كيف تساعدنا الكتابة على عملية التعافي؟
“كثير ما تكون الكتابة انتصارًا هادئًا لصوت لا يسمع، وسيلة وحيدة لانسان يريد أن يعيد الاعتبار لروحه المشردة ، طوق نجاة لسابح in لجة الحياة طالما مر به العابرون وهو يتخوّض in اليم..” –منصور الحذيفي
لماذا نحتاج للكتابة؟ وما هي صلتها في التفريغ عن المشاعر؟
في بحث طوره عالم النفس جيمس بينكير خلال الثمانينات أظهر أن الأسرار تساهم في المرض الجسدي، وعلى وجه التحديد اكتشف أن الأشخاص الذين عانوا من الصدمة وأبقوها سرًا كانوا على الارجح يعانون من مشاكل صحية، وقاد هذا الاكتشاف العالم ببينكير إلى اطلاق دراسته المعروفة باستخدام الكتابة التعبيرية “Expressive Writing”.
وأثبتت النتائج فيما بعد إلى دلائل تشير الى جدوى فعل الكتابة للتعافي..*
إذا كيف نستطيع أن نفرغ عن مشاعرنا غير المرغوبة وبالتالي نشعر بالتحسن؟
عادةً تبدأ هذه العملية بمحاولة إدراك المشاعر نفسها وتسميتها وفهمها، وبالتالي قياس مؤشر خروجها الطبيعي وزمنه؛ فمؤخرًا أصبح من المعلوم أن للحزن في وقت الفقد مراحل، كما لوجود مراحل مختلفة لكل شيء، هذه المعرفة بالطبع لم تنقلنا للحلول مباشرة، ولكن على الأقل خففت من شعورنا الداخلي تجاه تلك الأمور التي تثقلنا..
وأنّ الاستخدام الصحيح للغة في وصف ما تشعر به ضروري ومهم في هذه العملية فهو يوجهك لتقييم مشكلتك ومدى حاجتك للمساعدة وكيف تكون.
توم باتلر كتب: “إذا علمنا الطريقة التي تولد بها Feelings السلبية technique خلال افكار معينة، خاصة تلك الافكار غير العقلانية، نكون قد امتلكنا سر عدم وقوعنا in التعاسة مجددًا“
ولعل الطريقة الاكثر وعيًا تحدث خلال الكتابة؛ فنحن عندما نكتب سرعان ما ندرك أن جملة من أصل مشاعرنا التي ترهقنا ما هي الا محصلة لفكرة مغلوطة غاب عنها الوعي.
وخلال عملي في الجلسات العلاجية واجهت حيرة المشاعر هذه مرارًا وتكرارًا من قبل العملاء، وعندما أشدد على أهمية التدخل بالكتابة، كأن جزء لا بأس به يسألني: كيف لصيغة المشاعر أن يجعلنا أكثر وعيًا؟ وكيف للكتابة كفعل مساعد أن يعين على ذلك؟
كنت أجيبهم دائمًا بضمان التجربة.. فقط جرب وأعطي نفسك مساحة خالية من كل شيء، وتذكر أنه لا يعني أنك عندما تكتب يجب أن تكون كاتبًا، او حتى تمتلك مهارات عالية في الكتابة..
كيف ابدأ كتابة ما أشعر به؟
ولكي يتم الموضوع وفق شروط محددة، عليك أن تعي أن كمال النهايات يأتي في التخطيط!
لذلك ابدأ باختيار مكان ملائم وهادئ وابتعد عن أي شيء يجعلك تشعر بالتوتر.
ثم خذ ورقة وقلم وأن شئت اعتمد على الكتابة بإحدى اجهزتك الذكية.
بادر بتحديد ما أنت بصدد الكتابة عنه، وصغ سؤالك جيدًا، وأبدأ..
من الطبيعي أن يخيم شعور من الحزن بعد كتابة ماهية شعورك، لاسيما عندما يكون الموقف صعبًا وحادًا، ولكن من المطمئن أن هذا الشعور الى حد ما طبيعي وافاد الباحثون في هذا المجال أن هذا التأثير لا يدوم طويلًا وسرعان ما تعمه جملة من الفوائد.
وهذا جزء من سحر العلاج بالكتابة، عندما تظن أنك تغرق وأن لا طوق نجاة قريب لينقذك، ثم وقد هدأ شعورك تكتشف أن القاع قريب وأن التوازن احتاج منك أن تهدأ حتى تستبين موطأ قدمك، وتنجو..
ولكي يتحقق هذا التوازن لابد للمرء أن يكون صادق مع نفسه، ويواجهها..
يجدر التنبيه الى أن اختيار الوقت الملائم للكتابة مهم، فلا بد من مراعاة وقت وقوع الحدث وآثاره، واختيار الوقت الأنسب، فقد يكون من غير المفيد الشروع في هذا الفعل أحيانًا، فنحن لا نريد أن تتحول عملية التعافي إلى عملية اجترار للأفكار والانتكاسة، لاسيما أن كأن سيعين على ايقاظ التجربة السابقة دون استعداد لمواجهتها وتأجيجها..
هناك أوقات سيساعدك فيها معالجك على توجيه تفكيرك نحو العنوان الملائم للكتابة، خصوصًا في مراحل متقدمة بعد تفريغ الجانب السيء والاتجاه نحو الكتابة الشمولية، وبالتالي رؤية أوسع وخيارات متعددة والتي من الممكن أن يكون ثقل المواقف السابقة قد حجبك عن رؤيتها وكان الثقل أصعب من أن تزيحه وحدك..
للراغبين في البدء وأخذ الخطوة الاولى، ارجو أن يصل مركب غايتكم إلى وجهته، وأن يقودكم سحر الكتابة البراق، ويوجهكم نحو مساحات واسعة ومرنة لم تدكوا وجودها، وتذكروا أن معالجكم النفسي كالمنارة، موجود لمساعدتكم بثبات إذا ما ضل بكم الطريق وصعبت عليكم وجهتكم..
*The Change Companies(Write Your Secrets: What James Pennebaker Discovered About Expressive Writing).