نواجه في حياتنا الكثير من المشاكل والضغوط التي غالبًا ما تكون عبئًا كبيرًا علينا نريد التخلص منه بأية طريقة، وبلحظة ضعف واستسلام نحاول الهروب منها بالإدمان وغيره من الأساليب الخاطئة غير آبهين بالنتائج، فكل ما يهمنا هو نسيان الواقع الذي نعيشه والابتعاد عنه.
في هذا المقال ستتعرف على بعض الطرق التي تساعدك في حل مشاكلك بالطرق الصحيحة بعيدًا عن الإدمان.
ما الإدمان؟
يُعرَف الإدمان بأنه عدم قدرتك على التحكم بفعل شيء ما أو أخذه أو استخدامه مهما كان ضارًا لك، وتتعدد أشكال الإدمان فمنها ما هو شائع مثل: التدخين، ومنها ما هو غير شائع مثل: العمل، فبعض الأشخاص مهووسون بعملهم لدرجة تؤثر على صحتهم الجسدية وعلى علاقتهم مع عائلاتهم وحياتهم الاجتماعية، وهناك من يدمنون على الإنترنت خاصة مع زيادة استخدام الحاسوب والهاتف المحمول، فقد يقضي الأشخاص ساعات كل يوم في تصفح الإنترنت أو اللعب مع إهمال جوانب أخرى من حياتهم.
بينت a study (Ha, 2007) زيادة نسبة الإصابة بالاكتئاب والوسواس القهري عند المراهقين المدمنين على الإنترنت، كما يصبح التسوق إدمانًا عند المبالغة في شراء أشياء لا تحتاجها والذي غالبًا ما يتبعه الشعور بالذنب أو الخجل أو اليأس.
هذا ويؤثر الإدمان سلبًا عليك من جميع النواحي، فغالبًا ما يعاني المدمن من أمراض في القلب والرئة ويزداد خطر تعرضه لسكتة دماغية أو تلف في الخلايا العصبية في الدماغ والجهاز العصبي المحيطي، ويزيد التدخين فرصة الإصابة بسرطان الرئة ويسبب مشاكل في الأسنان.
كما يترافق الإدمان مع الأمراض العقلية والنفسية مثل: القلق والفصام والاكتئاب، إذ يلجأ هؤلاء المرضى إلى الإدمان لتخفيف تأثير هذه الأمراض وأعراضها، مما يؤدي إلى تفاقمها على المدى البعيد.
ما أسباب الإدمان؟
هناك العديد من الأسباب التي تدفعك نحو الإدمان، فالأثر الذي تتركه هذه الأفعال نفسيًّا وجسديًّا يخلق دافعًا قويًّا للقيام بها مرة أخرى، ومن هذه الأسباب نجد:
- العوامل الوراثية التي تشكل نحو 40-60% من أسباب الإدمان: فهناك العديد من الجينات التي تساهم في خطر الإصابة بأمراض عقلية والتوجه نحو الإدمان، مثل تلك التي تؤثر على عمل النوقل العصبية (التي تنقل الرسالة من خلية عصبية لأخرى) كالدوبامين والسيروتونين وترفع نسبتها في الدم.
- السعادة الكبيرة التي تشعر بها: فالإدمان يعطي شعورًا بالقوة والثقة بالنفس وزيادة الطاقة والاسترخاء والرضا، فهو يرفع نسبة هرمون الدوبامين في الجسم، الذي هو أحد هرمونات السعادة، وله دور في إدمانك وعدم قدرتك على التوقف.
- الهروب من التوتر والقلق: إذ يلعب الإجهاد دورًا رئيسيًّا في البدء بالإدمان والاستمرار فيه، وكذلك الانتكاس عند المرضى الذين تعافوا منه؛ فالتوتر والضغط من عوامل الخطورة الأساسية للأمراض النفسية والإدمان، فالضغط الذي تشعر به لتحسين نتائجك الدراسية أو تركيزك في العمل أو تحسين قدراتك الرياضية يلعب دورًا في محاولة الإدمان أو الاستمرار فيه.
- الفضول والضغط الاجتماعي: خاصةً في مرحلة المراهقة، التي تعد فترة تطورية وحساسة يتعرض خلالها المراهقون لخطر الإدمان بشكل خاص؛ بسبب الضغوط التي يتعرضون لها من أقرانهم، بالإضافة إلى الصدمات والتجارب التي يتعرضون لها في الطفولة وما لها من دور مهم في ذلك، إذ أكدت a study (Khoury, 2010) أن الأطفال الذين تعرضوا لسوء معاملة في الصغر هم عرضة أكثر بثلاث مرات من غيرهم للتوجه نحو الإدمان في المستقبل، كما أن هذه التجارب لها دور في العديد من الأمراض النفسية مثل: الاكتئاب والفصام والاضطراب ثنائي القطب.
كيف تتجنب الإدمان؟
يوجد العديد من الطرق التي تساعدك على تجنب الإدمان ومعظمها يعتمد عليك وعلى علاقتك بالآخرين واتباعك عادات صحية تجنبك هذه العادة السيئة، وإن لم يكن تجنب الإدمان هو هدفك الأول إلا أن هذه العادات تحسن صحتك النفسية وتسمح لك في العيش بسعادة ورضا أكبر؛ لذا إليك بعض الطرق التي تساعدك على الابتعاد عن الإدمان قدر الإمكان:
- حدد الأسباب التي تدفعك للتفكير في الإدمان، فقد يكون سبيلك للابتعاد عن التوتر والهروب من مشاكلك مثلًا، لذا في كل مرة تفكر فيها في الاتجاه إلى هذه الطريق اسأل نفسك هذه الأسئلة: متى أفكر بالإدمان؟ هل يقدم لي الراحة والقدرة على نسيان مسؤولياتي؟ وبمجرد حددت السبب يمكنك وضع خطة لكبح رغبتك، ويصبح بمقدورك تحديد الموقف المحفز عند حدوثه واتخاذ الخطوات المناسبة لإبعاد نفسك عن هذا الخطر.
- يجب تثقيف اليافعين حول مخاطر الإدمان ونتائجه السلبية على حياتهم وصحتهم فهذا يعد أحد الطرق الفعالة للتقليل من نسبة انتشاره في المجتمع؛ فعندما تكون ثقافة الشخص كافية في هذا المجال يعرف التعامل مع المواقف بشكل صحيح ويتجنب الانجراف في هذه الطريق، وقد أظهرت a study (Fothergill,2008) انتشار الإدمان بنسبة كبيرة عند من يتركون الدراسة، ويعود ذلك إلى استخدام الإدمان كطريقة للتعاطي مع الإحباط وخيبة الأمل التي يواجهونها من المجتمع من حولهم، وتبدأ هذه الطريقة من الأهل في المنزل ومن المدرسة وهكذا يزداد الوعي عند الشباب ويتجنبون اللجوء إلى الإدمان لحل مشاكلهم.
- الحفاظ على علاقات جيدة مع من حولك من أصدقاء وعائلة، فالتواصل مع الآخرين مفيد لك ولنفسيتك، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، لذا أن تكون قادرًا على الاعتماد على من حولك لمساندتك في مشاكلك أفضل بكثير من اللجوء إلى الإدمان لتحقيق ذلك.
- اعتنِ بنفسك جيدًا فبالرغم من بساطة ذلك إلا أنك كثيرًا ما تغرق في مشاكلك وتنسى الاهتمام بنفسك، ويتم ذلك بخطوات بسيطة إلا أن تأثيرها كبير على صحتك ونفسيتك مثل: اتباع نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية الضرورية لك وممارسة الرياضة وأخذ استراحات من حين إلى آخر لتستعيد طاقتك ونشاطك؛ فذلك سيضمن أنك بصحة جيدة وقادر على مواجهة الصعوبات والضغوط اليومية ويقلل رغبتك في الاتجاه نحو الإدمان للهرب من واقعك.
- حاول إيجاد طريقة مناسبة لك للتعامل مع الضغوط والقلق والتوتر بدلًا من أن يكون الإدمان طريقك للهرب من ذلك، فيمكنك الذهاب في نزهة قصيرة لتفريغ طاقتك ونسيان مشاكلك أو التوجه إلى الكتابة أو الرسم أو الموسيقا للتعبير عما يجول في فكرك، أو يمكنك اللجوء إلى التأمل وتخصيص بعض الوقت للاعتناء بنفسك والانتباه لها، كما يمكنك طلب مساعدة طبيبك على موقع لبيه ليعطيك طرق مناسبة لك لتتجنب أن يكون الإدمان حل لمشاكلك.
مهما كان ما تمر به صعبًا وقاسيًا تذكر أن بالرغم من سهولة طريق الإدمان والراحة التي يؤمنها لك إلا أن ذلك كله مؤقتا وسيعود عليك بنتائج كارثية، لذا حاول أن تحل مشاكلك وتتعامل مع واقعك بالشكل الصحيح بدلًا من الهرب منه وتجنبه.
الدراسات:
1- Ha J.H, Kim S.Y, etc. Depression and internet addiction in adolescent. Psychiatric and Psychology.2007;40(6):424-430. https://doi.org/10.1159/000107426
2- Khoury L, Tang Y, etc. Substance use, childhood traumatic experience, and posttraumatic stress disorder in an urban civilian population. Depress Anxiety.2010;27(12):1077-1086.doi: 10.1002/da.20751
3- Fothergill K.E, Ensminger M.E, etc. The impact of early school behavior and educational achievement on adult drug use disorder: a prospective study. Drug Alcohol Depend.2008;92(1-3):191-199. doi: 10.1016/j.drugalcdep.2007.08.001