في السنوات الأخيرة زاد الوعي بأهمية الصحة النفسية، مما أدى إلى زيادة الطلب على العيادات النفسية نظرًا لدورها المهم الذي تلعبه في نظام الرعاية الصحية، إذ من خلالها يقدم المختصون والأطباء الدعم والعلاج للأشخاص الذين يعانون من المشاكل النفسية والعاطفية. تحتوي هذه العيادات مجموعة واسعة من الخدمات مثل: التشخيص، والعلاج، والدعم النفسي، وحتى التأهيل الاجتماعي وهذه الخدمات تصب في مصلحة تحسين مستوى حياة الأشخاص وتساعدهم على التعايش مع التحديات النفسية بشكلٍ أفضل.

التقييم والتشخيص في العيادات النفسية

كخطوة أولية للحصول على العلاج الفعال يجب أن يتلقى الزائر التشخيص الدقيق والشامل، فالعيادات النفسية تقدم مجموعة متنوعة من الأمور التي تُستخدم لتقييم الوضع النفسي مثلًا: تُجرى مقابلات منظمة، أو يجري المريض أحد الفحوص النفسية المعتمدة عالميًا، أو يجيب على استبيانٍ مفصل. مرحلة التشخيص مهمة جدًا كونها تحدد عددًا كبيرًا من الاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب، واضطرابات التوتر، واضطراب ثنائي القطب، وفصام الشخصية، واضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية. بعد إيجاد التشخيص المناسب يضع الأطباء أو المختصون النفسيون الخطة العلاجية المناسبة التي تتناسب مع احتياجات الشخص.

كيف يكون العلاج في العيادات النفسية؟

هناك أنواع مختلفة من العلاجات النفسية لكن عمومًا يكون الخط الأول في العلاج هو إرفاق المعالجة الدوائية مع جلسات المعالجة بالكلام، وتكون الأخيرة عبارة عن حجر الأساس في الخدمات التي تُقدم في العيادات النفسية، وهي تتضمن تفاعلات منظمة بين المختص والمريض يُستكشف ويُعالج من خلالها المشاكل النفسية التي يواجهها المريض، وهناك أنواع عديدة من العلاج بالكلام إليك أهمها:

العلاج السلوكي المعرفي

هو شكل من أشكال العلاج النفسي بالكلام الذي أثبت فعاليته لمجموعة من الاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب، واضطرابات التوتر كالرهاب الاجتماعي، ومشاكل إدمان الكحول والمخدرات، والمشاكل الزوجية، واضطرابات الأكل. تبين العديد من الدراسات أن العلاج السلوكي المعرفي يؤدي إلى تحسن ملحوظ في جودة الحياة، ويستند على عدة مبادئ أساسية هي:

• تستند المشاكل النفسية جزئيًا على طرق التفكير الخاطئة أو غير المفيدة.
• تستند المشاكل النفسية جزئيًا على الأنماط المكتسبة من السلوك غير المفيد.
• يمكن للأشخاص الذين يعانون من المشاكل النفسية تعلم طرق تساعدهم على التأقلم معها، وبالتالي تخفيف أعراضها وزيادة فعاليته في الحياة.

يركز العلاج السلوكي المعرفي على تعليم الأفراد أن يكونوا المعالجين النفسيين لذاتهم، وذلك من خلال التمارين التي يجرونها في الجلسات التي تساعدهم في التخلص من طريقة تفكيرهم والسلوكيات غير المفيدة، مما يؤدي لمساعدتهم في تطوير مهارات للتأقلم مع أفكارهم وسلوكياتهم ومشاعرهم الإشكالية. 

العلاج النفسي الديناميكي

يركز العلاج النفسي الديناميكي على العمليات اللاواعية التي تتجلى في سلوك المريض، فيكون هدف هذا النوع من العلاج هو وعي المريض لذاته وفهمه لتأثير الماضي على سلوكه الحالي. غالبًا ما يحدث ذلك من خلال فحص النزاعات والأعراض التي لم تُحل والتي نشأت من العلاقات غير السليمة في الماضي.

العلاج الأسري  

العلاج الأسري هو نوع من أنواع العلاج النفسي المصمم للمساعدة في حل المشكلات التي تؤثر بشكلٍ خاص على الصحة النفسية لأفراد الأسرة الواحدة. يمكن أن يساعد هذا النوع من العلاج على بناء علاقات أقوى، وتحسين التواصل، وإدارة النزاعات، إذ من خلال تطوير تفاعل وتواصل أفراد الأسرة مع بعضهم البعض وإيجاد نقاط مشتركة سوف تتعزز العلاقات الوثيقة فيما بينهم.

التدخل في حالات الطوارئ

يمكن للمريض اللجوء للعيادات النفسية في حال مروره بتجربة نفسية طارئة حادة، تُعرّف هذه الحالات بأنها تجارب نفسية مرهقة للغاية تفوق طاقة الفرد للتأقلم معها، تتضمن هذه الحالات ما يلي: نوبات الهلع الشديدة، أو الرغبة الانتحارية، أو نوبات الذهان، أو حالات الوفاة، أو العنف، أو اكتشاف مرض قاهر. يعمل هذا النوع من العلاج من خلال الحد من الضرر الدائم المحتمل حدوثه للمريض عن طريق الدعم الفوري والاستعانة بالخدمات والرعاية الطبية الضرورية.

العلاج بالأدوية

بالإضافة إلى العلاج بالكلام، يصف الأطباء النفسيون الأدوية في العيادات النفسية وهم وحدهم فقط مؤهلون للقيام بذلك، أي لا يمكن للمعالج النفسي على سبيل المثال أن يصف الأدوية، وبعد وصف الأدوية يصبح المريض ملزمًا بمراجعة الطبيب؛ لتقييم مدى فعالية الأدوية ومدى تأثير الأعراض الجانبية إن وجدت. يوجد أصناف عديدة للأدوية النفسية مثل: مضادات التوتر، ومضادات الاكتئاب، ومضادات الذهان، ومثبتات المزاج، وغالبًا ما توصف الأدوية إلى جانب أحد أنواع العلاج بالكلام لتحقيق العلاج الشامل.

 ما أهمية العيادات النفسية؟

تُعد الخدمات التي تقدمها العيادات النفسية ضرورية لتلبية الاحتياجات المتنوعة والمعقدة للأفراد الذين يعانون من المشاكل النفسية المختلفة، إذ تقدم هذه العيادات نهجًا شاملًا لرعاية الصحة النفسية، وتشمل جميع الخطوات اللازمة للوصول إلى الراحة النفسية، يدخل المريض فيحصل على التشخيص المناسب ومن بعدها يتلقى العلاج الملائم لحالته، وبذلك تلعب العيادات دورًا حيويًا في مجتمعاتنا اليوم من خلال تحسين السلامة النفسية والرفاهية العامة للمرضى.

علاوةٌ على ذلك، تساهم العيادات النفسية في تخفيف الضغط على خدمات الطوارئ والمستشفيات، وهي تحد من تصعيد أزمات الصحة النفسية وتعزيزها على المدى الطويل من خلال تقديم الرعاية سواءً المبكرة أو من خلال التدخل في حالات الطوارئ.

ما هو دور التكنولوجيا في العيادات النفسية؟

في الأعوام الأخيرة، بدأت التكنولوجيا تلعب دورًا أكبر في الصحة النفسية، فالعديد من العيادات النفسية أصبحت تدرج خدماتها على الإنترنت كاسرةً بذلك الحواجز الجغرافية، مع تقديم التسهيلات للأشخاص الذين يجدون صعوبة في التواجد شخصيًا على أرض الواقع. بالإضافة إلى ذلك تقدم تطبيقات هذه العيادات العديد من الموارد ليساعد الفرد نفسه، الجدير بالذكر أنه في لبيه يمكنك الوصول إلى العديد من الخدمات سواء عبر تحميل التطبيق أو عن طريق الموقع مباشرةً، ويمكنك أيضًا الحصول على مساعدة نخبة من الأطباء والمختصين النفسيين.

أصبحت الصحة النفسية جزءًا مهمًا في حياة الكثيرين اليوم، ويسعى الجميع دومًا الوصول أو الحفاظ على حالة من الرفاهية والطمأنينة النفسية، والعيادات النفسية واحدة من الأمور التي لها دور كبير في تعزيز تلك الرفاهية.

المصادر: 1 2 3 4