سحر الكتابة فى تحسين نفسيتك
إن استخدام الكتابة في العلاج النفسي ومساعدة الناس على التعافي من الضغوط والصدمات ليس أمرًا جديدًا، فالكتابة على اختلاف أنواعها تحمل الكثير من الفوائد على الجسم والحالة النفسية، وقد ظهرت في الآونة الأخيرة عدة دراسات بحثت في أنواع الكتابة وتأثيرها الإيجابي ودورها في تحسين نوعية الحياة وتعزيز الصحة النفسية. في هذا المقال سنتعرف على فوائد الكتابة في تعزيز الصحة النفسية وآلية تأثيرها وأهميتها.
ما أهم الفوائد النفسية للكتابة؟
من أبرز الفوائد والإيجابيات التي تحققها الكتابة:
- تبطئ شيخوخة العقل: دائمًا ما يطمح الإنسان للحفاظ على صحته الذهنية مع التقدم في العمر، فالتدريب على الكتابة اليدوية بالقلم والورقة بشكل يومي هو تمرين مهم جدًا للحفاظ على سرعة البديهة والفطنة التي تتمتع بها، إذ تعمل الكتابة عمومًا على تمرين عقلك، خصوصًا إذا كانت باستخدام القلم والورقة دون اللجوء إلى الحاسوب والهاتف المحمول.
- تحسين الذاكرة: أظهرت الدراسات أن الكتابة باليد تحسن الذاكرة بشكل كبير، وقد تبين في إحدى هذه الدراسات أن الطلاب الذين سجلوا ملاحظاتهم على الكمبيوتر المحمول كان أداؤهم أسوأ من الطلاب الذين سجلوا ملاحظاتهم يدويًا في الأسئلة التي تعتمد على التصور والإدراك.
- تخفيف القلق: in a study أجراها قسم علم النفس في جامعة كاليفورنيا، أظهر المشاركون البارعون في الكتابة الإبداعية انخفاضًا كبيرًا في معدل القلق لديهم بعد ثلاثة أشهر من ممارسة الكتابة الإبداعية، مقارنة بالأشخاص الذين لا يتمتعون بقدرة عالية على التعبير عن طريق الكتابة.
- تحفيز الإبداع: أظهرت دراسة أجرتها جامعة إنديانا في عام 2010 أن الكتابة باليد تطلق العنان للإبداع الذي لا يمكن الوصول إليه بسهولة بأي طريقة أخرى، وتقول نانسي أولسون من مجلة فوريس عن تفضيل أغلب الكتاب للكتابة بالقلم “ربما يكون هذا هو السحر الحقيقي للقلم، إنه ينقلنا إلى أماكن غير متوقعة، على الأجنحة التي لا تتطلب أكثر من قطرة من الحبر لإبقائها محلقة عاليًا مع وجهة غير معروفة، وفي هذه العملية تشجع الكتابة الذهنية على الهدوء والإبداع”.
- زيادة التركيز: تجبرنا الكتابة على إيلاء اهتمام كبير لأفكارنا والاحتفاظ بها لفترة أطول من الوقت قبل تفريغها من أذهاننا، وتحسن التنسيق بين اليد والعين، وبالتالي عند استخدام القلم والورقة في الكتابة لن يكون هناك أي فاصل بين أفكارك يجعلك تشعر بالحاجة إلى التحقق مما تكتبه.
- تنظيم الأفكار: تحسن الأفكار المنظمة المزاج وتمنحك كتابة الملاحظات يدويًا فرصة لتحليل أفكارك وتنظيمها. ذكرت المعالجة ناتالي روجرز، في مقال عن العلاج بالفن التعبيري: أن عملية كتابة الأفكار على الورق تقلل من حدتها، وكتبت: “عند استخدام الفنون لأغراض العلاج الذاتي أو العلاج النفسي لا نهتم بجمال الفن المرئي أو القواعد النحوية وأسلوب الكتابة أو التوافق في الأغنية، نحن نستخدم الفنون للتعبير والتفريغ عما بداخلنا”.
أنواع الكتابة وفوائد كل نوع
تختلف أنواع الكتابة بفوائدها وطرق تأثيرها على الحالة النفسية، ومن أهم هذه الأنواع:
1 – الكتابة التعبيرية
غالبًا ما تستخدم الكتابة التعبيرية في البيئات العلاجية، فقد يطلب منك المعالج النفسي الكتابة عن أفكارك ومشاعرك المتعلقة بحدث صادم أو ذكريات مؤلمة، ويهدف هذا النوع من الكتابة إلى المساعدة في معالجة شيء مؤثر عاطفيًا، وتُظهر الأبحاث أن الكتابة التعبيرية يمكن أن تعزز الوعي الذاتي مما يقلل في النهاية من أعراض الاكتئاب والأفكار المقلقة والإجهاد المزمن.
2 – الكتابة التأملية
تستخدم الكتابة التأملية بانتظام في البيئات المهنية، وغالبًا ما تكون وسيلة لمساعدة الممرضات والأطباء والمعلمين وعلماء النفس والاختصاصيين الاجتماعيين على أن يصبحوا أكثر فعالية في أعمالهم، وتهدف إلى إعطاء الناس طريقة لتقييم معتقداتهم وأفعالهم بشكل صريح، ما يساهم في مسيرة التعلم والتطوير.
يحتاج الشخص الذي يريد أن يمارس الكتابة التأملية أن يسأل نفسه عدة أسئلة، وأن يتحلى بالفضول والتحليل والانفتاح بشكل دائم، وهذا ما يزيد من الوعي الذاتي من خلال مساعدة الناس على التعلم من تجاربهم وتفاعلاتهم، ويحسن العلاقات المهنية والشخصية والأداء في العمل، وهي مؤشرات رئيسية للصحة النفسية الجيدة.
3 – الكتابة لتحسين الوعي الذاتي
يعد الوعي الذاتي مؤشرًا أساسيًا على سلامة الصحة النفسية، وقد تكون الكتابة مكانًا رائعًا للبدء بتحريك هذا الوعي.
حاول أن تخصص بعض الوقت لكتابة مشاعرك عن حدث مرهق في الحياة أو التفكير في وضع عملك، وما تعلمته من الصعوبات التي مررت بها، إذا كنت تفضل القيام بشيء أكثر إبداعًا من كتابة المشاعر فجرب أن تتجه لشيء آخر مثل كتابة قصيدة أو قصة.
ستمنحك طريقة الكتابة هذه فرصة للتفكير في السنوات الماضية، وطرح أسئلة مهمة على نفسك، واتخاذ خيارات إبداعية، وقد يمنحك قضاء 15 دقيقة فقط في القيام بذلك فرصة لتصبح أكثر وعيًا وتقديرًا واحترامًا لذاتك.
4 – الكتابة الإبداعية
تعتبر القصائد والقصص القصيرة والروايات شكلًا من أشكال الكتابة الإبداعية، وعادةً ما توظف هذه الكتابة الخيال مع الذاكرة، بالإضافة إلى الأدوات الأدبية مثل الصور والاستعارة لنقل المعنى.
توفر الكتابة الإبداعية طريقة فريدة لاستكشاف الأفكار والمشاعر والمعتقدات، على سبيل المثال: يمكنك كتابة رواية خيال علمي تمثل مخاوفك بشأن تغير المناخ، أو قصة أطفال تتحدث عن معتقداتك عن الصدق، يمكنك حتى كتابة قصيدة على لسان طائر كوسيلة للتعبير عن القلق الذي تعانيه، ويمكن أن تساعدك هذه الطريقة على التواصل مع الآخرين بشيء تشعر أنه معقد للغاية أو يصعب قوله مباشرة.
تشجع الكتابة الإبداعية الناس على اختيار كلماتهم وصورهم بطريقة تعبر حقًا عما يحاولون نقله، وفي النهاية يؤدي اتباع هذه الطريقة في الكتابة إلى زيادة الوعي الذاتي، واحترام الذات، وتحسين الصحة النفسية.
كيف تستفيد من الكتابة بطريقة مثالية؟
رغم أننا توسعنا في الحديث عن فوائد الكتابة ودورها في تعزيز صحتك النفسية، ومساعدتك في البقاء بمزاج جيد، لكن عليك أن تعلم أن هذه الكتابة يجب أن تتم وفق شروط معينة حتى تحقق لك الأهداف المرجوة وتستفيد منها بشكل مثالي:
- المكان الصحيح: تكمن قدرة الكتابة على تحسين النفسية في ذهن الكاتب (وليس في الورقة والقلم أو لوحة المفاتيح)، لذلك ننصحك باختيار مكان مناسب يشعرك بالتفاؤل والهدوء بعيدًا عن الضجة والتوتر.
- نوع الكتابة الصحيح: قد يشعر بعض الناس بمشاعر سلبية عندما يكتبون عن حادثة مؤلمة مرت بهم، بينما يرتاح البعض الآخر في التعبير عن هذه المشاعر وإطلاقها، لذلك ننصحك أن تحدد ما هو الأفضل بالنسبة لك الكتابة عن أمور إيجابية حدثت معك، أو تفريغ المشاعر السلبية التي شعرت بها في لحظات معينة.
يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه ليساعدك في اختيار نوع وطريقة الكتابة المناسبة لحالتك، وتوضيح فوائد الكتابة والطرق التي تؤثر بها على حياتك ووضعك النفسي.