كيف اتأكد من أن الصحة النفسية لطفلي جيدة؟
يحرص معظم الآباء والأمهات على الاهتمام بصحة أطفالهم الجسدية، وذلك من خلال إلى القيام بزيارات منتظمة إلى العيادات الطبية، أو اصطحابهم لأخذ اللقاحات، بالإضافة إلى الاهتمام بنمط الغذاء، ولكن ماذا عن الصحة النفسية للأطفال؟
الصحة النفسية للطفل لا تقل أهمية عن صحته البدنية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع اضطرابات معينة قد تصيب الأطفال في المراحل المبكرة والتي قد يكون لها أثر على المدى البعيد، لذا يمكن للوالدين اتخاذ خطوات للمساعدة في الحفاظ على صحة الطفل النفسية.
لماذا من المهم الاهتمام بالصحة النفسية لطفلي؟
إن الاهتمام بالصحة النفسية هو عامل أساسي لتحقيق الراحة والتوازن في الحياة، إذ بينت دراسة (Phillips et al., 2007) أن ما يقارب 14% من الأمراض تُعزى إلى الاضطرابات النفسية، إذ تزيد الاضطرابات النفسية من خطر الإصابة بالأمراض المعدية وغير المعدية، وقد بينت هذه الدراسة ضرورة الانتباه إلى أهمية الاضطرابات النفسية للصحة العامة.
لذا عندما يتمتع الطفل بصحة نفسية سليمة، فإنه سيكون قادرًا على التفكير والتعبير عن مشاعره بوضوح، وسيكون قادرًا على تكوين العلاقات والصداقات من حوله، كما أنه سيطور من ثقته بنفسه، ويبني احترامًا للذات، ويتعلم تحديد الأهداف والالتزام بها لتحقيقها، وسيكون قادرًا على اتخاذ القرارات، وممارسة مهارات التأقلم، والتحكم بالمشاعر الصعبة، ويبني نظرة إيجابية صحية للحياة.
إن تعلم هذه المهارات ليس سهلًا دائمًا ويتطلب التدريب، خاصة إذا كان الطفل يعاني من مشكلة تتعلق بالصحة النفسية مثل: الاكتئاب أو القلق، فإذا تُركت مشكلات الصحة النفسية هذه دون علاج، فقد يكون لها تأثير كبير على حياة الطفل.
كيف أتأكد من أن الصحة النفسية لطفلي جيدة؟
من فطرة الآباء والأمهات الاهتمام بجميع احتياجات أطفالهم، والعمل على منحهم الرعاية الأفضل لهم وتعزيز قدراتهم وقواهم نحو الأفضل، وإنَّ الاهتمام بصحة الطفل النفسية هي أحد الجوانب التي يجب على الوالدين الاهتمام بها.
ومن خلال اتباع هذه الاستراتيجيات يمكن أن تتأكد أن الصحة النفسية لطفلك سليمة:
الحرص على بناء الثقة
تلعب علاقتك بأطفالك دورًا رئيسيًا في صحتهم النفسية، وإن العلاقة المتينة تبدأ ببناء الثقة، وإحدى طرق بناء الثقة هي خلق الشعور بالسلام والأمان، وهذا يعني تلبية احتياجات طفلك الجسدية والعاطفية من خلال الاعتناء به عندما يكون جائعًا أو عطشًا أو حزينًا أو سعيدًا، وكذلك عندما يكون خائفًا أو قلقًا.
بحسب دراسة (Vries et al., 2004) نُشرت في دار جامعة أكسفورد، والتي أشارت إلى أن الثقة الإيجابية والتقدير الذاتي تُعد أيضًا من العوامل الوقائية للصحة النفسية، إذ تُساهم تنمية الثقة في تطوير سلوك اجتماعي سليم، ويمكن أن تعمل كحاجز منيع عندما يعاني الطفل من التوتر والقلق في بعض المواقف الصعبة.
لذا ابحث عن طرق لإثبات أنك تحبهم وأنهم يثقون بك، للحفاظ على سلامتهم وصحتهم النفسية، على سبيل المثال: افعل ما تقوله وقل ما تعنيه، لأن الأطفال يحتاجون إلى أن تكون متسقًا وصادقًا ومهتمًا بما تقوله وبما تفعله حتى يكونوا قادرين على تطوير مفهوم الثقة.
إظهار الحب غير المشروط لطفلك
إن إظهار حبك غير المشروط لطفلك في كل وقت يضع حجر الأساس لبناء الصحة النفسية السليمة والقوية، وإن معرفة طفلك مدى حبك له يمنحه إحساسًا بالأمان والانتماء، وهو عامل ضروري لزيادة ثقته بنفسه وتقدير ذاته، وقد أثبتت دراسة (Nemeroff et al., 2020) أن تعرض الأطفال لسوء معاملة في أي مرحلة من مراحل النمو يمكن أن يكون له عواقب طويلة الأمد، ويرتبط بزيادة ملحوظة في خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية.
يمكنك إظهار الحب والعاطفة لطفلك من خلال هذه الممارسات البسيطة:
- معانقة طفلك عندما تقول له وداعًا.
- قراءة كتاب له قبل النوم.
- إعداد الوجبات المفضلة لديه.
- مشاركة الأحداث المميزة معه.
- تقديم هدية رمزية دون مناسبة.
تعزيز العلاقات الاجتماعية الصحية
تعتبر العلاقة السليمة بين الأطفال ووالديهم أمرًا صحيًا وهامًا، ولكنها ليست العلاقة الوحيدة التي يجب الاهتمام بها، إذ تعتبر العلاقات الاجتماعية للأطفال مع الأصدقاء والأقران والأشخاص المحيطين سواء في المدرسة والمجتمع عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على صحتهم النفسية وتطورهم الاجتماعي.
فمن خلال التفاعل مع الآخرين، يتعلم الأطفال كيفية التواصل والتفاعل الاجتماعي وتطوير المهارات الاجتماعية، ويكتسبون القدرة على التفاوض وحل المشكلات والتعاون مع الآخرين، وعندها سيشعر الأطفال بالانتماء إلى مجموعة أو مجتمع، فيزداد شعورهم بالقبول والتقدير والانتماء، وسيكونون قادرين على بناء الثقة بالنفس وتطوير هويتهم الشخصية.
الالتزام بالعادات الصحية
إن اتباع نظام غذائي صحي، والنوم باكرًا ليلاً، وممارسة التمارين الرياضية وتمارين اليقظة الذهنية ليست مفيدة للصحة البدنية لطفلك فحسب، بل إنها ضرورية للصحة النفسية أيضًا، لذا حتى تضمن أن أطفالك يتمتعون بصحة نفسية متوازنة علمهم أن يكتسبوا عادات صحية تحافظ على أجسادهم وعقولهم في وقت واحد.
على سبيل المثال: يمكن للوالدين دمج أنشطة اليقظة الذهنية في الحياة اليومية لأطفالهم، ومن خلال هذه العملية يمكن الحفاظ على الصحة النفسية للطفل، إذ تظهر دراسة (Groves. P et al., 2016) أن اليقظة الذهنية وممارسة الامتنان يمكن أن يكون لهما تأثير كبير على الصحة النفسية السليمة، ولها دور كبير في علاج الاكتئاب والقلق، إذ تعمل اليقظة الذهنية عن طريق تغيير علاقة الشخص بالأفكار والعواطف السلبية.
عندما يتعلق الأمر برعاية الأطفال لا بد من الانتباه إلى الصحة النفسية، إذ من الممكن أن يتعرض الأطفال إلى بعض الأحداث التي قد تؤثر على صحتهم النفسية؛ مما يساهم في ظهور اضطرابات نفسية تؤثر على حياتهم مستقبلًا، لذا فإن اتخاذ الإجراءات الصحيحة له دور أساسي في الحفاظ على صحة نفسية سليمة للطفل، ويمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تحقيق الرعاية المثالية لأطفالك بأفضل الطرق الممكنة.
المراجع
1- Martin Prince, et al. No health without mental health, The Lancet SEPTEMBER 08, 2007, doi.org/10.1016/S0140-6736(07)61238-0.
2- Michal (Michelle) Mann, et al. Self-esteem in a broad-spectrum approach for mental health promotion, Health Education Research, Volume 19, Issue 4, August 2004, Pages 357–372, doi.org/10.1093/her/cyg041.
3- Groves P. Mindfulness in psychiatry – where are we now?. BJPsych Bulletin. 2016;40(6):289–292. doi:10.1192/pb.bp.115.052993
4- Lippard ETC, Nemeroff CB. The Devastating Clinical Consequences of Child Abuse and Neglect: Increased Disease Vulnerability and Poor Treatment Response in Mood Disorders. The American Journal of Psychiatry. 2020 Jan 1;177(1):20-36. doi: 10.1176/appi.ajp.2019.19010020.
5- Groves, P. (2016). Mindfulness in psychiatry – where are we now? BJPsych Bulletin, 40(6), 289-292. doi:10.1192/pb.bp.115.052993.