إدمان الإنترنت وعلاقته بالعزلة الاجتماعية
شكّل اكتشاف الإنترنت نقلة نوعية في الحياة البشرية، وغيَّر بشكل كبير الطريقة التي نعيش ونتعلم ونعمل بها، فقد ساهم في جعل المعلومات في متناول الجميع، وأتاح لنا التواصل مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى الخدمات الكثيرة التي يقدمها في مجالات الدراسة والعمل والتنقل والتسوق وغير ذلك الكثير.
لكن بعض الأشخاص لم يستطيعوا السيطرة على أنفسهم وأصبحوا يمضون الكثير من الوقت على الإنترنت مقيدين بحواسيبهم أو هواتفهم المحمولة، وتدعى هذه الحالة بإدمان الإنترنت. سنتعرف في هذا المقال على إدمان الإنترنت وأسبابه وعلاقته بالعزلة الاجتماعية وأهم النصائح للوقاية منه.
ما هو إدمان الإنترنت؟
يندرج إدمان الإنترنت ضمن الإدمان السلوكي، حيث يمضي الشخص فترات طويلة من الوقت على الإنترنت مهملًا تفاصيل حياته الأخرى كالعمل والدراسة و العلاقات الاجتماعية، وعند حرمانه من الإنترنت لفترات طويلة يزداد التوتر والقلق لديه. يعتقد علماء النفس أن إدمان الإنترنت يجب أن يُعامل مثل أنواع الإدمان الأخرى، خصوصًا وأن هذه الحالة في ازدياد واضح خاصة عند الأطفال والمراهقين، ما يؤدي لتأثيرات سلبية كبيرة على Psychological health والجسدية.
تتضمن الأنشطة التي من الممكن أن يمارسها الشخص المصاب باضطراب إدمان الإنترنت كلًا من إدمان المراسلات، وبناء علاقات مع الأشخاص الآخرين عبر الإنترنت، وإدمان البحث عن معلومات مختلفة عبر الإنترنت وإدمان الألعاب الإلكترونية والتسوق عبر الإنترنت.
ما أسباب إدمان الإنترنت؟
إن سهولة الوصول للإنترنت، والخيارات الكبيرة التي يتيحها للمستخدمين، وشعور المتعة، يجعل من الصعب على بعض الأشخاص تحديد الوقت الذي يقضونه عليه، في الحقيقة لا يوجد سبب واضح لإدمان الإنترنت، وقد تتداخل عدة عوامل في حدوث ذلك، ولعل من أهمها وجود اضطرابات نفسية سابقة كالقلق أو الاكتئاب، كما تلعب العوامل الوراثية والبيئية دورًا مهمًا، فقد اقترح بعض الخبراء أن معظم السلوكيات الإدمانية ترتبط بشكل كبير مع نقص في تركيز الدوبامين واضطراب توازن السيروتونين والدوبامين وهذان الناقلان العصبيان لهما تأثيرات كبيرة على المزاج.
ما أهم أعراض وعلامات إدمان الإنترنت؟
تتنوع الأعراض والعلامات التي ترافق إدمان الإنترنت، مع الإشارة إلى أن معظمها بسيطة بحيث لا يلاحظها الشخص، وحتى إن لاحظها لا يربط بينها وبين استخدام الإنترنت، ووفقًا لدراسة (Cash.2012) فقد تم تحديد الإدمان عبر الإنترنت في حال كان الشخص يقضي عدة ساعات من وقته على الإنترنت في أنشطة غير مرتبطة بالعمل كتصفح المواقع الإلكترونية أو ممارسة ألعاب الفيديو مع ملاحظة الأعراض التالية:
- تغيرات مفاجئة وحادة في المزاج.
- القلق على حساباتك الشخصية عندما لا تستطيع الوصول إليها.
- زيادة قضاء الوقت على الإنترنت للحصول على متعة وسعادة أكثر.
- أعراض الانسحاب (القلق والإكتئاب والخمول والآلام الجسدية) عند عدم قضاء الوقت المعتاد على الإنترنت.
ما أبرز مضاعفات إدمان الإنترنت؟
يترافق اضطراب إدمان الإنترنت مع مجموعة كبيرة من المضاعفات الصحية النفسية والجسدية، فقد ربط الباحثون بين الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وكل من الاكتئاب والقلق وسوء تقدير الذات والرهاب الاجتماعي وغير ذلك من التأثيرات السلبية على الصحة النفسية.
بالإضافة إلى ذلك تم الربط بين اضطراب إدمان الإنترنت ومجموعة كبيرة من المشاكل الجسدية كزيادة خطر السمنة وتطور داء السكري وارتفاع التوتر الشرياني، وربط Search (Sophie.2017) بين إمضاء الكثير من الوقت على الإنترنت وبطء التطور المعرفي لدى الأطفال، وأكدت a study (Joundi.2021) أن إدمان الإنترنت يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
إدمان الإنترنت وعلاقته بالعزلة الاجتماعية؟
تتعدد سلبيات اضطراب إدمان الإنترنت إلا أن أهمها حدوث العزلة الاجتماعية، فالأشخاص الذين يمضون معظم وقتهم على الإنترنت يميلون للانعزال عن الوسط المحيط بهم، ولا يجدون أي متعة في التواصل مع الأشخاص الواقعيين في محيطهم، ويفضلون عوضًا عن ذلك التواصل مع أشخاص آخرين لا يعرفونهم عبر الإنترنت؛ لأن ذلك يجعلهم يشعرون بقدر أكبر من الراحة والسعادة، فهم ببساطة يستبدلون عالمهم الحقيقي بعالم آخر افتراضي لا يعرفون عنه شيئًا.
وبشكل مشابه، يميل الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية إلى قضاء الكثير من الوقت على الإنترنت هربًا من التعامل مع الأشخاص المحيطين بهم، لأنهم يجدون العلاقات الافتراضية أكثر إفادة لهم وراحة من ضغوط التواصل المباشر مع الأشخاص.
ما هي أهم النصائح لعلاج اضطراب إدمان الإنترنت؟
من الممكن أن يعتقد البعض أن علاج إدمان الإنترنت يبدأ بالتخلص نهائيًا من استخدام الإنترنت لكن ذلك ليس صحيحًا، فعلاج هذا الإدمان يهدف لوضع حدود لاستخدام الإنترنت وتقليله إلى المستويات الطبيعية التي تسمح للشخص بالعمل والدراسة والحفاظ على علاقاته الاجتماعية بشكل جيد، وأكدت معظم الدراسات على أن الجمع بين Psychotherapy وممارسة التمارين الرياضية والأدوية يساعد بشكل فعال على تقليل الوقت الذي تمضيه على الإنترنت، بالإضافة إلى ذلك هناك بعض النصائح التي من الممكن اتباعها لتخفيف إدمان الإنترنت ولعل من أهمها:
ضبط مؤقت على هاتفك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك:
تحتوي بعض الهواتف الذكية على تطبيقات خاصة تساعد على تقييد الوقت الذي تمضيه على الإنترنت، حيث يمكنك تقييد الاستخدام عند تجاوز الوقت اليومي المحدد للإنترنت.
قضاء وقت أكثر مع الأشخاص المحيطين بك:
احرص على ألا تبقى وحيدًا، لأن ذلك يجعل الابتعاد عن الإنترنت أصعب، ويدفعك لتأجيل قرارك بالتخلص من إدمان الإنترنت، يمكنك الانضمام إلى نادي الكتب أو نادي رياضي أو إمضاء السهرة يوميًا مع أفراد عائلتك أو الخروج في نزهة مع أصدقائك المقربين.
ممارسة تمارين التأمل والاسترخاء:
إن إمضاء الكثير من الوقت على الإنترنت يسبب إرهاقًا كبيرًا لدماغك، لذلك فأنت بحاجة للاستراحة، والتي يمكن تحقيقها عبر ممارسة تمارين التأمل لبضع دقائق كل يوم.
في النهاية، تذكر أن إدمان الإنترنت له آثار سلبية كبيرة على الأفراد وخاصة الأطفال والمراهقين، وعلى الرغم من أن التخلص من هذا الاضطراب صعب، لكنه ليس مستحيلًا، وقد يُحدث فرقًا كبيرًا في نوعية حياتك، يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على التخلص من إدمان الإنترنت وتطوير الوسائل والتقنيات الكافية لتحقيق ذلك.
روابط الدراسات:
Hilarie Cash, Cosette D Rae, Ann H Steel, and Alexander Winkler, Internet Addiction: A Brief Summary of Research and Practice, University of Marburg, Department for Clinical Psychology and Psychotherapy, Gutenbergstraße 18, 35032 Marburg, Germany, 2012 Nov.
Sophie Domingues-Montanari, Clinical and psychological effects of excessive screen time on children, The Royal Australasian College of Physicians, April 2017
Raed A. Joundi, Scott B. Patten, Jeanne V.A. Williams and Eric E. Smith, Association Between Excess Leisure Sedentary Time and Risk of Stroke in Young Individuals, American Heart Association, Aug 2021
المقالات المقترحه:
← اقرأ ايضاً: تأثير العزلة الإيجابي.. كيف يساعدنا الابتعاد عن الناس في تصحيح مسار النفس
← اقرأ ايضاً: خاص: تأثير نمط الحياة على جودة الرعاية الصحية وأنواعها عبر الإنترنت
← اقرأ ايضاً: ما هي دوافع الإدمان وكيف تتجنبها؟
أشهر المختصين:
← احجز جلستك الآن: د. ساره الشهراني