعالج النفسي قد تساعدك بشكل أكبر في تشخيص حالتك وإيجاد حل لها.