كيف يؤثر تطوير الذات المستمر على الصحة النفسية ويعززها؟
تعتبر العلاقة بين تطوير الذات والصحة النفسية من العلاقات التبادلية المثمرة، حيث يمكن لتحسين الوعي بالذات وتعزيز المهارات الشخصية أن يؤدي إلى تحسين الصحة النفسية والعكس صحيح، إذ يمكن للأفراد الذين يعملون على تطوير أنفسهم أن يكتسبوا القدرة على التعامل بفاعلية مع التحديات، وتحقيق التوازن النفسي، وتعزيز الرفاه العام.
في عالمنا الذي يتطور بسرعة كبيرة يبرز سؤال جوهري: كيف يمكن تطوير الذات؟ هذا السؤال ليس مجرد استفسار، بل هو رحلة تتشابك فيها مسارات الثقة بالنفس والصحة النفسية.
في هذا المقال، سنبين لك كيف أن تطوير الذات لا يقتصر على تحسين مهاراتنا وقدراتنا فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز صحتنا النفسية وبناء ثقة عميقة بأنفسنا. هذه المصطلحات، التي قد تبدو متباينة، هي في الحقيقة شبه متلازمة في مسيرة النمو الشخصي.
ما هو مفهوم تطوير الذات؟ وما أهميته؟
تطوير الذات هو عملية مستمرة تهدف إلى تحسين الجوانب المختلفة للحياة الشخصية والمهنية للشخص، ويشمل هذا النمو والتحسين في مجالات مثل: المهارات الشخصية، الوعي الذاتي، الصحة النفسية والجسدية، التعليم، الوظيفة، العلاقات الشخصية، وأهداف الحياة.
تكمن أهمية تطوير الذات فيما يلي:
تعزيز الثقة بالنفس
من خلال تحقيق الأهداف الشخصية وتطوير المهارات، يمكن تعزيز ثقتك بنفسك، إذ أنَّ التمتع بمستوى صحي من الثقة بالنفس يمكن أن يساعدك على أن تصبح أكثر نجاحًا في حياتك الشخصية والمهنية، فقد بينت دراسة أن الأشخاص الأكثر ثقة يميلون إلى تحقيق المزيد من الإنجازات الأكاديمية، كما أشارت الدراسة إلى أن مستوى الثقة بالنفس يؤثر بشكل كبير على كيفية تقديم النفس للآخرين.
تحسين الصحة النفسية
يرتبط تطوير الذات بشكل وثيق مع استقرار الصحة النفسية، وذلك من خلال تعزيز التفكير الإيجابي، والقدرة على التحكم بالقلق والتوتر، وتحسين العلاقات الشخصية، وبالتالي يساعد على التكيف بشكل أفضل مع التغيرات الجديدة في الحياة سواء على المستوى الشخصي أو المهني.
بينت دراسة أن رفاهية الصحة النفسية يمكن أن تتحقق من خلال ستة عوامل والتي تشمل: الاستقلالية، والنمو الشخصي، والعلاقات الإيجابية مع الآخرين، وتحقيق الأهداف في الحياة، وقبول الذات، والقدرة على السيطرة على التحديات.
ما هي عوامل النجاح لتحقيق تطوير الذات؟
لكي تكون ناجحًا ومنتجًا يجب أن تمتلك المهارات والمؤهلات التي يمكن أن تساعدك على الأداء الجيد، إذ يتطلب تحقيق تطوير الذات أكثر من مجرد المشاركة وأداء المهام، فهو يتطلب أن تكون استباقيًا بشأن أدائك، وإدراككَ لنقاط القوة والضعف لديك، بالإضافة إلى امتلاكك العوامل الأساسية للنجاح وهي:
- التركيز: أن تكون قادرًا على التركيز على جميع المهام التي تقوم بها وتجنب أي مشتتات.
- الطاقة: أن يكون لديك مستوى كافٍ من الطاقة النفسية المتوازنة والطاقة البدنية اللازمة لإكمال أهدافك.
- إدارة الوقت: أي أن تكون قادرًا على تحديد الأولويات بشكل استراتيجي وإدارة وقتك بفعالية.
- الاستمرارية: أي أن تكون قادرًا على الحفاظ على تركيزك وطاقتك من أجل العمل بوتيرة ثابتة، فقد بينت دراسة Messner, 2020)) شملت 256 مشارك، وضع كل منهم أهدافًا قصيرة وطويلة المدى، وبينت النتائج أن بذل جهد واضح في السعي وراء التغيير ووجود النوايا لمواصلة ومتابعة الهدف هو عامل مهم لتحقيق نتائج ملموسة.
كيف يمكن تطوير الذات؟
لكي تتمكن من تطوير ذاتك ورفع ثقتك بنفسك عليك اتباع بعض العادات الراسخة التي تساهم في زيادة الإنتاجية والنجاح بمرور الوقت، وفيما يلي أبرز الخطوات التي يمكنك اتباعها لتحقيق التطور الذي تصبو إليه:
- الإيمان بفكرة التطور التدريجي لتحقيق تطوير الذات
لا توجد حلول سريعة عندما يتعلق الأمر بتحسين الذات، إذ يتطلب الأمر تركيزًا على استراتيجيات تحقق التغيير بشكل تدريجي لضمان فعاليتها، وهذه الاستراتيجيات تعتمد على إحداث تغيير واحد في كل مرة، مع الانتقال إلى التغيير التالي فقط بعد التأقلم والراحة مع التغيير السابق.
- وضع خطة
لا بد من وضع خطة مُنظمة، فإذا كان لديك خطة فذلك يساعدك على أن تبقى على المسار الصحيح، إذ يمكن أن يؤدي التخطيط لما تحتاج إنجازه وتدوين ملاحظات واضحة إلى تعزيز فرصتك للتطور، وقد بينت دراسة أن استخدام مهارات التخطيط يساعد في تقليل مستويات التوتر -في الدماغ- الناتجة عن الشعور بالقلق بشأن المهام غير المكتملة، وبينت الدّراسة أن الأهداف غير المكتملة قد تسببت في تعزيز مشاعر الإحباط والأفكار السلبية مما يساهم في ضعف أداء الأشخاص، وبالتالي فإن الالتزام بخطة محددة لهدف ما يسهل الوصول إليه بفعالية أكبر.
- محاربة التسويف
يؤثر التسويف سلبًا على قدرتك في أن تكون ناجحًا، وغالبًا ما ترتبط هذه العادة بمشكلات في ضبط النفس وإدارة الوقت، وقد يتسبب في إصابة بعض الأشخاص بالاكتئاب والخمول، وقد بينت نتائج دراسة شملت 1350 امرأة و 1177 رجل، تتراوح أعمارهم بين 14 و 95 عامًا، أن التسويف كان مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بزيادة التوتر والاكتئاب والقلق والتعب، بالإضافة إلى انخفاض الرضا عن مجالات الحياة المختلفة.
- بناء عقلية مميزة للنمو والتطور
تقوم عقلية النمو على فكرة أن القدرات البشرية قابلة للتطوير وليست ثابتة، وهناك نوعان من العقليات: العقلية الثابتة، التي ترى الذكاء والمهارات كثوابت غير قابلة للتغيير، وعقلية النمو التي تؤمن بإمكانية التطور والتحسن من خلال الجهد والتعلم، وبالتالي فالأشخاص ذوو العقلية الثابتة يميلون للاستسلام أمام التحديات، بينما أولئك بعقلية النمو يرون في التحديات فرصًا للتعلم والتطور، مما يزيد من فرصهم في تحقيق النجاح.
لا يوجد مقياس واحد لتطوير الذات، وبالتأكيد لا توجد إجابة واحدة لكيفية تحقيق النجاح، ومع ذلك من خلال النظر في بعض استراتيجيات الأشخاص الناجحين، يمكنك تعلم طرق جديدة لتطبيقها في حياتك الشخصية والمهنية.
إذا كنت تجد صعوبة في ذلك، يمكنك التواصل مع المختص من خلال تحميل تطبيق لبيه الذي سيساعدك على تنمية أساليب فعالة للوصول إلى أهدافك وتحقيق التطور الذي تريده.