خمس خطوات للتعامل مع الشكائين
إن كثرة الشكوى والاعتراض المستمر سواء من زميل لك في العمل أو قريب لك في العائلة أمر مزعج حقًا، والاستماع لكل شكوى في كل مرة والاستجابة لها دائمًا يستهلك الكثير من طاقتك وتركيزك ووقتك.
إن كنت تتعامل مع شخص يشكو كثيرًا، ولم تعد تملك الطاقة على الاستماع له، يمكنك الاستفادة من النصائح والخطوات التالية:
وضع حدود شخصية في التعامل
انتبه لحدودك الشخصية والتزم بها، فهي تشبه المبادئ الخاصة التي نملكها حول الحياة والعالم، ونلتزم بها دائمًا عند تعاملنا مع الآخرين.
تحمي الحدود الشخصية طاقتك ووقتك من الاستنزاف، خاصة عند تكرار الشكوى أو إعادة طرح الفكرة نفسها مرارًا وتكرارًا، بالإضافة إلى أن امتلاك حدود شخصية والدفاع عنها، يرسل رسالة للآخرين من حولك بأهمية احترامك لذاتك وتقديرك لها، ويحفزهم على تقديرك واحترام وقتك وجهدك وعملك، وهذا ما أكدته a study (Irina et.al. 2019)، وقد أوضحت نتائج الدراسة أن وضع الحدود قد يكون في البداية أمرًا صعبًا وموترًا، ومن المحتمل حقًا أن يسبب بعض النزاع والانزعاج للمشتكي، في حال لم يحترم أو يتقبل حدودك الشخصية.
مع هذا، من المهم جدًا تذكر أن حدودك الشخصية عنصر أساسي من سلامتك النفسية، ومن حقك امتلاكها والدفاع عنها، كما عليك عند وضعها أن تكون واضحًا وصريحًا في إيصالها للطرف الآخر، وأن تلتزم بها وتدافع عنها وتعود إليها عندما يتم تجاوزها، وإذا التزم الطرف الآخر بها، عندها فقط ستكون مستعدًا للاستماع وتفهم الشكوى المطروحة.
لا تحاول التخفيف من أهمية الشكوى
لا ينتبه الشكاؤون إلى التأثير السلبي لشكواهم والإزعاج الذي تسببه، فهم يرون أنفسهم دائمًا في موقع الضحية التي تعاني من الظلم والحظ العاثر، فالعالم والحياة بالنسبة لهم تمثل الوجه السلبي فقط، وبسبب هذا، لا تحاول أن تقنع زميلك أو قريبك الذي يشكو كثيرًا بأنه يبالغ في ردة فعله، أو أن الأمور ليست بالسوء الذي يظنه، إذ سيدفعه هذا إلى التفكير بأمور سلبية أكثر ليشتكي منها، حتى يقنعك بأن حياته حقًا بالسوء الذي هو يعانيه.
العطف والتفهم
يشكو الشخص كثيرًا لأنه يريد اهتمام الآخرين وتفهمهم لحالته واعترافهم بحقيقة وضعه، لذلك ابتعد عن إظهار الملل والغضب والنرفزة، حتى إن لم تكن على وفاق كبير مع ما يشتكي منه الطرف الآخر.
إن أسرع طريقة حتى تتخلص بها من الشكوى، هي أن تقر بحقيقتها، وتظهر القليل من التعاطف والتفهم، كأن تقول: “هذا أمر سيء حقًا” أو “أجل، هذا شيء مزعج”، ثم تتوجه نحو تغيير موضوع الحديث، لكن من دون أن تجرح الشخص أمامك أو تظهر قلة الاحترام له.
إن إظهار التفهم والتعاطف حتى القليل والبسيط منه، يملك تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا على الحالة العاطفية للشخص المشتكي والآخرين من حوله، فقد وجدت a study (Reblin 2008) أن إظهار التعاطف والتسامح، يوحي بكونك شخصًا يمكن الوثوق به والاستعانة به عند الحاجة، كما يجعل الآخرين أكثر لطفًا معك واحترمًا لشخصيتك وحدودك ورغباتك لاحترامك لمشاعرهم في أوقاتهم العصيبة.
لا تتسرع في تقديم الحلول والنصائح
لا يبحث الشكاؤون في الحقيقة عند طرح مشاكلهم على الآخرين عن الحلول والنصائح لجعل حياتهم أفضل. إن الشكوى والاحتجاج والتبرم جزء أساسي من تواصلهم مع الآخرين من حولهم، ونظرتهم لحياتهم ستبقى مليئة بالمشاكل والصعاب التي يجب الشكوى منها والاحتجاج عليها.
لن يكون الشكاء سعيدًا عند تقديمك النصائح والحلول، حتى وإن كانت حقًا فعالة في إصلاح الخلل والخطأ الذي يعانيه، سيدفعه هذا فقط إلى رفض اقتراحك والشرح لك كيف أن مشكلته غير قابلة للإصلاح، أو طرح المزيد من المشكلات والشكاوي، يبقى الأفضل بالنسبة لك إظهار التفهم والعطف، والتعبير عن مدى صعوبة المشكلة التي يعانيها وقسوة الحياة عليه، من دون طرح حلول مفصلة ودقيقة عن كيف يجب عليه أن يتصرف أو يعمل حتى يصلح حياته.
قد تكون المشكلة المطروحة في بعض الأحيان حقيقية وتحتاج الحل، في مثل هذه الحالات اجعل التفهم والعطف يشمل النسبة الأعظم من استجابتك، ويمكنك في نهاية الحديث إلقاء نصيحة قصيرة واضحة من دون الدخول في التفاصيل، ومن الممكن أن يتقبل الشكَّاء نصيحتك واقتراحك.
الاعتناء بنفسك جيدًا
إن الاستماع والاستجابة للكثير من الشكاوي والمشاكل يستهلك الكثير من الطاقة والوقت، ومن المهم بالنسبة لك الاعتناء بصحتك النفسية والاهتمام بها قبل توجيه اهتمامك وطاقتك لمصائب الآخرين.
تذكر دائمًا أن العطف والتفهم مهارتان مهمتان جدًا في التواصل مع الآخرين والتعامل مع الشكائين، لكنك لست بمعالج نفسي، وليس من واجبك إصلاح جميع المشاكل والمصائب. خذ دائمًا وقتًا للراحة والاسترخاء بعيدًا عن الشكاوي والاحتجاجات، وعند شعورك بالتعب والإرهاق من كثرة الشكاوي، يمكنك الإفشاء بما تشعر من ضيق لصديق أو مساعد نفسي أو فرد في العائلة، واطلب النصح والاستشارة منهم.
نقابل جميعنا شخصًا كثير الشكوى والاحتجاج، وسنضطر إلى التعامل معه وإيجاد طريقة للتفاهم، يمكن لهذا الأمر أن يكون صعبًا ومرهقًا، لكن تذكر أن تضع حدودًا شخصية والالتزام بها، بالإضافة إلى الاعتناء بنفسك وصحتك النفسية، ويمكنك بالقليل من التفهم والاهتمام البسيط تجاوز معظم الشكاوي والمشاكل.
الدراسات:
Auer-Spath, I., & Glück, J. (2019). Respect, attentiveness, and growth: Wisdom and beliefs about good relationships. International Psychogeriatrics, 31(12), 1809-1821. doi:10.1017/S104161021900022X
Reblin, Maija; Uchino, Bert N. Social and emotional support and its implication for health. Current Opinion in Psychiatry 21(2):p 201-205, March 2008. | DOI: 10.1097/YCO.0b013e3282f3ad89