يعتبر تشخيص الأمراض النفسية من العمليات التي تتطلب دقة، فكثير من الأحيان يُخطئ الأشخاص في تفسير الأعراض الناتجة عنها ويعزوها إلى مرض جسدي. يوجد حاليًا الكثير من الأمراض النفسية الشائعة، تتراوح من الاكتئاب إلى اضطرابات القلق واضطراب ما بعد الصدمة، وعندما تعتمد على نفسك أو على الإنترنت للحصول على إجابات لحالتك، فقد تذهب إلى اتجاه يؤدي إلى تفاقم الأعراض لديك.

سنبين لك في هذا المقال أهمية التشخيص الصحيح للأمراض النفسية للحفاظ على صحة نفسية سليمة.

ماذا يقصد بالتشخيص الذاتي للأمراض النفسية؟

التشخيص الذاتي للأمراض النفسية يعني أنَّ الشخص يحاول تحديد وتقييم حالته النفسية بنفسه، ووضع تشخيص للمشاكل النفسية التي قد يواجهها، دون استشارة مختص في الصحة النفسية.

يتم ذلك عادةً عن طريق ملاحظته للأعراض واستنتاجه من التجارب الشخصية ومن تجارب غيره، أو عن طريق البحث عبر الإنترنت للتعرف على الاضطرابات النفسية وتوصيفها، فقد بينت a study أن 67.5% من البالغين يستخدمون الوسائل الإلكترونية للبحث عن معلومات صحية، وكان الأكثر ميلاً لذلك هم النساء بنسبة (52.4%). 

كما أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب كانوا أكثر عرضة بنسبة 42% لاستخدام الوسائل الإلكترونية في البحث عن معلومات صحية، مما يشير إلى أن وصمة العار المتعلقة بالصحة النفسية قد تدفع الأشخاص المصابين بالاكتئاب إلى البحث عن المعلومات عبر الإنترنت لتجنب التواصل مع المختصين وجهًا لوجه.

لماذا لا ينبغي عليك التشخيص الذاتي؟

عندما يتعلق الأمر بالصحة النفسية، فإن التشخيص الذاتي يمكن أن يكون أمرًا غير مفيد بل حتى خطير، إذ يتسم تشخيص الأمراض النفسية بتعقيداته وتنوعه، ويحتاج إلى معرفة واسعة وخبرة كافية لوضع التشخيص الصحيح، وفيما يلي أسباب توضح لماذا يجب عليك عدم التشخيص الذاتي للأمراض النفسية:

1- عدم الكفاية المعرفية: يحتاج التشخيص النفسي إلى خبرة ومعرفة متعمقة بالاضطرابات والأعراض المرتبطة بها، فقد يكون لديك فهمًا عامًا لبعض الاضطرابات النفسية، ولكن لا يمكنك أن تكون مؤهلًا بما يكفي لتحديد تشخيص دقيق.

2- الانحياز الشخصي: يمكن أن يؤدي التشخيص الذاتي إلى وجود انحياز شخصي قوي يؤثر على قدرتك على رؤية الأمور بشكل موضوعي، ويمكن أن تؤثر العواطف والتجارب الشخصية على مدى تقييم حالتك بشكل صحيح، فقد يدفعك التشخيص الذاتي إلى إلقاء اللوم على نفسك أو تجاهل أعراض مهمة، مما يؤثر سلبًا على التشخيص.

3- إغفال الأمراض الجسدية: في بعض الأحيان، قد تكون الأعراض النفسية ناتجة عن مشاكل صحية جسدية. التشخيص الذاتي قد يؤدي إلى إغفال الحاجة لفحص جسدي شامل قد يكشف عن أسباب جسدية تحتاج إلى علاج. 

لماذا من الضروري زيارة المختصين لتشخيص الأمراض النفسية؟ 

تحتاج الأمراض والاضطرابات النفسية إلى خبرة واسعة وتحليل عميق ودقيق للأعراض من قبل الأطباء والاختصاصيين النفسيين لوضع التشخيص الصحيح وبالتالي وضع خطة علاج مناسبة، فزيارة المختص المؤهل في تشخيص الأمراض النفسية ضرورية لعدة أسباب نذكر أهمها:

1- المعرفة الكافية والخبرة: يتمتع المختصون في مجال الصحة النفسية بالخبرة والمعرفة العميقة في التشخيص والعلاج النفسي، يقضون سنوات عديدة في الدراسة والتدريب لفهم الاضطرابات النفسية وأعراضها، ويتبعون أحدث المعايير والإرشادات الطبية في مجالهم.

2- التمييز بين الأعراض والاضطرابات المختلفة: يمكن أن تكون الأعراض النفسية متشابهة في بعض الأحيان، وقد تكون لها أسباب مختلفة، لذا يقوم المختص النفسي بتحليل الأعراض باستخدام مجموعة متنوعة من أدوات التقييم والمقابلات السريرية للحصول على صورة واضحة للحالة النفسية، وتحديد التشخيص المناسب. 

3- تقييم شامل للتاريخ النفسي والسلوكي: يتطلب تشخيص الأمراض النفسية فهمًا شاملاً للتاريخ النفسي والسلوكي للشخص، يقوم المختصون بدراسة العوامل التي قد تكون مرتبطة بالظروف النفسية الحالية ويجمعون معلومات حول التاريخ الطبي والعوامل البيئية والعواطف والعلاقات الاجتماعية، وهذا يساعدهم على تحديد التشخيص الصحيح.

4- توفير العلاج المناسب: بعد تشخيص الأمراض النفسية، يمكن للمختصين توفير العلاج المناسب ووضع خطة دقيقة للعلاج، فهم يستخدمون مجموعة متنوعة من العلاجات النفسية، مثل: العلاج المعرفي السلوكي، والعلاج الدوائي، والعلاج الجماعي، وهذا يعتمد على خصوصية كل حالة وكل اضطراب نفسي. فقد بينت a study أهمية التشخيص الدقيق واختيار العلاج المناسب لكل شخص، مع الأخذ في الاعتبار خصائص الشخص وتفضيلاته، وأكدت الدراسة أن الاضطرابات النفسية يمكن أن تكون معقدة ومتنوعة، وبالتالي يجب أن يكون العلاج مخصصاً لكل حالة.

ما هي الأمراض والاضطرابات النفسية التي يصعب تشخيصها ذاتيًا؟

هناك العديد من الأمراض والاضطرابات النفسية التي يصعب تشخيصها وتقييمها ذاتياً، وتحتاج إلى مختصين في الصحة النفسية لتشخيصها وعلاجها بشكل صحيح، ومن بين هذه الاضطرابات:

1- اضطرابات المزاج : كاضطراب الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب، يتميز هذان الاضطرابان بتغيرات مزاجية شديدة تتراوح بين الاكتئاب العميق والتوتر والقلق، ويتطلب تشخيصها وعلاجها تقييمًا متخصصًا للأعراض ومدى تأثيرها على حياة الشخص.

2- اضطرابات القلق : كاضطراب القلق العام واضطراب الهلع والرهاب الاجتماعي، تتميز هذه الاضطرابات بالتوتر والقلق المستمر والشديد الذي يؤثر على الحياة اليومية، لذلك من الصعب على الشخص تحديد ما إذا كان قلقه يعتبر اضطرابًا نفسيًا، أو مجرد حالة مؤقتة.

3- اضطرابات الشخصية : كاضطراب الشخصية الحدية واضطراب الشخصية النرجسية، تتميز هذه الاضطرابات بنمط ثابت وعميق للتفكير والسلوك يؤثر على العلاقات والوظيفة الاجتماعية، لذا يتطلب تشخيص هذه الاضطرابات تقييمًا طبيًا للأعراض وتأثيرها العام على الشخص.

4- اضطرابات الأكل : كاضطراب الأكل العاطفي واضطراب الأكل المرضي (فرط الأكل أو تقليل الأكل)، تتميز هذه الاضطرابات بتغيرات في سلوك الأكل والعلاقة غير الصحية مع الطعام، فقد أشارت a study إلى أن الأكل العاطفي يعتبر نوعًا شائعًا من الاضطرابات النفسية التي يلجأ فيها الأشخاص إلى تناول الطعام لتحسين مزاجهم وتجنب المشاعر المؤلمة، لذلك سيكون من الصعب على الشخص تحديد ما إذا كان يعاني من اضطراب أم حالة عابرة مؤقتة.

بشكل عام، يُنصح باستشارة مختص في الصحة النفسية إذا كنت تشعر بأي أعراض نفسية مزمنة أو تؤثر سلبًا على حياتك اليومية، فالمختصون لديهم الخبرة الكافية وأدوات التقييم المناسبة؛ لذا إذا كنت تعاني من أي أعراض نفسية فلا تترد في التواصل مع مختص، يمكنك ذلك من خلال تحميل تطبيق لبيه لتقديم الدعم والتوجيه اللازمين لمساعدتك على فهم حالتك وتقديم العلاج المناسب لك.

المراجع: 1,2,3