كيف أتفهم مشاعري؟
المشاعر هي جزء من الطبيعة البشرية تعطينا معلومات عما نمر به وتساعدنا في معرفة كيفية الرد عليه، ويبدأ البشر بالشعور منذ الطفولة، فقد وجدت الدراسات (Grossard et al. 2018) أن الأطفال الصغار والرضع يتفاعلون مع مشاعرهم عن طريق تعابير الوجه أو أفعال معينة (مثل الضحك أو الحزن أو البكاء)، فهم يشعرون ويعبرون عن مشاعرهم، لكن ليس لديهم القدرة على تسمية هذه المشاعر أو تحديد سبب شعورهم بهذه الطريقة.
عندما يكبر الإنسان يصبح أكثر مهارة في فهم هذه المشاعر وتحديد ما يشعر به والتعبير عنه في كلمات، ومع الوقت والممارسة تتحسن قدرته على معرفة ما يشعر به والسبب وراء هذا الشعور، أما عندما يكبح هذه المشاعر ولا يفهمها ستخرج عن السيطرة وتؤدي إلى نتائج مدمرة على المدى الطويل.
ما هو الوعي العاطفي؟
يساعدنا الوعي العاطفي على معرفة ما نحتاجه ونريده (أو ما لا نريده)، بالإضافة إلى بناء علاقات أفضل، لأن فهمنا لمشاعرنا وإدراكها يمكن أن يساعدنا في التحدث عنها بشكل أكثر وضوحًا، وتجنب النزاعات أو حلها، وتجاوز المشاعر الصعبة بسهولة أكبر، وأن تكون واعيًا عاطفيًا لا يعني التحدث عن عواطفنا طوال الوقت أو التصرف بناءً عليها، إنما ببساطة الاعتراف بها وقبولها ومعالجتها عند ظهورها .
بعض الناس بطبيعة الحال على اتصال بمشاعرهم أكثر من غيرهم، والأمر الإيجابي هنا هو أن الجميع يمكن أن يكونوا أكثر وعياً بمشاعرهم (يفهمون مشاعرهم أكثر) ويحتاج الأمر إلى تدريب فقط، وهو أمر يستحق هذا الجهد؛ لأن الوعي العاطفي هو الخطوة الأولى نحو بناء الذكاء العاطفي، والذي أثبتت الدراسات (Mancini et al. 2022) أنه مهارة أصبح يعترف بها المجتمع العلمي كعامل نفسي ذي صلة بالعديد من مجالات الحياة الواقعية المهمة، بما في ذلك التنشئة الاجتماعية الناجحة والصحة النفسية المجتمعية ورفاهية الفرد، ما يساعده على تحقيق النجاح في الحياة.
حقائق أساسية عن المشاعر
فيما يلي بعض الأمور الأساسية التي يجب أن تعرفها عن المشاعر:
- المشاعر تأتي وتذهب: يشعر معظمنا بالعديد من المشاعر المختلفة على مدار اليوم، بعضها يدوم بضع ثوان فقط وبعضها يستمر معنا.
- يمكن أن تكون المشاعر خفيفة أو شديدة أو في درجة متوسطة بينهما: تعتمد شدة المشاعر على الموقف وعلى الشخص وغيرها من العوامل.
- لا توجد مشاعر جيدة أو سيئة: ولكن هناك طرقًا جيدة وسيئة للتعبير عن المشاعر (أو التصرف بناءً عليها)، وتعلّم كيفية التعبير عن المشاعر بطرق مقبولة هو مهارة منفصلة (مهارة التحكم بالمشاعر) مبنية على أساس القدرة على فهم المشاعر جيدًا.
كل المشاعر (الإيجابية والسلبية) جيدة ومفيدة
عليك أن تعرف أنّ كل المشاعر التي تنتابك هي مشاعر طبيعية، سواء كانت مشاعر إيجابية (مثل: الشعور بالسعادة أو الحب أو الثقة و الامتنان)، أو مشاعر أخرى أكثر سلبية (مثل: الشعور بالغضب أو الاستياء أو الحزن ).
تخبرنا كل المشاعر بشيء عن أنفسنا ووضعنا، لكن في بعض الأحيان نجد صعوبة في قبول ما نشعر به، وقد نلوم أنفسنا بسبب شعورنا بطريقة معينة.
تجنب المشاعر السلبية أو نكران أننا نشعر بها يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، لأنه من الصعب تجاوز هذه المشاعر والسماح لها بالتلاشي إذا لم نكن واعين عاطفيًا ونواجه هذه المشاعر ونحاول فهم سبب شعورنا بها.
خطوات لفهم مشاعرك والتعامل معها
حاول أن تنتبه إلى ردود فعل جسمك وأفكارك لتعرف ما تريد مشاعرك إخبارك به عن طريقها، ففي بعض المواقف قد تجد صعوبة في تسمية ما تشعر به، ويحدث هذا إذا كنت تشعر بالإرهاق من بعض المشاعر القوية مثل الحزن، اسأل نفسك هذه الأسئلة لتعرف كيف يتفاعل جسمك وأفكارك مع هذه المشاعر:
- ماذا يقول جسدي؟ إذا كنت مرهقًا ولا تعرف ما تشعر به، انتبه إلى ردة فعل جسدك على هذا الشعور، كأن تشعر بألم في المعدة أو تضغط على فكك أو قبضتيك دون أن تدرك ذلك.
- كيف يخبرني عقلي بما أشعر به؟ انتبه إلى الأفكار التي تراودك دائمًا، لأنها غالبًا ما تساعدك على تحديد ما تشعر به.
- ما الذي تحاول مشاعري أن تخبرني به؟ كل عاطفة لها رسالة لك، وعليك أن تخصص الوقت الكافي لمعرفة هذه الرسالة.
أحيانًا قد تجرب أكثر من شعور واحد في نفس الوقت، حاول التعامل مع كل شعور على حدة عندما يحدث ذلك، لأن وضوح مشاعرك يسهل عليك استخدام استراتيجيات التكيف المناسبة التي تقلل آثار هذه المشاعر.
اعتد على ضبط ما تشعر به في المواقف المختلفة على مدار اليوم
قد تلاحظ أنك تشعر بالحماس بعد وضع خطة للذهاب إلى مكان ما مع صديق، أو أنك تشعر بالتوتر قبل الامتحان أو تشعر بالراحة عند الاستماع إلى الموسيقى، أو تشعر بالسعادة عندما يجاملك أحد الأصدقاء، وهنا ما عليك سوى ملاحظة أي عاطفة تشعر بها، ثم سمي تلك العاطفة في ذهنك، وهذا يستغرق ثانية واحدة فقط للقيام به، لكنها ممارسة رائعة تسمح لك بأن تلاحظ متى ينتهي كل شعور وتصبح مستعدًا لخوض تجربة شعورية جديدة.
تقييم مدى قوة الشعور
بعد ملاحظة المشاعر وتسميتها، اتخذ خطوة إلى الأمام وقيم مدى شعورك بهذا الشعور على مقياس من 1 إلى 10، مع كون 1 هو أخف شعور و 10 هو الأكثر حدة.
تطوير مفرداتك
تندرج هذه الخطوة تحت بند تقييم مدى قوة الشعور بالتعبير عنه بالكلمات، وقد يكون من المفيد تطوير مفردات أكثر لفهم المشاعر والعواطف، إذ يساعدك إنشاء قائمة بالكلمات التي تعبر عن الشعور وترتيبها من الأقل إزعاجًا إلى الأكثر إزعاجًا على تحديد شعورك وبالتالي تحديد ما تحتاجه، على سبيل المثال: لنفترض أنك تشعر بالغضب، قد تسأل نفسك عما إذا كنت منزعجًا بعض الشيء أو غاضبًا جدًا، يمكن أن تساعدك الكلمة التي تختارها في تحديد نقطة البداية وشدة مشاعرك، ثم تستطيع بعد ذلك التخطيط وفقًا لذلك واتخاذ خطوات للتخلص من هذا الشعور أو التحكم به، لأن الكلمات الصحيحة تعطيك صورة أوضح عما تمر به وتساعدك على التعبير بشكل أفضل عن هذه المشاعر للآخرين.
شارك مشاعرك مع أقرب الناس إليك
أفضل طريقة لممارسة وضع المشاعر السلبية في الكلمات هي الحديث عنها أو مشاركتها مع شخص تثق به، وهي مهارة تساعدنا على الشعور بأننا أقرب إلى هؤلاء الناس (الأصدقاء أو العائلة أو غيرها)، وليس عليك الخوض في تفاصيل كبيرة أو مشاركة أمر شخصي جدًا، إنما فقط التعبير بصوت عالٍ عن الأفكار التي تزعجك، ما يساعدك في تخفيف شدتها واكتساب نظرة ثاقبة عن كيفية حل المواقف بشكل فعال.
بالإضافة إلى أن هذه الطريقة هي أحد أفضل الطرق لتصنيف المشاعر، إذ أننا عندما نكون غاضبين أو خائفين، تبدو المشكلة في معظم الأحيان أكبر مما هي عليه بالفعل، ونكتشف ذلك من خلال التحدث بعفوية عن هذه الأشياء مع شخص يستمع دون الحكم علينا.
إذا شعرت أن عدم فهمك مشاعرك وعواطفك بدأ يمنعك من ممارسة حياتك الطبيعية ويؤثر سلبًا على عملك أو واجباتك أو علاقات، فقد يكون الوقت قد حان للتحدث مع شخص متخصص لمساعدتك على العمل من خلال مشاعرك بطريقة منظمة.
حمل تطبيق Labayh وتواصل مع المعالجين لمساعدتك على فهم مشاعرك وتعليمك استراتيجيات تخفف عنك عندما تشعر بالإرهاق من مشاعرك.
المراجع
1- Charline Grossard, et al. “Children Facial Expression Production: Influence of Age, Gender, Emotion Subtype, Elicitation Condition and Culture”. Front Psychol. 2018 Apr 4;9:446. doi: 10.3389/fpsyg.2018.00446. eCollection 2018.
2- Giacomo Mancini, et al. “Editorial: Emotional intelligence: Current research and future perspectives on mental health and individual differences”. Front Psychol. 2022 Oct 13;13:1049431. doi: 10.3389/fpsyg.2022.1049431. eCollection 2022.
3- Understanding Your Emotions, kidshealth.org, retrieved 30/ 9/ 2023.
4- The Ultimate Guide to Understanding Your Feelings & Emotions For 2022, mindwellnyc.com, retrieved 30/ 9/ 2023.