في اختبار لفعالية الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن السرطان، قام باحثون من جامعة كاليفورنيا بتطبيق برنامج “Unfold AI” على بيانات 50 مريضًا بسرطان البروستاتا. هذا البرنامج، الذي طوره فريق من شركة “أفيندا هيلث” وحصل على الضوء الأخضر من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، استخدم خوارزميات معقدة لتحليل البيانات الطبية المتعلقة بكل مريض. وبعد مقارنة نتائج البرنامج بنتائج الفحوصات الطبية التقليدية، توصل الباحثون إلى نتائج واعدة تشير إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على الكشف عن المرض بدقة عالية.

دور الذكاء الاصطناعي في الطب الحديث

يشهد الطب تحولاً جذرياً بفضل تزايد اعتماد المؤسسات الصحية على تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذه التقنيات المتطورة تغير الطريقة التي نمارس بها الرعاية الصحية، من التشخيص إلى العلاج وإدارة الأمراض المزمنة، وتساهم هذه التقنية في تحسين الرعاية الصحية الأولية حالياً، ومع التطور التكنولوجي المستقبلي، تتلخص مساهمات الذكاء الاصطناعي فيما يلي:

• التشخيص الدقيق والسريع 

 يمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي التشخيص الدقيق لصور الأشعة الطبية، و يستطيع  تحليل صور الأشعة السينية، والرنين المغناطيسي وغيرها بدقة عالية وسرعة تفوق قدرات البشر، مما يساعد في اكتشاف الأمراض في مراحلها المبكرة.

•  تحليل البيانات

يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية لتحديد الأنماط المرضية المعقدة، بمقارنتها بحالات طبية مشابهة على مستوى العالم، مما يساهم في  تشخيصات أكثر دقة.

•  تطوير خطط العلاج

تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في الكثير من شركات الأدوية العالمية، ولا تعتمد فقط على إعداد التقارير والبيانات، بل تم تطويرها على اقتراح خطط علاجية مخصصة لكل مريض بناءً على بياناته الصحية الفردية واستجابته للعلاجات السابقة.

•  اكتشاف الأدوية

يساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية اكتشاف الأدوية الجديدة وتقييم فعاليتها بالطريقة العلمية الأكاديمية، و استحداث منظومات علاجية جديدة

•  إدارة الأمراض المزمنة

تلعب بعض التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي دورا حاسمًا في مراقبة حالة المريض، و المراقبة المستمرة، ومن خلال أجهزة دقيقة تعمل على مراقبة الحالة الصحية للمرضى عن بعد، وتحليل البيانات الحيوية لتوقع التفاقم المحتمل وتقديم التدخلات اللازمة.

•  المساعدة في العمليات الجراحية 

يمكن لهذه التقنية القيام بالعديد من المهام الروتينية في المستشفيات، مما يوفر الوقت والجهد للعاملين الصحيين، وقد تم تطوير روبوتات صناعية للقيام ببعض مهام التمريض، وتقديم الخدمات مثل الوجبات اليومية، واستقبال المرضى في غرف الطوارئ.

دور خوارزميات الذكاء الاصطناعي في الكشف عن السرطان 

بداية ماهي خوارزمية الذكاء الاصطناعي ، لتبسيط هذا الأمر،  تخيل أنك عالم آثار يحاول تحديد مصدر قطعة فنية قديمة. هذه القطعة هي خلية سرطانية انتقلت من مكانها الأصلي (الورم الأساسي) إلى مكان آخر في الجسم.

تعمل الخوارزمية  بشكل مشابه للعالم الآثار من حيث تحديد مكان الخلية السرطانية الجديدة، بالطرق التالية:

• امتلاك قاعدة البيانات

 تمتلك الخوارزمية قاعدة بيانات ضخمة من صور لخلايا سرطانية من مصادر مختلفة (مثل الثدي، الرئة، القولون). هذه القاعدة تشبه مجموعة من القطع الأثرية المعروفة مصدرها.

•  المقارنة

عندما تقدم الخوارزمية صورة لخلية سرطانية جديدة، فإنها تقارنها بكل الصور الموجودة في قاعدتها، والمرتبطة ببعض المعامل المركزية في العالم، تساعد تلك المقارنات في تحديد حجم الخلية السرطانية، ومكانها 

•  التطابق

 تبحث الخوارزمية عن أقرب تطابق بين الخلية الجديدة والخلايا في القاعدة. هذا التطابق يشبه العثور على قطعة أثرية جديدة تشبه قطعة معروفة من حضارة أخرى، وبناءا عليه يتم تحديد النتيجة المتوقعة لانتشار الخلايا السرطانية 

•  النتيجة

 بناءً على أقرب تطابق، تستنتج الخوارزمية أن الخلية السرطانية الجديدة ربما نشأت من نفس المصدر الذي نشأت منه الخلية المتطابقة في قاعدة البيانات،  وبالتالي العمل على السيطرة عليها، و كشف العلاج المناسب.

أهمية خوارزميات الذكاء الاصطناعي في الكشف عن السرطان (أبحاث حديثة)

قام العلماء بتطوير خوارزمية ذكاء اصطناعي لتحديد مصادر السرطانات النقيلية التي تنتقل إلى أعضاء بعيدة في الجسم. هذا النظام يتفوق على أخصائيي الأمراض في دقة تحديد موقع الورم الأساسي، مما يساعد الأطباء في تشخيص السرطان في مراحله المتأخرة وتحسين العلاج.

ووفقاً لكلية طب هارفارد، يعد هذا الاكتشاف مهمًا ويمكن الاعتماد عليه كوسيلة مساعدة. عادةً ما تكون توقعات سير المرض سيئة عند المرضى الذين يظل منشأ السرطان الأساسي لديهم غير معروف.

وقد تم تدريب النموذج الجديد على 30 ألف صورة لخلايا سرطانية من 21 ألف شخص، ثم اختبر على 27 ألف صورة. حقق النموذج دقة تنبؤية بلغت 83%، وكان ضمن التوقعات الثلاثة الأولى في 99% من الحالات.

وأظهرت النتائج أن المرضى الذين تلقوا علاجًا لنوع السرطان الذي تنبأ به النموذج كانوا أكثر احتمالًا للنجاة لفترة أطول.

كما يعتقد أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التجارب الإكلينيكية يمكن أن يحسن نتائج العلاج، خاصة عند جمع البيانات من الخلايا والأنسجة والعوامل الوراثية معًا.

بسبب تلك التقنيات الحديثة في خوارزميات الذكاء الاصطناعي تأتي أهمية استخدامها في: 

 1- التشخيص الدقيق: يساعد الأطباء على تحديد نوع السرطان بدقة أكبر.

2- علاج مخصص: يسمح للأطباء باختيار العلاج المناسب لنوع السرطان.

 3- زيادة فرص الشفاء: يمكن أن يؤدي التشخيص والعلاج الدقيقان إلى تحسين نتائج المرضى.

ومع ذلك فإن هناك بعض السلبيات لاستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي منها:

•  الدقة ليست 100%: على الرغم من دقتها العالية.
•  الخوارزميات ليست مثالية وقد تخطئ في بعض الحالات.
•  لا تستبدل الخوارزميات خبرة الطبيب، بل تعمل كأداة مساعدة له.

تطوير علاجات مناعية متخصصة لعلاج السرطان بالذكاء الاصطناعي 

يشهد مجال علاج السرطان تطورات مبشرة بفضل التقدم في مجال المناعة العلاجية. تعتبر العلاجات المناعية من أحدث الإستراتيجيات في مكافحة السرطان، حيث تستهدف تعزيز قدرة الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها وتدميرها.

كيف تعمل العلاجات المناعية ؟

•  تنشيط الجهاز المناعي

 تعمل العلاجات المناعية على تنشيط الخلايا المناعية التي تكون قد كبتت أو أصبحت غير فعالة بسبب السرطان.

•  كشف الخلايا السرطانية

تساعد هذه العلاجات الجهاز المناعي على التعرف على البروتينات والعلامات الموجودة على سطح الخلايا السرطانية، مما يجعلها هدفًا هجوميًا.

• تطوير علاجات مناعية وراثية 

 يتم تحليل الشفرة الوراثية لورم كل مريض لتحديد الطفرات الجينية التي تجعل الورم فريداً من نوعه.

• العلاج بالبروتينات الحيوية

يتم تحديد البروتينات الموجودة على سطح الخلايا السرطانية والتي يمكن للجهاز المناعي استهدافها, والقضاء عليها بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي.

أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة حاليًا في أمراض السرطان

يشهد مجال الطب، وخاصة علاج السرطان، تطورات هائلة بفضل تزايد الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي. هذه الأدوات التي كانت تعتبر خيالاً علمياً منذ سنوات قليلة أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من العديد من العمليات الطبية، مما يساهم في تحسين دقة التشخيص وفعالية العلاج.

أبرز الأدوات والتقنيات:

•  تحليل الصور الطبية

  اكتشاف الأورام: تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الأشعة السينية، والرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي المحوسب بدقة عالية، مما يساعد في اكتشاف الأورام في مراحلها المبكرة.

•  تحديد حجم وخصائص الورم

 تساعد هذه الخوارزميات في تحديد حجم الورم وخصائصه، مما يساعد في تخطيط العلاج.

•  تحليل البيانات الجينية

 حديد الطفرات: يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الجينية للورم لتحديد الطفرات الجينية التي تسبب السرطان.

•    تخصيص العلاج

بناءً على هذه الطفرات، يمكن تصميم علاجات مناعية أو أدوية مستهدفة خصيصًا لكل مريض.

•  تطوير الأدوية

    يستخدم الذكاء الاصطناعي لفحص ملايين الجزيئات المحتملة لتحديد تلك التي قد تكون فعالة في علاج السرطان.

•   تخطيط الجراحة

 يستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للأورام والأعضاء المحيطة، مما يساعد الجراحين على التخطيط للجراحة بشكل أكثر دقة.

•  روبوتات الجراحة

 تستخدم الروبوتات الجراحية الموجهة بالذكاء الاصطناعي لإجراء عمليات جراحية دقيقة للغاية.

•  متابعة المرضى

 يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات السريرية للمرضى، مثل نتائج الفحوصات المخبرية والصور الطبية، لرصد تطور المرض والاستجابة للعلاج.

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا متزايد الأهمية في مكافحة السرطان. من خلال تحسين التشخيص وتطوير علاجات جديدة، يقدم الذكاء الاصطناعي أملاً جديدًا للملايين من مرضى السرطان حول العالم. لذلك لا تتردد دائما في معرفه التشخيص وطرق العلاج.

المصادر: 1 2 3