كيف تؤثر السوشيال ميديا على الصحة النفسية؟
كانت بداية الإنترنت في ستينيات القرن الماضي، وفي عام 1991 تم تطوير الويب الذي يعتبر أساس الإنترنت الحديث الذي نعرفه اليوم، قدم الويب طريقة سهلة ومرئية للوصول إلى المعلومات ومشاركتها، ما ساعد في ظهور ما يعرف بمواقع السوشيال ميديا التي سهلت التواصل بين الناس بشكل أفضل من مقابلتهم على أرض الواقع، لكن مع كل الإيجابيات التي تحيط بهذه المواقع كان هناك العديد من الآثار السلبية التي تؤثر على الصحة النفسية لرواد هذه المواقع.
تؤثر السوشيال ميديا على الصحة النفسية لمستخدميها بشكل كبير نتيجة الاحتكاك المباشر والسريع بين الناس دون وجود حدود أو قوانين تقيدهم، الأمر الذي قد يسبب عدة مشاكل على صعيد الصحة النفسية خاصة لدى الفتيات أو المراهقين بشكل عام. هذا المقال يساعد في تكوين مفهوم واضح حول السوشيل ميديا وأثرها على الصحة النفسية للفتيات بشكل خاص والمراهقين بشكل عام.
هل هناك أثر سلبي السوشيال ميديا على الصحة النفسية؟
يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تساعد المراهقين على النمو الصحي، ولكنها قد تخلق أيضًا بعض المخاطر، تُظهر الأبحاث النفسية أهمية التركيز على كيفية استخدام المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي ونوع المحتوى الذي يرونه.
سواء كنت تملك أطفالًا أو أنك من مستخدمي السوشيال ميديا فلا بد أنك تعلم النقاط الإيجابية والسلبية التي تقدمها هذه المواقع، لا يمكننا القول أنها مضرة بالصحة النفسية فهي تملك العديد من الميزات الإيجابية التي قد تعزز من ذكاء واستجابة الشخص، لكننا نريد إيضاح سلبيات هذه المواقع لمحاولة تجنبها والاستفادة قدر الإمكان منها دون الحصول على ضرر نفسي مع استخدامها.
ما هي ميزات وفوائد السوشيال ميديا على الصحة النفسية؟
يوفر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مجموعة من الفوائد والفرص بشكل كبير ومتنوع، فقد سمحت للشباب بالحفاظ على الروابط الاجتماعية وشبكات الدعم بشكل جيد، وجعلت الوصول إلى المعلومات أسهل من أي وقت مضى، بعض الفوائد التي تقدمها السوشيال ميديا على صعيد الصحة النفسية:
- إزالة الحدود لتطوير التواصل بين الناس، فقد أزالت السوشيل ميديا الحدود المادية وجعلت الحصول على شخص للحديث معه أمرًا سهلًا.
- تعزيز العلاقات الاجتماعية، فقد أصبح من الممكن الوصول لأفراد العائلة أو الأصدقاء الذين فرقتنا عنهم المسافات بشكل أسهل، بالإضافة للحصول على أصدقاء جدد مهما كانت المسافات بعيدة بينكم ودون الحاجة للتواصل على أرض الواقع.
- مكان لطلب الدعم النفسي والمشورة، فهي تمنح فرصة لتقديم الدعم للأصدقاء والعائلة الواقعين في مشاكل معينة، ويحتاجون لمن يتحدثون معهم، أو يمكنك طلب الدعم عندما تمر بموقف معين لا يمكنك التحدث عنه أمام الأشخاص المقربين منك.
- زيادة الوعي حول قضايا معينة، والوصول السريع والسهل لمختلف المعلومات، حيث يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تساعد الشباب على زيادة الوعي بقضية معينة يهتمون بها ليكون لها تأثير في العالم الحقيقي والحصول على التغيير الذي يريدون رؤيته.
- تطوير بصمة رقمية إيجابية، يمكن للشباب أيضًا استخدام حساباتهم كسيرة ذاتية مخصصة لمشاركة إنجازاتهم وعرض مواهبهم وبناء محفظة إيجابية عبر الإنترنت، يستطيعون الاستفادة منها في وقت لاحق من حياتهم.
تقدم السوشيال ميديا العديد من الميزات والفوائد عند استخدامها بشكل صحيح، لكن مازال هناك العديد من المضار والمساوئ لها، ويفضل استخدامها بحذر للحفاظ على صحة نفسية جيدة.
ما هي أضرار السوشيال ميديا على الصحة النفسية؟
ظهرت العديد من مواقع السوشال ميديا في بداية الألفية الجديدة، أتاحت هذه المواقع للمستخدمين مشاركة أخبارهم ونشاطاتهم مع الآخرين من جميع بقاع الأرض، قد تكون السوشيال ميديا مكانًا جيدًا للتواصل والتفاعل الاجتماعي وتعزيز الانتماء الاجتماعي وتحسين الصحة النفسية، لكنها سيف ذو حدين؛ فعلى الرغم من الإيجابيات الكبيرة يوجد سلبيات خطيرة خاصة على جيل المراهقين والفتيات بشكل خاص مثل:
Addiction
أصبحت السوشيال ميديا مصدرًا محتملًا للإدمان، حيث يمكن لمستخدميها قضاء ساعات طويلة يومياً في التصفح والتفاعل على هذه المنصات، مما قد يشكل خطرًا محتملاً على الصحة العقلية والجسدية، تسبب حالات الإدمان الشديدة قصور في الانتباه والقدرة على التركيز، وذلك بسبب أن المستخدم يصب تركيزه بشكل كامل على هذه المواقع حتى في الأوقات التي لا يستخدمها، مما قد يسبب مشكلات عديدة مثل: الأرق وAnxiety والاكتئاب المرضي.
قلة الثقة بالنفس
التصفح المستمر للسوشيال ميديا يسبب التعرض المستمر لمقاطع الفيديو والصور التي قد تسبب زعزعة الثقة بالنفس وعدم الرضى عن المظهر الشخصي، كمقاطع الفيديو أو الصور التي تروج لشكل جسم محدد أو معايير معينة للجمال.
على الرغم من أن هذه المعايير غير واقعية ولا تمت للواقع بصلة إلا أنها تطبع صورة ثابتة في عقول الشباب حول الجمال، ولكن يمكن القول إن مشاعر الذكور يصعب التلاعب بها على عكس الإناث، حيث شوهدت حالات عديدة حول العالم لفتيات يعانين من قلة الثقة بالنفس وعدم الرضا عن أجسامهم نتيجة انتشار شكل جسم محدد أو بشرة مثالية وغيرها من الأمور التي بنيت عليها معايير الجمال الحالية.
هذه المعايير دفعت العديد من الفتيات لخوض تجارب قاسية مثل: اتباع حمية شديدة أو استعمال كريمات التبييض والتنحيف وغيرها من المستحضرات التي سببت الضرر لهم، وبلغت بعض الفتيات مرحلة التوقف عن تناول الطعام لإنقاص الوزن مما سبب العديد من المشاكل على الصعيد النفسي والعقلي والجسدي.
انعدام الخصوصية
من بين جميع السلبيات التي تتمتع بها السوشيال ميديا انعدام الخصوصية هو الأسوأ خاصة للفتيات؛ فالانتشار السريع للمعلومات والقدرة على الوصول إليها بسهولة من قبل أي شخص يشكل خطرًا على حياتهن.
تختلف أساليب استعمال هذه المعلومات بين التعرض للتنمر والعنف الرقمي إلى الملاحقة وتشويه السمعة إلكترونيًا، مما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية، ويزيد من مشاكلها؛ كالاكتئاب والقلق والأرق وغيرها.
إضعاف الوظائف العقلية
تقدم السوشيال ميديا دعوة للدماغ لممارسة الاستهلاك الطائش والسريع دون الحاجة للتفكير أو التركيز، مع استهلاك المزيد من محتوى معين يستمر مستوى التفاعل الذي يجب أن يوفره لجذب انتباه الجمهور في الارتفاع، مما يؤدي لحدوث مشكلات عند الحاجة للتركيز عند أداء أنشطة معينة غير ممتعة وصعبة كالدراسة أو حل الأحاجي بعكس التنقل بين مقاطع الفيديو على تيك توك.
ما هي الطريقة الصحيحة لاستخدام السوشيال ميديا؟
يمكن الحد من مخاطر السوشيل ميديا باتباع نهج متعدد الجوانب لإدراة استعمال هذه المواقع، على سبيل المثال:
- تحديد مدة زمنية للتصفح.
- تحديد النقاط التي قد تسبب ضررًا على الصحة النفسية والابتعاد عنها.
- تعزيز الوعي الفردي تجاه مخاطر السوشيال ميديا.
- تقوية علاقة الفتاة بأسرتها ومحيطها وذاتها، وتقبل شكلها وعيوبها.
- إدراك أن معايير الجمال والرجولة التي يروج لها عبر الإنترنت مجرد وهم ولا تمت للواقع بصلة.
- تنمية وممارسة الهوايات بشكل متواصل لزيادة الثقة بالنفس وتعزيز تقدير الذات.
في عام 2015 أفاد فريق أبحاث مايكروسوفت أن متوسط مدى انتباه الشخص المدمن على السوشيال ميديا يبلغ ثمان ثوان، لذلك يجب الانتباه والحرص على استعمال هذه المواقع بشكل جيد، والحيول دون تعريض أنفسنا وصحتنا النفسية والجسدية للخطر.
المراجع
1- Exploring the effect of social media on teen girls’ mental health, www.hsph.harvard.edu, retrieved on 1/10/2023.
2- Social Media Overview, communications.tufts.edu, retrieved on 1/10/2023.
3- Keeping teens safe on social media: What parents should know to protect their kids, www.apa.org, retrieved on 2/10/2023.
4- Attention spans dwindle due to social media use, standard.asl.org, retrieved on 2/10/2023.