كيف ترفع من وعيك بذاتك؟
يحاول الإنسان خلال مسيرة حياته تحسين إدراكه للمحيط والتعبير عن أفكاره، وأهم من ذلك كله التعرف على ذاته. أن تكون مدركًا لذاتك يعني أن تمتلك درجة كافية من المعرفة والفهم لنفسك، بما في ذلك إدراك مشاعرك وشخصيتك الحقيقية، إذ تتمحور فكرة الوعي بالذات حول إيجاد تفسير منطقي للمشاعر والتصرفات التي تقوم بها، ويمنحك هذا الوعي بالذات فرصة وحرية أكبر لتغيير كل ما ترغب به في نفسك، ما يساعدك على تحقيق أهدافك وصنع الحياة التي تريدها.
ما هو الوعي بالذات؟
يبين علماء النفس أن الوعي بالذات هو القدرة على التركيز على نفسك وتفسير تصرفاتك وأفكارك ومشاعرك بما يتماشى مع مبادئك الداخلية، لذلك يتمكن الشخص الذي يكون على درجة عالية من الوعي بالذات من تقييم نفسه بموضوعية، والتحكم بمشاعره، وإظهار سلوك يتناسب مع قيمه الخاصة، وهو يستطيع أيضًا فهم كيفية إدراك الآخرين له بشكل صحيح.
باختصار، يمكن للشخص الواعي بذاته بما يكفي، تفسير أفعاله ومشاعره وأفكاره بكل موضوعية، لذا يمكن القول أنها مهارة نادرة، حيث يلجأ الكثير منا إلى تفسيرات خاطئة مدفوعة بالعاطفة بناءً على ظروفنا، وبالتالي فإن تحسين الوعي بالذات أمر مهم للغاية، لأنه يسمح للأشخاص الناجحين بتقييم تطورهم وفعاليتهم وتغيير المسار الذي يتبعونه عند الضرورة.
ما هي أهمية الوعي بالذات؟
أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين لديهم وعي بالذات أكثر سعادة من غيرهم ويعيشون حياة اجتماعية أفضل، كما أنهم يتمتعون بشخصية قوية، بالإضافة إلى شعورهم بالرضا عن وظائفهم وحياتهم بشكل عام، إذ يمكننا توضيح مبادئنا وأفكارنا ومشاعرنا وتصرفاتنا ونقاط قوتنا وضعفنا، وإدراك تأثير ذلك على الآخرين.
كما أن الشخص الواعي بذاته يتمكن من فهم كيفية نظر الناس إليه، وبالتالي يكون أكثر قدرة على التعامل مع الأشخاص ذوي وجهات النظر المختلفة، خاصةً عندما يتطابق تصوره عن ذاته مع تفكير الآخرين به.
وهنا يأتي السؤال الأهم:
كيف يمكننا زيادة وتحسين وعينا بذاتنا؟
هناك عدة طرق فعالة للقيام بذلك، منها:
1- ممارسة التأمل وتمارين الاسترخاء
يعرف معظم الناس في وقتنا هذا، أن ممارسة التأمل تعمل على تحسين التركيز وزيادة الوعي بشكل ملحوظ، حيث تبدأ معظم تمارين التأمل بالتركيز على تنظيم التنفس والحركات، مع التوصية بالابتعاد عن الرتابة والروتين، ويمكن أن يحقق ذلك المزيد من الوضوح خاصة عندما يترافق مع لحظات التوقف والتفكير المنتظمة، ومن خلال هذه التأملات، يمكن أن يطرح الشخص مجموعة من الأسئلة، من بينها:
- ما الذي أحاول تحقيقه في حياتي؟
- ما هي الخطط التي تنجح؟
- ما هي أسباب الفشل التي واجهتني؟
- ما الذي يمكن أن أفعله من أجل تحقيق التغيير الشامل؟
لكن يمكن القول أن الشكل الأكثر شيوعًا من التأمل هو الذي ينشأ من تنفيذ مهام تبدو اعتيادية وبسيطة تؤدي إلى درجة من صفاء الذهن، بما في ذلك غسل الأطباق، والعمل في الحديقة، وقضاء أيام العطلة في ممارسة الهوايات المختلفة.
تساعد هذه التمارين على إدراك كل ما يدور في عقلك وجسمك ومحيطك، حيث يعتبر التأمل أحد الممارسات القليلة التي يمكنك إدخالها بسهولة في حياتك اليومية، أما تمارين اليقظة فهي أداة رائعة للحصول على أكبر قدر من ضبط النفس.
2 – تسجيل خطة العمل وترتيب أولوياتك
يعتبر تدوين ما تريد القيام به ومراقبة تقدمك باستمرار أحد أفضل الطرق لزيادة الوعي بالذات، وعلى سبيل المثال، تساعد المدونات اليومية في زيادة قدرتك على تحديد المهام اليومية في العمل أو الدراسة وإتمامها على أكمل وجه.
3 – الانتباه لما يزعجك ومراقبة محيطك
غالبًا ما تكون أكثر الأشياء التي تزعجنا عند الناس انعكاسًا لبعض الصفات التي لا نحبها في أنفسنا، حيث يمكن القول أن لدى جميع الناس جوانب وصفات سلبية في شخصياتهم لا يحبونها، ولكن إذا كنت لا تعرف كيفية تغيير هذه الأشياء (أو تعتقد أن ذلك غير ممكن)، فمن السهل أن ينتهي بك الأمر بتجاهلها أو العيش في حالة إنكار مع الذات، حتى تشعر بالراحة التي لا تدوم لفترة طويلة في الحقيقة، لذلك عندما يقوم أحد الأشخاص بتصرف مزعج، عليك أن تسأل نفسك بوضوح عن أسباب الانزعاج وطبيعة هذا التصرف.
4 – طلب المساعدة والنصيحة عند الحاجة
قد يحتاج الشخص أحيانًا إلى مساعدة أو رأي آخر لمواجهة موقف ما، ومن المناسب أن تستعين بالعائلة أو الأصدقاء كلما واجهتك مشكلة ما أو احتجت لاستشارة لحل المصاعب التي تعترض طريقك. تذكر دائمًا أن طلب المساعدة ليس علامة ضعف أبدًا.
5 – الحصول على آراء الزملاء بخصوص العمل بشكل دائم
تتيح لنا التعليقات والآراء البناءة ذات الطابع الرسمي رؤية نقاط قوتنا وضعفنا بشكل أفضل، حيث يتسم الرأي بهذه الحالة بالشفافية والصدق والابتعاد عن المشاكل الشخصية. يعتمد مدى جودة وأهمية هذه التعليقات في إنجاح العمل، وفقًا لطبيعة الموظفين وعلاقتهم بمدير العمل ومدى رغبتهم الصادقة بإنجاحه.يريد أغلب الناس رفع مستوى الوعي بالذات لديهم، فهو ببساطة أحد أهم العادات المتعلقة بالاهتمام بعقلنا الباطن وأفكارنا وعواطفنا وتصرفاتنا، وبالتالي، يمكننا تحسين هذه العادة مع مرور الوقت عبر مسيرة متكاملة من الجهد والعمل؛ لأن الطريق إلى الوعي بالذات بعد رحلة طويلة تشمل عددًا من المحطات المتعبة، لذلك بينما تمضي قدمًا في تطوير وعيك الذاتي، عليك أن تسأل نفسك بشكل دائم: كيف ستتحرك نحو أفضل نسخة من نفسك اليوم؟ وإذا احتجت للمساعدة يمكن التواصل مع معالجك النفسي من خلال تطبيق لبيه.