ما علاقة الاكتئاب بمرض السكري؟
قد يشعر الجميع بالحزن والإحباط من وقت لآخر، ولكن إذا كنت تعاني من فترات طويلة من الحزن والقلق واليأس فهذا قد يشير إلى أنك مصاب بالاكتئاب، وهناك عوامل وأسباب تجعلك عرضة للاكتئاب ومنها مرض السكري.
داء السكري هو مرض مزمن وشائع ويعتبر من أهم أسباب الأمراض والوفيات حول العالم، ويؤثر على كافة أجهزة الجسم ويترافق مع فترات طويلة ومتكررة من الضعف والتعب، والتي تؤثر على حالتك النفسية وتجعلك عرضة للأفكار والمشاعر السلبية.
سنتعرف في هذا المقال على العلاقة بين الاكتئاب ومرض السكري، بالإضافة إلى أهم النصائح لتعزيز الصحة النفسية لمرضى السكري.
هل هناك علاقة بين مرض السكري والاكتئاب؟
يعتبر مرض السكري من أهم المشاكل الصحية حول العالم، فهو يترافق مع اضطراب في مستويات الغلوكوز في الدم، وهو الأمر الذي يؤدي لمضاعفات تؤثر على الجهاز القلبي الوعائي والجهاز العصبي والإنجاب والعديد من الأجهزة الأخرى في الجسم، ويؤدي ذلك إلى زيادة معدلات المرض والوفاة،
تفيد التقديرات بأن 12% من الإنفاق الصحي في العالم يذهب لعلاج السكري ومضاعفاته، كما أنه يؤثر على 10% من البشر، وهذه النسبة من المتوقع أن تزداد بشكل كبير في السنوات القادمة نظرًا لظروف الحياة الحديثة والحميات الغذائية السيئة ونمط الحياة الخامل وغير ذلك من العوامل.
من جهة أخرى فالاكتئاب اضطراب نفسي شائع ويؤثر على ما يقارب 11-15% من الأشخاص حول العالم، يؤدي الاكتئاب لفترات طويلة من الحزن والقلق وعدم القدرة على تجاوز المشاعر السلبية، ونتيجة لذلك يؤثر الاكتئاب بشكل كبير على جودة الحياة والإنتاجية في مجالات العمل والدراسة، بالإضافة إلى مضاعفات جسدية خطيرة.
أظهرت دراسة (SV Bădescu.2016) أن معدل حدوث الاكتئاب يزداد مرتين إلى ثلاث مرات لدى الأشخاص المصابين بداء السكري، كما لاحظت أن العديد من حالات الاكتئاب تبقى غير مشخصة لدى مرضى السكري، بالإضافة إلى أن علاج الاكتئاب يُحسِّن النتائج العلاجية لداء السكري.
يشترك السكري والاكتئاب بمجموعة كبيرة من الأعراض أهمها التعب المستمر والنوم لفترات طويلة وصعوبة التركيز، إذا كنت تعاني من كلا الحالتين فمن الصعب معرفة ما إذا كانت أعراضك ناجمة عن داء السكري أو عن الاكتئاب أو عن كليهما معًا.
كيف يؤثر السكري على المصابين بالاكتئاب؟
يُعتقد أن التغيرات في كيمياء الدماغ التي تحدث في سياق داء السكري تساعد على تطور الاكتئاب، فعلى سبيل المثال: من الممكن أن يساهم الضرر الناتج عن الاعتلال العصبي السكري أو الإصابات الوعائية الدماغية في تطور الاكتئاب لدى مرضى السكري، بالإضافة إلى أن مريض السكري يواجه مجموعة كبيرة من الصعوبات النفسية من أهمها:
- الشعور بالذنب لعدم القدرة على ضبط مستويات السكر بشكل جيد.
- عدم الرغبة بأخذ الحقن أو إجراء التحاليل في الأماكن العامة.
- الشعور بالخجل من الإصابة بداء السكري.
- نقص السكر الليلي وتأثيرات ذلك على نمط النوم.
- القلق المستمر بشأن مضاعفات السكري.
هذه الصعوبات والضغوط المستمرة تزيد من مشاعر الحزن والإحباط لدى المريض، وهذا ما يساهم في تطور الاكتئاب لديه، ولا يتطور الاكتئاب لدى كل مرضى السكري، فهناك مجموعة من العوامل التي تؤهب لإصابتك بالاكتئاب إذا كنت تعاني من داء السكري وهي:
- معاناتك من زيادة الوزن.
- الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية.
- الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
- الالتهابات المزمنة.
- اضطرابات النوم.
- أسلوب الحياة الخامل الخالي من التمارين.
- العادات الغذائية السيئة.
كيف يؤثر الاكتئاب على مرضى داء السكري؟
يؤثر الاكتئاب بشكل سلبي على الأشخاص المصابين بالسكري، وقد أظهرت دراسة (Géza.2011) أن الاكتئاب يسيء لعلاج داء السكري ويعزز من تطور مضاعفاته، وتتضمن أهم السلوكيات الاكتئابية المرتبطة بداء السكري كلًا من:
- الشعور بعدم الرغبة بالقيام بأي شي أو رؤية أي شخص، وهذا ما قد يدفعك لتفويت موعدك مع طبيبك أو عدم الذهاب للقيام بالتحاليل الروتينية الضرورية.
- الشعور بالتعب في معظم الوقت، وهذا ما يدفعك لتجنب القيام بالأنشطة الرياضية ما يصعب من علاج السكري.
- الإفراط في تناول الطعام واتباع أنظمة غذائية غير صحية، وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة سكر الدم.
- فقدان الشهية وعدم تناول كميات كافية من الطعام، وهذا ما يعرضك لخطر نوبات نقص سكر الدم إذا كنت تتعالج بالأنسولين.
- التفكير بأن الأمور ستكون أفضل إذا لم تكن موجود، وهذا ما يدفعك للقيام ببعض السلوكيات الانتحارية كأخذ جرعات زائدة من الأنسولين أو تجنب أخذ أدوية السكري.
كيف أحمي نفسي من الاكتئاب إذا كنت مصابًا بالسكري؟
كما ذكرنا سابقًا داء السكري هو تجربة صحية ونفسية واجتماعية قاسية قد تؤهب للإصابة بالاكتئاب، لكن هناك بعض النصائح التي تساعد على حمايتك من الاكتئاب، وتعزز المشاعر الإيجابية ومن أهمها:
1- طلب المساعدة من معالجك النفسي
يشكل الدعم العاطفي والنفسي جزءًا مهمًا من رعاية مرضى السكري، وهذا يعني أنك تملك الحق في طلب المساعدة عندما تحتاجها، يمكنك دومًا التحدث إلى طبيبك أو معالجك النفسي حول مشاعرك السلبية ومخاوفك المرتبطة بالسكري وسيعمل بدوره على معالجة هذه الأفكار ومساعدتك على تجاوزها، من الممكن أن يصف طبيبك بعض الأدوية المضادة للاكتئاب أو قد يكتفي بإجراء جلسات العلاج السلوكي المعرفي فقط.
2- الحفاظ على علاقات إيجابية مع العائلة والأصدقاء
لا بد أن تعتمد على الدائرة المقربة منك لمنحك مشاعر الدعم والتعاطف التي تحتاجها، أخبرهم بمخاوفك وكيف يمكن أن يساعدوك ويجعلوك تشعر بشكل أفضل.
3- الحرص على ضبط مستويات سكر الدم لديك
قد يكون ذلك صعبًا لكن له نتائج إيجابية كبيرة، فعند قيامك بالسيطرة على السكري يمنحك ذلك مشاعر كبيرة من الفرح والنشوة بانتصارك، وهذا ما ينعكس بشكل إيجابي على صحتك النفسية.
4- ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم
بالإضافة إلى أنها ضرورية لإنقاص الوزن وتخفيف مقاومة الأنسولين والمساعدة على ضبط مستويات سكر الدم لديك، فهذه التمارين تزيد من إفراز هرمون الإندروفين والذي يساعد على الاسترخاء ورفع الحالة المزاجية وتعزيز الشعور الإيجابي لديك، كما أنها تشكل وسيلة مهمة لتفريغ المشاعر السلبية التي تشعر بها.
يساعد التزامك بالتوصيات السابقة على تعزيز صحتك النفسية ووقايتك من الاكتئاب أثناء رحلتك لعلاج مرض السكري، تذكر دومًا أنه يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه للحصول على المزيد من النصائح والمساعدة اللازمة للتعامل مع الاكتئاب المرافق لمرض السكري.
الدراسات
1. SV Bădescu, C Tătaru, L Kobylinska, EL Georgescu, DM Zahiu, AM Zăgrean, and L Zăgrean, The association between Diabetes mellitus and Depression, Division of Physiology & Fundamental Neuroscience, “Carol Davila” University of Medicine and Pharmacy, Bucharest, Romania, 2016 Apr
2. Géza Nagy, Klára Rosta, Barbara Szémán, Mária Sasvári-Székely, Anikó Somogyi, Clinical aspects of the link between diabetes and depression, Semmelweis Egyetem, Általános Orvostudományi Kar II. Belgyógyászati Klinika Budapest Szentkirályi u. 46. 1088, MAR 2011.