آفة عصرنا الحديث، انتشار الهواتف المحمولة بل وأصبحت جزءاً أصيلًا من مفردات الحياة اليومية. ومع الإفراط في استخدامها للتواصل، والترفيه، والعمل، والتعلم، بخاصةً خلال ساعات الليل، تزايدت المخاوف من العواقب الصحية والنفسية السلبية على الصحة العقلية. والتي من أبرزها زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب. في هذا المقال، سنتناول علاقة استخدام الهاتف المحمول ليلاً و اعراض الاكتئاب، مع توضيح أسباب هذا الارتباط الوثيق وكيفية الحد من آثاره السلبية.

تعريف و اعراض الاكتئاب

بداية، الاكتئاب هو اضطراب مزاجي شائع له تأثير كبير على الأفكار والمشاعر والسلوك والحالة المزاجية. يعاني المصابون بالاكتئاب بحزن شديد وفقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة لهم في السابق. كما يعانون من صعوبة في النوم، وتغيرات في الوزن، وفقدان الطاقة، وصعوبة في التركيز، وتصل في بعض الحالات الشديدة إلى أفكار انتحارية، يحتاج حينها الشخص إلى تدخل طبي وخضوعه لعلاج مناسب.

العلاقة بين استخدام الهاتف المحمول ليلاً و اعراض الاكتئاب

في الوقت الذي ينصح الأطباء الأفراد بالتعرض لضوء الشمس المباشر في النهار، وهو المعروف بخصائصه المضادة للاكتئاب. فقد أظهرت الدراسات أن التعرض المفرط للضوء الصناعي في الليل مرتبط بأعراض الاكتئاب. حيث أشارت الأبحاث إلى وجود مسار عصبي يربط نوعاً معيناً من مستقبلات الضوء في العين بمنطقتين من الدماغ، والذي ينشط بشكل أقوى بكثير مع الضوء الصناعي في الليل مقارنة بالنهار. وهذا ما يعكس تأثيرات الإضاءة الليلية السائدة في العالم على الصحة العقلية.

كيف يؤثر استخدام الهاتف المحمول ليلاً بالسلب على الصحة العقلية للأفراد؟

لمعرفه الاجابة علي هذا السؤال. كان من الضروري أن نرصد العوامل التي ترتبط بين استخدام الهواتف المحمولة ليلاً وزيادة خطر الإصابة ب اعراض الاكتئاب، ومن أبرزها:

1- اضطراب الساعة البيولوجية: نتيجة للضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف الذكية الذي يمنع إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن وظيفة تنظيم النوم، والإفراط في التعرض لهذا النوع من الإضاءة خاصةً قبل النوم، يؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية للجسم. هذا الاضطراب يزيد من اضطرابات النوم، والحالة المزاجية للأفراد.
2- التوتر والقلق: تصفح وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والتحقق المتواصل للإشعارات قبل النوم، يمكنه أن يمثل نوع من الضغط النفسي، الذي قد يؤدي إلى استثارة مستويات التوتر والقلق.
3- قلة النوم: يؤدي الإفراط في استخدام الهاتف المحمول ليلاً إلى تقليل وقت النوم وصعوبة في الاستيقاظ في الوقت الملائم، علاوة على الشعور بالتعب والإرهاق خلال النهار. مما يؤثر سلبًا على القدرة على التركيز والصحة النفسية والجسدية وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.
4- العزلة الاجتماعية: قد يؤدي الانغماس في عالم الهواتف الذكية إلى تقليل التواصل الشخصي المباشر وزيادة الاعتماد على التواصل الافتراضي. مما يعزز الشعور بالعزلة الاجتماعية والوحدة وفقدان العلاقات الاجتماعية الداعمة.
5- اضطرابات المزاج: تشير العديد من الدراسات إلى وجود علاقة بين اضطراب النوم الناتج عن التعرض للضوء الأزرق في الليل واضطرابات المزاج، مما قد يزيد خطر الإصابة بالاكتئاب.
6- الشعور بالجوع: السهر لمدة أطول يجعلك تتناول كميات أكبر من الطعام من جراء الشعور بالجوع، دون قيامك بمجهود بدني يزيد من وزنك ويقلل من ثقتك في قوامك.

سلبيات استخدام الهاتف المحمول

قامت منظمة الصحة العالمية بقياس المخاطر الصحية للحقول الكهرومغناطيسية ذات التردد اللاسلكي (RF-EMF) المنبعثة من الهواتف المحمولة. واتضح أن هناك تأثيرات على الجوانب النفسية والسلوكية للأفراد، في الوقت الذي ظهر فيه مصطلح الطفولة المعتمدة على الهاتف، الذي كان من أعظم آثاره تدمير أدمغة الشباب وأزمة الصحة العقلية للمراهقين في جميع أنحاء العالم. وإليكم بعض التأثيرات الأخرى:

الحرمان الاجتماعي:

إذ يحتاج الأطفال إلى الكثير من الوقت للعب مع بعضهم البعض، وتكوين صداقات وجهاً لوجه، لتعزيز التواصل الاجتماعي الحقيقي. وأظهرت الأبحاث أن المراهقين الذين يقضون وقتًا أطول مع أقرانهم يتمتعون بصحة عقلية أفضل. في حين أن أولئك الذين يقضون وقتًا أطول على هواتفهم مع وسائل التواصل الاجتماعي هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق.

اضطرابات النوم:

إدمان استخدام الهواتف ليلًا نتج عنه الزيادة المفاجئة في مشاكل النوم، فازدادت الشكوى من مدة نوم أقصر، أو وقت نوم أطول، والمزيد من الاستيقاظ في منتصف النوم. في حين يحتاج المراهقون إلى فترات نوم أكثر من البالغين، خاصة أثناء سن البلوغ. لذا يعاني المحرومون من النوم ثماني ساعات في الليلة من عدم التركيز ومشكلات في الذاكرة ولا يحتفظون بالمعلومات.

تشتت الانتباه:

إذ يواجه الأشخاص صعوبة في التعامل مع أقرانهم. كذلك صعوبة في التكيف في المدرسة أو مع زملائهم في اللعب، أو قد يواجه البالغون مشكلات في العمل بما يؤثر على قدرتهم على التفكير.

إدمان التطلع للهواتف السلوكي أو مرضي:

بما يمكن وصفه باستخدام الهاتف المحمول المفرط.

التأثير الضار للضوء الأزرق و اعراض الاكتئاب

الضوء الأزرق تلك الموجة الضوئية التي تصدرها شاشات الهواتف المحمولة، كذلك أجهزة الحاسوب أو الأجهزة اللوحية أو غيرها من الأجهزة المحمولة. أثبتت الدراسات بما لا يدع مجالًا معه للشك علاقته الوثيقة وتنظيم دورة النوم والاستيقاظ. لذلك، من الضروري الحد من التعرض للضوء الأزرق قبل النوم لحماية صحتك النفسية والجسدية وتحسين نوعية حياتك ونوعية النوم، ومن شأنه تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب.

كيف يمكن تقليل الآثار السلبية لاستخدام الهاتف المحمول ليلًا

تشير العديد من الدراسات إلى أن الاستخدام المكثف للهاتف المحمول ليلاً مرتبط بزيادة اعراض الاكتئاب والقلق، خاصة بين المراهقين والشباب. إضافة إلى نوعية نوم أسوأ، مما يساهم في تدهور صحتهم العقلية. ولتقليل التأثيرات السلبية لاستخدام الهاتف المحمول ليلاً. يمكنك اتباع بعض النصائح البسيطة الآتية:

1- تقنين استخدام الهاتف:

تجنب استخدام الهاتف المحمول والتحديق في شاشته قبل النوم بساعة إلى ساعتين على الأقل؛ من شأنه أن يساعد على نوم أفضل خلال الليل.

2- استخدام النظارات التي تمنع الضوء الأزرق:

يمكنك ارتداء النظارات الخاصة مصممة لتصفية الضوء الأزرق في أثناء استخدام الهاتف ليلًا قبل النوم.

3- استخدام إعدادات تقليل الضوء الأزرق:

تفعيل وضع الليل في هاتفك أو استخدام تطبيقات تقلل من الضوء الأزرق المنبعث من الشاشة.

4- خلق بيئة نوم مريحة:

إبعاد الهاتف المحمول عن مكان النوم وغلقه واستخدام منبه تقليدي عوضاً عن الاعتماد على الهاتف. فالأضواء المنبعثة منها توجهه المخ أن ساعات النهار لا تزال ممتدة.

5- ممارسة اليوجا وتقنيات الاسترخاء:

يمكنك قبل النوم ممارسة التأمل لتهدئة العقل وتقليل التوتر بما ينعكس على تحسين جودة النوم.

6- القراءة:

استبدل استخدام الهاتف بقراءة كتاب أو ممارسة هواية أخرى من شأنها مساعدتك على الاسترخاء.

7- إخراج الهاتف من غرفة النوم:

قم بشحن هاتفك في غرفة أخرى لتجنب الإغراء باستخدامها قبل النوم.

8- الحد من تصفح وسائل التواصل الاجتماعي:

قلل من الوقت الذي تقضيه في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم.

9- خلق بيئة نوم مريحة:

حافظ على غرفة نومك مظلمة وهادئة وباردة لتعزيز النوم.

10- ممارسة الرياضة بانتظام:

تساعد الرياضة على تحسين المزاج ونوعية النوم وجودته وتقليل التوتر.

11- التغذية الصحية:

تجنب تناول الأطعمة الثقيلة أو المشروبات التي تحتوي على كافيين قبل النوم.

12- الاستماع إلى الموسيقى:

يمكن الانشغال بعادات تانية مفيدة مثل الاستماع إلي الموسيقي وترك الهاتف من يدك.

13- لا تتردد في طلب المساعدة والعلاج:

إذا كنت بحاجه إلي المساعدة استشر طبيب مختص لمعرفه كيفيه التعامل والتغلب على العادات الخاطئة في حياتك.

بشكل عام، يتضح لنا أن علاقة استخدام الهاتف المحمول ليلاً مع اعراض الاكتئاب علاقة وثيقة. حيث يؤثر الإفراط في استخدام هذه الأجهزة تأثيرها السلبي على جودة النوم والصحة العقلية والنفسية والجسدية. من خلال اتباعك لبعض الخطوات البسيطة للحد من استخدام الهاتف قبل النوم. يمكنك حماية نفسك من خطر الإصابة بالاكتئاب على المدى الطويل. تذكر أن صحتك مهمة لذا وجب عليك الاهتمام بها والحفاظ عليها. إذا واجهت أي من هذه الأعراض لا تتردد في طلب المساعدة واستشارة طبيبك المختص. Download app.

المصادر: 1 2 3 4