الشخص مفرط الحساسية هو مصطلح صاغته عالمة النفس إيلين آرون، ووفقًا لها هناك مجموعة من سكان العالم يتمتعون ببروز سمة شخصية عندهم تعرف باسم حساسية المعالجة الحسية، وأولئك الذين يمتلكون هذه الصفة يظهرون حساسية عاطفية متزايدة وتفاعل أقوى لكل من المحفزات الداخلية والخارجية مثل: الألم، والجوع، والضوضاء.

اكتسب مفهوم الحساسية العالية شهرة واسعة في السنوات التي تلت صياغته من قبل إيلين آرون، وأصبح الكثير من الناس يصنفون أنفسهم على أنهم حساسون للغاية، وعمومًا يُعتقد أن 15-20% من الناس هم أشخاص مفرطو الحساسية، الجدير بالذكر أنه يمكن لأي أحد اليوم إجراء اختبار الحساسية النفسية لمعرفة ما إذا كان ينضم لهذه المجموعة من السكان.

ما هي حساسية المعالجة الحسية؟

حساسية المعالجة الحسية Sensory Processing Sensitivity أو اختصارًا (SPS) هي سمة شخصية حيث يكون الجهاز العصبي للشخص الذي يمتلكها حساسًا بشكلٍ أكبر بالإضافة لامتلاكه معالجة معرفية أعمق للمحفزات الفيزيائية والاجتماعية والعاطفية. الجدير بالذكر أن حساسية المعالجة الحسية ليست اضطرابًا بل آلية فطرية للنجاة لها فوائد وعيوب في نفس الوقت.

يجب عدم الخلط بين حساسية المعالجة الحسية SPS واضطراب التكامل الحسي أو اضطراب المعالجة الحسية المعروف باسم Sensory Processing Disorder الذي يعاني المصاب به من تنظيم ومعالجة المحفزات الحسية القادمة عبر الحواس مثل: اللمس، والسمع، والشم.

ما هو اختبار الحساسية النفسية؟

طور اختبار الحساسية النفسية لأول مرة في عام 1997 وأُطلق عليه اسم مقياس الأشخاص مفرطي الحساسية، يتألف الاختبار من 27 موضوعًا أو سؤالًا ويُستعمل لتقييم مستويات حساسية المعالجة الحسية، وبالتالي تشخيص الفرد بفرط الحساسية تبعًا للنتائج. فيما يلي أهم النقاط حول الاختبار:

• الهدف منه: تقييم مدى شدة الاستجابة للمحفزات الداخلية والخارجية.
• الأسئلة: يحوي أسئلة يهدف من خلالها إلى معرفة مدى حساسية الشخص للمدخلات الحسية، ووعيهم حيال التفاصيل الدقيقة والخفايا الموجودة حولهم، ورد الفعل العاطفي، والحاجة إلى العزلة أو الانسحاب الاجتماعي عند الشعور بفرط التحفز.
• نتائج الاختبار: الأشخاص الذين يجيبون بالإيجاب على أكثر من 14 من الموضوعات فهم على الأغلب مفرطي الحساسية.
• الاستعمال: يمكن لأي شخص استعمال هذا الاختبار، بالإضافة إلى بعض المختصين النفسيين الذين يستعملونه لأغراض بحثية. الاختبار متوفر بشكلٍ مجاني على موقع الدكتورة إيلين آرون.

يساعد اختبار الحساسية النفسية الكثير من الناس في تقبل وفهم أنفسهم، بالإضافة إلى ملاحظة السمات المميزة التي تأتي مع فرط الحساسية مثل: المعالجة العميقة للأمور، والتعاطف، والإبداع. بالإضافة إلى ذلك فهو يساعد في معرفة التحديات التي من الممكن أن يواجهها الفرد.

ما هي الصفات التي يكشفها اختبار الحساسية النفسية؟

بعد إجراء اختبار الحساسية النفسية قد تتساءل ما هي الصفات التي يمتلكها الأشخاص مفرطو الحساسية، فيما يلي مجموعة من المواقف والأشياء المشتركة:

• تجنب الأفلام والبرامج التلفزيونية العنيفة لأنها تُشعِر الشخص بعدم الارتياح  وبحالة من عدم الاستقرار.
• التأثر بعمق بالجمال الموجود في الطبيعة أو الفن أو الروح البشرية أو حتى إعلان تلفزيوني جيد.
• الانغماس والتأثر بشدة بالمنبهات الحسية مثل: الحشود الصاخبة، أو الأضواء الساطعة، أو الملابس غير المريحة.
• امتلاك حياة ذاتية أو داخلية معقدة وغنية بالأفكار العميقة والمشاعر القوية.
• الحاجة إلى أيام استراحة أكثر من غيرهم، ووتيرة حياة أبطأ.
• صعوبة في التأقلم مع التغيرات سواء كانت إيجابية أو سلبية.
• ردود أفعال شديدة تجاه النقد.

يُعتقد أن الحساسية العالية لها جذور وراثية، وقد ارتبطت بعض المتغيرات الجينية بهذه السمة، علاوة على ذلك بيئات الطفولة المبكرة قد تلعب دورًا أحيانًا، إذ تشير بعض الأدلة أن التجارب المبكرة قد يكون لها تأثير على المستوى الجيني. إذ تبين أيضًا أن نقص اهتمام وحب الوالدين في نشأة الطفل قد يسبب تطوير فرط الحساسية، بالإضافة إلى التجارب المريرة التي من الممكن أن يمر بها.

بعض الصعوبات التي يواجهها الأشخاص مفرطو الحساسية

كحال السمات والصفات الشخصية الأخرى المعروفة، سمة فرط الحساسية تأتي مع تحدياتها الخاصة:

• الجدول اليومي المزدحم: كما ذكرنا يفضل الأشخاص ذوي الحساسية العالية نمط حياة أبطأ، وبالتالي وجود جدول مزدحم يزيد من القلق الذي يشعرون به.
• توقعات الآخرين: يعاني الكثير من الناس صعوبةً برفض الآخرين لكن بالنسبة لمفرطي الحساسية فتكون الصعوبة مضاعفة، لأنهم يشعرون بأن عليهم تلبية مطالب الآخرين.
• الصراعات: الأشخاص الحساسون أكثر عرضة للقلق بسبب الجدالات كونهم قد يكونون أكثر وعيًا بوجود مشكلة في علاقاتهم، بالإضافة إلى أنهم يفسرون بعض العلامات على أن الأشخاص الآخرين غاضبون منهم.

كيف يمكن التعامل مع فرط الحساسية؟

لا يوجد علاج واحد موصى به للحساسية المفرطة، إذ كما ذكرنا أعلاه هي سمة شخصية يمتلكها الناس وليست اضطرابًا، ونظرًا لأن هذه السمة غالبًا ما تأتي مع تحديات عاطفية وشخصية، بالإضافة إلى أن الأشخاص مفرطو الحساسية أكثر عرضة للاكتئاب والتوتر، لذلك قد يجد الشخص مفرط الحساسية الاستشارات النفسية أمرًا مهمًا ومفيدًا، وفي تطبيق لبيه يمكنك إيجاد أحد المعالجين أو الأطباء الذين بإمكانهم مساعدتك في التأقلم مع الأعراض ومواقف الحياة اليومية بعد إجراء اختبار الحساسية النفسية.

أما عمومًا رعاية النفس أمر بالغ الأهمية خاصةً عند مواجهة المواقف المثيرة للقلق، فعلى سبيل المثال: على الشخص الحصول على قسط كافٍ من النوم، واتباع نظام غذائي صحي، والحد من الكافيين، والتكلم مع الأصدقاء، بالإضافة إلى تخصيص وقت خاص كل يوم للقيام بالأمور التي يحبها الفرد.

اختبار الحساسية النفسية في لبيه

 إن كنت تعرف أشخاصًا مفرطي الحساسية فمن الضروري أن تتقبل أن هذا جزءًا منهم لا يمكنهم تغييره، ما يمكنك القيام به هو منحهم مساحة للاسترخاء والتخلص من الضغط الذين يشعرون به، وتشجعهم على الاهتمام بأنفسهم، علاوةٌ على ذلك يمكنك مساعدتهم في إيجاد نقاط القوة التي يمتلكونها. 

بالنهاية، إن كنت تشك بأنك شخص حامل لصفة الحساسية المفرطة فيمكنك البدء بإجراء اختبار الحساسية النفسية، أو إن كنت تعلم بأنك شخص حساس وتعاني من هذه المشكلة فلا تتردد بطلب مساعدة المختصين النفسيين خاصة الموجودين على منصة لبيه.

المصادر: 1 2 3