كيف أتخلص من مشاعر الندم والتأنيب؟
يمر معظم الأشخاص ببعض المواقف والأحداث الصعبة التي قد تسبب شعورهم بالندم أو التأنيب، فلا شك أن ارتكاب الأخطاء خلال مراحل الحياة هو أمر طبيعي، وله دور في تحسين السلوك وتفادي الأخطاء في المستقبل، ولكن في بعض الحالات، قد يؤدي الشعور بالذنب وتأنيب الذات المستمر إلى الكثير من Psychological disorders والجسدية، ما يعيق التقدم في الحياة وأداء المهام اليومية.
ما هي مشاعر الندم والتأنيب؟
الشعور بالندم أو تأنيب الذات هو الشعور بالذنب أو المسؤولية بسبب الأفكار أو الكلمات أو الأفعال الصادرة عنك، ويمكن أن يحدث ذلك عندما تدرك أنك قد ألحقت الأذى بشخص ما، أو تعتقد أنك ارتكبت خطأً فادحًا، أو اتخذت قرارًا غير صائب، فتشعر بالأسف والندم لتلك الخيارات أو الأخطاء السابقة، ما قد يؤدي إلى عدم قدرتك على الشعور بالفرح والامتنان في اللحظات الحالية.
في بعض الحالات، قد يبالغ الشخص في تقدير موقفه حيال أمرٍ ما، معتقدًا أن أخطاءه البسيطة كان لها آثارًا أكثر خطورة مما هي عليه في الواقع، حيث أشارت a study (Castelfranchia,2018) إلى أن الشعور بالندم أو تأنيب الذات يمكن أن يمتد بعد الحدث الذي حفز تلك المشاعر، فينتهي بك الأمر إلى الشعور بالسوء تجاه نفسك بدلاً من مجرد الشعور بالندم على سلوكك، كما أكدّت الدراسة أن الشعور بالندم يمكن أن ينجم عن عدم معرفة كيفية إدارة المشاعر السلبية بكفاءة والتي تنعكس على حياة الشخص.
ما الذي يندم عليه معظم الأشخاص؟
نظرًا لأن الحياة مليئة بالخيارات والمسارات المتعددة فمن الطبيعي أن يشعر أي شخص بالندم بين حينٍ وآخر، في a study (Summerville,2005) قام الباحثون بتحليل البيانات لمعرفة الأسباب الأكثر شيوعًا والتي تثير مشاعر الندم، وأشارت النتائج إلى وجود ستة محفزات تركزت في المجالات التالية:
- التعليم.
- الوظيفة.
- العلاقة العاطفية مع الشريك.
- الأبوة والأمومة.
- تقدير الذات.
- وقت الفراغ.
ترتبط تلك المحفزات بالعديد من الجوانب كالأسرة والصحة والأصدقاء وبيئة المجتمع، كما أشارت الدراسة أن الأشخاص قد يندمون على التقاعس عن الفعل أكثر من الندم على الفعل نفسه، على سبيل المثال: من الممكن أن تندم على عدم اختيار مهنة معينة أكثر من الندم على الوظيفة الحالية التي لديك، وذلك نتيجة للتصورات غير الواقعية الناتجة عن المكاسب المتصورة للخيارات التي لم تتخذها.
نصائح هامة للتخلص من مشاعر الندم والتأنيب؟
على الرغم من أنه لا يمكنك تجنب الندم، إلا أن هناك بعض النصائح والخطوات التي يمكنك القيام بها لتقليل هذه المشاعر السلبية، وتحويل ندمك إلى فرص للنمو والتغيير الإيجابي.
ومن أهم هذه النصائح:
1- اكتشاف العوامل المُسببة
من الطبيعي الشعور بالندم عند ارتكاب الأخطاء، ولكن يمكن أن يتشعب الشعور بالندم أيضًا ردًا على أحداث كثيرة، لذا قبل أن يتمكن الشخص من التغلب على شعور الندم، عليه أن يحدد مصدره حتى يتمكن من المضي قدمًا.
2- التدرب على قبول الذات
إن الاعتراف بما تشعر به وقبوله أمر ضروري، فقبول نفسك ومشاعرك لا يعني أنك ستتوقف عن التغيير والقيام بعمل أفضل، بل يعني إدراكك بأنك قادر على التغيير والنمو دائمًا، وبالتالي عندما تقبل نفسك وما تشعر به، ستكون قادرًا على فهم أن قيمتك لا تحددها أخطاؤك، حيث أن ارتكاب الخطأ لا يجعل منك شخصًا سيئًا، فالجميع معرضون لارتكاب الأخطاء من وقت لآخر، لذا يُنصح دائمًا بالتفكير بموضوعية وتَذكُر نقاط القوة التي لديك والابتعاد عن لوم الذات، ما يعزز الثقة بالنفس ويُساعد على تجنب المشاعر السلبية.
3- التعاطف مع الذات
نظرًا لأن الندم يساهم في الشعور بالذنب وعدم تقدير الذات، فإن إيجاد طرق لمسامحة نفسك يمكن أن يساعد في تخفيف بعض المشاعر السلبية المرتبطة بالندم، ويمكن ذلك من خلال اتخاذ القرار للتخلص من الإحباط أو الاستياء أو خيبة الأمل التي تشعر بها تجاه نفسك، ويعد قبول أخطائك جزءًا من هذه العملية، ولكن التسامح يتطلب منك أيضًا ممارسة التعاطف مع الذات، فبدلًا من معاقبة نفسك على أخطائك، عامل نفسك بنفس اللطف والتسامح الذي تُظهره لمن تحب.
أشارت a study (Wade,2015) إلى نموذج فعال لممارسة التسامح مع الذات، حيث شملت الدراسة مشاركين من المحاربين القدامى في الجيش بالإضافة إلى بعض مرتكبي الجرائم، وبينت الدّراسة الخطوات اللازمة لمسامحة الذات وهي:
- تحمل مسؤولية ما حدث.
- التعبير عن الندم على أخطائك السابقة لفترة وجيزة.
- قبول المشاعر والأخطاء.
- اتخاذ الإجراءات اللازمة للبدء بالتغيير.
4- اتخاذ خطوات للبدء من جديد
قد تُكلف بعض السلوكيات الخاطئة خسائر كبيرة كخسارة صديق أو انفصال عن شخص عزيز أو ترك وظيفة، لذا من الضروري التفكير في الأخطاء والتعلم منها لتجنب الوقوع بها مرة أخرى، وبالتالي تتمثل إحدى الطرق الفعالة في تخطي مشاعر الندم وتأنيب الذات بإعادة صياغة الأحداث من جديد، واعتبارها فرصة تعليمية تتيح لك اتخاذ خيارات أفضل في المستقبل.
أشارت a study (Elwyn,2014) هدفت إلى استكشاف تأثير الشعور بالندم على عملية صنع القرار، وبينت نتائج الدراسة أن الندم الناتج عن أحداث ماضية أو الندم الناتج عن تصورات غير واقعية يمكن أن يؤثر على القرارات التي يتخذها الأشخاص في المستقبل، لذا ذكّر نفسك دائمًا أنه بسبب أخطاء الماضي، لديك الآن المعرفة الكافية التي تحتاجها لاتخاذ خيار أفضل في المرة القادمة.
الندم وتأنيب الذات من العواطف التي يصعب التغلب عليها، ومن جهة أخرى هي عواطف لا مفر منها للاستمرار في الحياة واتخاذ الخيارات الصحيحة؛ لذا فإن تعلم قبول مشاعرك ومسامحة نفسك على الأخطاء واتخاذ خطوات للتعلم من تجاربك، يمكن أن يساعد في تقليل العديد من المشاعر السلبية المرتبطة بالندم والمضي قدمًا في حياتك.
الدراسات
Maria Miceli, Cristiano Castelfranchia, Reconsidering the differences between shame and guilt. Eur J Psychol. 2018 Aug; 14(3): 710–733, doi: 10.5964/ejop.v14i3.1564.
Roese NJ, Summerville A. What we regret most… and why. Pers Soc Psychol Bull. 2005;31(9):1273-1285. doi:10.1177/0146167205274693
Cornish MA, Wade NG. A therapeutic model of self-forgiveness with intervention strategies for counselors. Journal of Counseling & Development. 2015;93(1):96-104. doi:10.1002/j.1556-6676.2015.00185.x
Joseph-Williams N, Edwards A, Elwyn G. The importance and complexity of regret in the measurement of ‘good’ decisions: a systematic review and a content analysis of existing assessment instruments. Health Expect. 2011;14(1):59-83. doi:10.1111/j.1369-7625.2010.00621.x
المقالات المقترحه:
← اقرأ ايضاً: كيف تنجو من المشاعر السيئة؟
← اقرأ ايضاً: كيف تتعامل مع المشتتات في حياتك
← اقرأ ايضاً: كيف يمكنك التخلص من التردد في اتخاذ قراراتك؟