السلام الداخلي هو سر من أسرار الاستقرار النفسي والروحاني، وهو بمثابة عقد معاهدة سلام بينك وبين نفسك، كل منهما يؤمن بقدراته، فلا هي تدفعك لما لا تتحمله، ولا أنت تلومها على ما لا تريده.

 وفي واقع الأمر يعرف علماء النفس السلام الداخلي بأنه حالة من الهدوء والاستقرار والرضا عن النفس، مهما كانت موجة الاضطرابات الخارجية، فالإيمان الداخلي هو السفينة الهادئة التي تسير في بحر متلاطم الأمواج. يقول العالم النفسي الأمريكي كارل  روجرز ” السعي وراء الذات الحقيقية هو السعي وراء السلام الداخلي”.

لذلك فإن الإيمان بالذات، وحقيقة المشاكل، ثابت من ثوابت الحياة لإدراك السلام الداخلي.

المشاكل ثابت من ثوابت الحياة حقيقة لإدراك السلام الداخلي

المشاكل الحياتية هي أمر مقبول لدى هؤلاء الذين ينعمون بالسلام الداخلي. وتعد القدرة الفردية على حل المشاكل في حياة مليئة بالتحديات هي المفتاح نحو تحقيق السلام النفسي، وهو هدف مشترك لدى الثقافات المختلفة، هناك بعض الحقائق الثابتة نحو تحقيق السلام الداخلي وهي: 

• – البحث عن السلام الداخلي هو هدف مشترك بين مختلف الثقافات والفلسفات. 
• – المعاناة جزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية.
• – إدراك أن الواقع يمكن أن يكون مفتاحًا لتحقيق التوازن النفسي والسلام الداخلي.

المعاناة جزء من التجربة الإنسانية لتحقيق السلام الداخلي 

منذ اللحظة التي يولد فيها الإنسان، يتعرض لمجموعة متنوعة من الصعوبات التي تختلف في طبيعتها وحدتها. تشمل تلك الصعوبات مشكلات صحية، وخسائر مادية، ولكنها تبقى جزءًا من الحياة، وقد تتسبب في مشكلة وجودية. ورغم أن السلام الداخلي طبيعة إنسانية تولد مع الفرد.

هناك بعض النصائح المفيدة لإدراك أهمية التكيف مع المعاناة للوصول إلى السلام الداخلي:

الإيمان الثابت

من المهم الإيمان بأن المعاناة ليست استثناءً بل جزء طبيعي من الحياة. من خلال تجربة المعاناة بكل اشكالها، تتولد لدينا طبقات حماية نفسية، تزداد بوجود اليقين بالله، و الصبر، والمزيد من التقرب الروحاني الذي يهذب النفس، ويخفف  من حدة شعورنا بالإحباط عند مواجهتنا لأي تحدي. 

الارتباط بالواقع

الحياة ليست مثالية بالقدر الذي نسعى جاهدين لأن تكون كذلك، فليس هناك  حياة سهلة وخالية من الألم، مهما كانت أسباب النجاح، ولذلك يرتبط معظمنا التوقعات غير الواقعية، وهو ما يخلق التوتر والقلق، وينتهي بالصدمة، لذلك يعد الارتباط بالواقع ومواجهة التحديات الظاهرة على الأرض هو أسهل الطرق نحو تحقيق سد منيع يمهد الطريق الى تحقيق الهدوء النفسي

قبول الواقع لا يعنى الاستسلام

عندما نقبل أن المعاناة جزء من الحياة، نصبح أكثر قدرة على التعامل مع المصاعب والتحديات بطريقة أكثر هدوءًا واتزانًا، وقبول الواقع لا يعني الاستسلام أو التخاذل، بل يعني أننا ندرك أن هناك أمورًا في الحياة لا يمكن التحكم فيها، وأننا بحاجة إلى التكيف معها بدلاً من محاربتها.

التصالح النفسي

التصالح مع فكرة أن الحياة تحمل في طياتها المعاناة هو مفتاح للسلام الداخلي. هذا التقبل يخفف من الضغوط النفسية التي نضعها على أنفسنا في محاولاتنا الدائمة لتغيير ما لا يمكن تغييره. وبالتالي، فإن التصالح مع الواقع الموجود، مثل العمل، والأهل، والأصدقاء، والمستوى المادي، والمجتمع بكل سلبياته،  هو منطق التصالح النفسي الذي يساعدنا في تطوير استراتيجيات عقلية أكثر فعالية لمواجهة التحديات.

أهم العوامل التي تساهم في تحقيق السلام الداخلي للفرد 

هناك عدة عوامل تعزز السلام الداخلي لدينا، تلك العوامل يمكن أن تعزز قدرات الفرد، وتجعله أكثر تقبلاً للواقع، إلى جانب قبول الواقع، يجب أن نقتحم دهاليز أنفسنا في محاولة لاقناعها بالتصالح معنا، تبدأ تلك المهمة من :

التفكير المتوازن بين الطموح والواقع

نيتشه أحد فلاسفة التنوير في ألمانيا كان يؤمن بالحياة الواقعية وقال ” الإنسان القوي هو الذي يعيش بدون اوهام ” وقد أثرت نظريات فلاسفة المجتمع الغربي في تمكين العقل في كل جوانب الحياة، ومنها البحث العلمي، والابتعاد عن الأحلام الوهمية، ساهم هذا المنطق في خلق حالة من السلام الداخلي الطبيعي لدى هؤلاء الأشخاص، وأصبحت سمة من سمات المجتمعات الغربية، التي ساهمت في التقدم في جميع مناحي الحياة، بينما تميل المجتمعات الشرقية إلى إطلاق العنان في سقف الطموحات، ربما لأنها فى الأصل مجتمعات قامت على القهر والذل، وصارت واحدة من أكبر مصادر الألم النفسي، وهي التوقعات التي نضعها على أنفسنا وعلى الحياة.

الاستفادة من تجارب الألم

المعاناة ليست مجرد تجربة سلبية، بل هي فرصة للتعلم والنمو، عندما نمر بمواقف صعبة، نصبح أكثر وعيًا بأنفسنا وبما يحيط بنا، المشاكل تساعدنا على فهم الحياة بشكل أعمق، وتمنحنا الفرصة لتطوير مهارات جديدة وتحسين قدرتنا على التعامل مع المواقف المشابهة في المستقبل.

كيفية تحقيق السلام الداخلي للفرد 

من أجل تحقيق السلام الداخلي من خلال الفهم العميق للمشكلة، يجب علينا تطوير عدة جوانب داخلية:

• – التركيز على اللحظة الحالية: 

• القدرة على العيش في نفس اللحظة بدلاً من القلق المستمر بشأن المستقبل أو الندم على الماضي.

• – التفكير الإيجابي وتغيير النظرة للألم:
• بدلاً من رؤية المشاكل كشيء سلبي يجب تجنبه بأي ثمن، يمكننا أن نراها كجزء من رحلة الحياة، وفرصة للنمو والتعلم. 
• – الاعتماد على الدعم النفسي والاجتماعي:
• الدعم النفسي والاجتماعي هو أحد أهم العوامل التي تساعد الإنسان على التعامل مع المشاكل  وتساعد في تحقيق السلام الداخلي، لذلك وضع الأطباء النفسيون طرقا جديدة تعتمد على الدعم الاجتماعي، والتواصل، ولكنهم في نفس الوقت يشجعون على العلاج الذاتي.
• – الصبر والعقيدة 
• مع اختلاف العقائد الدينية، يظل الإنسان يشعر بعلاقة مفقودة بينه وبين ربه، يعد الإيمان بتلك العلاقة الخفية مصدر طاقة وإلهام، وفي الكثير من الأحيان يكون مصدرًا مهمًا للسلام الداخلي، بشرط أن تكون هذه العلاقة يقظة ودافئة، بكثرة أعمال الخير، و اكتشاف آفاق جديدة من السلام النفسى.

• – علاج الطب النفسي:
• السلام الداخلي هو حالة نفسية تعبر عن الارتياح والتوازن الذي يعكس رؤية الفرد للحياة من منظور إيجابي، يعمل الطب النفسي على التغلب على المشاكل التي تعيق حركة الفرد في حياته وتدعم السلام الداخلي له.

من تلك العلاجات:

• – العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
• – الوعي الذاتي (Mindfulness)
• – العلاج بالتأمل (Meditation Therapy)
• – العلاج بالتقبل والالتزام (ACT )
• – الاعتناء بالصحة النفسية والجسدية
• – التوترات اليومية والمزمنة تعتبر

إن إدراك المشاكل والتحديات التي تواجهنا كجزء ثابت من الحياة ليس بالأمر السهل، ولكنه ضروري لتحقيق السلام الداخلي. عندما نقبل أن الحياة ليست دائمًا سهلة أو مريحة، نصبح أكثر قدرة على التعامل مع تحدياتها بطريقة هادئة ومتوازنة. الفهم العميق لهذه الحقيقة يمكن أن يكون مفتاحًا لتحريرها من الضغوط النفسية والتوترات، ويساعدنا على العيش بسلام.

لذلك حرصنا في منصة لبيه على تقديم كافة أنواع الاستشارات النفسية والبرامج الداعمة لك مع أفضل نخبة من المختصين في مجال الصحة النفسية وتطوير الذات للإجابة على جميع الأسئلة التي تدور في عقلك من أجل تجاوز والتغلب على المشكلات و التحديات المختلفة في الحياة.

المصادر: 1 2 3