ما هو رهاب السعادة وكيف نتعامل معه؟
يعاني بعض الأشخاص من أشكال مختلفة من الرهاب، كرهاب القطط أو رهاب التحدث أمام الآخرين أو رهاب المرض، ولكن هل سمعت يومًا عن رهاب السعادة؟ نعم هذا الرهاب موجود بالفعل، ففي الوقت الذي تعتبر السعادة فيه من أهم الأهداف التي يسعى إليها الناس ويشعرون بالراحة والفرح عند الوصول إليها، يعاني بعض الأشخاص من اضطراب نفسي يُدعى برهاب السعادة والذي يمنعهم من الاستمتاع باللحظات السعيدة في حياتهم ظنًا منهم بأن شيئًا سيحدث ويفسد الأمر.
ما هو رهاب السعادة وما أهم أعراضه وعلاماته وكيف يمكن التعامل معه؟
ما هو رهاب السعادة؟
رهاب السعادة هو أحد الاضطرابات النفسية التي يعاني الأشخاص فيها من خوف ونفور غير منطقي من السعادة، ويبتعدون عن مشاركة البهجة والفرح مع الأشخاص الآخرين لاعتقادهم أن الأمور السلبية ستحدث وتخرب عليهم كل شيء، يدرك الأشخاص المصابون بهذا النوع من الرهاب أن السعادة عاطفة إيجابية لكنهم لا يستطيعون السيطرة على خوفهم منها.
لم يتم إدراج رهاب السعادة بعد ضمن الدليل التشخيصي والعلاجي للاضطرابات النفسية والمعروف باسم DSM-5، ومع ذلك يؤكد العديد من خبراء الصحة النفسية على أهمية هذا الاضطراب وتأثيره الكبير على حياة الأشخاص الذين يعانون منه وضرورة تشخيصه وعلاجه بشكل مناسب.
ما هي أسباب رهاب السعادة؟
لا يُعرف سبب دقيق لرهاب السعادة حتى الآن، لكن بعض الخبراء يميلون لربط رهاب السعادة بالذكريات السلبية للأشخاص، ويُعتقد أن معظم المصابين بهذا النوع من الرهاب قد عانوا سابقًا في طفولتهم من بعض الأمور السلبية التي دمرت فرحتهم وسعادتهم؛ لذلك فهم يخافون دومًا من تكرار الأمر وهذا ما يدفعهم لأن يخافوا من لحظات الفرح، ببساطة فقد ارتبطت السعادة لديهم بالخوف والتوتر، وتؤكد a study (Vedat Şar.2019) أن هناك علاقة واضحة بين الصدمات النفسية في الطفولة ورهاب السعادة.
كما يربط بعض الخبراء أيضًا بين رهاب السعادة واضطراب الشخصية الانعزالية، فالأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الانعزالية يبتعدون عن المشاركة في الأنشطة التي تسبب السعادة، وذلك لأنهم قد يضطرون للتعامل مع أشخاص آخرين، وهذا ما يشعرهم بالخوف وعدم الارتياح، بالإضافة إلى ذلك يرتبط رهاب السعادة بنوع آخر من اضطرابات الشخصية، وهو اضطراب الشخصية الكمالية، فالأشخاص المهووسون بالكمال ينظرون إلى السعادة على أنها غير مبررة، وأن الاستمتاع بلحظات الإنجاز يلهيهم عن تحقيق إنجازات أكبر.
ما هي أعراض وعلامات رهاب السعادة؟
لرهاب السعادة كغيره من الاضطرابات النفسية مجموعة متنوعة من الأعراض والعلامات التي تختلف شدتها من شخص لآخر، وتقسم هذه الأعراض إلى:
أعراض معرفية:
- الاعتقاد بأن الشعور بالسعادة يجعلك شخصًا سيئًا.
- الاعتقاد بأن السعادة ستؤدي إلى حدوث شيء سيئ.
- الاعتقاد بأنه لا ينبغي علينا التعبير عن السعادة خوفًا من إزعاج الآخرين.
- الاعتقاد بأن محاولتك لكي تكون سعيدًا هي مضيعة للوقت والجهد.
الأعراض السلوكية:
- تجنب المناسبات الاجتماعية خوفًا من السعادة.
- رفض Relations أو الفرص التي قد تجلب السعادة والفرح.
الأعراض الجسدية:
- تسرع ضربات القلب.
- الدوخة.
- جفاف الفم.
- تسرع التنفس.
- الألم الصدري.
- الغثيان والإقياء.
وكغيره من الأشكال الأخرى من الرهاب قد يؤهب رهاب السعادة للإصابة بنوبات الهلع، والتي يكون المحرض الأساسي لها هو اللحظات السعيدة.
ما هو علاج رهاب السعادة؟
هناك مجموعة متنوعة من الطرق التي يمكن استخدامها لعلاج رهاب السعادة، ولعل من أهمها:
- العلاج السلوكي المعرفي: هو نوع من العلاجات النفسية الذي يساعدك على التعرف على الأفكار الخاطئة، ويحدد السلوكيات التي يجب تغييرها ويساعد على إحداث هذا التغيير.
- العلاج بالتعرض: لطالما سمعنا أن أفضل طريقة للتغلب على مخاوفك هي مواجهتها، وهذا بالضبط هو مبدأ العلاج بالتعرض، ففيه يُساعد الأشخاص المصابون برهاب السعادة على المشاركة في المناسبات الاجتماعية والاستمتاع بلحظاتهم لكي يتخلوا عن خوفهم من السعادة رويدًا رويدًا.
- العلاج بالتنويم المغناطيسي: هذا النوع من العلاج معقد للغاية ويعتمد على إحضار الذكريات القديمة للشخص بمساعدة التنويم المغناطيسي، وذلك بهدف تحديد السبب الجذري لرهاب السعادة والعمل على تصحيحه.
- العلاج الدوائي: نظرًا لأن رهاب السعادة لم يتم إدراجه بعد ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، فلا توجد أدوية مخصصة لاستخدامها في علاج هذا الرهاب، ولكن يوصي بعض خبراء الصحة النفسية بإمكانية استخدام الأدوية المضادة للقلق جنبًا إلى جنب مع الأشكال الأخرى من العلاج النفسي.
كيف نتعامل مع رهاب السعادة؟
بالإضافة إلى العلاجات السابقة تتوفر مجموعة متنوعة من الأنشطة وتعديلات نمط الحياة التي تساعدك على التعامل مع رهاب السعادة ومن أهمها:
ممارسة اليوغا وتمارين التأمل
تساعد اليوغا وتمارين التأمل على تصفية الذهن والتفكير دون تشويش من العوامل الخارجية التي تسبب الخوف، كما أنها تسمح للشخص بتركيز أفكاره في اتجاه واحد، فمن خلال التأمل تتعلم كيفية التركيز على اللحظة الحالية وضرورة الاستمتاع بالسعادة التي لديك دون أن يتشوش ذهنك بالأفكار السلبية، تعتبر اليوغا طريقة مناسبة للقيام بذلك، كما تساعد أيضًا تمارين التنفس على منحك لحظات التأمل التي تريدها.
ممارسة التمارين الرياضية
تساعد التمارين الرياضية المنتظمة على تعزيز صحتك الجسدية والنفسية، وهي طريقة ممتازة لتفريغ المشاعر السلبية والتخلص من الأفكار الخاطئة، وقد أكدت a study (Anderson.2013) أن للتمارين الرياضية دور مهم في التخلص من مشاعر القلق والخوف، وعلى العموم، لا تعتقد أنه من الضروري أن تجهد نفسك بالقيام بهذه التمارين فكل ما عليك القيام به هو المشي أو الجري لمدة نصف ساعة يوميًا، يمكنك القيام بذلك في طريقك للعمل مثلًا.
الحفاظ على علاقات جيدة مع العائلة والأصدقاء
حين تزداد مخاوفنا بشكل كبير نكون بحاجة إلى أشخاص نثق بهم ليخبرونا أن كل شيء سيكون على ما يرام، وهذا ما يساعدك بشكل كبير إذا كنت تعاني من رهاب السعادة، فعندما تكون علاقتك جيدة مع عائلتك وأصدقائك فهذا يعني أنهم سيشاركون معك لحظات السعادة والفرح، ويمكنك حينها إخبارهم بمخاوفك وهم يساعدوك على التخلص منها.
إن رهاب السعادة كغيره من أشكال الرهاب الأخرى يمكن أن يكون معيقًا ومؤثرًا بشكل كبير على الأشخاص المصابين به؛ ولذلك ينبغي تشخيصه وعلاجه بشكل مناسب، يمكنك دومًا التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه للحصول على معلومات أكثر عن رهاب السعادة وطرق تشخيصه وعلاجه.
الدراسات
1. Vedat Şar, Tuğba Türk, and Erdinç Öztürk, Fear of happiness among college students: The role of gender, childhood psychological trauma, and dissociation, Department of Psychiatry, Koç University School of Medicine, Istanbul, Turkey, 2019 Jul
2. Elizabeth Anderson1 and Geetha Shivakumar, Effects of Exercise and Physical Activity on Anxiety, Department of Psychiatry, University of Texas Southwestern Medical Center, Dallas, TX, USA, 2013 Apr.