متلازمة أسبرجر هي واحدة من الحالات التي تقع ضمن طيف التوحد. وهي تتميز بوجود صعوبات في التفاعل الاجتماعي، سلوكيات متكررة واهتمامات محددة، ولكن مع الحفاظ على مستوى طبيعي أو متقدم من الذكاء والقدرات اللغوية. تعتبر أعراض متلازمة أسبرجر جزءًا من الاضطرابات النمائية العصبية، وتؤثر على كيفية تفاعل الأفراد مع العالم من حولهم. مما يجعلهم يواجهون تحديات فريدة في التواصل الاجتماعي والتكيف مع البيئات المحيطة.

في هذا المقال التفصيلي، سنستعرض أعراض متلازمة أسبرجر، مع التركيز على الجوانب الاجتماعية، السلوكية، الحسية، واللغوية. وكيفية تأثير هذه الأعراض على حياة الأفراد الذين يعانون من هذه المتلازمة.

أعراض متلازمة أسبرجر

1- صعوبات في التفاعل الاجتماعي

• فهم الإشارات الاجتماعية: أحد أكثر الأعراض وضوحًا لمتلازمة أسبرجر هو صعوبة فهم وتفسير الإشارات الاجتماعية غير اللفظية، مثل تعابير الوجه، نبرة الصوت، أو لغة الجسد. الأشخاص الذين يعانون من متلازمة أسبرجر قد يجدون صعوبة في قراءة المشاعر أو النوايا من تعابير وجه الآخرين، مما يؤدي إلى سوء الفهم في التفاعلات الاجتماعية.

• الصعوبة في تكوين الصداقات: الأطفال والبالغون الذين يعانون من متلازمة أسبرجر غالبًا ما يرغبون في تكوين صداقات، ولكنهم يواجهون تحديات كبيرة في هذا المجال. قد لا يفهمون القواعد الاجتماعية غير المكتوبة المتعلقة باللعب أو التفاعل مع الآخرين، مما يؤدي إلى شعورهم بالعزلة أو الرفض من قبل أقرانهم. عدم القدرة على فهم ديناميكيات المجموعة والتفاعل معها يمكن أن يجعل تكوين الصداقات أمرًا صعبًا للغاية.

• عدم القدرة على التفاعل المتبادل: في كثير من الأحيان، يجد الأشخاص المصابون بمتلازمة أسبرجر صعوبة في المشاركة في المحادثات المتبادلة. قد يكون لديهم ميل للتحدث عن موضوعات تهمهم بشكل مفرط دون الاهتمام برغبات أو اهتمامات الشخص الآخر في المحادثة. هذا التركيز المفرط على موضوع معين يمكن أن يجعلهم يبدون غير مهتمين أو غير مدركين للاحتياجات الاجتماعية للآخرين.

• الصلابة في التفاعلات الاجتماعية: من أخطر أعراض متلازمة أسبرجر. حيث الأشخاص المصابون بمتلازمة أسبرجر قد يظهرون سلوكيات اجتماعية غير مرنة. قد يكون لديهم صعوبة في التكيف مع تغيرات البيئة الاجتماعية أو في فهم سلوكيات غير متوقعة من الآخرين. هذا يمكن أن يؤدي إلى سوء التفاهم والارتباك في المواقف الاجتماعية.

2- سلوكيات واهتمامات متكررة

• التركيز على تفاصيل محددة: الأفراد الذين يعانون من متلازمة أسبرجر غالبًا ما يكون لديهم اهتمامات ضيقة جدًا بمواضيع محددة. قد يظهرون معرفة عميقة وتفصيلية في موضوع واحد أو مجموعة صغيرة من المواضيع، مثل القطارات، الديناصورات، أو التكنولوجيا. هذا التركيز المفرط يمكن أن يسيطر على تفكيرهم ووقتهم، مما يجعلهم يتجاهلون جوانب أخرى من الحياة.

• السلوكيات الروتينية: الروتينات اليومية مهمة جدًا للأشخاص الذين يعانون من متلازمة أسبرجر. قد يظهرون سلوكيات نمطية متكررة مثل ترتيب الأشياء بطريقة معينة، اتباع نفس الروتين اليومي بدقة، أو تكرار حركات معينة. التغيير في الروتين يمكن أن يسبب لهم قلقًا كبيرًا ويؤدي إلى ردود فعل سلبية.

• السلوكيات النمطية: بالإضافة إلى التكرار في الروتينات، قد يظهر الأفراد الذين يعانون من متلازمة أسبرجر سلوكيات حركية نمطية، مثل رفرفة اليدين أو التأرجح. هذه السلوكيات يمكن أن تكون طريقة للتعامل مع التوتر أو لتهدئة النفس في المواقف غير المريحة.

• الصلابة في التفكير: الأشخاص الذين يعانون من متلازمة أسبرجر قد يظهرون صلابة في التفكير ويجدون صعوبة في التكيف مع وجهات نظر أو أفكار جديدة. هذا يمكن أن يؤثر على قدرتهم على حل المشكلات أو التعامل مع المواقف الجديدة بمرونة. قد يكون لديهم ميل إلى التمسك بقواعد أو طرق محددة لأداء الأمور، حتى لو كانت هناك طرق أكثر فعالية.

3- التحديات الحسية

• الحساسية الزائدة للمؤثرات الحسية: العديد من الأشخاص الذين يعانون من متلازمة أسبرجر يظهرون حساسية زائدة تجاه المؤثرات الحسية، مثل الضوضاء العالية، الأضواء الساطعة، أو حتى نسيج الملابس. هذه الحساسية يمكن أن تجعلهم يشعرون بعدم الراحة أو الانزعاج في البيئات التي قد تكون عادية للآخرين. قد يحاولون تجنب الأماكن الصاخبة أو المزدحمة أو يرتدون ملابس معينة للشعور بالراحة.

• البحث عن التجارب الحسية: على النقيض من الحساسية الزائدة، قد يبحث بعض الأفراد المصابين بمتلازمة أسبرجر عن تجارب حسية معينة. قد يتمتعون بالملمس، الأصوات، أو الروائح بطريقة غير عادية، وقد يظهرون سلوكيات متكررة للتفاعل مع هذه التجارب الحسية. على سبيل المثال، قد يميلون إلى لمس أشياء معينة بشكل متكرر أو الاستمتاع بالإضاءة المتحركة.

• مشكلات في التوازن والتنسيق: بعض الأفراد الذين يعانون من متلازمة أسبرجر قد يواجهون صعوبات في التوازن والتنسيق الحركي. قد يظهرون حركة غير متوازنة أو يجدون صعوبة في أداء الأنشطة التي تتطلب التنسيق بين العين واليد، مثل الكتابة أو الرياضة.

4- القدرات اللغوية

• التطور اللغوي الطبيعي أو المتقدم: واحدة من السمات المميزة لمتلازمة أسبرجر هي أن الأفراد غالبًا ما يظهرون تطورًا لغويًا طبيعيًا أو متقدمًا مقارنة بأعمارهم. قد يتحدثون بجمل معقدة ومفردات غنية في سن مبكرة. ومع ذلك، على الرغم من قدراتهم اللغوية القوية، قد يواجهون صعوبة في استخدام اللغة للتواصل الاجتماعي الفعال.

• الصعوبة في استخدام اللغة في السياق الاجتماعي: على الرغم من أن الأفراد المصابين بمتلازمة أسبرجر يمتلكون مهارات لغوية قوية، إلا أنهم قد يجدون صعوبة في استخدام اللغة في المحادثات الاجتماعية. قد يكون لديهم ميل إلى الحديث بشكل مطول عن مواضيع تهمهم دون إدراك ما إذا كان الشخص الآخر مهتمًا بذلك الموضوع. بالإضافة إلى ذلك، قد يجدون صعوبة في فهم السخرية أو الفكاهة، مما يؤدي إلى سوء الفهم.

• استخدام اللغة بطريقة نمطية: الأشخاص الذين يعانون من متلازمة أسبرجر قد يستخدمون اللغة بطريقة نمطية أو رسمية. قد يتحدثون بلهجة أكاديمية أو بأسلوب يشبه الكتابة، مما يمكن أن يجعلهم يبدون غير طبيعيين في المحادثات العادية. قد يستخدمون كلمات معقدة أو غير مألوفة، وقد يتحدثون ببطء أو بشكل غير مترابط.

5- القدرات العقلية والفكرية اتجاه أعراض متلازمة أسبرجر

• القدرات الفكرية المتقدمة في مجالات محددة: العديد من الأفراد الذين يعانون من متلازمة أسبرجر يظهرون قدرات فكرية متقدمة في مجالات محددة. قد يكون لديهم موهبة خاصة في الرياضيات، العلوم، التكنولوجيا، أو الفنون. هذا التميز يمكن أن يكون مصدر قوة لهم في الحياة المهنية والأكاديمية.

• التحديات في التفكير المجرد: على الرغم من القدرات الفكرية القوية، قد يواجه الأشخاص الذين يعانون من متلازمة أسبرجر صعوبة في التفكير المجرد أو فهم المفاهيم المعقدة التي تتطلب ربط الأفكار بشكل غير مباشر. قد يميلون إلى التفكير بطريقة حرفية أو منطقية بحتة، مما يجعل من الصعب عليهم فهم المفاهيم المجردة أو الغامضة.

• التركيز على التفاصيل: يميل الأفراد الذين يعانون من متلازمة أسبرجر إلى التركيز على التفاصيل الصغيرة والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة. بينما يمكن أن تكون هذه السمة مفيدة في بعض المجالات مثل البحث العلمي أو البرمجة، إلا أنها قد تجعلهم يفوتون الصورة الأكبر أو يتعثرون في التفاصيل غير الضرورية.

6- التحديات الأكاديمية والمهنية اتجاه أعراض متلازمة أسبرجر

• النجاح الأكاديمي: على الرغم من التحديات الاجتماعية والسلوكية، يمكن أن يحقق الأفراد المصابون بمتلازمة أسبرجر نجاحًا أكاديميًا ملحوظًا بفضل قدراتهم الفكرية المتقدمة. قد يبرزون في المواد التي تتطلب تفكيرًا تحليليًا أو مهارات تقنية، مثل الرياضيات أو العلوم. ومع ذلك، قد يحتاجون إلى دعم إضافي في المواد التي تتطلب التفكير المجرد أو العمل الجماعي.
• التكيف مع بيئة العمل: الأشخاص المصابون بمتلازمة أسبرجر قد يواجهون صعوبة في التكيف مع بيئة العمل. التي تتطلب تفاعلات اجتماعية متكررة، أو العمل كجزء من فريق. قد يجدون صعوبة في فهم التعليمات غير المباشرة أو التلميحات الاجتماعية في مكان العمل.
• الاستقلالية المهنية: على الرغم من قدراتهم الفكرية، قد يحتاجون إلى دعم إضافي في التكيف مع الضغوط اليومية أو التغييرات في بيئة العمل. قد يكون لديهم ميل للتمسك بروتينات أو طرق معينة في العمل، مما قد يعيق تقدمهم المهني.

لاشك أن الاضطرابات النفسية التى يتعرض لها الفرد تؤثر بشكل كبير على تقدم حياته وتفاعله مع الأخرين. لكن بعد التعرف على أعراض متلازمة أسبرجر وماهو هذا الاضطراب العصبي. يمكنك مراعاه الأسباب والتعرف على طرق المواجهه من خلال المذيد من الاستشارات النفسية المختلفه.

المصادر: 1 2 3 4