الرهاب الاجتماعي في المناسبات الاجتماعية
لا تجلب الأعياد والمناسبات الفرح والسعادة للجميع، فالبعض لا يستمتع بها ويعاني خلال هذه الفترات بالذات من الرهاب والقلق الاجتماعي الذي يبدأ قبل موعد الاحتفال ويستمر خلاله وبعده، قد تراودهم مخاوف من أنهم لا يعرفون أحدًا في المكان الذي سيذهبون إليه فيبدأون بالضغط على أنفسهم ليندمجوا مع الآخرين. إنّ القلق هو ثاني أشيع اضطرابات الصحة النفسية بعد الاكتئاب، فمن المهم أن نعرف ما هو القلق الاجتماعي وما مسبباته وكيف يمكننا التعامل معه.
ما هو القلق الاجتماعي؟
إذا كنت تشعر بالتوتر حيال الأحداث الاجتماعية، فربما تكون تعاني من القلق الاجتماعي، وهو خوف دائم من المواقف الاجتماعية أو المواقف المتعلقة بأدائك، إذ تخشى من وجودك مع أشخاص غير مألوفين بالنسبة لك أو تخاف من الأحكام التي يطلقها الآخرون، القلق الاجتماعي ليس مجرد خجل، بل هو شعور يعيقك بشكل أو بآخر.
يُعرَف القلق الاجتماعي أيضًا باسم الرهاب الاجتماعي، يشعر الأشخاص الذين يعانون منه بالتوتر والحاجة القوية لتجنب المواقف الاجتماعية، حتى لو كانوا يعرفون أن مخاوفهم غير مبررة. يؤثر القلق الاجتماعي على عملك ودراستك وعلاقاتك وثقتك بنفسك إلى أن يجعلك تواجه مشاكل حقيقة في التواصل مع الناس أو تبدأ في الشك بنواياهم، أو يصعب عليك اتخاذ القرارات. توجد أيضًا أعراض جسدية للقلق مثل الاحمرار والتعرق وزيادة معدل ضربات القلب وغيرها.
ماهي أبرز مخاوف الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي؟
قد يخاف الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي مما يقولونه خلال المحادثات القصيرة التي يجرونها مع الآخرين في الاحتفالات، وقد يخشون من تناول الطعام أمامهم، وقد يخافون من أسئلة الآخرين وخاصة أفراد العائلة عن أنفسهم وحياتهم وعما يقومون به في الوقت الحالي، قد يخشون من أي صورة غير مثالية أو انطباع سيئ يعطونه عن أنفسهم عن غير قصد.
بماذا يشعر المصاب بالقلق الاجتماعي خلال الأعياد والمناسبات؟
غالبًا ما يعاني المصابون بالقلق الاجتماعي من واحد أو أكثر من المشاعر والأفكار التالية:
- أنا لا أعرف أحدًا هناك.
- لن يتحدث معي أحد.
- لن أعرف ماذا سأقول.
- ليس لدي أي قاسم مشترك مع الآخرين.
- سأبدو كالأحمق.
- سأقوم بشيء ساذج وسيضحك عليّ الجميع.
- سأرتكب عدة أخطاء.
- ليس لدي ما أشارك الآخرين به.
كيف تتعامل مع القلق الاجتماعي؟
يمكن للخطوات والنصائح التالية أن تساعدك على التعامل مع القلق الاجتماعي الذي يزداد خلال فترات الأعياد والمناسبات:
اعرف قلقك جيدًا وافهمه
من السهل دائمًا أن نتعامل مع ما نفهمه وندركه، فمجرد فهمك للقلق الاجتماعي ومعرفتك به وبأسبابه وآثاره سيهوّن عليك التعامل معه، حاول أن تحدد المواقف التي تحرض قلقك.
هدئ نفسك
هناك طريقتان لتساعد نفسك على التقليل من الشعور بالقلق والتوتر، الأولى هي التنفس الهادئ والمنتظم، حاول أخذ أنفاس هادئة بطيئة من أنفك، لأن القلق يجعلنا نتنفس بسرعة أكبر من المعتاد، والثانية هي الاسترخاء وإراحة عضلات جسدك عبر التمدد أو الاستلقاء أو الجلوس بشكل مريح.
التزم بالتفكير الواقعي
القلق ماهر في غرس الأفكار السلبية في رأسك، حاول أن تسيطر عليها وتطردها بعيدًا عنك وتفكر بواقعية أكثر، فما تفكر به لن يحدث بالضرورة، إنه يحدث في رأسك فقط، لذا من المفيد لك أن تركز على أفكارك السلبية ومخاوفك وتفهمها، أن تعترف بها أمام نفسك أو تدونها، يمكنك أيضًا أن تدون المواقف التي تخشى حدوثها عند حدوثها أو قبل أو بعد ذلك، وبعد أن تحدد أفكارك السلبية بشكل واضح، قيّمها، وقيم مدى واقعيتها وقابلية حدوثها بناءً على معطيات الواقع.
وهذه بعض الأسئلة التي تساعدك على تقييم أفكارك:
- هل أنا متأكد بنسبة 100% أن ما أفكر به سيحدث؟
- كم مرة حدث ما أفكر به بالفعل؟
- ما هو الدليل الواقعي الذي يدعم فكرتي؟ ما هو الدليل الذي لا يدعم فكرتي؟
- لو حدث ما أخشاه هل سيؤثر عليّ وعلى مستقبلي بشكل كبير؟
- هل أنا مسؤول عن المحادثة التي سأجريها مع الآخر بالكامل؟
- ما هو أسوأ سيناريو قد يحدث؟
- هل يجب علي إرضاء الجميع وهل هذا ممكن؟
- ماذا كنت سأنصح صديقي المفضل لو كان مكاني؟
فكر في مراجعة اختصاصي
أفضل ما يمكنك فعله عندما تلمس آثار القلق الاجتماعي على تفاصيل حياتك اليومية هو أن تفكر في الترتيب لموعد مع أخصائي، لأنك ببساطة تحتاج إلى مساعدة علمية تحدد لك أسباب القلق والعوامل المؤهبة له وتزودك بخطة عمل مجدية.
ابحث عن معالج نفسي
العلاج السلوكي المعرفي أو ما يعرف بالعلاج بالكلام هو أحد أشيع الطرق الموصى بها لعلاج القلق، لأنه يساعدك على معرفة أفكارك وسلوكياتك السيئة المؤثرة في حياتك وفهمها وتغييرها. يوفر موقع وتطبيق لبيه إمكانية التواصل مع فريق من خبراء الصحة النفسية المتخصصين بالعلاج السلوكي المعرفي وغيره من أنواع العلاج النفسي.
كيف يمكن التحكم بقلق المناسبات وعلاجه؟
هناك عدة طرق تساعدك على التحكم بتوترك، مثل تمارين الاسترخاء وقضاء بعض الوقت بطريقة تجدها مريحة كأن تقرأ كتابًا أو تشاهد فيلمًا أو تستلقي على السرير، هناك أيضًا تقنيات التأمل واليقظة، تشمل تقنيات اليقظة الحرص على استرخاء جسمك وعقلك من خلال التركيز على الحاضر والشعور أو الوعي بما يجري حولك، بالإضافة لتغيير نمط الحياة، فقد يحتوي نمط حياتك على محفزات تزيد من توترك وقلقك.
حاول تقليل المنبهات مثل الكافيين، واتبع نظامًا غذائيًا صحيًا ومتوازنًا، مارس بعض التمارين الرياضية بانتظام أو مارس المشي لفترات قصيرة يوميًا، ونم جيدًا خلال الليل، فقلة النوم لها آثار سلبية لا تحصى على صحتك، لذا قاوم رغبتك في البقاء مستيقظًا أو التزم بوقت محدد للنوم أو اذهب إلى الفراش مبكرًا ثم اقرأ لبعض الوقت، تجنب القهوة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين بعد منتصف النهار وحاول تقليل الوقت الذي تقضيه على الأجهزة الإلكترونية في المساء.
لا تنس أن تتكلم عن قلقك دائمًا، جد شخصًا تثق به سواءً كان صديقًا أو فردًا من العائلة أو معالجك النفسي وتحدث معه عن الموضوع، لست بحاجة إلى إيجاد حلول تتكلمان بها، بل مجرد الحديث عن الأمر قد يساعدك بشكل كبير.
لا شك أن القلق أو الرهاب الاجتماعي يسلب المصابين به قدرتهم على الاستمتاع بالمناسبات والأعياد والاحتفالات المهمة ويحولها إلى أوقات مجهدة، لكن اتباع الخطوات التي ذكرناها والالتزام بالتمرن عليها دون يأس، سيؤدي إلى تحسن ملحوظ في التعامل مع القلق الاجتماعي. إذا كنت تعاني من أي أعراض للرهاب الاجتماعي تواصل مع فريقنا من خبراء الصحة النفسية عبر تطبيق لبيه.