استخدامات الذكاء الاصطناعي في علاج الاكتئاب 

تردد في الآونة الأخيرة، مصطلح الذكاء الاصطناعي، و انتشرت تقنياته المختلفة. فهو مصطلح يصف تلك التكنولوجيا التي تعتمد على علوم الكمبيوتر المطورة لتحاكى القدرات البشرية في حل المشكلات المختلفة و تحديثها. أصبحت استخدامات الذكاء الاصطناعي واسعة الانتشار في مجالات عديدة ومتنوعة، ومنها الطب. لذلك سنتناول استخدامات الذكاء الاصطناعي في علاج الاكتئاب.

 ما هي استخدامات الذكاء الاصطناعي؟ 

تزداد استخدامات الذكاء الاصطناعي حولنا في كل المجالات، التي تمكن الآلات والأجهزة من أداء المهام المعتمدة على استخدام الذكاء البشري. حيث كان البشر فقط هم القادرين على القيام بها في السابق، مثل التعرف على الكلام واتخاذ القرارات وتحديد الأنماط ومع استمرار التطور التكنولوجي الفائق. أصبحنا نحلم بالمزيد من الابتكارات المذهلة المبنية على استخدامات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، لتشمل العديد من المجالات. إليك بعض الأمثلة عليها: الحياة اليومية، النقل والصناعة، القطاع المالي، الرعاية الصحية، التعليم، الزراعة وغيرها، فكل يوم يحمل المزيد.

استخدامات الذكاء الاصطناعي في الطب

من الابتكارات الرائدة دخول النظم الذكية في المجال الطبي والرعاية الصحية، بما يعد بزيادة كبيرة في دقة التشخيص وفاعلية العلاج، وتحسين صحة الإنسان.

فيما يأتي أبرز مجالات الذكاء الاصطناعي في الطب:

• تشخيص الأمراض وتصوير الأشعات الطبية.
• الروبوتات المجهزة بالذكاء الاصطناعي في مجال الجراحة.
• اقتراح العلاج الفعال.
• الطب الجيني وتحديد العوامل الوراثية المرتبطة بالأمراض والخلل الوراثي.
• تنظيم وإدارة السجلات الطبية الإلكترونية.
• تحليل الأبحاث الطبية.
• التنبؤ بالأمراض
• مراقبة حالة المرضى في وحدات العناية المركزة.
• البحث والتطوير الدوائي.
• الرعاية الصحية المنزلية للمرضي، من خلال استخدام التطبيقات والأجهزة الذكية في بيوتهم.
• تدريب الأطباء ومقدمي الخدمة والممرضين.
• طب الأمراض النفسية

حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب النفسي للمساعدة على تحليل البيانات النفسية للمرضى وبخاصة من يعانون من الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، وتوجيه العلاج.

اضطراب الاكتئاب و طرق علاجه

الاكتئاب، هو اضطراب مزاجي شائع على مستوى العالم. يعد أكثر الاضطرابات العقلية شيوعًا، والمعروف أيضًا باسم اضطراب الاكتئاب الشديد (MDD).

تشمل مراحل علاج الاكتئاب الاعتيادية:

• العلاج النفسي، والعلاج السلوكي المعرفي، والعلاج الفردي، والعلاج الجماعي. 
• مرحلة العلاج الدوائي وفقًا لما تم نشره في مجلة American Family Physician عام 2023، والأدوية المضادة للاكتئاب من الجيل الثاني مثل مضادات الاكتئاب غير التقليدية، ومثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، ومثبطات استرداد السيروتونين والنورإبينفرين، ومنظمات السيروتونين. 

هناك أيضًا أنواع مختلفة من الأدوية المضادة للاكتئاب المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) مثل:

– مثبطات N-methyl D-aspartate (NMDA) ( esketamine )، ومثبطات أوكسيديز أحادي الأمين (MAOIs).

– حمض غاما أمينوبوتيريك الستيرويدي النشط (GABA)-A (brexanolone).

– مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات ورباعية الحلقات، ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورادرينالين (SNRIs).

– مضادات الاكتئاب غير التقليدية (trazodone، nefazodone)، ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).

استخدامات الذكاء الاصطناعي في علاج الاكتئاب

على الرغم من شيوع الاكتئاب، إلا أنه من الصعب للغاية اكتشافه وتشخيصه؛ لدرجة لا تتخطى دقة اكتشافه في جميع الحالات. فيتدخل الذكاء الاصطناعي في طريقة تشخيص الأمراض وعلاجها. وقد يكون مفيدًا للغاية بشكل خاص في علاج الاكتئاب لأنه قد يجعل التشخيص أكثر دقة ويحدد العلاجات الأكثر فاعلية واحتمالية نجاحها.

وعلى الجانب الآخر، وجد أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ باستجابات المرضى للعلاج يعد خطوة مؤثرة في سرعة استعادة صحة المرضي. حيث أن الأدوية المضادة للاكتئاب أكثر العلاجات الشائعة للمريض المصاب بالاكتئاب. بالرغم من ذلك، قد يحتاج إلى تجربة أكثر من نوع من مضادات الاكتئاب من أجل العثور على النوع المناسب له. وعادة ما يستغرق الأمر من شهر إلى شهرين حتى يظهر تأثير أدوية مضادات الاكتئاب. لكن إذا كان هناك طريقة للتنبؤ باستجابات المريض تجاه الأدوية، كلما قصّر ذلك من مدة علاج المريض واستعادة صحته.

بالفعل، يبدو أن اقتحام الذكاء الاصطناعي مجال الصحة النفسية سيفتح آفاقًا جديدة ويقدم أدواتًا قوية معاونة للأطباء أكثر دقة عند وصف العلاجات القائمة على الأدوية. توصلت العديد من الدراسات إلى أنه من الممكن التنبؤ باستجابة المريض للعلاج بمضادات الاكتئاب بدقة تزيد عن 70% من خلال السجلات الصحية الإلكترونية وحدها. وهذا من شأنه توفير طريقة فعالة للأطباء تمكنهم من صحة التشخيص وتحديد العلاج الملائم.

كيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في علاج الاكتئاب

 في السنوات الأخيرة، كانت هناك طفرة هائلة في الأبحاث التي تطبق الذكاء الاصطناعي على أمراض مثل الاكتئاب. حيث قام فيها العلماء بمقارنة تشخيصات وتوصيات ChatGPT الطبية بتلك التي يقدمها الأطباء في الحياة الواقعية، وكانت النتائج مدهشة. فعندما تم تقديم معلومات عن مرضى اكتئاب خياليين بشدة، وجنس وحالة اجتماعية واقتصادية متفاوتة، أوصى ChatGPT بالعلاج بالكلام. وفي المقابل، أوصى الأطباء بمضادات الاكتئاب. في حين جاءت توصيات كلا من مبادئ التوجيه الأمريكية والبريطانية والأسترالية بالعلاج بالكلام كخيار علاجي قبل تناول الدواء.

ويشير هذا إلى أن ChatGPT قد يكون أكثر ميلاً إلى اتباع الإرشادات السريرية، وأقل تأثرًا بالتحيزات الجنسية والاجتماعية والاقتصادية. في حين يقوم الأطباء بوصف مضادات الاكتئاب حسب دراسة الحالة وتاريخها.

كيف يعالج الأطباء الاكتئاب بالذكاء الاصطناعي

التكنولوجيا الطبية يبدو أنه مجالًا لا نهاية له. فهو يحمل في طياته الكثير من الآمال بالشفاء للمرضى ودقة الأطباء في التشخيص وتحديد العلاج الفعال للحالة. ولم يقف عند هذا الحد، بل ويتنبأ بالمرض قبل تشخيصه، وهذا مانراه في مرض الاكتئاب.

وجد أن للاكتئاب تأثير على أجزاء معينة من الدماغ, وقد أظهرت الأبحاث أن مناطق محددة من الدماغ هي التي تتأثر بالاكتئاب لدى الأشخاص المصابة. لدرجة تمكننا من التنبؤ بما إذا كان هذا الشخص يعاني من الاكتئاب أم لا بنسبة تزيد عن 80% يحدث هذا عن طريق عمل فحوصات التصوير بالرنين المغناطيس و رؤية صور الهياكل الدماغية واختبار وظائف المخ؛ مما يشير إلى أن صور الدماغ قد تكون اتجاهًا مفيدًا للتشخيص القائم على الذكاء الاصطناعي.

https://theconversation.com/ai-can-already-diagnose-depression-better-than-a-doctor-and-tell-you-which-treatment-is-best-211420

ومع ذلك، فإن جمع المعلومات الوظيفية والبنائية من التصوير بالرنين المغناطيسي يعطي تشخيص أعلى دقة، بل أصبح من الممكن التنبؤ بالاكتئاب في أكثر من 93% من الحالات بدقة. وهذا يشير إلى أن استخدام تقنيات تصوير الدماغ المتعددة للذكاء الاصطناعي تساعد الطبيب على تشخيص الاكتئاب واكتشافه بشكل صحيح.

بينما ما زالت تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي المستندة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي حاليًا للأغراض البحثية فقط. ولكننا نأمل مع انخفاض تكلفة عمليات مسح التصوير بالرنين المغناطيسي وسرعتها وسهولة نقلها، أن تصبح هذه التكنولوجيا المتطورة متاحة في القريب وجزءً من مجموعة أدوات الطبيب، مما يساعده على تحسين التشخيص وتعزيز رعاية المرضى.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في علاج الاكتئاب

رغم أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على التصوير بالرنين المغناطيسي واعدة، جدير بالذكر أن هناك طريقة أبسط وأسهل للكشف عن الاكتئاب، قد تكون في متناول اليد بالمعنى الحرفي للكلمة.

على غير المتوقع، تركز الأبحاث حاليًا في الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية لمعرفة قدرتها على اكتشاف الاكتئاب والتنبؤ به. وأظهرت الساعات الذكية فائدتها بشكل خاص لقدرتها على جمع مجموعة واسعة من البيانات بما في ذلك معدل ضربات القلب وعدد الخطوات ومعدل الأيض وبيانات النوم والتفاعل الاجتماعي.

في مراجعة حديثة لجميع الدراسات التي أجريت في السابق حتى الآن والتي تتناول استخدام الأجهزة القابلة للارتداء لتقييم الاكتئاب؛ أظهرت أن التنبؤ بالاكتئاب كان صحيحًا بنسبة 70-89% من الوقت. وذلك نظرًا لاستخدامها وارتدائها على مدار الساعة، بذلك فإن هذا البحث يشير إلى أن الأجهزة القابلة للارتداء قد توفر بيانات من الصعب جمعها بخلاف تلك الطريقة.

https://www.nature.com/articles/s41746-023-00828-5#Sec2

برغم بساطة الفكرة وامكانية تطبيقها إلا أنها واجهت بعض العيوب، أولها التكلفة الباهظة للأجهزة الذكية التي قد لا تكون في متناول الكثيرين. ومن العيوب الأخرى عدم دقة الأجهزة الذكية في اكتشاف البيانات البيولوجية لدى الأشخاص أصحاب البشرة الملونة والافتقار إلى الدراسات المتنوعة في هذا المجال بشكل خاص.

ختامًا، يبدو أن آفاق استخدامات الذكاء الاصطناعي في علاج الاكتئاب واعدة للغاية في مساعدة الأطباء في التشخيص المبكر وعلاجه وإدارته، والتنبؤ باستجابة المريض للعلاج للتعافي من الاكتئاب. إن كنت تعاني من أعراض اكتئاب بسيطة لم يجزم الأطباء بعد تشخيصها، فهذا المقال يفتح لك بارقة الأمل فيما يحمله المستقبل من إنجازات وتطبيقات ذكية بسيطة ستكون في متناول يدك، لا تتردد في طلب المساعدة والاستشارة لمعرفة التشخيص والعلاج مع تطبيق لبيه.

المصادر: 1 2 3