التوحد أصبح أحد الأمراض المنتشرة والشائعة بشكل مؤخر فهو يصيب الأطفال في عمر صغير. ويسبب اضطراب للنمو العقلي لديهم. مما يؤثر على مستوى الذكاء ويمنعهم من طريقة التواصل مع العالم المحيط بهم. وهو ما يجعلهم فاقدي النطق ويميلون للوحدة والعزلة. ولكن نتسأل هل هذا الاضطراب مرض جيني أم مكتسب؟

ما هو التوحد؟

فقبل وقت قليل كنا بالكاد نسمع عن مرض التوحد من التلفاز أو البرامج والصحف وليس لدى أحد المصطلح الحقيقي لكن دعونا نعرف التوحد وهو اضطراب عصبي نمطي شائع وهي مشكلة تصيب المخ تعمل على تأثر أو تأخير أنماط المهارات لدى الطفل سواء اللغوية أو الحركية أو التعلم أو المهارات الاجتماعية.

المشكلة أن معدل الإصابة بهذا المرض أصبح كبيراً جداً. فقد انتشر طيف التوحد بكل بلاد العالم فمن بين كل 150 طفل طبيعي يولد واحداً منهم مصاباً بالتوحد لعدة أسباب. سنقوم بجولة بين الدراسات وكلام المختصين حتى يتثنى لنا التعرف أكثر على هذا الاضطراب وأسباب الاصابه.

وللاجابة علي سؤال هل التوحد مرض جيني أم مكتسب من البيئة المحيطة. نتناول سبب الإصابه بالمرض أولاً:

سبب إصابة الأطفال بالتوحد؟

تشرح استشاري طب الأطفال النفسي الدكتورة رانيا صابر، حقيقة الأمر في أن العوامل الأكثر لإصابة الطفل بالتوحد أن يكون شيئاً وراثياً أو مرض خلقي يحدث منذ الولادة، فالعديد من العلماء يرجعون الإصابة بهذا المرض لميكروب جيني يقوم بالتأثير على دماغ الطفل مما يؤدي لاختلال الاستيعاب وكذلك التركيز وتظهر أعراضه في السنوات الأولى من عمر هذا الطفل.

ويلتقط استشاري الصحة النفسية الدكتور محمد هاني أطراف الحديث لأن التوحد هو مرض يولد به الطفل والسبب فيه هو وجود خلل جيني و نتيجة عوامل عديدة وراثية أخرى وهو ما يقوم بعمل اضطراب للنمو العصبي المتصل بالتفاعل الاجتماعي لدى هؤلاء الأطفال.

وحول إمكانية أن يكون التوحد مكتسب وذلك يمكن أن يحدث نتيجة التلوث البيئي الذي يجعل الطفل عرضة للعدوى الفيروسية من بيئته المحيطة به، فقد يكون الأطفال أكثر عرضة للتوحد نتيجة عدم الاهتمام مع الطفل سواء بالتواصل اللفظي أو البصري وتركه لساعات طويلة أمام التلفزيون والكمبيوتر. وهو ما يجعله ينعزل عن العالم الخارجي. وممكن يسبب أن ييتأخر في الكلام.

دراسات تناقش هل التوحد مرض جيني أم مكتسب

تناول العديد من الأطباء النفسيين وأخصائيي علم النفس ارتباط الجينات الوراثية (مرض جيني) والعوامل البيئية بإصابة الطفل بمرض التوحد. وذلك لأنه مرض معقد ولا يعتمد على الجينات وحدها أو البيئة المحيطة بالفرد. وذلك بعدما قاموا بتحليل ودراسة بيانات أكثر من 2 مليون شخص حول العالم من دول مختلفة وظهرت نتائجها بأن بنسبة 80% من مصابي التوحد كان وراثياً أي أن بنسبة 20% فقط قد تكون العوامل البيئية هي المسؤولة عن الإصابة بهذا المرض.

 وشدد الأخصائيين بأن ظروف الحمل المختلفة للأم كزيادة الوزن وتقلبات المزاج ووقت الولادة ونوعية الغذاء قد يكونوا مأثرين لكن بنسبة لا تتعدى 1 % في إصابة الطفل، فيما وضح قسم من الأطباء النفسيين بأن العوامل البيئية المحيطة بالطفل إذا قورنت بالجينات. فإن تأثيرها ضعيف جدً وقليل مقارنة بالعوامل الجينية.

 فقد أثرت الحقن الخاصة بالتطعيمات على بعض الأشخاص في فترة من الفترات خوفاً من أن تلك التطعيمات قد تساهم في إصابة الجنين بمرض التوحد وتم إثبات لهم أن الجينات هي المسؤولة عن الإصابة بهذا المرض.

أشهر أنواع التوحد

وفي هذا الشأن أكد استشاري الطب النفسي جمال فرويز، بأن أسباب الإصابة بمرض التوحد يرجع بشكل أساسي ورئيسي للجينات بالرغم أن هناك أسباب أخرى مكتسبة لكنها غير موثوق منها حتى وقتنا هذا، لكن هناك 4 أنواع من مرض التوحد:

1-  التوحد التقليدي أو اضطراب الارتقاء المنتشر.

2- الإعاقة الذهنية

3- الاضطراب التحللي الطفولي

4- متلازمة أسبرجر

 وأشهرها متلازمة أسبرجر فيها يظهر المصابون بصعوبات كبيرة جداً في التفاعل الاجتماعي مع الأفراد الآخرين ومع رغبات وأنماط سلوكية مقيدة وكذلك مكررة.

 ومن الأعراض التى يواجهها عدم النظر في عين المتكلم أو المتحدثين معهم. ويفضلون الجلوس بمفردهم في غرفتهم طوال الوقت أو اللعب شيئاً واحداً أو الانسحاب دائماً إلى عالمهم وعدم الاستجابة لمن يدعوهم للتحدث أو سؤالهم عن أسمائهم. والقيام بحركات تظهر توترهم وقلقهم كالاهتزاز ومرجحة اليد وكذلك الدوران طوال الوقت.

التأثير الايجابي لمرض التوحد عند الاطفال

بالرغم من أن الطفل المصاب بالتوحد يعتبر من أكبر المشكلات لدى أهله وذويه وأقاربه بسبب عدم اندماجه مع العائلة وصعوبة التعليم والكلام والطعام والشراب واللبس وكل شيء يوجهه بصعوبة إلا أن استشاري الطب النفسي جمال فرويز يراه كنزاً في المنزل، وذلك لما لدى طفل التوحد من قدرات عالية تمكنه من حل أي مشكلة في علم واحد من العلوم أو في مجال واحد من المجالات لكن لن تجد الذكاء موجودًا في كل المجالات.

تأثير الجينات في إصابة الطفل بالتوحد

أكد الأطباء المتخصصين من الطب النفسي وطب الأطفال النفسي والعصبي وكذلك علماء النفس مؤخراً. بأنه قد يكون التوحد مرض جيني. فالجينات لها ارتباط وثيق بانتقال المرض وتوريثه إلى الأطفال، وذلك لأن المرض يعتمد بنسبة كبيرة على جينات الأب والأم والتي تتم مشاركتها بين المختلفين مع الأخوة أو أحد الآباء المصابين بالتوحد.

وقال أطباء من منظمة الصحة العالمية أن هناك 102 جين مرتبطين بالإصابة بمرض التوحد. بحيث يوجد 47 من 102 مرتبط بشكل رئيسي بالتأخر العقلي والإعاقات الذهنية كذلك 52 جين من أصل 102 مرتبطين بالتوحد و 3 جينات فقط مرتبطة بالاثنين مجتمعين سواء بالتوحد والإعاقة الذهنية معاً.

دراسات تتناول هل مرض التوحد مرض جيني

1- قد وضحت دراسة علمية نشرتها صحيفة الإندبندنت البريطانية بأن مركز الأبحاث الطبي قد قام بدراسة 516 توأم. وقد نتج عن الدراسة وجود معدل اضطراب التوحد بشكل عالي لديهم في التوائم المتماثلة الذي تشاركوا نفس الحمض النووي. أي الذين لديهم نفس الأعمال وهو ما يعني أن التوحد موروثاُ.

 2- نشرت أيضاً نتائج الدراسة مجلة JAMA Psychiatry للطب النفسي بأن جينات الفرد الوراثية هي المسؤولة عن السلوكيات والصفات الخاصة بالتوحد لابنه أو بنته.

 3- قالت بيتا تيك مؤلفة الدراسة بأن النتيجة الأساسية هي المعدلات الموروثة لمرض التوحد تكون مرتفعة جداً. وتلك النتائج تظهر بأن سبب انتشار المرض بين الأطفال في السنوات الأخيرة وخاصة آخر 20 سنة كان بسبب الآثار الوراثية، وقالت أن العامل الوراثي تؤدي إلى مجموعة متنوعة من مهارات التوحد وسلوكياته في السكان بشكل عام. بالتالي فإنه مرض جيني.

4- ووفقاً لموقع التوحد يتكلم فإن العوامل البيئية التي ترتبط بمرض التوحد قد تشمل التعرض للسموم. وكذلك التغذية السيئة والإصابة بالفيروسات والعدوى المرضية أثناء فترة الحمل والتوقيت الخاص بالولادة.

كيفيه التعامل مع مرض التوحد

علاج اضطراب التوحد يعتمد على العامل النفسي والدوائي. لكن الخطوة الأهم هو البدء بمعالجة الفرد و مراقبه سلوكياته. بمعنى وجود أخصائي اجتماعي من أجل تعليم الفرد طريقة التعامل مع أفراد الأسرة ورد الفعل والسلوك المتبع وغيرها. يجب ايضاً ملاحظة استخدام الهاتف المحمول كثيراً ومدى تعلق الطفل بالالعاب الاونلاين. أما الأجهزة الحديثة فهي تحول يعتري الطفل حينما يشاهد التلفزيون أو التليفون أو الآيباد أو التابلت فيحول الطفل لشخص منطوي وليس ذاتوي حسب وصفه.

لكن صعوبة التعلم عند الطفل ليس دليلاً على إصابته بالتوحد. وكذلك كثرة مشاهدة الأطفال للهاتف والتلفزيون ليس هو السبب الوحيد الذي يعتمد على امكانية الاصابة بهذا الاضطراب. لأنه قد يكون مرض جيني يولد به كما ذكرنا. لكن في جميع الحالات يجب محاوله التعرف على الأسباب واستشارة المختص للتعرف على طريقه المواجهه.

ومن هنا نجد أسباب عدة لاضطراب التوحد تختلف من فرد لأخر. فقد يكون التوحد مرض جيني أحياناً بسبب الجينات الوراثية أو مكتسباً من البيئة المحيطة به أو بسبب تغييرات قد يتعرض لها. ولكن يجب دائماً محاولة التعرف على التشخيص للوصول إلى العلاج المناسب وكيفيه التأقلم مع أي متغييرات. لو كنت تواجه ضغوطات نفسية في التعامل مع طفلك المصاب بالتوحد لا تتردد بطلب المساعدة من المختصين في تطبيق لبيه.

المصادر: 1 2 3