إرهاق التعاطف: كيف تحمي نفسك من التعاطف الزائد مع الآخرين؟
يمتلك العديد من الأشخاص مهارة التعاطف مع الآخرين والقدرة على مساعدتهم على تجاوز المشاعر السلبية، وذلك عبر البقاء إلى جانبهم والاستماع إلى همومهم وشكواهم وتقديم الحلول المناسبة والتشجيع الضروري لتجاوز المشاعر والمواقف السلبية، إلا أنه وفي بعض الحالات قد يتأثر هؤلاء الأشخاص الداعمين بالمشاعر السلبية ويصابون بالإرهاق نتيجة التعاطف الزائد مع الآخرين، ما ينعكس سلبًا على صحتهم النفسية وعلى حياتهم وتفاعلهم مع الأشخاص من حولهم، سنتعرف معًا في هذا المقال بشكل دقيق على مصطلح إرهاق التعاطف وأهم أسبابه وكيفية حماية نفسك من خطر التعاطف الزائد مع الآخرين.
ما هو إرهاق التعاطف؟
يعرف إرهاق التعاطف بأنه الشعور بالتعب والضغط النفسي الشديد التالي للتواصل المتكرر مع الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية المختلفة ودعمهم وتشجيعهم للتعامل مع آلامهم ومعاناتهم، ويعتبر إجهاد التعاطف مشكلة خطيرة من الممكن أن تؤثر بشكل كبير على حياة الشخص وعلى نجاحه وإنجازه في كافة المجالات وصحته النفسية والجسدية بالإضافة إلى التأثير على علاقاته مع العائلة والأصدقاء.
وعلى الرغم من أن إجهاد التعاطف شائع بشكل أكبر لدى الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين إلا أنه أصبح شائعًا أيضًا لدى كافة الأشخاص من مختلف المهن كالأطباء والممرضين والمدرسين وغيرهم الكثير، فالأشخاص في هذه المهن يقضون فترات طويلة من الوقت مع الأشخاص المتعبين ويحاولون مساعدتهم بشكل دائم، وعلى العموم فإن إرهاق التعاطف يتفاقم بشكل أكبر في حال كان الأشخاص يعانون من ضغوطات عائلية أو مهنية أو مالية أو أي ضغوط أخرى.
ما هي أهم أعراض إرهاق التعاطف؟
يترافق إرهاق التعاطف مع عدة أعراض والتي ينبغي عليك التعرف عليها وتمييزها لتجنب أن تسوء الحالة، وأهم هذه الأعراض:
- الشعور بالإرهاق واليأس والعجز عن مساعدة الآخرين.
- الشعور بالغضب وسرعة الانفعال وAnxiety والتوتر.
- تضاؤل دوافع التعاطف وعدم القدرة على تقديم الدعم للآخرين.
- الشعور بالضيق نتيجة التواصل المتكرر مع الأشخاص المحتاجين للتعاطف.
- التركيز على الأفكار والمشاعر السلبية.
- لوم النفس على إخفاقات وآلام الآخرين.
- انخفاض تقدير الذات والإيمان بالقدرة على النجاح.
- عدم القدرة على التركيز في العمل أو الدراسة أو حتى المحادثات اليومية الاعتيادية.
- فقدان المتعة في الأنشطة التي كانت ممتعة في السابق.
ما هي أهم أسباب حدوث إرهاق التعاطف؟
على الرغم من أن إرهاق التعاطف يحدث للأشخاص الذين يهتمون بآلام الآخرين ومعاناتهم إلا أنه لا يحدث لدى كل الأشخاص المتعاطفين، فهناك بعض العوامل التي تجعل الشخص أكثر عرضة لتطور إرهاق التعاطف، وهذه العوامل هي:
- قلة الاهتمام بالذات: في معظم الأحيان يرفض مقدمو الرعاية أخذ قسط من الراحة مفضلين بذلك احتياجات الآخرين عن احتياجاتهم، وعلى الرغم من أن هذا التصرف نبيل إلا أنه سيؤثر سلبًا عليهم ويزيد من احتمالية تطور إرهاق التعاطف.
- عدم وضع حدود واضحة: إن عدم وضع حدود واضحة بشكل فعال في العمل والعلاقات هو عامل رئيسي يساهم في زيادة حدوث إرهاق التعاطف.
- الضغوطات المتعددة: من الممكن أن يؤدي الشخص بشكل مثالي عندما يكون تحت تأثير ضغوط بسيطة إلا أنه يتعثر عندما تزداد هذه الضغوط، وهذا طبيعي لأننا جميعًا لدينا كمية محدودة من الطاقة والموارد للقيام بالمهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا.
كيف تحمي نفسك من التعاطف الزائد مع الآخرين؟
إن الخطوة الأولى في علاج إرهاق التعاطف هي تجنب حدوثه وذلك عبر وضع نفسك في مكان يمكنك فيه رؤية ما تحتاجه لتعمل بأفضل حالاتك، فغالبًا ما يشعر الأشخاص المكلفون برعاية الآخرين بأنه ليس لديهم وقت لأنفسهم لذلك فإن أفضل مكان للبدء هو الاعتناء بنفسك وذلك لأنه لا يمكنك تقديم الخدمة للآخرين بأفضل ما لديك إذا شعرت بالإرهاق، وسنذكر لك الآن بعض الخطوات الضرورية لحماية نفسك من خطر التعاطف الزائد مع الآخرين:
- امتلاك القدرة على تمييز ما يحدث: من أهم النصائح للتعامل مع إرهاق التعاطف هي الوعي بأن المشكلة التي تواجهه ليست مشكلتك أنت وأن المطلوب منك هو المساعدة وتقديم الدعم لا أن تتأثر بشكل سلبي، ويعد إفساح المجال لنفسك للاعتراف بما تشعر هو خطوة هامة وضرورية في التعامل مع إرهاق التعاطف.
- خذ قسطًا من الراحة: في حال كان ذلك ممكنًا، خذ استراحة لبعض الوقت بعيدًا عن أعمالك والتزاماتك أو حتى عائلتك، سيساعد ذلك على الهروب من الضغط المستمر، وفي حال كان من الصعب الحصول على إجازة فاحرص على وجود فترات راحة يوميًا ولو كانت قصيرة، ستساعد الإجازة أو فترات الراحة على التخلص من الأفكار والمشاعر السلبية وتزودك بطاقة إضافة للأداء بشكل أفضل في رعاية الآخرين.
- ضع حدودًا واضحة في حياتك: من المهم أن تعمل على وضع حدود واضحة في علاقاتك الشخصية وعلاقات العمل، وأن تمتلك الشجاعة الكافية لإخبار الأشخاص بضرورة تجنب تجاوز هذه الحدود.
- اطلب المساعدة عند الحاجة: قد يساعد التواصل مع طبيبك النفسي أو مقدم الرعاية النفسية الخاص بك بشكل كبير على رؤية الأمور بشكل أفضل ويزودك ببعض الحلول المهمة للتغلب على إرهاق التعاطف.
- تمضية وقت أكبر مع العائلة والأصدقاء: في بعض الأحيان قد يؤثر تعاطفنا مع الآخرين على علاقتنا مع العائلة والأصدقاء، احرص على قضاء وقت أكبر معهم لتعزيز العلاقة ومساعدتك على التخلص من الضغوط والأفكار السلبية التالية للتعاطف الزائد مع الآخرين.
- القيام بالأنشطة الممتعة: في حال شعرت بالإرهاق أو التعب فذلك قد يكون لأنك تفتقر إلى الضحك والمتعة في حياتك، احتفظ دائمًا بقائمة من الأنشطة المسلية لك واحرص أن يتضمن يومك إحدى هذه الأنشطة.
- جرب أشياء جديدة: إن تعليم أنفسنا مهارات جديدة يساعد على التركيز على الذات بشكل أكبر وتعزيز الصحة الجسدية والعقلية، فهو عادة ما يمنحك طريقة جديدة للتفكير لم تكن موجودة لديك مسبقًا.
- ابتعد عن هاتفك المحمول: إن الابتعاد عن الهاتف المحمول ووسائط التواصل الاجتماعي لفترة وجيزة قد يساعدك في الحصول على فترة من الهدوء والتفكير في صحتك وحياتك، كما أن وسائل الاتصال تعتبر من طرق التواصل المفضلة للأشخاص الراغبين في الحصول على التعاطف.
وعلى العموم، يعتبر تقديم المساعدة والدعم للآخرين من أنبل وأسمى الأمور التي يمكن أن يقوم بها الأشخاص، ولكن من الضروري الحرص على القيام بذلك دون أن يترافق مع تطور إرهاق التعاطف، ويوفر موقع لبيه إمكانية التواصل مع مجموعة من الخبراء والاستشاريين النفسيين القادرين على تقديم أهم النصائح فيما يتعلق بالطريقة الصحيحة لتقديم الدعم للآخرين وتجنب حدوث إرهاق التعاطف.