أفكار وأسئلة شائعة عن الصحة النفسية
أعلنت منظمة الصحة العالمية في 10 أكتوبر (اليوم العالمي للصحة النفسية) أن مليار إنسان في العالم يعانون من اضطراب نفسي ما، يظهر هذا الرقم المعدل الكبير لانتشار الأمراض النفسية والحاجة الماسة للتعامل معها وعلاجها. ازداد اهتمام الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية بموضوع الصحة النفسية في السنوات الأخيرة، وبُذلت جهود كبيرة لتعزيزها والحفاظ عليها، إذ أن الصحة النفسية تؤثر على طريقة تفكيرنا وشعورنا وتصرفاتنا وأي اضطراب فيها سوف ينعكس على الصحة الجسدية للأفراد وعلى جوانب حياتهم كافة. ومن الطبيعي أن يتبادر إلى ذهن كلٍّ منا العديد من الأسئلة الهامة عن مفهوم الصحة النفسية، وفي هذا المقال استعراضٌ لهذه الأسئلة مع الإجابة المناسبة لكل منها.
ما هي الصحة النفسية؟
بحسب الدليل التشخيصي والإحصائي للطب النفسي Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، فإنَّ الصحة النفسية هي حالة من السلامة المعرفية والسلوكية والعاطفية تتيح للفرد أن يدرك فيها قدراته وإمكانياته الخاصة، ويكون قادرًا على التعامل مع ضغوط الحياة اليومية بالإضافة إلى الحفاظ على إنتاجية عالية في العمل والدراسة والمساهمة بشكل إيجابي وفعال في مجتمعه. وتؤكد منظمة الصحة العالمية على أن الصحة النفسية هي أكثر من مجرد غياب الاضطرابات أو الأمراض النفسية، وأن الحفاظ على الصحة النفسية وتعزيزها هو أمر بالغ الأهمية للفرد والمجتمع على حدٍ سواء.
متى يجب أن أرى معالجًا نفسيًا أو طبيبًا نفسيًا؟
عندما تواجه مشكلة تزعجك وتمنعك من ممارسة نشاطاتك الاعتيادية والاستمتاع بحياتك، وتؤثر على إنتاجك الدراسي أو عملك، عندها يكون الوقت قد حان لاستشارة طبيب أخصائي، وتذكر دائمًا أنه من الطبيعي أن تشعر ببعض المشاعر السلبية كالقلق أو الحزن من وقت لآخر وحينها قد يساعدك التواصل مع صديق موثوق أو أحد أفراد أسرتك لتجاوز هذه الأمور، ولكن في حال عدم تحسنك أو استمرار القلق والاكتئاب ومشاعر الحزن لفترة طويلة، فهذا يعني أنك بحاجة لمساعدة المختصين لفهم مشكلتك بشكل صحيح والعثور على طريقة لتجاوز هذه المشاعر دون أن تترك أي آثار سلبية.
ما هو الفرق بين الاكتئاب والشعور بالحزن؟
الشعور بالحزن أمر طبيعي ينتج عن بعض الأحداث والمواقف السلبية في حياتك كالفشل في اجتياز امتحان أو الإصابة بمرض أو فقدان أحد الأشخاص المقربين منك، ويتراجع هذا الشعور خلال أيام قليلة عند معظم الأشخاص، ولكن إذا استمر الحزن لفترة طويلة ورافقه مشاعر سلبية أخرى فقد تكون مصابًا بالاكتئاب.
تساهم العديد من العوامل في تحويل الحزن العادي إلى اكتئاب، ولعل من أهمها اليأس وانخفاض الطاقة واضطرابات النوم والتغذية وضعف الدعم الاجتماعي الذي تتلقاه من الوسط المحيط بك، إذا شعرت أنك تعاني من الاكتئاب احرص على مراجعة الطبيب أو المعالج النفسي للحصول على العلاج المناسب.
هل يساعد تغيير نمط الحياة على تعديل المزاج والوضع النفسي؟
إن كل الأنشطة التي نعيشها ونمارسها تؤثر بشكل ما على حالتنا النفسية وطريقة تفكيرنا ومزاجنا. تشير الدراسات والأبحاث الحديثة إلى أن التمارين الرياضية مثلًا تساعد على تحسين الحالة المزاجية، ومن غير الضروري أن تمارس التمارين في الصالات الرياضية المخصصة لذلك، بل يمكن للمشي والنزهات الاعتيادية المنتظمة أن تكون كافية وفعالة، بعض الأشخاص يشعرون بالتحسن عند تعرضهم لأشعة الشمس أو قضاء المزيد من الوقت في الطبيعة والهواء الطلق، أما البعض الآخر فيتحسنون عند تناول وجبة لذيذة أو يستمعون للموسيقى المفضلة لديهم، فقط عليك أن تكتشف ما هو النشاط الذي يحسن مزاجك ويمنحك شعورًا نفسيًا جيدًا.
كيف يمكن أن أساعد شخصًا لديه اضطراب في الصحة النفسية كالقلق أو الاكتئاب؟
إليك بعض الاقتراحات حول كيفية مساعدة الأشخاص الذين يعانون من القلق والاكتئاب:
- ابقَ بجانبهم: من الصعب على الأشخاص الذين يشعرون بالقلق أو الحزن أن يتجاوزوا هذه المشاعر في حال كانوا وحيدين، فاحرص على البقاء معهم.
- شجعهم على طلب المساعدة: من الممكن أن يشعر الأشخاص المصابون باضطرابات نفسية بالخجل أو الضعف ويتجنبون حينها طلب المساعدة، يمكنك طمأنتهم من خلال إخبارهم بأن المساعدة موجودة وأنك ستكون دائمًا بجانبهم لتدعمهم.
- تجنب إلقاء اللوم عليهم: إحدى أهم العقبات التي يواجهها الأشخاص الذين يشعرون بالقلق والاكتئاب هي اللوم سواءً كان هذا اللوم من أنفسهم أو من الأشخاص المحيطين بهم، حاول أن تبدد هذه الأفكار من عقولهم وابتعد عن لومهم أو تحميلهم مسؤولية ما يعانون منه.
- كن صبورًا: إن الشخص المصاب باضطراب في الصحة النفسية قد يرفض تواجدك إلى جانبه أو يصبح أكثر عصبية، عليك أن تعتاد على ذلك وألا تيأس من المحاولة.
- اعتن بنفسك أنت أيضًا: لعلها أهم نصيحة ينبغي أن توجه للأشخاص الذين يعتنون بالأشخاص الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب، تذكر دائمًا أن صحتك النفسية مهمة هي أيضًا ولا تسمح للمشاعر السلبية بأن تنتقل إليك.
كيف يمكن تحديد العلاج المناسب لكل اضطراب نفسي؟
تتوفر علاجات متعددة لاضطرابات الصحة النفسية، وإن اختيار العلاج المناسب يعتمد على حالة الشخص ونوع الاضطراب الموجود لديه وتوصيات الطبيب المُعالج، فبعض الأشخاص قد يتحسنون من خلال تعديل نمط الحياة فقط بينما يحتاج آخرون لجلسات علاج نفسي يتحدثون فيها إلى طبيب أو معالج نفسي لمساعدتهم على تجاوز حالتهم، ومن الممكن استخدام أنواع مختلفة من الأدوية لعلاج الاضطرابات النفسية في الحالات المتوسطة والشديدة تحت إشراف طبي.
ما هي العلامات المبكرة التي تشير لوجود اضطراب نفسي؟
إن مشاكل الصحة النفسية تمامًا كمشاكل الصحة الجسدية تستجيب للعلاج بشكل أفضل عند تشخيصها بشكل مبكر، إذا ظننت أنك أو أحد المحيطين بك تعانون من اضطرابات أو مشاكل نفسية، فعليك أن تركز على العلامات التالية:
- اضطرابات الأكل (تناول كميات كبيرة جدًا أو قليلة جدًا من الطعام).
- الانعزال عن الأشخاص المحيطين والنشاطات الاجتماعية.
- الشعور بالخمول والكسل وعدم القدرة على القيام بأي عمل.
- الشعور بآلام جسدية متكررة دون وجود سبب واضح لها.
- الشعور بفقدان الاهتمام والملل واليأس.
- الخلافات الدائمة مع العائلة والأصدقاء.
- سماع أصوات غير موجودة أو رؤية أشياء غير موجودة.
وجود هذه العلامات مؤشر قوي للإصابة باضطرابات أو مشاكل نفسية وينبغي حينها مراجعة طبيب نفسي أو معالج نفسي لتحديد المشكلة والبحث عن الحل المناسب لها.
ما مدى شيوع الاضطرابات النفسية؟
تعتبر اضطرابات الصحة النفسية واحدة من أشيع المشاكل الصحية في العالم، إذ تشير الإحصائيات والدراسات إلى أن أكثر من 50% من البالغين عانوا من أحد اضطرابات الصحة النفسية لمرة واحدة على الأقل خلال حياتهم، ويعاني واحد من بين كل 25 شخصًا من اضطراب نفسي خطير كالفصام أو الاكتئاب الشديد أو الاضطراب ثنائي القطب.
من هم الأشخاص الأكثر تعرضًا لاضطرابات الصحة النفسية؟
من الممكن أن تتطور اضطرابات الصحة النفسية لدى الجميع، إلا أن هنالك بعض الأشخاص معرضين بشكل أكبر لها، ومنهم:
- المراهقون.
- الأشخاص المدمنون على الكحول والمخدرات.
- الأشخاص الذين يعانون من ضائقة مادية.
- الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
- ضحايا الحروب والصراعات والكوارث.
- الأشخاص الذين ينتمون لجماعات قومية وعرقية مهمشة.
تتنوع الأسئلة التي تتعلق بالصحة النفسية والاضطرابات النفسية المختلفة، لكن الأسئلة السابقة هي أشيع هذه الأسئلة وأكثرها توردًا للأذهان، ويمكن من خلال فهم هذه الأسئلة مع أجوبتها تشكيل نظرة واضحة عن مفهوم الطب النفسي وما يرتبط به من علاجات متنوعة.